آراء وتحليلات

وتبقى حرب اكتوبر معلم من معالم الطريق

بقلم / سهام عزالدين جبريل


أشرقت شمس اكتوبر علينا واعادة لنا ذكرى من أجمل الذكريات تمثل نبع لاينضب من معين قيم عظيمة بطولة وفداء وصمود ومقاومة وتحدى إسترداد الأرض وتحريرها ، معالم كثيرة من القيم التى تضئء لنا الطريق للغد القادم
إنها ذكريات اكتوبر وتلك المعانى العظيمة ولأن الحديث عن حرب أكتوبرهدفه موجه أساسا لشباب لم يعش أحداث القرن الماضي ، واحداثها التى استشرفت لنا هذا الواقع الانى ، ومن بينهم شباب قد يتأثر باُطروحات لها خلفياتها ومراميها،
إن جيلنا الذى عاصرت طفولته هذه الاحداث ومشاهدها الوطنية العظيمة وعاش هذه الذكريات الدافئة واصبحت ساكنة بوجدانه لايمكن أن ينساها أبدا وأصبح واجبا علينا أن ننقلها للمستقبل ونورثها للاجيال القادمة ، ونحصن شبابنا بقيمها ومعانيها العظيمة ،
فحرب اكتوبر لم تكن مجرد حرب من سلسة الصراع العربى الإسرائيلى فى منطقة الشرق الاوسط بل فهى تحمل عظيم المعانى وقيم الحفاظ على إستقرار الوطن ومكتسباته الوطنية التى يجب ان تكون حاضرة فى الوجدان المصرى وفى عقول شبابه بناة المستقبل والذى سيحملون راية المحافظة على تراب الوطن وسلامتة ومسؤلية إستقرارة ، والتى لم تعد مهمة سهلة فى ظل تطور أليات الحروب والصراعات والاجيال الجديدة من الحروب بأشكالبها المألوفة والمستجدة ، فإن اعتقد البعض او تمنى ان تكون حرب اكتوبر هى أخر الحروب فى المنطقة ، ولكن مازال هناك الجديد من الحروب ونماذجها الجديدة بهدف هدم الاوطان وهز إستقرارها ، وتبقى حرب اكتوبر معلم من معالم الطريق نستمد منها قيمة الارض والتراب الوطنى والدفاع عنه والحفاظ على إستقرار الوطن وأمنة وسلامه ،،،
اندلعت حرب أكتوبر 1973 فى نهاية أول يوم دراسى عدنا من المدرسة لنجد الاباء و الامهات والجيران حول المذياع يتابعون هذه الخبر المفاجئ ، خبر إقتحام خط بارليف الحاجز المانع الواقع بالضفة الشرقية لقناة السويس وورفع العلم المصرى على أرض سيناء الحبيبة ،،،
وطافت الفرحة والسعادة على بيوت مدينتنا المحتلة ، كانتلا الزغاريد تملأ الصدور وكانت الابتهالات لله عز وجل ببركة شهر رمضان الكريم والتضرع إلى العلى القدير بأن يتمم علينا هذه الفرحة ، أخفينا فرحتنا وطالب أولياء الأمور ابنائهم بالذهاب إلى مدراسهم ، لم تتوقف الدراسة واستمرينا فى الذهاب وكنا نساهد قبضة قوات الاحتلال تذاد وتيرتها على الاهالى والتفتيش فى المدارس وكانهم يبحثون عن شئء ما !!!
ورأينا الناس فى شوارع مدينتى العريش التى وقعت تحت الإحتلال منذ اكثر من خمسة اعوام ، يرصدون حركة سيارات قوات الاحتلال المرتبكة على الطرق السريعة وفى مداخل المدن وكم السيارات المتجهة شرقا والتى تحمل الذخيرة ذهابا وسماح نواح افراد قوات العدو على الطريق الدولى رفح العريش القنطرة فالامر كان غير عادى ، والعائدة التى تحمل جثث واصبح الكثير يرقبون مايحدث و يتطلعون إلى السماء الصافية ليروا الطائرات تمرق فى صفحتها الزرقاء، وهم يستعيدون مشهد صدمة حرب السابع والستين حين ضربت الطائرات الإسرائيلية مطار العريش وكل المطارات المصرية ، لقد انبعث اليقين والامل فى نفوس اهل بلدتى وقويتعزيمتهم وبات لديهم اليقين الثابت والذى لم يتزعزع بأن النصر الذى ترجوه وانتظروه طويلا قادم بقوة وقادم لامحالة فى ذلك ولكن مزيد من الصبر والصمت والتحرك بسرية لخدمة الوطن والدفاع عنة والمساهمة فى إكتمال هذا النصر الوليد واصبح استبعاد التشكيك فى ذلك وكتمان الفرحة امر لازما وضروريا فى تلك الايام ،
وباتت آذاننا المشنفة إلى المذياع متعلقة به والذى تتوالى من خلاله أنباء العبور مما جعلنا مطمئنين هذه المرة ، خاصة أن الإذاعات الأجنبية كانت تتحدث بما يقال فى الإذاعات المصرية، التى كان صوتها واثقا ثابتا فى هدوء وعظمة المنتصرين بعيدا عن ذلك الصخب الأجوف الأخرق الذى صاحب أكاذيب حرب يونيو67.
وتوالت احداث العمليات واخبار النصر الصادق لقد كان مستوى التخطيط العلمي والإعلامى والعملي للمعركة رائعا ومنظما على ارض المعركة وواقعها الحقيقىلا والميدانى ، الذى بدأ من جبهة القتال على الضفة الغربية للقناة ، التى سهر عليه قادة اكتوبر والعمل الجاد المخلص ، ومنذ تعيين الفريق محمد فوزي خلال السنوات الأخيرة من عمر الرئيس عبد الناصر، عدد من خيرة العسكريين المصريين ذوي المستوى العالمي، وكان حجم السلاح المتوفر سابقة لم يحدث لها مثيل، فقد فتح الاتحاد السوفيتي مخازنه، واشترت ليبيا وحدها للجبهة معدات عسكرية في حدود مليار دولار.
وفى مذكرات كثير من القادة العسكريين أكدت ان هناك ثلاثة جوانب عظيمة في أداء الجيش المصري في حرب 1973 :
الأول هو مستوى الاستعداد الفني للجيش والقدرة القتالية والروح المعنوية العالية لأفرادة ، حيث أن الخطة الاستراتيجية وضعت بعناية كما نفذت بمهارة
الثاني تصميم الضباط والجنود على إثبات أنفسهم ، واسترداد ارضهم التى تمثلر كرامة كل مقاتل فيهم وردّ الإذلال الذي تعرضوا له في الحروب السابقة
الثالث أنه تم الإعداد لهذه العملية ، بدون أن تتسرب أية معلومات ، فقد كان أداء القوات المسلحة عظيما لدرجة أن الحكومة المصرية وأجهزة إعلامها لم تضطر إلى الكذب او التجمل ، لان حقيقة النصر كانت جليا واضحة وضوح النهار .
ولقد إستقطبت المعركة تضامنا عربيا فاعلا لم يسبق له مثيل :
كان حظر البترول جزءا رئيسيا منه، وارتبط هذا كله بأمرين، أولهما التفهم العالمي للكفاح العربي، والقلق الدولي من التصرفات الإسرائيلية فى المنطقة ، وهذا في حد ذاته مكسب استراتيجي هام ،
يضاف إلى الموقف الرائع للقارة الإفريقية التي قاطعت إسرائيل، ولا أستطيع تناسي دور دول الشمال الافريقى ودور قاد تها خاصة وعلى رأسهم هواري بو مدين ومعمر القذافي في إنجاز تلك المقاطعة. كما أن دور التضامن الأفريقى الذى كان جليا حينها ، وتجلى فى اروع صورة من مقاطعة دول افريقيا باعتبار ان احتلال جزء من الاراضى المصرية هو احتلال لاراضى افريقية ،
كما أنه الاروع ذلك التماسك الوطنى فى الجبهة الداخلية المصرية التى كانت ذلك السند والحائط المنيع لصد كل محاولات احداث الفتن والمحافظة على إستقرار الوطن وسلامة جبهنه الداخلية فالدور الشعبى كان نموذج عظيما
ولا ولن انس ادوارنا وادوار اهلنا خلف خطوط العدو الذى مثل عيون مصر على أرضها التى وقعت فى غفلة من الزمن تحت قبضة العدو.
انه النموذج الرائع للتكاتف والتعاون للحفاظ على الوطن ومكتسباته الوطنية
فلنجعل قيم حرب اكتوبر معلم من معالم الطريق لمواجهات جديدة ومهام الحفاظ على استقرار الوطن ومواجهة الاجيال الجديدة من الحروب واقنعتها المستجدة
فالتكاتف الوطنى واليقظة وتماسك الجبهة الداخلية هو اساس الحفاظ على الوطن وعزتة وكرامة ابنائه . ومازال لحديثنا بقية …

خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *