آراء وتحليلات

إضاءات مشرقة على نصر اكتوبر مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة (2)

بقلم / سهام عزالدين جبريل

كما أسلفنا فى المقال السابق عن المراحل اتى سبقت حرب اكتوبر حيث سبقتها مرحلتين هامتين وهى مرحلة مابعد نكسة يونيو 67 مباشرة ، وهى مرحلة الصمود والتصدى ، ثم مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة ، التى تلتها حرب الاستنزاف التى مهدت وصنعت الأرض الصلبة والجبهة القوية لملحمة حرب اكتوبر ، وهى ماعرفت بالدفاع النشط والمواجهة
مرحلة الدفاع النشط أو المواجهة
يعد يوم 8 سبتمبر 1968، نقطة تحول الرئيسية في تنشيط الجبهة. فكان هذا اليوم بداية مرحلة الدفاع النشط، التي أرادت مصر أن تبـدأها بقوة، تعلن عن نفسها إقليميا وعالميا، وتصاب فيها القوات الإسرائيلية بأكبر قدر من الخسائر. وقد شملت أعمال قتال هذا اليوم على قصفات مدفعية، مدبرة وتحت سترها تدفع دوريات قتال على طول الجبهة. وقد خططت هذه القصفات مركزيا بحيث تشمل جميع الأهداف الإسرائيلية شرقي القناة حتى عمق 20 كيلومترا. وروعي أن تبدأ قبل آخر ضوء بفترة مناسبة، وتستمر إلى ما بعد آخر ضوء، وقد اشترك في هذه القصفات 38 كتيبة مدفعية من مختلف الأعيرة، أطلقت نيرانها لمدة ثلاث ساعات، من الرابعة والنصف إلى السابعة والنصف مساء، وشاركت جميع الأسلحة المضادة للدبابات، لتطلق نيرانها من الضفة الغربية للقناة، على الأهداف المعادية المرئية على الضفة الشرقية. واستهدفت هذه القصفات خط بارليف، الجاري إنشاءه في المقام الأول، ثم جميع مواقع الصـواريخ 216 مم، 240 مم التي يستخدمها الجانب الآخر في التأثير على مدن القناة، وجميع مواقع المدفعية، ومناطق الشؤون الإدارية، ومناطق تمركز الأفراد. وقد شكلت هذه القصفات صدمة نفسية للجانب الآخر، حيث شعر لأول مرة أن السيطرة النيرانية قد آلت للقوات المسلحة المصرية. وتكبدت إسرائيل خسائر جسيمة، شملت تدمير 19 دبابة، وثمانية مواقع صواريخ، وعشرات الدشم، ومناطق الشؤون الإدارية، ومناطق التمركز. وأسكتت خلالها جميع مدفعيات إسرائيل، التي قدرت وقتها بسبعة عشر بطارية مدفعية.
في 26 أكتوبر تكررت قصفات المدفعية المركزة، ولكن بصورة أقل، حيث اشتركت فيها 23 كتيبة مدفعية، أطلقت نيرانها لمدة سبعين دقيقة. واستهدفت بالدرجة الأولى تدمير مواقع الصواريخ 216، 240 مم بعد تحديدها بدقة من خلال الدوريات التي سبق دفعها، ومن خلال صور جوية حديثة. وتحت ستر هذه القصفات، دفع العديد من الكـمائن لاصطياد الدبابات والمركبات التي تحاول الهروب أثناء القصف. وقد نجح هذا القصف كذلك، وشكل للجانب الآخر صورة غير مألوفة من الإزعاج، نتيجة للخسائر التي تكبدها، والتي حددها بعد ذلك بأنها 49 فردا بين قتيل وجريح علاوة على تدمير وحدات الصواريخ.
وطبقا للفكر الإسرائيلي، الذي تلقى خسائر ليست هينة على جبهة القناة، واقتنع بأن التفوق آل إلى المصريين في هذه المنطقة، فقد لجأ إلى توسيع الجبهة وامتدادها إلى مناطق بعيدة للغاية، حتى تضطر القيادة المصرية إلى نشر قواتها على مواجهة ألف كيلومترا، تمثل طول الحدود الشرقية المصرية بالكامل، ومن ثم يتلاشى التفوق المصري على الجبهة. ووضع القيادة السياسية في مأزق، عندما يشعر الشعب أن إسرائيل اخترقت أعماقه، ودمرت أهدافا حيوية دون أن تتعرض لها القوات المسلحة المسؤولة أساساً عن تأمين هذا الشعب. وقد اختارت إسرائيل هدفها في نجع حمادي، وفي محطة محولات كهرباء السد العالي بالتحديد، حتى يكون التأثير محسوساً لدى الشعب كله. وقد تمت هذه العملية ليلة 1 نوفمبر 1968، من خلال عملية ليلية، أريد بها هدفاً سياسيا وليس عسكريا. واستخدم فيها طائرات الهليوكوبتر سوبر فريليون، التي كانت إسرائيل قد حصلت عليها حديثا. واختير أفراد القوة الإسرائيلية من المظليين الذين يتكلمون العربية بطلاقه، حتى أعتقد أهالي المنطقة أنهم مصريون. ولذلك لم يتعرضوا لهم في البداية، مما أدى إلى نجاح هذه العملية التي كان تأثيرها ضعيفا، ولم تحقق الهدف السياسي الذي خططته إسرائيل. أما على الجانب العسكري المصري، فكان لا بد من إعادة النظر في تأمين العمق المصري، حتى لا تلجأ إسرائيل لتكرار هذه العملية. وفي الوقت نفسه أعيد تقييم العمليات العسكرية، لتأخذ صورة أخرى أشد من قصفات المدفعية. وقد كان ذلك سببا في تهدئة الأوضاع على الجبهة إلا من الاشتباكات بالأسلحة الصغيرة، وإطلاق حرية قنص أفراد الجيش الإسرائيلي، ومنعهم من التحرك بحرية على طول الجبهة، مع تكثيف دفع دوريات الاستطلاع، للحصول على أكبر قدر من المعلومات للمرحلة القادمة. أما في عمق الدولة، فقد نفذ العديد من إجراءات التأمين، من خلال وحدات الدفاع الشعبي على مستوياتها المختلفة. وقد استغلت القوات الإسرائيلية هذه المرحلة في تحسين موقفها الدفاعي، واستكمال تحصينات خط بارليف، الذي تابعته القوات المصرية جيدا، واكتشفت نقاط ضعفه، تمهيداً لتدميره في مراحل لاحقة
عيون مصر خلف خطوط لعدو
والقصة تكتمل فصولها هنا على أرضنا الحبيبة سيناء ، كان مايتم من اعدادات مرحلة الصمود على جبهة القناة كانت تستكمل حزء من فصولها خلف خطوط العدو وعلى أرض سيناء المحتلة حيث مثل
تشكلت منظمة سيناء التى قامت بعمليات عسكرية وراء خطوط العدو خلال هذه المرحلة الممهدة حرب الإستنزاف التي شنتها قواتنا المصرية على العدو الاسرائيلى ،،،
وكان أعضاء المنظمة يقومون بمهام كثيرة من أهمها :
1-جمع المعلومات على تحركات العدو وجنودة ، وقد شملت مساحة عمليات المنظمة كل أرض سيناء شمالها وجنوبها شرقها وغربها .
2-تصوير معسكرات العدو ورصد تحركات الجنود والضباط ومخازن الذخيرة والمؤن .
3-زراعة الألغام في طرق مرور دوريات قوات العدو.
4-تفجير مخازن الأسلحة والذخيرة المتواجدة داخل المعسكرات وفى مناطق التخزين الإستراتيجى .
5-قيام الإهالى بإقامة المتاريس فى الشوارع لإعاقة تحرك سيارات العدو داخل مدينة العريش
هذا إلى جانب ماقام به الأهالى العزل من مواجهات مباشرة امام عدو مدجج بالسلاح مثل ذلك حالة من الصدمة العنيفة التي واجهها الاحتلال وكانت اضرابات أحد ادوات الشعبية لرفض الإحتلال ، من أشهرها :
1- إضراب العريش
وهو أول عمل منظم قام به الأهالى ضد قوات الإحتلال ، وقد تم إختيار يوم 19 أغسطس 67م لإعلان هذا الرفض خاصة بعد معرفة الأهالى أن هناك مجموعة من الصحفيين الأجانب ومراسلي وكالات الأنباء العالمية قادمة لزيارة مدينة العريش والتي كانت تفتخر إسرائيل وتتباهى بذلك الإحتلال التي كانت تعتبره نصر مؤزر لها ، ولذلك بدأت في تقديم الدعوات للإعلام العالمى لتفقد غنائمها ، وقرر الأهالى إقامة إضراب عام في مدينة العريش وتنظيم مظاهرات ليؤكدوا بها أمام وسائل الإعلام والرأى العام العالمى رفضهم التام للإحتلال وتصميمهم على تحرير أراضيهم وتمسكهم بها وعودتها إلى السيادة المصرية ،
وكان الهدف من حضور الوفد الإعلامي الدولي للعريش ليتعرف على حالة الهدوء الكبيرة التي تعيشها العريش أكبر المدن المصرية المحتلة ، وهذا ماكان يروج له الجانب الإسرائيلي على ان أهلالى سيناء رضوا بالإحتلال وتعاون معه ، وكانت المفاجأة امام العالم كلة ليشهدوا ويفاجأوا بفورة غضب عارمة كذّبت الادعاءات الإسرائيلية وكشفت للعالم بسالة المدينة التي قاومت بصدور ابنائها العُزّل جيشا مدجج بالسلاح ومثل ذلك الصدمة العنيفة التي واجهها الاحتلال والتي كشفت كذبه وزيف مايردده لذلك كان رد الفعل عنيفا تمثل في فرض حظر التجول وإطلاق النار العشوائي على كل من يظهر في الشارع بل وعلى اطفال وقفوا في شرفات منازلهم مما أدى إلى مصرع كثيرين ونسف بيون بالديناميت وهو ما كان يدمر البيت المستهدف وعدة بيوت حولة كعملية انتقامية ارهابية للمدينة وممن شاركوا في الدعوة للإضراب وتنفيذه وكشف الدعاية الإسرائيلية ، وقد تمثل الإضراب في إيقاف كافة المحلات التجارية وإغلاقها ، ومقاطعة الإدارات الحكومية ، وخروج الأهالى في مظاهرة كبرى تهتف بمصريتهم وتحمل الأعلام المصرية ، وتطالب بسقوط إسرائيل وموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى !!!
وقد حاولت قوات الإحتلال ممارسة كافة أدواتها الترغبية والترهيبية لإجبار التجار على فتح المحال وحث الموظفين للعودة لأعمالهم والأهالى لبيوتهم محاولة منهم لعودة الحياة الطبيعية للمدينة ، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل التام واستمر الإضراب وارتفعت الهتافات ضد الإحتلال الإسرائيلي ،،،
2-إضراب الشهيد
وهو أيضا من أشهر الإضرابات التي نظمها أهالى سيناء هي إضراب الشهيد الذى تم يوم 9 مارس 1969م ، والذى قام ، إثر سماعهم خبر إستشهاد رئيس أركان الجيش المصرى ، الفريق عبد المنعم رياض في صباح ذلك اليوم ، الذى إغتالته يد الغدر الإسرائيلية وهو بين أبنائه جنود القوات المسلحة على الضفة الغربية للقناة ، حيث قام الأهالى بتنظيم جنازة رمزية في مساء ذلك اليوم وصباح اليوم الذى تلاه ، وأخذوا يهتفون بحياة الشهيد ، وبحتمية النصر وإنتهاء العدوان مهما طال أمده فالنصر أت حتى ولو دفعنا جميعا أرواحنا فداء للوطن ، وإسترداد أرضة السليبة ، وأخذوا ينددون بتلك الأيادى الغادرة الخبيثة للعدو الإسرائيلي الذى إغتالت إبن بار من أبناء القوات المسلحة وبطل من أبطال حرب الإستنزاف الذى روع العدو الإسرائيلى ، وأفقدة روعة نصره المزعوم ، والذى فى عهده تحققت وفى فترة وجيزة ، إعادة بناء الجيش المصرى وأحرزت قواته إنتصارات عسكرية كبيرة فى المعارك التى خاضتها القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف، مثل “معركة رأس العش ” التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة المصرية سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد الواقعة على قناة السويس ، ومعركة “تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات”، وإسقاط العديد من الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي67 /1968م، وأشادوا بدوره الوطنى العظيم في قيادة تلك المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن والتي ساهمت في كسر اسطورة النصر الإسرائيلي المزعوم ، وهزيمة الجيش الذى لايقهر ، على حد تعبير قادة الكيان الصهيوني ،،، ومازال لحديث بقية
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *