آراء وتحليلات

علي هامش احداث غزه 5

يكتبها المهندس فايق الخليلي 

تحدثنا في المقال السابق عن الفرص الضائعة والتي لم تستغلها المقاومه الفلسطينيه في قضيتها لاسترداد الارض وكذا السقطات النضاليه لها كحركة تحرر وآخرها تورطها بالقتال في صفوف بعض الفصائل اللبنانيه ضد فصيل آخر وانتهت بترحيل قواتها الي سوريا ودول عربيه اخري تحت حمايه دوليه وترحيل القيادات ومقر المنظمه الي تونس بعد اجتياح إسرائيل اراضي لبنان ثم انطلاق مفاوضات العمليه السلميه عام 1993 من العاصمه النرويجيه أوسلو .
وفي هذه الأثناء وداخل الأراضي المحتله وفي غزه بالتحديد كانت تتشكل حركات مقاومه ذو صبغه دينيه اسلاميه أحدهما هي منظمة الجهاد الاسلامي التي أسسها ووضع فكرتها فتحي الشقاقي وبعض الطلاب الفلسطينيون الذين كانوا يدرسون في مصر التي نشطت فيها الجماعات الاسلاميه بموافقة الرئيس السادات في نهاية السبعينات وذلك لمحاربة الجماعات الشيوعيه التي كانت تنتشر في الجامعات آنذاك وايضا لشعور مؤسسيها أن العالم الإسلامي لم يعط الاهتمام الكافي للقضيه الفلسطينيه وتم الاعلان عن إنشاء الحركه في أوائل عام 1980 .
أما حركة حماس فقد أسسها الشيخ احمد ياسين عام 1987 ابان انتفاضه الحجاره الأولي وهي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في مصر واتخذت الحركتين طريق الكفاح المسلح ضد إسرائيل من داخل الأراضي المحتله . وكانت هذه الحركات تعمل من الداخل وفصائل المقاومه التي تنتمي لمنظمة التحرير الفلسطينيه تعمل انطلاقا من دول الطوق العربي المحيطه باسرائيل . أما عن انتفاضه الححاره الأولي هذه والتي اندلعت عقب دهس مدرعه اسرائيليه مواطنين فلسطينيين عند معبر بيت حانون أو مايسمى بمعبر ايريز شمال غزه مما اشعل الانتفاضه في غزه والضفه واستمرت نحو سبع سنوات تعلو وتيرتها وتنخفض ولكنها كانت مستمره والتي كتب عنها الكثير من المحللين والشعراء والكتاب وظهرت مصطلحات جديدة في هذه الفتره مثل انتفاضة الحجاره وأطفال الحجاره والحجر يتحدي المدفع وخلافه الي أن توقفت عام 1994 عقب توقيع اتفاقية اوسلو التي أسست للحكم الذاتي في غزه والضفه وباقي الأراضي الفلسطينية والتي تم استلامها من قبل السلطه الفلسطينيه الجديده وقد رافق الرئيس الراحل حسني مبارك الزعيم ياسر عرفات حتي معبر رفح البري في أول عوده له الي الأراضي شبه المحرره و من هنا بدأت مرحله جديده في مسار القضيه . وفي عام 1996 حدثت انتفاضة النفق أو هبة النفق كما أطلق عليها حينما أقدمت إسرائيل علي حفر نفق أسفل المسجد الأقصى ثم بعد ذلك بأربع اعوام قامت انتفاضة الأقصى حينما اقدم شارون علي دخول المسجد الأقصى متدرعا بجنود الاحتلال وكانت هذه الانتفاضه لاتقل عما سبقها من هبات للشباب الفلسطيني وبعدها بعامين اقتحمت إسرائيل مخيم جنين ضمن اجتياح كامل الضفه الغربيه ادي الي العديد من القتلي والجرحي من الفلسطينيين . وكان الجيش الإسرائيلي يتعامل مع هذه الانتفاضات السلميه بمنتهي القسوه والبشاعه مما لايتناسب مع أبسط المعايير الانسانيه وسقط المئات من الشهداء والجرحى من جراء هذه الاعتداءات الوحشيه . وفضلا عن الخسائر التي لحقت بإسرائيل من جراء هذه الانتفاضات فقد كان من أهم نتائجها نزع الخوف من قلوب الشباب الفلسطيني والاستعداد للمقاومه بشتي الطرق واعاد الي الساحه خيار المقاومه المسلحه بقوه . وإثر إطلاق صواريخ القسام من قبل حركة حماس علي المدن الإسرائيلية قامت إسرائيل في عام 2008 بالهجوم علي مدينة غزه برا وجوا لعدة أيام مااسفر عن أكثر من 1300 شهيد وقرابة 5500 جريح نصفهم تقريبا من النساء والأطفال فيما عرف بمجزرة غزه والتي وقف العالم المتحضر أمامها موقف المتفرج وقامت مصر وقتها بجهود جباره لوقف القتال حقنا للدماء وفتحت الحدود المصريه لعبور الفلسطينيين وارسلت المعونات وعرضت المبادرات والكثير الكثير مما سنفرد له أن شاءالله مقالات قادمه عن دور مصر حيال القضيه الفلسطينيه منذ بدايتها حتي الآن . ولم تكن علاقة الحركات الاسلاميه في غزه علي وفاق مع السلطه الفلسطينيه في عهد مابعد ياسر عرفات الذي كان قادرا علي توظيف هذه الحركات لمصلحة القضيه دون الصدام معها بالرغم من عدم أنضمامهم لمنظمة التحرير أما في عهد مابعد عرفات فلم يستطع القاده الجدد كبح جماح هذه الجماعات . وبعد الانتخابات التشريعيه عام 2006 والتي فازت فيها حركة حماس بالأغلبية وكلف ابو مازن اسماعيل هنيه القيادي بحركة حماس آنئذ ورئيس الحركه حاليا بتشكيل الحكومه ولكنها كانت تتصرف بمعزل عن السلطه الشرعيه المعترف بها عربيا ودوليا ووضح جليا ولاءات هذه الحكومه لجهات خارجيه مما عرقل معها كل جهود المصالحه . وتفاقمت الخلافات بين الطرفين بالرغم من مبادرات المصالحه المصريه دائما والسعوديه والعربيه احيانا إلا أن تفاقم الخلافات ادي الي وجود حكومتين أحدهما بالضفه والاخري بقطاع غزه وانفصال غزه بالتالي عن الضفه عام 2007 اثر احداث داميه بين الطرفين والتي مازالتا منفصلتين حتي الآن .
والي هنا وسنتسكمل مابدأناه عن القضيه الفلسطينيه والفرص الضائعه وجهود مصر المخلصه في مقالات قادمه بإذن الله
مهندس فايق الخليلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *