آراء وتحليلات

المرأة المصرية مسيرة كفاح

بقلم / سهام عزالدين جبريل

يأتى شهر مارس هذا العام ليتمم مسيرة مائة عام مرت على كفاح المرآة المصرية فى العصر الحديث ، وتحمل ذكرى خروج إبنة النيل ولأول مرة للمشاركة فى ثورة 1919 تطالب بحق وطنها فى الإستقلال من المحتل الانجليزى ، سجلت هذه المئوية نموذج عظيم يترجم ، تحدى المرأة وصمودها أمام الة المستعمر المدججة بالسلاح حيث سقطت شهيدتين الثورة (حميدة خليل)و(شفيقة محمد) ، مما زاد نساء مصر إصرارا على التحدى ومن يومها انطلق الكفاح وحينها فتحت صفية زغلول ام المصريين زوجة زعيم الامة بيتها لمواصلة الكفاح وعلاج جرحى الثورة ، وترجمت صور عظيمة سجلتها الثورة للمرأة من مائة عام ، خرجت الفتاة المصرية لاول مرة من مدرسة السنية بالسيدة زينب تطالب باستقلال وطنها وتحريره من قبضة المستعمر الغاشم ،
حيث توحدت كافة أطياف الشعب المصرى رجال ونساء وتعانق فيها الهلال مع الصليب واعتلى الثوار منبر الازهر يطالبون بالاستقلال ،
وبات التحدى الذى اسس للحراك الجماهيرى بكل أطيافه ، نقشت المرأة المصرية فيه دربا طويلا امتد مائة عام ظهر وتجلى فى أبدع صوره فى تفاعلها ومشاركتها فى كل المجالات ، وبرزت أدوارها فى مجال الخدمة المجتمعية والعمل الخيرى.
وفى الحقيقة ان مسيرة المرأة المصرية ممتدة منذ فجر التاريخ وان كنا نرصد مسيرتها خلال مائة عام لكن تسبقها الألاف من الأعوام التى تتحدث وتسجل مسيرة عظيمة تدعو للفخر إمتدت منذ فجر الحضارة الإنسانة ، واذا قطعن مسيرة هذه الحقبات التاريخية ، وجئنا عند قيام الدولة الحديثة في عهد محمد علي حيث برز دور المرأة واضحاً فقد أنشئت مدرسة الممرضات عام 1832 حيث كانت النواة الأولي التي مهدت لخروج المرأة المصرية إلى العمل ،
وفي أوائل القرن العشرين أسست مجموعة من النساء المصريات أول تنظيم غير حكومي للخدمات ليكون ايذاناً بمشاركة أوسع للمرأة المصرية في العمل العام وقد برز دور المرأة المصرية في القضايا الوطنية حيث كان خروج النساء المصريات في طليعة الجماهير المشاركة في ثورة 1919
وفى عام 1920 تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول وإنتخبت السيدة هدى شعرواى رئيساً لها ، واستمر الكفاح الإجتماعى والسياسى مواكباً لأحداث مصر الكبيرة وأهمها قيام حرب فلسطين عام 1948 .
– لعبت المرأة دورا في محاولة تحريك النهضة النسائية من خلال المشاركة في المؤتمرات الدولية، فشاركت “هدى شعراوي” من خلال مؤسسة الاتحاد النسائي بأول وفد عربي في المؤتمر النسائي الدولي بروما سنة (1923م) .
وأسهم صدور دستور 1923 دون أن يعطيها حقوقها السياسية فى تصاعد الدعوة للمطالبة بحصول المرأة علي هذه الحقوق .
– وسعت المرأة لتأسيس أحزاب سياسية تدافع عن قضاياها فنشأ حزب “اتحاد النساء المصريات” الذي أصدر جريدة عام (1925م) بعنوان “المصرية” باللغة العربية والإنجليزية، وأسست فاطمة نعمت راشد سنة ( 1942م) الحزب النسائي الوطني، والذي كان على رأس مطالبه قبول النساء في كافة وظائف الدولة، كما شكلت درية شفيق حزب ” بنت النيل” سنة (1949م) والذي دعمته السفارة الإنجليزية، .
كما تم تأسيس أول حزب سياسي للمرأة تحت اسم الحزب النسائي المصري عام 1942 وطالب الاتحاد النسائي المصري في عام 1947 بضرورة تعديل قانون الانتخاب باشتراك النساء مع الرجال في حق التصويت وضرورة أن يكون للمرأة جميع الحقوق السياسية وعضوية المجالس المحلية والنيابية كما خرجت مظاهرات نسائية خلال المؤتمر النسائي الذي عقد في 19 فبراير عام 1951 تهتف بأن البرلمان للنساء والرجال .
وظلت المرأة تطالب بحقها كمواطنة مصرية حقها فى التعليم وحقها فى الانتخاب والترشح اسوة بالرجال ، والتمثيل فى البرلمان والمؤسسات الحكومية ، سنوات طويلة إجتهدت فيها نساء مصرفى العديد من المجالات فبرزت العالمة والكاتبة والمبدعة ، فكانت سميرة موسى ، وهدى شعراوى ، وسيزا نبراوى ، وفاطمة اليوسف ، وامينة السعيد ، وماتلاهن من اجيال من المجتهدات والمكافحات ،
وعندما قامت ثورة يوليو 1952م ، ترسخ مفهوم مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،
فاعطى الدستور المصرى للمرآة المصرية ولاول مرة حقها فى أن يكون لها صوت فى الجداول الانتخابية ومنحها حق الترشح عام 1956 فكانت اول نائبة فى مجلس الامة (راوية عطية ) حيث سجل ذلك اول مصرية دخلت البرلمان ، وتقلدت الوزارة و منحت الحق فى التمثيل الوزارى فكانت اول وزيرة (حكمة ابو زيد) عام 1962 ، وشاركت في الحياة الحزبية و النقابات العمالية والمهنية والمنظمات غير الحكومية ،
واستمر كفاح المرآة المصرية للحصول على إستحقاقات كانت فى يومها حلما بعيدا فسعت لدخولها البرلمان ، وإجتهدت لإستصدار قوانين مساندة لها كى تمنحها الحق المشروع فى ان يكون لها التمثيل الذى يتكافئ ودورها المتنامى فى مجتمعها ، حيث أعطت بعض الدساتير التى ابرمت خلال هذه الفترة بما يسمى بالكوتة من منطلق التمييز الإيجابى ولكنه لم يكن محصنا حيث تم الطعن فى هذه المادة ، ومرت السنوات والسنوات واستمر مشوار الكفاح للحصول على الحقوق، فتقلدت الوظائف العليا في كافة ميادين الحياة الى جانب الادوار المتنامية للمرأة فى مجالات التعليم والعمل والتفوق فاعتلت مواقع فى الوزرات وفى الجامعات وكافة المؤسسات المختلفة ،
تأسس المجلس القومى للمرأة عام 2000م فأعطى فرصة لحراك أكبر وترجمة مكون النوع الإجتماعى وإدماجة فى الاستراتيجية القومية للدولة مما أفسح المساحة لتخصيص مساحة لتنمية ودعم المرأة على كافة المستويات ومن قبل كافة الوزارات ، وجاء الدستور الحالى حيث منحها حق اكبر فى التمثيل النيابى فوصل عدد النائبات فى البرلمان الحالى إلى 89 نائبة برلمانية ويسعى التعديل الجديد الى زيادة هذا العدد بما يترجم الدور الحقيقى للمرأة داخل مجتمعها وحجم المهام التى تحملها المرأة وتساهم فيها فى كافة مجالات العمل العام والتنمية ، بالاضافة الى حقها فى التمثيل فى المحليات بنسبة 25% وذلك كما نص الستور الحالى وبذلك يتحقق مبدأ المساواة ولو بنسبة الى حد ما معقولة تتؤام وهذا الدور المتنامى للنساء فى مصر ،
واحرزت المرأة خلال مسيرة كفاح استمر مائة عام كثير من المكتسبات والتى يمكن تفنيدها كالأتى : حيث توج ذلك بتعيينها قاضية وتوالى تعيين 66 قاضية بعد أن كانت محرومة من التعيين فى هذا المجال جتى ولو كانت اولى دفعتها , وبلغت نسبة النساء العاملات فى مجال العمل فى مؤسسات الدولة 20% ،
كما دخلت المرآة مجالات عدة كانت بعيدة المنال ومنها :
وزارة الداخلية وتميزت فى قطاع حقوق الانسان ، كما التحقت فى مجال الخدمة العسكرية من خلال مهن الطب والتمريض وتسعى لتولى المزيد ،
كما شهدت ولأول مرة في تاريخ الحكومة مصر، عدد 8 وزيرات في الحكومة الحالية بنسبة تصل الى 25% ،
وفى الإدارة المحلية مازالت تجتهد لتواجد اكثر فى مجال الجهاز التنفيذى ، وان كانت حصلت على بعض النماذج فى الثمثيل من خلال : عدد 1 محافظ ، و 5 نائبات للمحافظين وسكرتيرعموم ، وبعض رئيسات للمدن والقرى، و كان ذلك غير متاح سابقا ومازالت المرأة تطمح فى مزيد من تولى المواقع فى مجال الإدارة المحلية بإعتبارها المجال الأكثر قربا من إحتياج المجتمع ، وعمل المجلس القومى للمرآة على تقديم بعض القوانين التى تساند المرآة للبرلمان منها تعديلات لقانون الاحوال الشخصية ، صدر قانون بمعاقبة المتحرش ، وتمليك المرآة فى الصعيد من الارث ،وتم دراسة العديد من الأحتياجات التى ترجمتها برامج للتمكين الإقتصادى والسياسى والإجتماعى ، وبناء قدرات المرأة فى مجالات التنمية المختلفة
كما سعى المجلس الى الوصول للمرأة فى كل محافظات مصر من خلال فروعة ال27للوصول الى مطالب وإحتياجات المرأة ووضعها فى إستراتيجية التنمية2030
مسيرة طويلة من الكفاح والعمل الوطنى الجاد للمرأة المصرية فهى أصل الحكاية .

خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *