آراء وتحليلات

من أرشيف المقاومة الوطنية على أرض سيناء أطباء العريش ودورهم الوطنى خلال فترة الإحتلال

بقلم / سهام عزالدين جبريل
في يونيو 1967م وقعت سيناء أسيرة الاحتلال الإسرائيلي لها بعد نكسة يونيو67م وشهدت أرض سيناء ملاحم بطولية رائعة لمواجهة قوات الاحتلال من قبل كافة الأطياف كان كل فرد من أبناء سيناء عضو فاعل في منظومة المقاومة الوطنية شباب ورجال وسيدات وحتى الأطفال ، وتمركزت قوة وانطلاقة هذه المنظومة البطولية في مدينة العريش العاصمة، حيث إمتدت روافدها الى بقية المدن والقرى وكان لكل منهم دوره ،
وهنا احب أن اشير إلى ذلك الدور الوطنى الذى قام به أطباء العريش حيث يشهد سجل البطولات لهم بدور وطنى عظيم إستمر خلال فترة الاحتلال التي إمتدت وحتى عام 1982م
وقد كانت المستشفى الوحيد هي “المستشفى الأميرى” المتواجدة في سيناء في مدينة العريش العاصمة ، حيث الإمكانيات الضعيفة ،
كما كان يوجد مستوصف الهلال الأحمر الذى يخدم من خلال بعض التخصصات الرئيسية مثل الباطنة والأطفال والعيون …..الخ
وكان من المقرر إفتتاح مستشفى جديد للهلال الأحمر في صباح يوم الخامس من يونية ولم يتم الإفتتاح نتيجة الحرب ، حيث الغى ذلك الإفتتاح والذى لم يتم حتى يومنا هذا !!!
وكان الضغط كلة على مستشفى العريش حيث توالى نقل المصابين والجرحى والموتى ، وبعد سقوط مدينة العريش قام الأطباء بنقل جميع الجرحى والمصابين من العسكريين الى بيوت المدينة وذلك حفاظا على حياتهم ، وحماية لهم من أن تقبض عليهم سلطات الإحتلال الإسرائيلي وتحتجزهم في سجونها أسرى حرب ، حيث تم كل ذلك تحت رعاية الأهالى وتهيئة غرف خاصة داخل البيوت للعمليات والعلاج ، وكان ذلك بإشراف تام من قبل الأطباء والصيادلة والممرضات من أبناء العريش ، الذين قامو بالعديد من العمليات الجراحية للمصابين ، ومدواه وتضميد الجرحى وعلاجهم العناية بهم عناية فائقة والتواجد الدائم مع كل حالة من هذه الحالات .
ويذكر العديد من الأطباء الذين عاصروا هذه الفترة وكانوا متواجدين داخل المستشفى :
بأن حالات الجرحى والمصابين من المدنيين كانت تنقل الى المستشفى وأن سلطات الإحتلال الإسرائيلية دخلت المستشفى وسيطرت عليها ولاحظت عدم وجود عسكريين !!! مما أدى بها إلى إعتقال الأطباء المتواجدين والتحقيق معهم وسؤالهم عن سبب عدم وجود عسكريين من تلك الحالات ، كما قامت سلطات الإحتلال بإقتحام غرفة العمليات ثم هدمها ، وقامت أيضا بإقتحام غرف المرضى وتهديدهم بالقتل إن لم يتقدموا بمعلومات تدلهم عن أماكن وجود الجرحى العسكريين ، وكانت ترفض تسجيل دخول الشهداء والمصابين المدنيين ، وتعمدت ذلك ، حيث عانت المستشفى من نقص حاد في الادوية ، مما إضطر الأطباء إلى الإستغاثة بهيئة الصليب الأحمر الدولى لحماية المرضى ، التي رفضت حينها قوات الإحتلال الإسرائيلي ، زيارة وفد من أطباء الصليب الأحمر وإختلقت حجج واهية كى لاُتسجل عليها جرائم إبادة إنسانية ،،
وهنا يحضرنى ذلك الرعيل الأول من الأطباء والصيادلة ودورهم الوطنى وتعاونهم وإنضمامهم الى منظومة المقاومة الوطنية بالمدينة ودورهم فى معالجة المصابين من طيارين وضباط صف ومجندين وإخفائهم داخل بيوتنا بمدينة العريش حين تحولت بيوتنا الى مراكز سرية للعلاج الصحى وإجراء العمليات الجاحية للعسكريين المصابين ، بعيدا عن عيون العدو الإسرائيلي ، حيث أّذكر هنا الدكتور محمود حمودة ، والدكتور سمير شاكر ، والدكتور حسين أدم ، كما أذكر الدكتور فتحى حال والدكتور محمد رضوان ، والدكتور عابدين إبراهيم ورفاقة من أطباء مستشفى العريش، والدكتور محمد أبو الوفا ،،،
وظلت مستشفى العريش تعانى من النقص الحاد في الأطباء والأدوية مع إرتفاع نسبة الإصابة بأمراض خطيرة منها حالات الدرن التي إنتشرت في بعض المناطق وكذلك أمراض الضغط والسكر والقلب …الخ ، والعديد من الأمراض الأخرى بجانب حجم الإصابات وحالاتها الخطيرة نتيجة إطلاق النيران اليومى على السكان المدنيين ،،،
وهنا أذكر أنه كان يستعان بأطباء من غزة من مستشفى الشفاء ومستشفى النصر بخان يونس ، فكانوا يأتون إلى مستشفى العريش مرة واحدة في الأسبوع لفحص الحالات المرضية ، هذا إلى جانب الإرتفاع الحاد في أسعار الأدوية ، وعدم توفير أدوية داخل صيدلية المستشفى !!!
وقد إنتبه أفراد المقاومة الوطنية لهذه المعاناة ولذلك النقص الطبي والفني ، فأرسلوا بمعلوماتهم وتقاريرهم الخاصة بهذا الموضوع ومدى خطورته على الأهالى وإنعكاساته على صحتهم ، والذى تم إرساله الى إدارة المخابرات الحربية بالقاهرة عن طريق ظباط الإتصال المكلفين ، فكانت الإستجابة السريعة من القاهرة بإرسال مجموعة من شباب الأطباء من أبناء العريش وقدومه الى سينا ء المحتلة تحت بند أحقية جمع شمل العائلات والتي كانت تتم بأشراف هيئة الصليب الأحمر الدولى وعن طريق رحلاتها التي خصصت لهذا الأمر حيث تم إستقدام مجموعات الأطباء على مرحلتين خلال هذه السنوات التي طالت وإذدادت معاناة الأهالى ، فيها ، فكانت هذه المبادرة من قبل الدولة المصرية بمثابة هدية لهم للتخفيف عنهم حيث تم إرسال الدفعة الأولى المكلفة من المخابرات الحربية والقوات المسلحة والهلال الأحمر للعريش المحتلة ، ومنهم الدكتور عبد الهادى الديب والدكتور كامل الشعراوى ، وبعدها تم تكليف الدفعة الثانية ومنهم : الدكتور خيرى العيسوى والدكتور فاروق البلك والدكتور عدلى عروج والدكتور حمدى حجاب ، والدكتور محمد الخليلى ، والدكتور طاهر عودة والدكتور عبد الحكيم الخليلى ، والدكتور مجدى رفاعى ، والدكتور حسن رياشات من أبناء قرية ابى طويل ،،،
حيث كلفوا جميعهم من قبل المخابرات الحربية وبقرار من وزارة الصحة ، بقضاء فترة الإمتياز فى الأراضى المحتلة وتم منحهم شهادات التكريم لأدوارهم الإنسانية والبطولية ،بعد إكتمال تحرير سيناء في ابريل 1982م ،
ولايفوتنى هنا ذكر الدكتور/ بطرس سامى أرمانيوس إبن سوهاج والذى كان صديقا شخصيا لوالدى ومن مجموعة عمله ، والذى كان رئيس الإدارة الطبية لسيناء وغزة ودوره الوطنى المشرف ، ومعاونته لشباب الأطباء ، والذين كانوا يجوبون قرى ومسالك سيناء ودروبها ووديانها وصحاريها ويقدمون الخدمات الطبية والإغاثية وأيضا يجمعون المعلومات ويزودون أجهزة المخابرات المصرية بالمعلومات عن واقع سيناء ، وإحتياجات أهلها ، وتحركات العدو الإسرائيلى على أرضها ،،، وهذه مجرد صورة مختصرة لتلك النخبة من شباب سيناء أطباء مستشفى العريش الذين قاموا بدورهم الوطنى والانسانى فكانوا بمثابة بشائر الأمل لإنفراجة نصر قريب ومؤزر بمشيئة الله ،،، ومازال للحديث بقية .
تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *