أخبار مصر

خبراء أمنيون وإعلاميون: مصر تتعرض لحرب من الشائعات وتزييف الوعي بهدف هدم الدولة

اللواء نصر سالم: من يظهرون على وسائل الإعلام في تركيا وقطر أصحاب مفاهيم مغلوطة ولا يؤمنون بقيمة الوطن
نسرين بغدادي: عدم التحقق من مصادر المعلومات يساهم في تزييف وعي المواطنين
علي حسن: ضرورة عدم الانسياق وراء المعلومات الكاذبة التي تروجها جماعة الإخوان الإرهابية لزعزعة استقرار الوطن
هويدا مصطفى: دور كبير لوسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية في صناعة وعي المواطن
العميد خالد عكاشة: مصر تتعرض لحرب حقيقية من الشائعات والأكاذيب وقلب الحقائق ومحاولة تحطيم الروح المعنوية
مصطفى مرتضى: ضرورة إعادة صياغة عقول الشباب وبناء الوعي المجتمعي ودور للأسرة في التربية
أكد خبراء استراتيجيون وإعلاميون وأكاديميون، أهمية بناء وعي المواطنين في مواجهة محاولات تزييف الوعي التي ينتهجهها أعداء مصر، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان الإرهابية، لمحاولة النيل من الوطن واستقراره وعرقلة مسيرة التنمية والتقدم التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسي لوضع مصر في مكانتها اللائقة بين دول العالم.

ونبه هؤلاء إلى أن أعداء الوطن لايدخرون وسعا نحو العمل على تزييف الوعي من خلال تغيير محتوى المادة الاعلامية عبر التلاعب بالألفاظ والجمل والعبارات مستخدمين في ذلك أساليب تكنولوجية لتعرض على الجمهور المستهدف نوعا من الأكاذيب لمحاولة خلق وعي زائف وتضليل الرأي العام بهدف إحداث بلبلة والعمل على نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار وفق هدف نهائي لهم ألا وهو هدم الدولة المصرية.

جاء ذلك في الندوة التي نظمتها وكالة أنباء الشرق الأوسط تحت عنوان” دور المواطن في مواجهة محاولات تزييف الوعي” والتي أدارها الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وشارك فيها كل من: اللواء نصر سالم استاذ العلوم الاستراتيجية ، والدكتورة نسرين البغدادي مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سابقا، والدكتورة هويدا مصطفى عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، والعميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، والدكتور مصطفى مرتضى عميد كلية الآداب جامعة عين شمس.

وشدد هؤلاء على الدور الهام الذي يبنغي أن تقوم به الأسرة ودور التعليم والمسجد والكنيسة ومراكز الشباب والثقافة ووسائل الإعلام في تكريس الهوية الوطنية وروح الولاء والانتماء للوطن والتحذير من مخاطر محاولات النيل منه عبر تلك الأكاذيب والشائعات التي يبثها أعداء الوطن والأديان والحياة الإنسانية.

وأكد اللواء الدكتور نصر سالم استاذ العلوم الاستراتيجية، أن عقيدة القوات المسلحة المصرية تقدس التراب الوطني وتعتبره أغلى من الحياة، وتزرع تلك القيمة في نفس كل جندي، ليدافع عن أرضه ووطنه، قائلًا إننا “أمة مستهدفة ولكنها ستظل آمنة إلى يوم الدين”.

واستنكر ما تردده بعض الأصوات من تقليل لنصر أكتوبر العظيم ، مؤكدًا أن ذلك إدعاء لجماعة الإخوان الإرهابية يصب في صالح أعداء الوطن، ويسعى إلى تسميم وعي النشء.

وشدد على أن من يظهرون على وسائل الإعلام في تركيا وقطر، هم أصحاب مفاهيم مغلوطة ولا يملكون عقيدة سليمة أو عرف أو ثقافة، ولا يؤمنون بقيمة الوطن مثل الجماعات التكفيرية التي تحاربها القوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب.

ولفت إلى أن الجماعات الإرهابية في سيناء استخدمت الأطفال والشباب لبث سمومها من أفكار تكفيرية تناقض القيم الدينية والإنسانية وتستبيح الدماء ومنها دماء الأباء، مؤكدًا على مسئولية كل أب وأم في رفع الوعي والمفاهيم والقيم السليمة، حتى لا يقع النشء فريسة للأفكار المسمومة.

ودعا إلى ضرورة توعية النشء والشباب وامدادهم بالثقافة والمعلومات من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة لإمدادهم بالمعلومات الصحيحة، واستخدام بعض الألعاب المفيدة والجرافيك التي يمكنها استعراض نصر أكتوبر كمجال ثري ومحفز بالقيم الوطنية والانتماء.

وقال إن المعلومة هي أساس القرار السليم، مشيرًا إلى مسئولية صانع القرار في اتخاذ القرار وفق المعلومة الكاملة والموثوقة وعرضها بشكل أمين، والوصول إلى خيارات متعددة للقرار يتم عرضها لانتقاء الأفضل منها وفق الجدوى والرؤية التي يحددها المجال السياسي أو العسكري أو الاجتماعي.

ولفت إلى أنه لا يوجد “فراغ” في العملية المعرفية، ولكن هناك مساحة يمكن استغلالها لمدها بالأفكار السليمة أو المسمومة لخلق وعي زائف أو مغلوط؛ ما يهدد الوعي العام ، موضحا أن أي إنسان تحركه حواسه، مرورًا بإعمال العقل الذي يتحكم فيه عوامل الخبرة والمهارة في التعامل مع المعلومة وصولًا إلى القرار وفق الإرادة التي تنطلق من الانتماء والولاء والقيم.

وأكد أن تعرض الدولة إلى كبوة لا يعني سقوط الدولة، وهو ما اختبره التاريخ المصري مع هزيمة يونيو 1967، في مقابل العزيمة والإرادة الشعبية لرفض النكسة والتوجه إلى إعادة البناء وصولًا إلى نصر أكتوبر الذي نحتفل اليوم بذكراه الـ47.

وتابع اللواء سالم قائلا: “إن ذلك السيناريو استتبعه سرقة السلاح من مخازن القوات المسلحة وتشرذم القوى وتضارب المصالح”، مشيرا إلى أن القوى الخارجية انتهجت تقديم معلومات تدفع بالتحرك في اتجاه محدد يستهدف في النهاية إسقاط الدولة وقواتها المسلحة وبنيتها التحتية.

وأكد أهمية الإفصاح عن المعلومة ومصدرها لضمان سلامتها؛ لاسيما في وسائل الإعلام، ونشر القيم والمبادئ والثقافة السليمة لدى النشء لبناء الوعي بقيم الولاء والانتماء إلى الوطن؛ حتى لا يقع فريسة لمن يبث السموم باستغلال مساحات الفراغ.

ومن جانبها، أرجعت الدكتورة نسرين البغدادي مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية سابقا ،تزييف وعي المواطنين إلى عدم التحقق من مصادر المعلومات، داعية إلى ضرورة اللجوء إلى العلم والخبراء لأنه المخرج الوحيد من ذلك المأزق.

ودعت إلى ضرورة إلقاء الضوء على جهود الدولة لحل مشكلة العشوائيات، وعدم الاكتفاء بنقل صور المشروعات التي قدمتها الدولة لسكان العشوائيات مثل “حي الأسمرات” وانتقالهم إلى سكن آمن، وضرورة دراسة تبعيتهم، والتأكد من وجود أوراق ثبوتية رسمية لهم، وأنهم أصبحوا مواطنين لهم حقوق مواطنة بالدولة.

وتطرقت “البغدادي” إلى مشكلة سقوط صخرة في منطقة الدويقة عام 2009 ، مشيرة الى أنها عاصرت مأساة العشوائيات التي كانت موجودة في تلك الفترة، وتساءلت حينها عن سبل توفير الدولة لهذا الكم من المساكن الآمنة لساكنيها؟.

وأكدت أن فريق العمل في ذلك الوقت أدار هذه الأزمة بطريقة علمية، وذلك بالتعاون مع العديد من الوزارات ، مشيرة إلى أن المجلس القومي لحقوق الإنسان قرر في مؤتمر عقده حول العشوائيات عام 2013 بإنشاء صندوق للأماكن العشوائية، بهدف توفير مساكن آمنة لهؤلاء المواطنين. وطالبت بضرورة تعليم النشء الرؤية النقدية وسبل قيامه بممارسة النقد الاجتماعي، وكيفية رؤية الصورة بكافة جوانبها وتوضيح الجانب غير المرئي، مؤكدة أهمية تصحيح المفاهيم في هذا الصدد وتوضيح أن الدين هو المعاملة، وسبل التعامل مع بعضنا البعض، وتصحيح المفاهيم لدى الشباب، وأن لا يكون الخطاب من طرف واحد.

وبدوره ، أكد الكاتب الصحفي علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مصر تواجه مؤامرات متعددة الأنماط لمحاولة النيل منها ومن استقرارها وعرقلة ما يتحقق على أرضها من إنجازات غير مسبوقة على كافة الصعد والجوانب ولما تشهده من اصطفاف وطني كبير وغير مسبوق ، حول قائد مصر وجيش وشرطة مصر في مواجهة تلك التحديات.

ونبه إلى أن أعداء مصر، وفي مقدمتهم جماعة الأخوان الإرهابية التي تعد الأيدي القذرة التي يستخدمها أعداء مصر لمحاولة النيل من الوطن، لايدخرون وسعاً نحو العمل على تزييف الوعي من خلال تغيير محتوى المادة الاعلامية عبر التلاعب بالألفاظ والجمل والعبارات مستخدمين في ذلك أساليب تكنولوجية لتعرض على الجمهور المستهدف نوعاً من الأكاذيب لمحاولة خلق وعي زائف وتضليل الرأي العام بهدف إحداث بلبلة والعمل على نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار وفق هدف نهائي لهم ألا وهو هدم الدولة.

وأوضح أن من يقومون بهذا العمل الاجرامي يسعون بالتركيز على وسيلتين أساسيتين وهما منابر الإرهاب سواء في قطر أو تركيا حيث يتم استخدام عناوين تتعلق بوقائع صادقة وإدخال كم كبير من المعلومات الكاذبة عليها لمحاولة تزييف الحقائق والانجازات واستبدالها بشائعات مغلوطة وكاذبة وعرض كم من الفيديوهات الملفقة والكاذبة أو الوقائع التي حدثت منذ سنوات في دول أخرى على أنها تحدث الآن في مصر, مشيرا إلى أن هؤلاء المغرضين يعتمدون أيضا على وسائل التواصل الاجتماعي عبر كتائب جماعتهم الإرهابية التي تنشر تلك الشائعات والأكاذيب التي تهدف إلى تزييف الوعي.

وشدد على أهمية أن يكون المواطن على وعي تام بأن كل المحتوى الإعلامي سواء عبر قنوات الجماعة الإرهابية أو غيرها من الجهات المعادية إنما يستهدف نشر الأكاذيب والشائعات وحدهما وأن مبتغاه في النهاية هو الإضرار بوطننا وشعبنا وأن خطابهم في جوهره هو خطاب العدو الحقيقي الذي يوجه رسالته إلينا من منصات إعلامية معدة خصيصاً للإضرار بنا عبر نفقات باهظة ممولة من أعداء الوطن ومن ثم لاينبغي على الإطلاق الإنسياق وراء عبارة أو رواية يرددنها وتحذير كل من حولنا بأنها روايات أعداء الوطن الذين آلو على أنفسهم ألا يتحدثون إلا كذبا.

وطالب علي حسن بضرورة عدم الانسياق وراء المعلومات التي تروجها كتائب تلك الجماعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأنها موجهة أيضا لنشر الأكاذيب وزعزعة الاستقرار داخل الوطن، وينبغي أن يحرص كل فرد في مجتمعنا أن يحصل على المعلومات من مصادرها الرئيسية سواء عبر مواقع الوزارات والمؤسسات المختلفة أو عبر وسائل الاعلام الوطنية المتعددة التي تعبر بمصداقية معهودة عن مجريات الأحداث في بلدنا سواء المؤسسات القومية أو الفضائيات المصرية المتعددة أو المواقع الإخبارية الموثوق بها.

وأكد الدور الهام الذي يبنغي أن تقوم به الأسرة في المقام الأول ثم دور التعليم والمسجد والكنيسة ومراكز الشباب والثقافة في تكريس الهوية الوطنية وروح الولاء والانتماء للوطن والتحذير من مخاطر محاولات النيل منه عبر تلك الأكاذيب والشائعات التي يبثها أعداء الوطن والأديان والحياة الإنسانية.

ودعا وسائل والاعلام لمضاعفة دورها في مواجهة تلك الأكاذيب والشائعات وكشف زيفها والعناصر الإجرامية التي وراءها أولئك الذين سولت لهم أنفسهم خيانة أوطانهم وشعبهم ومن ثم لاينبغي أن يكون أي منهم محلاً لمصداقية أو لخبر موثوق في يوم من الأيام وأن تكون نظرتنا لهم دائماً هى النظرة إلى العميل العدو الخائن الفاقد لكل مصداقية.

كما دعا الكافة إلى السعي نحو المصداقية في الحصول على الأخبار، مؤكدا في هذا الصدد على أن وكالة أنباء الشرق الأوسط على الدوام هي المرجعية الرئيسية والأساسية لمختلف وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية وذلك في ضوء ما يتسم به أداؤها من الحرص الدائم على المصداقية والدقة والسرعة في بث الأنباء وتدفقها على مدار الساعة.

وقال علي حسن “إننا نتحدث اليوم عن محاولات تزييف الوعي في يوم يوافق ذكرى عزيزة غالية علينا جميعاً وهى مرور 47 عاماً على نصر أكتوبر المجيد “، موجها تحية خاصة إلى ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية الذين أعطونا درساً كبيراً في مدى وعيهم الحقيقي التام بواجبهم نحو وطنهم العزيز فهم الذين حققوا ذلك النصر وقدموا من أجله أغلى التضحيات بما في ذلك أرواحهم فكان الانتصار المؤزر واسترداد الأرض التي قامت من أجلها هذه المعركة.

كما وجه التحية لأبطالنا أبطال القوات المسلحة والشرطة الذين يواجهون الإرهاب الأسود في وقتنا الراهن بذات روح نصر أكتوبر وحققوا في مواجهته الانتصارات تلو الانتصارات ليسطروا صفحة جديدة في تاريخ الانتصارات المصرية الخالدة التي يسجلها التاريخ بأحرف من نور في مواجهة كل من تسول لهم أنفسهم النيل من وطننا الغالي.

وبدورها، أكدت دكتورة هويدا مصطفى عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، على أهمية تكاتف المؤسسات المصرية المعنية لصناعة وعي سليم لدى المواطن المصري قائم على الحقائق والمعلومات الصحيحة.

وقالت إن صناعة الوعي هو السبيل الوحيد لمواجهة تزييف الوعي، لافتة إلى أن إهمال المؤسسات المسئولة عن صناعة الوعي ترك المجال مفتوحاً أمام الجهات ووسائل الإعلام التي تستهدف سواء بشكل مقصود أو عفوي تزييف وعي المواطن المصري، الأمر الذي خلق حالات من عدم الانتماء والفكر المتطرف.

وأضافت أن الوعي السليم يمكن صناعته عبر أدوات لم يتم استخدامها بشكل جيد من قبل الجهات والمؤسسات المعنية به، مما ترك المواطن فريسة لتيارات مغرضة تتلقفه فيما بينها عبر ملء الفراغ الذي تركته المؤسسات المعنية بذلك.

وأوضحت أن المؤسسات التعليمية لها دور كبير في صناعة وعي المواطن لأنها المعنية بالتنشئة السليمة للأجيال الجديدة، كما أن وسائل الإعلام عليها دور كبير في الفترة الحالية حيث أصبحت معركة الوعي مؤخراً معركة إعلامية في المقام الأول.

وأشارت إلى تركيز الإعلام المصري في فترات سابقة على أمور هامشية وقضايا غير مهمة على الإطلاق بذريعة أن هذا ما يطلبه المشاهد أو المتلقي حيث تواجدت، على سبيل المثال، قنوات من المفترض أنها دينية تبث أفكاراً متطرفة وتنشر فتاوى أدت لانتشار العنف والتطرف وتغيير نمط التدين الوسطي المعتدل لدى المصريين.

وقالت إنه من المهم في عصر تدفق المعلومات عبر تكنولوجيا سريعة التطور أن يتم استغلال هذه التكنولوجيا على النحو الأمثل لنشر المعلومة الصحيحة ومواجهة سيل المعلومات الخاطئة والشائعات التي يتم نشرها عمداً من جهات معادية تستهدف ضرب مصر عبر تزييف وعي مواطنيها ومن ثم إفقادهم الانتماء وغريزة الدفاع عن الوطن.

ولفتت في هذا السياق إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن يوماً وسيلة إعلامية أو مصدراً موثوقاً للمعلومات، مؤكدة أن التحقق من مصدر المعلومة والرجوع للمصادر الرسمية والموثوقة هو أمر حتمي يجب على المواطن والقائمين على الإعلام القيام به قبل تصديق المعلومة ونشرها والتعامل على أساسها.

وشددت على أن التربية الإعلامية ومتابعة الأسرة لما يشاهده الطفل سواء عبر وسائل الإعلام أو شبكة الإنترنت هو أمر مهم من أجل صناعة وعي سليم لدى النشء وخلق أجيال جديدة قادرة على التمييز بين المعلومة الصحيحة والمزيفة وبين الحقيقة والشائعة.

وأكدت أن المؤسسات المصرية لديها القدرة الكاملة على صناعة الوعي، لافتة إلى عدد من الأمور التي شهدتها مصر خلال الفترة القصيرة الماضية والتي أكدت ذلك، في مقدمتها التناغم بين أداء مختلف المؤسسات المصرية في التعامل مع أزمة جائحة “كورونا المستجد” والتي أدت لالتفاف جميع المصريين حول حكومتهم وثقتهم في إدارتها للملف والسعي لتنفيذ تعليماتها للتغلب على هذه الأزمة الصعبة.

وأشارت في هذا السياق إلى الدور الحيوي للثقافة بروافدها المختلفة في صناعة الوعي، لافتة إلى زيادة التفاف الشباب المصري حول قواتهم المسلحة بعد تقديم عملين فنيين عن نماذج يفتقدها الشباب ولا يعلمون عنها شيئاً، وهما فيلم “الممر” عن بسالة الجندي المصري في حرب الاستنزاف، ومسلسل “الاختيار” عن تضحيات أبطال القوات المسلحة في مواجهة الإرهاب وقوى الشر التي تدعمه.

وشددت على أن “مصر الجديدة” لديها من الإيجابيات والإنجازات ما يمكن التسويق له بشكل يساهم في خلق وعي سليم لدى المواطن بما يتحقق على الأرض في وطنه، لافتة في هذا السياق إلى أهمية دور الإعلام في التسويق ليس فقط للإيجابيات والإنجازات بل أيضاً التسويق للقرار السياسي الذي يستهدف بكل تأكيد رفعة الوطن وصالح المواطن.

ومن ناحيته ، قال العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب ” إننا نتعاطى مع أخطر القضايا التي تتعرض لها الدولة المصرية والمواطن والرأي العام المصري وهى قضية محاولات تزييف الوعي “، مشيرا إلى أهمية تزامن عقد تلك الندوة مع ذكرى انتصارات السادس من أكتوبر 1973 باعتبار أن جانبا مهما من هذا الانتصار العظيم يرجع لتنامي الوعي الوطني الكبير لدى الشعب المصري.

وأشار إلى أن كل من عاصر مشاهد الفترة ما بعد هزيمة يونيو 1967 أدرك أنه كان هناك وعي شعبي، وقدر عال من الوطنية لدى الشعب المصري جعلته يتواجد في الشارع على قلب رجل واحد منذ يوم 9 يونيو ليصيغ معادلة أمن وطني حقيقية نابعة من وعيه الناضج ووطنيته ومخزونه الثقافي والحضاري الهائل.

ولفت إلى أن الشعب المصري أدرك آنذاك أن الحرب ليست فقط في ميدان المعركة وليست فقط جيش في مواجهة جيش وأن الأمر لم يكن عسكريا فقط بل كان هناك استهداف لمشروع الدولة المصرية التي كانت تقوم به منذ ثورة 23 يوليو 1952، ولذلك أزهل المصريون الأعداء الذين ظنوا أن هزيمة عسكرية من الممكن أن تطيح بالنظام أنذاك وبهذا المشروع، إلا أن ذلك لم يحدث، وجمعت كلمة “هنحارب” كل المصريين، وكان قرارا عفويا ناضجا حضاريا صادرا عن الوعي.

وأضاف أن الفصول كثيرة التي أوصلتنا لنصر أكتوبر العظيم ولكن مفهوم الوعي كان حاضرا في كل هذه المشاهد، مشيرا إلى أن إدارة معركة أكتوبر 1973 كانت على قدر عال من الكفاءة مع ثبات الوعي الوطني، مشددا على أنه في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة مع استرداد الارض وتحرير الإرادة نجد الارتباط وثيقا بهذه الذكرى ونحن نتحدث عن تزييف الوعي.

وحذر”عكاشة” من أن ما نتعرض له حاليا هو حرب حقيقية، مشيرا إلى حجم شراسة الهجوم على الدولة وعلى وعي المواطن المصري بالأدوات والآليات المختلفة، فضلا عن حجم الانفاق بمليارات الدولارات بجانب قنوات وجيوش من الكتائب الالكترونية على مدار الساعة، إلى جانب ست أو سبع قنوات فضائية تعمل من أجل ذلك لتشويه وضرب إرادة المصريين وبث قدر واسع جدا من الشائعات والأكاذيب وقلب الحقائق ومحاولة تحطيم الروح المعنوية للشعب المصري بإثارة أكبر قدر ممكن من الاختلافات والاحتقانات على الصعيد الداخلي .

وأشار إلى أن الهجوم الذي يتعرض له الوعي المصري بدأ منذ عام 2011 وتنامى بصورة غير مسبوقة بعد ثورة 30 يونيو 2013 وصارت الوجوه مكشوفة ، وحرب برصاص الإرهاب في سيناء والقاهرة وكل محافظات مصر، إلى جانب حرب على الشاشات والسوشيال ميديا، وبكل ما يمكن الوصول به إلى عقل وقلوب ووجدان الشعب المصري كانوا يسلكونه بمنتهى الشراسة التي نتعرض لها حتى هذه اللحظة .

ونبه”عكاشة” إلى أننا في حرب حقيقية تستخدم أساليب كثيرة أولها حجم الانفاق على هذه المنظومات وان الأهداف تكاد تكون واضحة وتتمثل في إرباك وإشغال الدولة المصرية عن مجابهة التحديات الحقيقية في الداخل والخارج ونقلها لمساحة من الجدل وعشوائية التفكير والتناحر والإنقسام، لاشغالها عن مجابهة تحدياتها الحقيقية وهي النمو والتطور والبناء ومشروع الدولة الوطنية والتحديث الذي يجري على أرض مصر هذا التحدي العملاق الذي تعمل عليه كافة مؤسسات الدولة منذ عام 2013 .
وحذر “عكاشة” من أن مصر في أخطر وأدق المراحل التي يمر بها الاقليم ، حيث يمر بمعادلات معقدة للغاية ، مشيرا إلى أن كل محاور مصر الاستراتيجية الأربعة تواجه جميعا تحديات كثيرة وهذا لم تمر به الدولة المصرية ربما في تاريخها، حيث لم تتعرض مصر لهذا الكم من التهديدات والانكشاف الكبير لمعادلة الأمن الاقليمي، ومصر اليوم في القلب منه.
وقال إننا نجد أيضا هذا المحور المعادي لمصر حاضرا في كل هذه المعادلات فهو عدو واضح وصريح لمشروع الدولة المصرية، كونه يحاول إرباك الدولة والرأي العام ويصيبنا بالتشكك ويضربنا بالجدل الفارغ وغيره، وهذا المحور يحاربنا بحرفية وشراسة ويحاول الإلهاء بكل ما أوتي من قوة” .

وأكد أن مصر مع كل هذه التحديات التي تواجهها حققت اليوم في 2020 نجاحات عديدة وبارزة على مستوى الاقليم، مشيرا إلى منتدى غاز شرق المتوسط، وقضايا ليبيا والسودان وأمن البحر الأحمر ، حيث أن الدولة المصرية حققت في تلك الملفات انجازات متقدمة للغاية باعتراف المجتمع الدولي،منبها إلى أن مصر مستهدفة في الداخل في محاولة لسحب كل قدرات الدولة وعدم القيام بدورها المحوري.

ولفت إلى أن العديد من الدول تعول على مصر لأنها تمثل جزيرة استقرار في وسط هذا الاقليم المضطرب ، مشيرا إلى أن دولا مثل أرمينيا واذربيجان في أقصى آسيا الوسطى يناشدان الرئيس عبد الفتاح السيسي للتدخل والوساطة لتهدئة الصراع الدائر بينهما ونقل الأمر إلى مائدة التفاوض وأن تلعب مصر دور الوسيط، مؤكدا أن هذا لم يأت من من فراغ بل لأن مصر حققت انجازات حقيقية ولديها قدرات سياسية وعلاقات دبلوماسية ودولية ومكانة حقيقية .

وقال “عكاشة” إن أبرز هجوم يوجه للدولة المصرية طوال الوقت وقبل أي حديث من قبل القنوات المسمومة المعادية لمصر ، هو التشكيك في مكانتها على المستويين الإقليمي والدولي ، مؤكدا أن كل أطراف الإقليم والمجتمع الدولي تعطي النظام المصري حق قدره ويرونه نظاما سياسيا يحمل مشروعا وطنيا حقيقيا ويعتمد عليه كأحد ركائز الأمن الاقليمي.

ونبه إلى أن هذا المحور المعادي لمصر يريد إذكاء روح الاحتقان والتنافر المجتمعي طول الوقت حتى يدفع مجمل معادلة السلم والأمن المجتمعي إلى مناطق الخطر، مضيفا “أننا لن نستطيع أن نفعل أي شيء على مستوى الإقليم أو نذهب بالدولة المصرية إلى مشروع وطني نهضوي حضاري لو لم تكن هناك جبهة داخلية قوية صلبة متماسكة”.

وشدد على ضرورة استخلاص الدروس من انتصار اكتوبر ومن مناسباتنا الوطنية وأن نضعها أمام أجيالنا الجديدة مثلما أخذتنا الأجيال السابقة إلى انتصار يشرفنا بعد 47 عاما وهامتنا مرفوعة ، فعلينا أن نأخذ الأجيال إلى تحقيق انتصار وطني في معركة البناء والتحقق والتواجد وتحقيق السلم والأمن في الاقليم الذي يحتاج لمصر التي تواجه حربا تريد أن تشغلها عن تحقيق هذا الانتصار.

ومن جانبه ، قال الدكتور مصطفى مرتضى عميد كلية الآداب جامعة عين شمس إن هناك مستويات للوعي وأنماطا مختلفة له، وهو ليس مفهوما مجردا، لافتا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يواجه تحديات ضخمة في سبيل تنفيذ المشروع القومي المصري الذى يهدف إلى تعزيز كافة جوانب التنمية .

وأضاف أن التراث العربي القديم ملئ بالانتصارات وكذلك الانكسارات وهو ملئ أيضا بالعديد من التناقضات مثلما يحدث في عالمنا اليوم، حيث يقع الشباب في صراع بين التراث القديم وبين مفهوم المعاصرة.

وتابع”مرتضى” قائلا:” من الضروري أن نهتم بالأطفال والنشء ، وأن هناك نزاعا بين التراث وبين الانبهار التكنولوجي الحادث الآن، والإنسان الآن يقع في نزاع بين القديم والحديث، ولابد من الوقوف أمام العديد من المفاهيم الموروثة وإعادة شرحها وتفسيرها”.

وأشار إلى أن بعض الشباب إذا وجهنا لهم سؤالا عن فكرة الولاء ستكون الإجابة الموبيل والتكنولوجيا، وأنه لابد من التعامل مع مستويات الوعي المتفاوتة بين أفراد المجتمع، وأنه لابد أيضا من وجود بحوث ميدانية حقيقية لمعرفة كيف يفكر الشباب، وما هو الوطن بالنسبة لهم بشكل واقعي.

ولفت إلى أنه في أوقات سابقة كانت الأسرة تهتم بالقراءة واقتناء الكتب وكان هناك حرص على قراءة الصحف اليومية، أما الآن فكل العقول متاحة، وأصبح من السهل أن يوضع فيها أي أفكار.

ونبه إلى أن الخونة يتواجدون في كل مكان، وأن هناك تنمية واضحة تعيشها مصر الآن وهو ما يتطلب معه بناء وعي كامل للمواطن المصري، وكيف نعيد صياغة المفاهيم الخطأ التي انتشرت مؤخرا، مؤكدا على أن الرد على الأفكار والقنوات المعادية للدولة لابد أن تكون من خلال أشخاص مؤهلين ولديهم الوعي والخبرة للرد على أي محاولات للتزييف.

وشدد على ضرورة إعادة صياغة عقول الشباب في الوقت الراهن وبناء الوعي المجتمعي إلى جانب إعادة الدور للأسرة المصرية في التربية وتثقيف أبنائها وهو ما يعود بالنفع لكل المجتمع.

ونبه هؤلاء إلى أن أعداء الوطن لايدخرون وسعا نحو العمل على تزييف الوعي من خلال تغيير محتوى المادة الاعلامية عبر التلاعب بالألفاظ والجمل والعبارات مستخدمين في ذلك أساليب تكنولوجية لتعرض على الجمهور المستهدف نوعا من الأكاذيب لمحاولة خلق وعي زائف وتضليل الرأي العام بهدف إحداث بلبلة والعمل على نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار وفق هدف نهائي لهم ألا وهو هدم الدولة المصرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *