آراء وتحليلات

علي هامش احداث غزة

مهندس فايق الخليلي

ستظل القضيه الفلسطينيه وبالقلب منها قضية قطاع غزة الذي تبلغ مساحته حوالي 360 كم مربع والذي يضم العديد من المدن والبلدات الفلسطينيه أكبرها مدينة غزه سيظل هذا القطاع بؤره للتوتر الدائم والمحرك الرئيسي للقضيه من آن لآخر في حين يركن النصف الآخر من الأراضي الفلسطينيه وهي الضفه الغربيه للدعه والسكينه مراقبا عن كثب وقلة حيله ابتلاع أراضيه بالمستوطنات كل يوم أمام عينيه والذي يتجرع معها كل يوم غصه تتجدد كلما استفحل الاحتلال في غيه وماعليه إلا أن يجهز مسبقا بيانات الشجب والإستنكار لما يحدث أو لما سوف يحدث مع تغيير طفيف في مسمي الحدث مع بقاء صيغه الشجب والاستنكار واحده في كل الحالات.
وتتكرر احداث غزه بفترات شبه عقديه وتتكرر معها نفس السيناريوهات من اعتداء علي المصلين ونزع أملاك المواطنين وغارات وقذائف من الطرف الإسرائيلي وصواريخ من الطرف الفلسطيني وإذا تذكر حزب الله الايراني أنه يدافع عن القضيه الفلسطينيه فيسارع الي المولد ليلحق آخر لياليه ويقوم بإرسال عدة صواريخ علي إسرائيل والتي ترد بالتالي بقصف بعض مدن الجنوب اللبناني وعلي ماتبقي من مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وسوريا واسرائيل والمجاوره لهضبة الجولان المحتله منذ عام 1967 لتدخل لبنان في دائرة النار وكأنها لا تكفيها مالديها من نيران سواء نيران مشتعله أو تحت الرماد وهذا هو الدور الذي تلعبه مثل هذه الخلايا النشطه لإشعال المنطقه العربيه كلما خمدت النيران وظهرت في الأفق بوادر الاستقرار.
ان مايحدث الآن في غزه هو فصل من الفصول المتكرره بنفس السيناريوهات وربما نفس التفاصيل فمصر تحاول تهدئة الأوضاع وإيقاف اعمال العنف رحمة بالمدنيين العزل مع القيام بدورها الإنساني في إمداد القطاع بالمواد الغذائية والطبية مع السعي بالطرق الدبلوماسية لإحياء مسارات المصالحة ومن ثم احياء خيار المفاوضات لإيجاد حل نهائي للقضيه مع اللاعبين الرئيسيين بالمنطقه وهي في القلب منهم .
لقد فشل مجلس الأمن العجوز خلال ثلاث جلسات في اسبوع واحد في اصدار قرار أو حتي بيان يدين أو حتي يدعو لإيقاف اعمال العنف بسبب الفيتو الامريكي لان القرارات المقترحه لاتدين حماس ولاتلزمها بإيقاف القتال وكأنها أصبحت هي الطرف الاقوي في المعادله الصهيوفلسطينيه وبالطبع الدول الاوروبيه تسير في نفس السياق الأمريكي مع بعض عمليات التجميل التي تتم بواسطة اكبر بيوت التجميل والأزياء في اوربا لتبدو الإدانات في أبهي صورها ظاهريا وباطنا تحمل كل الشرور والآثام والنيات الخبيثه التي دأب عليها المستعمر العجوز وينطبق عليها المثل المصري الذي يقول من بره هللا هللا ومن جوه يعلم الله..
ولا نستطيع أن ننسى او نتغافل عن الدور الخطير والمحوري الذي تقوم به جامعة الدول العربية في اصدار أشد بيانات الإدانه والاستنكار والتي أصبحت من ثقافاتها المتوارثة وكأنها من ضمن بنود ميثاق الجامعه.
ولاننسي دور باقي دول العالم والتي بالكاد تعلم أن هناك أرض تسمي فلسطين فتصدر بيانات الإدانة والتضامن مع الشعب الفلسطيني سواء بالبيانات أو الشعارات فقط.
وفي رائيي أن يتم المراهنه علي عدة أمور..
اولها…تكثيف الاتصالات الدبلوماسيه في جميع المحافل الدولية والدول ذات التأثير لفضح الممارسات التعسفية والتي تخالف شكلا وموضوعا القوانين الدوليه وهو مايجيد العرب القيام به الي حد ما
ثانيها…لابد من اجتماع الفرقاء الفلسطينيين فورا وبدون شروط مسبقه برعايه مصريه واتخاذ موقف واحد وحيد ايا كان سواء المفاوضات أو الكفاح المسلح ضد الاحتلال
ثالثها…المراهنه علي الخيار الشعبي وخلق انتفاضه قويه سواء من الداخل الإسرائيلي أو الضفه الغربيه أو قطاع غزه ومظاهرات ضخمه برعاية الحكومات في كل الدول العربيه….وهذا مايمكنني القول إنه سيكون الاكثر تأثيرا بين هذه الخيارات
رابعها… وهذا ليس رهانا ولا خيارا وانما هو تخوف وهذا هو الأخطر أن تنجح السياسه الدوليه في تسويف الأمور وان يظل الوضع كما هو عليه وعلي المتضرر اللجوء إلي مجلس الأمن الذي لايعير للضعفاء اهتماما والذي يطبق في معظم قراراته قانون سكسونيا وبالتالي ترحيل المشكله الي الأجيال القادمه التي لن تجد أرضا تتفاوض عليها أو حتي مكان لعقد المفاوضات.
واضح أننا في عصر القوه وشريعة الغاب وهي من علامات الساعه هل ياتري كتب علي هذه القضيه أن تحل مع قيام الساعة…ربما
(وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً(4) فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً (5) ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاَخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوّلَ مَرّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً (7) عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) { الإسراء 4-8 }.
نسأل الله العلي القدير أن يجنبنا وبلادنا المحن والفتن ماظهر منها ومابطن وان يسحق أعداءنا ويوحد صفوفنا انه نعم المولي ونعم النصير
والله الموفق و المستعان وهو من وراء القصد.
مهندس فايق الخليلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *