آراء وتحليلات

من وحي الذكريات 1 جمال عبد الناصر وحرب 67

مهندس فايق الخليلي

عندما قامت حرب 67 وكنا نقيم لدى أخي المهندس فوزي بأسوان الذي كان يعمل مهندسا بالسد العالي وحصل فيما بعد على العديد من الانواط من الرؤساء عبد الناصر والسادات كأحد بناة السد العالي.. كنت في الصف الأول الاعدادى بمدرسة المواساه وكانت اختي الوحيده في الصف الثالث الاعدادى بأسوان أيضا حيث كان والدي الضابط بالقوات المسلحه يعمل معاونا لقسم الطور ويقوم بأعمال المأمور في حالة غيابه ولا توجد مدارس اعداديه بها وكنت قد انتهيت من امتحاناتي وكان يوم 5 يونيو آخر يوم في امتحانات اختي وكان يوجد معنا في أسوان أخي د فايز وكان مازال طلبا بجامعة اسيوط باللاضافه إلى زوجة أخي طبعا واتفقنا على أن نذهب إلى أختي عقب الامتحان ونقضي باقي اليوم على نيل اسوان الساحر وعندما كنا نجهز أنفسنا للخروج إذا بنا نسمع صوت أحمد سعيد المذيع يقول لقد وقعت إسرائيل في الفخ فانتبه أخي واستمرت البيانات عن إسقاط الطائرات للعدو حتى وصلت إلى عشرات الطائرات وعن تقدم قواتنا صوب تل ابيب وغيرها من البيانات العسكريه فقال أخي كده الحرب قامت خفنا على اختي فنزلنا على الفور إلى مدرستها وبالفعل الغو الامتحانات في ذلك اليوم واخذناها وذهبنا إلى أخي فوزي في مركز التدريب لنطمئن عليه وإذا بنا نجد أن الكل يستمع إلى البيانات العسكريه وأذكر موقف لأخي إذ قال للعاملين معه نحن في حالة حرب وهذا يتطلب مزيدا من العمل ونستطيع سماع البيانات أثناء العمل فتذمر العاملين ومنهم من انصرف ومنهم من ظل كما هو وذهبنا إلى المنزل وكان الراديو هو الوسيله الوحيده لسماع الأخبار وتوالت الأحداث وكانت السيارات تنادي في الشوارع للتطوع في الدفاع المدني واتفقنا أنا وزملائي للتطوع فقبلونا مع أننا صغار فكنا نقوم بوضع شاش على النوافذ وندهنها باللون الأزرق ونسير في الشوارع ليلا ومعنا كشافات ونقول للناس اطفي النور حيث كان هناك تقييدا للاضاءه كنا أطفالا ولكن كان يملانا الحماس وحب الوطن إلى درجه الذهول وقال أخي فايز سأقوم بالتطوع في المقاومه الشعبيه وتوالت الأحداث وحتى هذه اللحظه لم نكن نعلم شئ عن أهلي ولااخوتي الآخرين ماذا جرى لهم حيث كان والدي واسرتي في الطور وأخي الأكبر فؤاد بالاسماعيليه يعمل لتعمير الصحاري ومتطوع بالمقاومه الشعبيه والذي أصيب في الحرب بشظيه في ظهره وأخي فهمي بأسيوط في الجامعه الذي عبر فيما بعد القناه في حرب اكتوبر وفي أحد الليالي سمعت اخوتي يتهامسان ويقول أحدهما ان إذاعة لندن تقول ان المعارك تدور في شوارع العريش وقد احتلو سيناء بالكامل وان نحن ما تبقى من الاسره وعلينا التكاتف لنربي الولد والبنت يقصد أنا واختي ويجب الانقول هذا الكلام أمام الأولاد أو زوجتي وقد سمعتهم فقمت مفزوعا وقلت لأخي وانا أبكي احنا مش حنشوف بابا وماما واخواتي تاني فاجهش أخي بالبكاء وقال إن شاء الله حنشوفهم ويرجعو بالسلامه ولكنا كاطفال انزوينا كل على سريره يبكي لاناكل ولانشرب وتحول البيت إلى ماتم يحاولون التخفيف علينا دون جدوي وقام أخي فايز بالسفر في رحلة البحث عن الاسره أو ما تبقى منها وبعد عدة أيام أعلن الراديو أن هناك خطابا للرئيس جمال عبد الناصر فتجمع الجميع حول الراديو وإذا بالرئيس جمال عبد الناصر يعلن التنحي وإذا بأخي فوزي يجهش بالبكاء ويقول لا لا حتسيبنا لمين يا جمال لا لا البلد عايزاك ويضع يديه على رأسه ويقول لا لا وفجاه وإذا بالشوارع تمتلئ بالناس فى مظاهرات حاشده حضرتها ورايتها واشتركت فيها مع أنني كنت صغيرا وأعلن الشعب التحدي الرهيب وعدم الاستسلام للهزيمه ..هذا ليس رأي في زعيم او غيره ولكن حديث الذكريات حضرتها بنفسي وليست منقوله عن أحد ولهذا الحديث بقيه بإذن الله
مهندس فايق الخليلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *