آراء وتحليلات

التجربة الصينية وإستراتيجية قطع ثلاثة خطوات

بقلم / سهام عزالدين جبريل

سهام جبريل

  في أول أكتوبر 1949 أقيم احتفال مهيب في ميدان ( تيان آن من ) ببكين اشترك فيه 300 ألف من الجماهير بمناسبة تأسيس الدولة ، وأعلن الرئيس ماوتسي تونج بمهابة : تأسيس جمهورية الصين الشعبية رسمياً .

الصين الدولة كثيرة السكان فقيرة الموارد ، أصبحت اليوم عملاق اقتصادى كبير وقوة صاعدة تنافس القوى الكبرى بل هى أصبحت فى مصاف القوى الكبرى ، فالقرن الحالى يتجة ببوصلته شرقا  تجاة أسيا ليصبح قرن الصعود الأسيوى.

كيف فكروا للمستقبل حتى وصلوا الى هذا الصعود وكيف كانوا وماذا اصبحوا :

كيف كــانوا ؟

حتى قـيـام ثورة 1949م  كــان المجتمع الصيني إقطـــاعي ولم يكن به من القــــوانين

والتشريعات تنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتحدد الحقوق والواجبات .

 بعد الثورة عملوا على نقل كل القـوانين والتشريعات الاقتصــادية والإدارية من الاتحاد السوفيتي ( تطبيق نظام الاقتصاد المركزي ) ، بحيث أصبحــت جميع الموارد ووسائل

الإنتاج خاضعة لإشراف وسيطرة الدولة .

* توقفت حركة البناء عام 1958 وحدثت أخطاء كبيرة أدت إلى تدمير قوى الإنتاج

* من عام1966 حتى عام1976 ولمدة عشر سنوات فترة الثورة الثقافية شهدت الصين

   تدميراً لا مثيل له في الإقتصــاد وانهيــاراً في الأسعـار وعاشت البلاد في حالة شلل تام حتى الجامعات والمدارس والمصانع توقفت … وكان الإنهيار شاملاً !!!

كيف بدأو :

 قالوا علينا أن نبدأ من جديد فكانت البداية منذ عام :1978م

 والتي انتهجت : سياسة الإصلاح والانفتاح في عهد ” الزعيم دينج بيساوبنج” ، حيث عملت من خلال محورين :

1-العمل والبناء الاقتصادي.

2-الإنفتاح على العالم مع التمسك بالمبادئ الأساسية .

*مع بداية 1980م سارت الصين في طريق يجمع بين نظام مركزية التخطيط الاقتصــادي

ونظام آلية السوق مدة ( عشر سنوات ) كان هناك إيجابيات أهمها :

 1-زيادة ملحوظة في الإنتاج ، وكان هناك سلبية أهمها ظهور الاحتكـــار والطبقة

    الجديدة ذات الدخول المرتفعة والانفاق الاستهلاكي.

*-وفي عام 1992 تم إقامة نظام السوق الاستهلاكي والتخلي نهائياً عن نظام التخطيـط

المركزي مع وجود تخطيط سنوي لمجلس الدولة يقوم على دراسة مؤشرات واتجــــاهات السوق بصورة تنبؤية بالتخطيط المركزي الملزم ، والخطـة السنوية يعـــدها مجلس الدولة

(مجلس الوزراء) وتعرض وتناقش وتعتمد من مجلس نواب الشعب ( البرلمان ) .

مع الوضع في الاعتبار محورين أساسيين هما :

1 – إصلاح هياكل المؤسسات ( عام 1988م )كان عدد الوزارات60 وزارة  ، وتم تخفيضها عام 1992م إلى 41 وزارة  ، وفى عام 1998م ، أصبحت 29 وزارة ، مع إلغاء جميع الوزارات ذات الطابع الإداري .

2 – تم إقــــامة نظام تشريعي وقــــانوني قوي لتنظيم مجـــالات الإدارة والاقتصاد ( قانون الميزانية ، والمحاسبات ، البنك المركزي ، البــورصة ، الضـــرائب … إلخ ، ملكية الدولة للمرافق والمجالات الرئيسية أما المؤسسات الصغيرة فطرحت للبيع أو الإيجار حتى للأجانب وطبقاً لمعايير قانونية ) .

تمثلت أهداف الحزب الشيوعي الصيني في الأتى :

1– تحقيق متطلبات التطور في قوة الإنتاج الصيني .

2 – الإعتزاز بالحضارة الصينية والاحتفاظ بالشخصية القومية .

3 – الحرص على المصالح الأساسية للأغلبية العظمى من الشعب الصيى

كان هدف البناء الاقتصادي لحكومة الصين واضح جداً ، وهو تنفيذ خطة الإستراتيجية العامة لبناء الاقتصاد الصيني التي تقضي بوجوب قطع ثلاث خطوات ، والتى طرحت في عام 1987م  :

الخطوة الأولى

هي مضاعفة مجمل الناتج الوطني مرتين عمــا كان عليه في عام 1980م ، وبذلك تحل مسألة الغذاء والكساء للشعب الصيني ، وقد تحقق هذا الهدف من حيث الأساس في نهاية ثمانينات القرن العشرين .                                                                           الخطوة الثانية

هي مضاعفة مجمل الناتج الوطني أربع مـرات عن عام 1980م في نهــاية القرن العشرين

 ، وقد تحقق هذا الهـدف أيضـــاً عام 1995م قبل موعــده المقــرر .

الخطوة الثالثة

هي تحقيق التحديث بصورة أساسية ووصول معدل نصيب الفرد من مجمل الناتج الوطني إلى مستوى البلدان المتطورة المتوسطة وبلوغ مستوى معيشة الشعب مستـــوى رخاء نسبياً بحلول أواسط القرن الواحد والعشرين .

الخطة الخمسية العاشرة :

 شهد تطور إقتصاد السوق الاشتراكي الصيني تطوراً مستقراً حسب الخطة المقررة له فلقد حققت الخطة ” الخمسية التاسعة ” التي نفذت في فترة 1996 – 2000م نجاحــات كبيرة ، أما الخطة ” الخمسية العاشرة ” التي بــدأ تنفيذها من عام 2001م فطرحــت أول خطة ضخمة في القرن الجديد ، الهدف الرئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتمـــاعية في فترة الخطة ” الخمسية العاشرة ” ( 2001 – 2005 م) هو :

– المحافظة على سرعة نمو الاقتصاد الوطني السريع نسبياً وتحقيق فعالية واضحــة للتعديل الاستراتيجي للهياكل الاقتصادية ورفع نوعية النمــو الاقتصــادي وفوائده بشكل بــارز في  سبيل تكريس أساس متين لتحقيق هدف مضاعفة مجمل الناتج الوطني عام 2010م عمـاكان عليه في عام 2000م ، وإحراز تقـدم كبير في إنشاء نظام المؤسسات الحديثة بالمؤسسات الحكومية ، وتوطيد نظام الضمان الاجتماعي نسبياً وتقدم خطوة جوهرية في إكمال نظام اقتصــاد السوق الإشتراكي والمشاركة في التعاون والمنافسة في الإقتصاد الدولي على نطاق أوسع وأعمق ،

– كان الهدف المرجو لمعدل النمو الاقتصادي السنوي 7% تقريباً في عام 2005م، بحيث  يصل مجمل الناتج الوطني حوالي 12.500 مليار يوان حسب الأسعار عام 2000م ، ومعدل نصيــب الفرد في مجمل الناتج الوطني 9400 يوان .

– وتم تحسين هياكل الصناعات وترقيتها إلى مستوى أعلى وتعزيــز القدرة التنــافسية الدولية في عام 2005م .

– كما تم السيطرة على سرعة زيادة السكــان الطبيعية داخل 9 في الألف لكي لا يزيد تعــداد السكـان عن 1.33 مليار نسمة في عام 2005 ،

شهدث البلاد أيضا رفع نسبة تغطيـــة الغـــابات إلى 18.2% ونسبـة التشجير بالمدن إلى 35% وتحسين نـــوعية البيئة في المدن والأرياف ، وخفض مجمـل حجـم صرف المواد الملوثة 10% عن عام 2000 ، وإحراز نتائج ملحوظة في توفير الموارد وحمايتها .

– وقد تحقق إزدياد معدل نصيب الفرد من الدخل لسكان المدن والبلديات ودخل الفلاحين الصــافي في الأرياف نحو 5% وازدياد معدل نصيب الفرد من المساحة السكنية إلى 22 متراً مربعاً ، وبلوغ نسبة تغطية التلفــزيونات السلكية إلى 40% في عام 2005 ، وارتفــاع الخدمــات الصحية في المدن والأرياف بصورة متزايدة وتوفير حياة ثقافية متزايدة للشعب .

ملامح التقدم :

إعتمدوا في خطط مسيرتهم للتطوير على عدة أسس تم إرساء قيمها بين كافة أفراد المجتمع من خلال : الجدية/ الاتقان / الثواب والعقاب دون تردد أو مجاملة / التخطيط الجيد لعمل كل منشأة وكل فرد / الالتزام بتنفيذ الخطة بدقة والحساب على ذلك دون قبول تأخير أو تأجيل أو إعتذار أو نقص .

السر في التقدم في مجالات الإنتاج المختلفة

يكمن السر في التقدم أنهم أخذوا بأسبابه وأصبح كل فرد في الصين له قيمتة التي يمكن توظيفها لخدمة بلاده ، وقد إعتمدوا في ذلك على إسترتيجيات واضحة معدة ومدروسة من خلال منظومة علمية متكاملة تتمثل في الأتى :

1–مؤسسات البحث العلمي تقود تنمية وتطوير التكنولوجيا .

2–إعادة تنظيم مراكز البحوث وتوفير الإمكانات والتمويل .

3–جذب الاستثمارات والخبرات الأجنبية لنقل التكنولوجيا الحديثة للصين .

4–تطوير التعليم لإعداد المواهب والقدرة على الابتكار .

5–التوسع في البعثات للدراسة في كل الدول المتقدمة .

6–تحسين أوضاع العلماء والباحثين المالية والأدبية .

7–التركيز على البحوث التطبيقية وربط مراكز البحوث بالمصانع .

8-يتواجد في أنجاء البلاد حوالى 242 مركزاً ومعهداً للبحوث في مجالات الصناعة والتكنولوجيا الحديثة .

هذه هى الصين : كيف كانت ؟ ، ومتى بدأت ؟ ، وأين صارت ؟

حقيقى تجربة ناجحة بإمتياز تستحق التأمل والدراسة والاستفادة منها !!!

—————————

تحياتى /  سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *