مقالات

حلول عملية لشمال سيناء

مرة أخرى ونتمنى أن تكون الأخيرة، مطلوب من كل الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة المعنية الحكومية والأهلية سرعة التحرك، لمنع ووقف ووأد فتنة، يحاول كثيرون إشعالها فى شمال سيناء.

وفى هذا الصدد ينبغى توجيه التحية والتقدير للمجلس القومى لحقوق الإنسان، على مقترحاته العملية بشأن سيناء خلال اجتماعه الشهرى يوم الأربعاء الماضى.

فى هذا الاجتماع قرر المجلس تكليف وحدة سيناء التابعة له، بإعداد تقرير عن أوضاع الأهالى واحتياجاتهم فى ظل الأوضاع الراهنة. وخاطب المجلس رئيس الوزراء شريف إسماعيل، لإعفاء أهالى منطقة الحظر والطوارئ فى سيناء من كل أنواع الضرائب باعتبارها منطقة حرب.

وجاء فى بيان المجلس: «كل وسائل الرزق بسيناء أصبحت منعدمة، حيث تم تجريف المزارع وآلاف الأفدنة وإغلاق المصانع، وأصبح النشاط التجارى شبه متوقف».

وحسبما قال عضو المجلس، صلاح سالم، الذى يرأس وحدة سيناء لـ«الشروق» يوم الخميس الماضى: «طالبنا بإعفاء طلبة المدارس من الرسوم المادية، أسوة بما حدث خلال حرب 67 فى مدن القناة وسيناء»، مشددا على ضرورة انتباه الدولة لمشكلات أهالى سيناء، واتخاذ قرارات ضمان اجتماعى، وفتح طرق آمنة لتجنب القتل خارج نطاق القانون والرصاص العشوائى، لطمأنة الأهالى».

سلام طالب أيضا بضرورة توخى الأجهزة الأمنية الحذر فى التعامل مع الإرهابيين فى المناطق الآهلة للسكان وكما جاء فى تصريحاته: «الإرهابيون هناك يتخذون المدنيين دروعا بشرية لهم، وعلى الأجهزة الأمنية اليقظة بقدر الإمكان لتقليل الخطأ، لأن هناك قرى أصبحت مغلقة بالكامل، ولا يستطيعون إيجاد قوت يومهم، فضلا عن غلق 15 مدرسة». انتهى كلام المجلس القومى لحقوق الإنسان، وتنبع أهميته من أن معظمنا يتحدث عن سيناء بكلمات وعبارات عمومية مطاطة، وأقرب إلى الشعارات، من قبيل ضرورة تنمية سيناء، من دون أن نتحدث عن مطالب محددة يمكن تنفيذها ومتابعتها ومراقبتها. ومعظمنا لا يشعر أيضا بما يعانى منه سكان سيناء الأبرياء، وقلة منا تصطف عمليا مع المتطرفين والخارجين على القانون، حينما تلتمس لهم الأعذار. وبالتالى فإن كلام ومطالبات ومناشدات ومخاطبات المجلس القومى لحقوق الإنسان ــ الذى يرأسه محمد فائق ومعه نائبه عبدالغفار شكرــ للحكومة أمر مختلف علينا أن نرحب به، ونطالب الحكومة بمناقشته بسرعة أولا وبجدية ثانيا، واتخاذ قرار حاسم بشأنه، لأن الأمور والتطورات لم تعد تحتمل.

ومن لا يصدق فعليه أن يلاحظ، أنه وللمرة الثانية خلال أقل من شهر نسمع مطالبات ودعوات بعض أبناء القبائل بالعصيان المدنى، على خلفية مقتل سبعة من أبنائهم خلال مداهمة الشرطة لمسلحين وإرهابيين، ويصر بعض الأهالى ــ الذين تجمعوا فى دار أيوب بالعريش ــ على أنهم كانوا محتجزين لدى وزارة الداخلية، وهو ما تنفيه الوزارة بشدة.

ومساء يوم الأربعاء الماضى، سمعنا مجموعة تمثل هؤلاء تدعو المواطنين إلى عدم دفع فواتير الكهرباء وسائر الخدمات الحكومية، وهو أمر شديد الخطورة، إذا تم بهذه الطريقة.

مطلوب من الأجهزة الحكومية سرعة مناقشة ومحاورة والاستماع إلى هؤلاء الناس وحل المشكلة فورا، حتى لا تتفاقم، وتتحول من مجرد إنفلونزا عادية، إلى ورم سرطانى خبيث ــ لا قدرالله.

الحل لا يكون فقط ببيان مضاد من ابناء قبائل آخرين، أو من نفس القبائل، لكن الأهم ان نحل المشكلة الأصلية أولا، وبعدها ننظر إلى أى تفاصيل أخرى. قد يكون هناك متأمرون ومندسون، وبالتالى فإن الحل هو عزلهم، والاستماع إلى الأهالى، وتفهم شكاواهم، والاستجابة للمنطقى منها.

أى صدام بين الدولة والأهالى هو هدية مجانية، على طبق من بلاتين وألماظ وفضة وذهب، لكل أعداء وخصوم الوطن. نتمنى أن تدرس الهيئات المختصة الاقتراحات العملية المحددة التى تقدمت بها وحدة سيناء فى المركز القومى لحقوق الإنسان، فربما كانت السلم الذى ننزل به جميعا من فوق الشجرة العالية، كما فعلت الدولة مشكورة مع مشكلة النوبة، خلال مؤتمر الشباب الأخير فى أسوان.

علينا دائما التنبه إلى عدم توفير حاضنة شعبية للمتطرفين والإرهابيين، أو تحقيق تواصل بينهما، مهما كان الثمن، لأن حدوث ذلك ــ لا قدر الله ــ كارثة كبرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *