أخبار مصر

جولة لـ«الشروق» في مطروح وشمال سيناء والوادي الجديد.. سر تميز فرحة العيد في المحافظات الحدودية

تتميز طقوس وعادات احتفال المصريين بالعيد على حدود الدولة عن المحافظات الداخلية، حيث يحرص الأهالي في تلك المحافظات على التمسك بالعادات والتقاليد المرتبطة بعيد الفطر جيل بعد جيل، فهناك من يبدأ الاستعداد للعيد في العشر الأواخر من شهر رمضان، والآخر يبدأ طقوسه الاحتفالية عقب صلاة الظهر في آخر يوم من أيام رمضان، والثالث يحتفل مع انتهاء صلاة العيد.

وترصد “الشروق” خلال جولة بين قبائل شمال سيناء، وسكان الوادي الجديد، وواحات مطروح، سبب تمييز العيد في المحافظات الحدودية عن نظيرتها الداخلية بدء من استقباله حتى رحيله

*شمال سيناء
تحرص العائلات في شمال سيناء على استمرار إحياء عادات والتقاليد الباعثة للبهجة بين سكان البادية والمدن.

ويقول “عيد أبو حسين” من الشيخ زويد: يبدأ المواطنون بعد انتهاء صلاة العيد ممارسة عاداتهم في زيارة القبور للترحم على الأموات، بينما يصطحب المواطنون الأقارب والأبناء لزيارة الأرحام وإعطاء “العيدية” للأطفال وكذلك للسيدات، خاصة وإن كانت السيدة متزوجة لدى عائلة أخرى، وذلك كنوع من تقديرها معنويًا أمام عائلة زوجها.

ويستقر الأهالي بعد هذه الرحلة في الدواوين العائلية التي تشعل فيها النيران مبكرًا، ويتم تحضير الشاي والقهوة، مع وضع كعك العيد والحلوى في منتصف الديوان استعدادًا لاستقبال المهنئين.

وفي العريش يحرص أبناء المدينة على تناول الفسيخ سواء بطريقة القلي أو التناول المباشر بعد التنظيف مع أبنائهم، كما تتنافس العائلات في صنع الفسيخ بالمنزل قبل حلول موعد العيد، حيث يتم شراء الأسماك خاصة البوري وتمليحه ثم تخزينه سواء بالدفن تحت الأرض ملفوفا في أغلفة ورقية وإخراجه صباح يوم العيد، وتنظيفه وآخرين يعدونه بالتخزين في أوانٍ بلاستيكية.

كما يصنع بجانب الفسيخ “المش”، وهو عبارة عن اللبن الرايب الذي يضاف إليه الملح وقطع الفلفل السيناوي الحار، وغالبًا لا يقبل أبناء البادية على تناول الفسيخ صبيحة عيد الفطر، ويرتكز هذا الموروث لدي العائلات الحضرية.

ويقول “سلامة عبيد” من الشيخ زويد: “نظرًا لمرور شمال سيناء بظروف استثنائية منذ عام 2013 بسبب الحرب على الإرهاب وحظر التجوال المفروض ليلا حتى الصباح، وانتقال العديد من سكان القرى إلى مواقع بديلة، تقطعت الصلات الاجتماعية، وتأثرت بشكل كبير، فعناء الانتقال لتقديم التهنئة يمنعهم من التواصل سوى الهاتفي، ولكن كل من انتقل من قريته حرص على السكن المتجاور في المكان الجديد، وعمل مقعد يتم فيه التواصل الاجتماعي في المناسبات والأعياد والجلوس اليومي ليلًا، ويحرص أبناء البادية على ارتداء ملابسهم التقليدية الجديدة معبرين عن ابتهاجهم بالعيد”.

ويقول ” محمود سالم” من سكان العريش: “على المستوى النسائي تصنع السيدات كعك العيد في المنازل، على هيئة جماعات من السيدات وكل تتباهي بصناعة يديها وتقديم أطباق الكعك كهدايا للجيران و الأقارب، وتعتبر زيارة القبور موروثا للسيدات خاصة كبيرات السن للترحم على الأموات ممن يخصوهن، وتقديم الحلوى كرحمات على الأطفال، ومنهن من يصطحبن أبنائهن أو أبناء آخرين ممن يحفظون القرآن لقراءة البعض منه عند زيارة القبور”.

ورغم حرص الآباء على مواصلة العادات المتوارثة الا ان الاجيال الجديدة الشابة، يمارسون الاحتفال بطريقتهم، سواء بالخروج إلى شاطئ البحر أو المتنزهات، كما يتشارك الشبان في شوي الدجاج على الفحم أو صناعة الأكلة الشعبية ” اللبة” التي يتم صناعتها بالدقيق الذي يعجن وينفذ على هيئة قرص دائري يدفن تحت جمر النار، حتى ينضج، ليتم تقطيعه إلى قطع صغيره وتعجن مع ” العجر” وهو عبارة عن البطيخ غير الناضج الذي يتم شويه في النار، وإضافة الطماطم، والفلفل الحار، وزيت الزيتون ويقدم في إناء واحد كبير.

و في جنوب الشيخ زويد يحرص أبناء الطريقة العلوية الأحمدية الصوفية، على التوافد عند صلاة العيد بالملابس التقليدية والاستمرار في الزاوية في قرية الجورة طوال فترات النهار، لتبادل التهنئة وتناول الطعام جماعيًا بصحبة الأطفال، وعلى نفس النهج يمارس أبناء الطرق الصوفية تلك العادات عند الطريقة الجريرية في العريش وبئر العبد.

من جانبه يشير”سلامة محمود”، إلى حرص ولي الأمر قبل حلول العيد إلى اصطحاب أبنائه إلى أقرب سوق مثل سوق الثلاثاء الشعبي بالشيخ زويد أو سوق الخميس بالعريش، وشراء مستلزمات العيد خاصة الحلوى والمشروبات والشاي والسكر والملابس، ولعب للأطفال؛ لبث البهجة في النفوس وشراء الملابس التقليدية من جلبابات وأغطية الرأس والصنادل الجديدة من المحال المخصصة لهذا المجال، وبعضهم يفضل التفصيل المسبق لدى الترزي المختص.

*الوادى الجديد

لاتزال فرحة العيد في محافظة الوادي الجديد مقرونة بالعادات والتقاليد القديمة، وخاصة في المأكولات والمشروبات التي تجهز وتقدم فى العيد، علاوة على بعض العادات والتقاليد التي لم تتأثر بمرور السنين، وتغيير التركيبة السكانية والفكرية.

وفي المحافظة الصحراوية يوجد 5 مراكز إدارية عرفت قديماً بخمس واحات الخارجة والداخلة والفرافرة وبلاط وباريس، وحينما تحل العشر الأواخر من الشهر الكريم تحرص أسر الواحة على تصنيع الكعك والبسكويت والمخبوزات المختلفة استعداداً للعيد، حيث لازالت الأسر تحرص على التصنيع المنزلي لمخبوزات العيد، بالإضافة إلى تصنيع العيش الشمسي والمعروف بخبيز العيد، حيث يتم تقديم تلك المخبوزات في أول أيام العيد.

ويحرص الأبناء في المحافظة على العودة إلى الجذور وقضاء أول يوم العيد في بيت العائلة، وذلك لأنها عادة يتمسك بها جميع الأهالي في مراكز المحافظة، وفي أول يوم العيد تنفرد كل واحة بطهي أكلات اعتاد عليها الأهالي منذ سنوات فأصبحت قاموساً ثابتاً فى العيد.

ويقول إبراهيم إسماعيل، من مركز الخارجة، إن عادات وتقاليد أهالي الواحات فى الأعياد والمناسبات اختلف شكلها الآن عن ذي قبل، أما جوهرها لازال موجود بين الأسر وخاصة فى المأكولات والمشروبات، ففى عيد الفطر يحرص أهالي الخارجة على طهي الممبار، وتجهيزه قبل العيد والإقبال على شراءه بكثافة وحشوه بالأرز والكبدة وتجهيزه ليوم العيد، بجانب تناول الفسيخ فى الغداء.

وأضاف أنه كان قديماً يتم إخراج الطبلية خارج المنزل ووضع المأكولات المختلفة وجميع الأهالي يحرصون على الاجتماع وتناول إفطار العيد، وهى عادة لازال يتمسك بها البعض في الخارجة، إلا أن فيروس كورونا وضرورة التباعد والحفاظ على الصحة العامة أمور ضرورية أخفقت من فرحة العيد.

ويضيف أحمد عماد، من مركز الخارجة، أنه لايزال يهتم المواطنون بالمحافظة بطقوس أول يوم العيد وتجهيز الإفطار العائلي الذي يجمع أغلب أفراد العائلة وسط تبادل المأكولات، ويحرص أهالي المحافظة بالمدن والمراكز على زيارة الأهل والأقارب خلال أيام العيد، وذلك في ظل الترابط وصلة الأرحام، وتقارب الأحياء والمنازل، بالإضافة إلى تبادل الأهالي بالأحياء الزيارات، وتنظيم الرحلات الجماعية إلى القرى والمناطق السياحية

ويقول محمد علي، من مركز الداخلة، إن العيد فى موط عاصمة الداخلة لايختلف على القرى فالأهالي يحرصون على تناول المحشي، وخاصة ورق العنب بجانب الفتة واللحوم المحمرة في ـول أيام العيد.

ويضيف سيد أمين من مركز الفرافرة، أن أهالي الفرافرة يحرصون على تناول منين البلح وهو عبارة عن بسكيت محشو بالبلح فى اول ايام العيد مع المشروبات المختلفة، ومجتمع الفرافرة يعد نموذج شامل ويضم اسر من محافظات مختلفة وكل أسرة تحرص على طهى المأكولات والمشروبات المختلفة ويتسابق الأهالي في تقديم المأكولات والمشروبات كهدايا في أول يوم العيد.

وفى مقابل حرص الجميع على الاحتفال بالعيد الذى يعد مصدراً للبهجة والفرحة، إلا ـنه يوجد بعض المهن والوظائف والعمالة داخل أي مجتمع محرومة من إجازة العيد، والتى تتطلب ضرورة تواجد أفرادها خلال أيام العيد في ظل عدم قدرة المجتمع الاستغناء عنهم، وعن أعمالهم وخلال الفترة الحالية على رأسهم الأطقم الطبية والتمريض ورجال الإسعاف، في ظل وجود عدد كبير من المرضى بأقسام العزل جراء الإصابة بفيروس كورونا.

*عيد الفطر في مطروح ما بين وردة البادية و ورحلات المدينة وحلقات الذكر في واحة سيوة
*مرسى مطروح
بعد ساعتين تقريبا من صلاة الظهر في آخر يوم من شهر رمضان، يبدأ أبناء القبائل في مطروح، مغادرة الاسواق والمدن متجهين إلى البادية الملاصقة للقرى والنجوع، حيث تبدأ الاستعدادات للطقوس الاحتفالية بأول أيام عيد الفطر، في حضرة جميع أفراد القبيلة من أسر وعائلات، فيما يزحف الهدوء علي شوارع المدينة،حتي يسود كافة الاحياء طوال أيام العيد.

الباحث التراثي إبراهيم الزواج، يقول إن حرص أبناء القبائل من البدو علي الالتفاف حول قيادتهم الطبيعية وآبائهم وأجدادهم في النجع الخاص بكل قبيلة، والمشاركة في إفطار اخر يوم صيام من شهر رمضان، وصلاة العيد جماعة مع الأهل والأقارب، يعد من أبرز وأهم المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر.

فيما يحرص شباب البادية بعد صلاة العيد وتناول وجبة الإفطار للخروج في رحلات جماعية إليه وديان الصحراء فما يعرف ب” الزردة” ويعدون الطبخات البدوية الشهيرة مثل الأرز الأحمر واللحم الضأن، أو المكرونة الجارية، واللحم البقري أو الديوك، مع العيش بالبن والمعروف باسم ” المقطع” لتستمر الزردة حتى بعد صلاة المغرب ثم يعودون إلى ديارهم ليكملوا مع باقي أفراد عائلاتهم.

أما الكبار من رجال الأسر والعائلات، فينتهزون فترة التجمع والتلاقي خلال أيام العيد، للتحاور والتشاور في المصالح والقضايا التي تخص أفراد القبيلة بوجه عام، وحل وفض المنازعات وعقد جلسات الصلح،بين المتخاصمين داخل صالونات الاجتماعات المعروفة باسم ” المربوعة”.

وعلى الجانب الاخر تبدأ المداولات في زواج الشباب من الفتيات من خلال التربيطات الأولية للأمهات في مربوعة السيدات، وتستمر حفلات ولائم الطعام سواء علي وجبات الغذاء، أو العشاء بين أفراد القبيلة ،مع رحلات الزردة واجتماعات المرابيع طوال أيام أجازة العيد.

أما عن المدينة والتي تخلوا تقريبا من ثلثي سكانها ،بسبب مغادرة أبناء القبائل ،أو بسبب حرص الكثيرين من أبناء وادي النيل، على قضاء عطلة العيد في محافظتهم الأصلية سواء في الدلتا أو الصعيد، ليبقي الثلث الأخير من السكان، يبدد سكون وهدوء أحياء وشوارع المدن التي خلت من المارة ،خاصة بعد أغلقت أغلب المحال التجارية أبوابها هي الاخري ،حيث يحرص التجار علي اخذ قسط من الراحة عن العمل خلال عطلة العيد.

وكان أهالي المدن يحرصون في الظروف الطبيعية علي ارتياد الشواطئ العامة نهارا والحدائق والمنتزهات ومدن الملاهي والكافيهات مساءا،جنبا إلي جنب مع المصطافين والزائرين الذين يقصدون التصييف خلال إجازة العيد ،فيما تقوم بعض الشركات السياحية المحلية،بالتنسيق مع النوادي بتنظيم رحلات جماعية إلي مناطق جبلية أو وديان أو شواطئ عامة شاملة وجبات الطعام.

وتعد كل من شواطئ روميل والغرام وكيلو باترا، عجيبة واللؤلؤءة، من أهم المقاصد الشاطئية، ووداي تويويع والشلال من أهم المقاصد الجبلية، لكونها قريبة جدا من مدينة مرسي مطروح عاصمة الاقليم ،الذي يضم ثمانية مراكز و56 قرية.

وفي واحة سيوة ذات الثقافة الأمازيغية، فالوضع لا يختلف كثيرًا، فجميع أفراد الواحة يحرصون علي أداء صلاة العيد في الساحات المفتوحة، وعقب انتهاء الصلاة مباشرة يحرص الجميع على مصافحة الجميع، ثم يلتفون حول موائد الإفطار الجماعية وتناول الطعام وطلب العفو والسماح من كل له خصومة مع آخر، حيث يحرص أهالي الواحة على التصالح والتسامح أول أيام عيد الفطر.

احتفال العيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *