أخبار مصر

مصر تحتفل بيوم التراث العالمي بعرض المومياوات الملكية وإدراج المتحف المصري على القائمة المؤقتة لليونسكو

تشارك مصر دول العالم، يوم الأحد المقبل، الاحتفال باليوم العالمي للتراث، الذي يوافق 18 أبريل من كل عام، وسط نجاح باهر حققته بتنظيم موكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير لعرضها بمقرها الدائم داخل المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط والذي حاز على إعجاب العالم أجمع.

 

وأعلنت وزارة السياحة والآثار – في بيان اليوم السبت – أنه بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتراث سيتم فتح قاعة المومياوات الملكية (بمسطح 2810 أمتار مربعة) بمتحف الحضارة للجمهور يوم 18 أبريل لمشاهدة مومياوات ملوك وملكات مصر الـ22 في سيناريو عرض جديد مبهر.

 

كما يأتي الاحتفال المصري باليوم العالمي للتراث هذا العام مع إدراج اللجنة الدائمة المصرية بمنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) المتحف المصري بالتحرير على القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي، والذي قامت الوزارة برفع الملف التمهيدي الخاص به في شهر فبراير الماضي، طبقاً للمعاييرالمقررة لتسجيل مواقع التراث العالمي.

 

وعن تلك الخطوة المهمة، أكد محمد بدري باحث دكتوراة في إدارة وتسويق المواقع التراثية والسياحة الثقافية المستدامة -لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن يوم التراث العالمي خصصه المجلس الدولي للمعالم الأثرية والمواقع «الإيكوموس» يوماً للاحتفال بالتراث الإنساني، وهو 18 أبريل من كل عام، بهدف حماية التراث الإنساني من الإندثار، وتعزيز الوعي العام بأهمية التراث الثقافي الإنساني، ومضاعفة الجهود اللازمة لحماية التراث الطبيعي و الثقافي و أيضاً المادي و المعنوي والحفاظ عليه.

 

وقال إن إدراج اللجنة الدائمة المصرية باليونسكو لملف المتحف المصري بالقاهرة على القائمة المؤقتة لمواقع التراث العالمي المصرية يأتي كخطوة أولية لتسجيله رسميا على مواقع التراث العالمي، مشيرا إلى أن هناك ٣٤ موقعاً مصرياً مدرج على تلك القائمة المؤقتة بداية من عام ١٩٩٤.

 

وأضاف أن هناك ٧ مواقع أثرية مصرية على قائمة التراث العالمي منذ عام ١٩٧٩، هي كنيسة أبو مينا بالإسكندرية، طيبة «الأقصر»، القاهرة التاريخية، آثار النوبة (من فيلة إلى أبو سمبل) ، جبانة منف (من أبو رواش إلى دهشور)، وتمت إضافة دير سانت كاترين عام 2002 إلى القائمة، ووادي الحيطان بالفيوم كموقع تراث طبيعي عام 2005 ، موضحا أن منطقة دير أبومينا ببرج العرب بالإسكندرية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر وتقوم الدولة حالياً على درء مصادر الخطر والحفاظ على الممتلك الثقافي.

 

وأكد بدري أن تسجيل المواقع على قائمة التراث العالمي يحولها من تراث قومي لتراث عالمي إنساني ويفتح الدعوة للدول الشريكة المهتمة بتلك المواقع إلى مساعدتها وإمدادها بالإمكانيات والتمويل للحفاظ على هذا النوع من التراث الإنساني إلى جانب عقد شراكات تدريب وتبادل علمي ومشروعات مشتركة مما يعزز نشر الأهمية الثقافية الإستثنائية لتلك المواقع التراثية.

 

وأوضح أن إدراج المتحف فقط على القائمة المؤقتة لن يكون له المردود العملي و التفاعلي كما هو في حال تسجيله رسمياً على قائمة التراث العالمي، والتي بدورها تؤكد أن المتحف لم ينتهي دوره فتحوله لموقع تراث عالمي سيساعد على الحفاظ على توازن صورته التسويقية في سوق السياحة الثقافية العالمية خاصة بعد نقل مجموعة توت عنخ آمون للمتحف المصري الكبير، والمومياوات الملكية للمتحف القومي للحضارة المصرية و اللذان كانا يعتبرا قيم تسعيرية مضافة لجذب العديد من الزوار و خاصة على مدى العقدين الماضيين.

 

وأضاف أن الإعلان عن كون المتحف المصري بالقاهرة تراث عالمي سيمنحه ثقل في أسواق السياحة الثقافية العالمية، بجانب قيمته الجذابة في أرجاء سوق السياحة الثقافية، لزيارته ومشاهدته، وخاصة بعد إتمام مشروعات التطوير المستقبلية التي تقوم بها حاليا وزارة السياحة والآثار والتعرف على سيناريو العرض الجديد مما يحافظ على مكانته العريقة على مدى ١١٩ عاما.

 

وأكد أن المتحف المصري بالتحرير محقق بقوة المعيارين الرابع والسادس لتسجيل مواقع التراث العالمي، فالمتحف يعد نموذجا استثنائيا لأحد أساليب المدارس المعمارية و يوضح مرحلة مهمة من التاريخ البشري، خاصة وأنه يعد من أوائل المباني التي تم إنشاؤها لتكن متحفاً لعرض الآثار المصرية في العالم و خاصة بين دول الشرق الأوسط، عكس ما كان متداولا في تلك الفترة حيث تحويل القصور لتكون متحفاً، كما أنه يرتبط بشكل معنوى كمساحة للتراث الحي بأحداث وعادات وأفكار و فنون ذات قيمة استثنائية عالمية حيث يمتلك مجموعة من البراهين الأثرية التي تكشف عن عادات وتقاليد لقدماء المصريين، إلى جانب دوره في رفع التوعية بالحضارة المصرية القديمة من خلال مشاركته في العديد من المعارض الخارجية.

 

وعن الخطوات المستقبلية لتسجيل المتحف المصري رسمياً كموقع تراث عالمي، طبقا للتشريعات الدولية للحفاظ على التراث، قال إن الجهات المسئولة في الدولة يجب أن تقوم على إكمال ملف التسجيل بما يتضمنه من وضع خطة إدارة وتسويق، والذي يسهم بدوره في رفع الوعي المحلي والعالمي تجاه مظاهر الحضارة المصرية المادية والمعنوية والحفاظ عليهما للأجيال المستقبلية، وبعد ذلك يتم عرض ملف التسجيل للمراجعة والتقييم من قبل مجلس “الإيكوموس” ووضع ملاحظاته، وعقب ذلك يعرض الملف على لجنة التراث العالمي باليونسكو والتي تعقد في شهر يوليو من كل عام لمناقشته بشكل نهائي، وفي حالة الموافقة، يتم التسجيل والإدراج ضمن القائمة الرسمية للدولة على مواقع التراث العالمي باليونسكو.

 

ويعد المتحف المصري بالتحرير من أهم المتاحف الأثرية في العالم، والذي ترجع أهميته لكونه أول متحف صمم ونفذ منذ البداية لكي يؤدي وظيفة المتحف، عكس ما كان شائعا في أوروبا من تحويل قصور وبيوت الأمراء والملوك إلى متاحف، بالإضافة إلى ما يضمه من مجموعات أثرية مهمة تعتبر بمثابة ثروة هائلة من التراث المصري لا مثيل لها في العالم.

 

ويرجع تاريخ إنشاء المتحف المصري بمصر مع الاهتمام العالمي الكبير الذي حظت به الأثار المصرية القديمة بعد فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي شامبليون عام 1822 فكانت النواة الأولى لإنشاء متحف ببيت صغير عند بركة الأزبكية القديمة وسط القاهرة، حيث أمر محمد علي باشا عام 1835 بتسجيل الآثار المصرية، ونقل القطع الأثرية المكتشفة له وسمي بمتحف الأزبكية وأشرف عليه رفاعة الطهطاوي.

 

ثم تم اختيار منطقة بولاق لإنشاء متحف للآثار المصرية ونقل إليها الآثار التي عثر عليها أثناء بعض الحفائر وفي عام 1863م أقر الخديوي إسماعيل مشروع إنشاء متحف للآثار المصرية، ولكن لم ينفذ المشروع، وفي عام1897، وضع الخديوي عباس حلمي الثاني حجر الأساس للمتحف المصري بميدان التحرير وسط مدينة القاهرة الخديوية، وعام 1902 اكتمل بناء متحف الآثار المصرية ونقلت إليه الآثار المصرية القديمة من سراي الجيزة، وتم اختيار تصميم المتحف من ضمن 73 تقدموا للمسابقة وفاز تصميم المهندس الفرنسي مارسيل دورنون والذي شيده على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية، مع الحفاظ على طابع عمارة المصري القديم فالواجهة على الطراز الفرنسي تزينها لوحات رخامية لأهم وأشهر علماء الآثار و التي تميل بدرجة غير ملحوظة تحقق شكل صروح المعابد المصرية ومزينة بتمثالي الإلهة إيزيس وهي تلبس العباءة اليونانية الرومانية ورأس الإلهة حتحور والتصميم الداخلي حيث الأعمدة و ما بينها من أقواس فهو مستوحى من التصميم البازيليكي للكنائيس والأديرة القبطية المصرية أما عن القبة فهي رمز للحضارة الإسلامية.

 

ويتكون المتحف المصري بالقاهرة من طابقين ويعرض مقنياته طبقاً للخط الزمني للحضارة المصرية القديمة فقد خصص الطابق الأرضي منهما للمنحوتات مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية؛ أما الطابق العلوي فقد خصص للمخطوطات وتماثيل الأرباب والمومياوات الملكية وآثار الحياة اليومية و وأواني العصر اليوناني الروماني وآثار خاصة بمعتقدات الحياة في العالم الأخر، وكذلك المجموعات الكاملة مثل مجموعة توت عنخ آمون، ويضم المتحف عددا هائلا من الآثار المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ ختاماً بالآثار اليونانية والرومانية.

 

ويوجد في الجانب الأيسر من حديقة المتحف ضريح عالم الأثار أوجست ماريت بناء على وصية منه وحول الضريح توجد تماثيل نصفية لعلماء آثار مصريين مثل أحمد باشا كمال و ماسبيرو وغيرهم، ويوجد في وسط الحديقة نافورة تحمل نباتي البردي واللوتس، اللذان يمثلان رمز مصر السفلى والعليا على الترتيب، إلى جانب مسلات ترجع لعصر الأسرة التاسعة عشر للملك رمسيس الثاني.

 

وتنفذ وزارة السياحة والآثار مشروعا لتطوير المتحف المصري بالتحرير بمنحة تبلغ 3.1 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي حسب المعايير الدولية، ويشارك فيه قيادات الوزارة وأساتذة الآثار بالجامعات المصرية، و تحالف المتاحف الأوروبية (المتحف المصري بتورينو، واللوفر، والمتحف البريطاني، والمتحف المصري ببرلين، والمتحف الوطني للآثار بهولندا، والمكتب الاتحادي للبناء والتخطيط الإقليمي، والمعهد الفرنسي لعلوم الآثار، والمعهد المركزي للآثار).

 

ويتضمن مشروع التطوير خطة قصيرة المدى وأخرى طويلة الأجل لمدة 7 سنوات، لرفع كفاءة ومستوى المتحف، و سعياً وراء تسجيله على قائمة التراث العالمي و الرغبة في تشكيل هوية دائمة للمتحف المصري عقب إخلائه من مجموعتي (توت عنخ آمون) و(المومياوات الملكية) ،كما تم تشكيل لجنة علمية تضم نخبة من أساتذة الآثار بالجامعات المصرية في مقدمتهم الدكتور محمد صالح مدير عام المتحف المصري الأسبق، ومديرو المتاحف الأوروبية الكبري ( البريطاني، اللوفر، برلين، تورين وليدن) بالاشتراك مع العاملين بالمتحف لدراسة تطوير العرض والحفاظ على سيناريو العرض الذي يعتمد على تتابع التاريخ المصري القديم، ولكن بطريقة جديدة متطورة تعتمد أيضا على استخدام التكنولوجيا الحديثة.

 

كما يتضمن التطوير إعداد بطاقات شرح علمية جديدة ولوحات إيضاحية توضح أماكن الكشف للقطع المعروضة، وتطوير حديقة المتحف وإعداد سيناريو عرض جديد للآثار المعروضة في الحديقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *