آراء وتحليلات

تغيير الخطاب الديني بين مؤيد ومعارض

بقلم المهندسة/ رشا سالم

 

منذ تقلد الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم في عام ٢٠١٤ كان جل همه وإهتمامه يختص بمسألة حيوية هامة إلا وهي ” تجديد الخطاب الديني ” علي عكس من سبقوه من حكام مصر السابقين ؛ فهو لم يتحفظ في طرح رؤاه وآرائه الدينية علنا ؛ وكذلك تقديمه لكل ما يجب تطويعه بما هو متاح له من موقعه الرسمي للتوجيه بصياغة قوانين ومراجعات بأمكانها تحويل هذه الرؤي إلي واقع وأن كان يلقي سيادته مقاومة ومعارضة ؛ ولعل ما شهدناه قبل ٤ سنوات في قضية ” الطلاق الشفهي ” حيث أصر الرئيس السيسي علي إلغائها بتشريع يعترف فقط بالطلاق الموثق علي يد مأذون أو أمام قاض ولكن الأزهر الشريف قابل دعوته بالمعارضة وأن هذه الدعوة تسقط حق نظمته الشريعة مما وسع من هوة الخلاف بينهما ؛ وقد كرر السيد الرئيس الحديث مرة آخري في عام ٢٠١٨ أثناء أنعقاد منتدي شباب العالم وقال :” الدولة المصرية تضمن حرية العبادة ويؤكد أنه ليس هناك تمييز بين دين ودين فالمواطن له الحق أن يعبد كما يشاء أو لا يعبد مضيفا ” تصويب الخطاب وتصحيح الخطاب الديني أحد أهم المطالب اللي أحنا نري في مصر أننا محتاجينها في منطقتنا أو في العالم الأسلامي علي الأطلاق مش ممكن مفرادات وآليات وأفكار تم التعامل بها من ١٠٠٠ سنة وكانت صالحة في عصرها ونقول انها تبقي صالحنا في عصرنا ؛ لا يمكن هذا أحنا مش بنتكلم في تغيير دين ولكن ده أمر مهم جدا أزاي أن تقنع أصحاب العقول والرأي المعنيين بهذا الأمر أنه فيه عنده مشكلة حقيقية في خطابه وفهمه للدين اللي يتعامل بيه في هذا العصر أحنا بنتكلم في إيجاد مفردات لخطاب ديني يتناسب مع عصرنا ”

وخلال الأحتفال بالمولد النبوي الشريف لعام ٢٠١٩ عاود الرئيس حديثه عن قضية الخطاب الديني في حضور الشيخ الجليل المحترم شيخ الأزهر الشريف الشيخ / أحمد الطيب والذي له مكانة عظيمة في قلوبنا جميعا كمصريين ومسلمات ومسلمي العالم أجمعين؛ وبعد ان أنهي الرئيس السيسي كلمته بمناسبة الأحتفال بالمولد الشريف ؛ عقب سيادته علي كلمة الشيخ الجليل شيخ الأزهر مما دفع الرئيس للتعقيب علي كلمة شيخ الأزهر الشريف وقال ” ان كلمة شيخ الازهر جعلته يخرج عن سياق الحديث ” حيث كان حذر شيخ الأزهر في خطابه من الظلم وتداعياته التدميرية علي المجتمع وقال الرئيس معقبا علي ذلك ” أنا أخوض نضالا مستمرا من أجل الدين مشيرا إلي أن الخراب والأرهاب لن ينهيها إلا بتكوين مناعة ضد الفكر المتطرف ” .

وفي عام ٢٠٢٠ وخلال كلمة للرئيس في مؤتمر الأزهر العالمي قال :” أنه من الضروري تجديد الخطاب الديني لأنقاذ الأسلام والمسلمين موضحا أننا ننتظر التجديد في فقه المعاملات في مجالات الحياة العلمية؛ حيث تابع : ” نحن متفقون علي أن كثيرا من أحكام هذا الفقه تغيرت من جيل إلي جيل علي مدي عشرة قرون علي الأقل فلماذا يحرم جيلنا من هذه الأحكام.

 

التي تيسر الحياة وجيلنا أحق الأجيال بالتجديد لما يواجه من تحديات تتغير كل يوم بل كل لحظة وختم الرئيس حديثه بالقول أنه طالب المؤسسات الدينية منذ عدة سنوات وفي مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف بأن تولي الأهمية القصوي لموضوع تجديد الخطاب الديني من منطلق أن أي تقاعس أو تراخي عن الأهتمام بهذا الأمر من شأنه ترك الساحة لأدعياء العلم وأشباه العلماء من غير المتخصصين كي يخطفوا عقول الشباب ويزينوا لهم أستباحة القتل والنهب والأعتداء علي الأموال والأعراض ويدلسوا عليهم أحكام الشريعة السمحة وينقلوا لهم الفهم الخاطئ المنحرف في تفسير القرآن الكريم.

ومن هذه المقدمة نجد أننا أمام مطلب ملح لتجديد الخطاب الديني حتي لا نمكن أدعياء العلم علي وسائل التواصل الأجتماعي في إدارة دفة عقول الشباب بما يتراءى لهم وتدليسهم الواضح واستشهادهم بآيات من القرآن الكريم لتطويع دعواتهم الخبيثة والله ورسوله صل الله عليه وسلم وكتابه الحكيم بريئون منهم ؛ فنجد دعاوى للقتل والنهب والأنتقام وممارسة القوة والبلطجة بدعوي أخذ الحق وخلافه والأستمرار في ذلك يمثل تهديد وخطر يحدق بوطننا الحبيب في ظل ظروف راهنة وتغييرات عالمية وأستيلاء طالبان علي الحكم في افغانستان وتداعيات ذلك في تفريخ أجيال من الأرهابيين الدمويين ونشرهم في أنحاء العالم وأيضا في أستعادة لحلم غزو البلاد وعلي رأسهم مصر وهذا لن تسمح به الدولة رئيسا وجيشا وحكومة وشعبا ؛ ولعل من أبرز القضايا المعاصرة والظواهر الدخيلة التي في حاجة ماسة إلي توعية دينية صحيحة من علماء الأزهر الشريف الأجلاء فهم أحق بهذا دونا عن أي أحد آخر ودعونا نستعرضها سويا كالآتي :-

أولا : ظاهرة إتباع الكثيرين للأسف لكشف الستر وتتبع العوارات والخوض في أعراض الغير بالباطل بدون وجه حق أو أدلة ورأي الدين في مدي تحريمه وعقوبته فتدخل علماء الأزهر الشريف بتوعية الشعب وإيضاح عقوبة من يرتكب ذلك مما يحد من تلك العادة الذميمة التي تثير الفتن التي هي أشد من القتل وإشاعة الحقد والأخبار الكاذبة والكره بين البشر .

ثانيا : توعية علماء الأزهر الشريف لكل من يقوم بالأفساد من خلال موقعه الوظيفي العام وأن من يتسبب في فساد مالي سواء بسرقة واستيلاء علي مال عام أو أهداره متعمدا لتحقيق مصلحة شخصية وتلقي رشاوي وأحكام الشرع في عقوبة هذا الفاسد لانه سرق الشعب بأكمله وليس الجهة التي يعمل بها وحسب.

ثالثا: ظاهرة تمتد لسنوات طوال سابقة حيث يقوم الكثيرون بعدة تصرفات دون التفكير في عواقبها الوخيمة إلا وهي التحايل علي شرع الله وأحكامه الخاصة بالمواريث حيث تغلب العاطفة ويقومون بالحيد عن شريعة الله وحكمه في الميراث؛فنجد من يسجل كل أمواله ومنقولاته من عقارات وأراضي وكل شئ لأبناؤهم في حياتهم فيجنون حصاد ذلك طمع الكثير من الأبناء وما يعقبه من جحود وطرد الأب أو الأم أو كلاهما من مسكنهم والقاؤهم للأسف.

 

في الشوارع أو إذا لم يتخلوا عن كامل أنسانيتهم المنقوصة وهي أصبحت من النوادر بألقائهم أما في دور مسنين أو مستشفيات الأمراض العقلية ؛ بخلاف من يكتبون لبناتهم كامل ممتلكاتهم ظنا منهم أنهم يحافظون علي حقوقهن وحرمان من له الحق في الآرث سواء عم كان او عمة مما يحدث قطع لصلة الأرحام لأن الجور علي حقوق الورثة الشرعيين يخلق شعور بالظلم وقطع أوصال الأرحام فيما بينهم وبين البنات بالرغم من أن أتباع شرع الله في تقسيم الآرث كما جاء فالشرع فأن من سيرثون فالغالب الأعم يقومون بالتنازل عن طيب خاطر لأنصبتهم للبنات مما يخلق جو من المودة وأمتداد الشعور بالسند للبنات من بعد الله ووفاة الأب أو الأم ؛ ومن يخشي علي بناته الضعاف خلاف بعد وفاته وضياع حقوقهم يمكنه ان يلجأ للأجراءات الشرعية لكتابة وصية لفرز وتجنيب نصيب البنات عن باقي الورثة تجنبا لنشوء أي خلاف أو منازعات.

رابعا: ظاهرة التنمر وعقوبتها في أحكام الدين أما ان يتم التنمر لتشوه المتنمر به نتيجة حادث والذي أفضي بأنتحار المتنمر بهم في بعض الأحيان نظرا لقسوة وحدة نصل ألسنة المتنمرين فيصيب المتنمرين بهم في مقتل قد يدفعهم للأنتحار .

خامسا : لجوء البعض لتصوير كافة أحداث حياتهم الخاصة وأستخدام أطفالهم بهدف التربح دون مشقة أو مجهود وتعريض أبناؤهم لخلل نفسي وتشويه تكوينهم النفسي ومعتقداتهم في ضرورة الكفاح من أجل كسب المال فيخلق جيل ذو تفكير مشوش مشوه ليس منتج وأصبح مبدآه في الحياة ميكيافيللي الأ وهو ” الغاية تبرر الوسيلة ” ومن تلك المقولة نري ما هو أبشع من تصوير أفلام بهدف نشر الفجور ولهاث الشباب وراء غرائزهم وشهواتهم فتضيع عفتهم التي فطرهم الله عليها .

سادسا : ظهور تقاليع مستحدثة لأشكال الزواج في غير أطاره الشرعي من أشهار وأعلان ليصبح أشبه بالوجبات السريعة لا تضمن حقوق مرأة ولا حياة او أستقرار أطفال يخلقوا نتيجة هذه العلاقات المشوهه لنجد حديثي الولادة يلقون في أماكن القمامة مما يتسبب في وفاتهم أو أيذاءهم من الكلاب والحيوانات الضالة ؛ يجب توضيح رأي الشرع في ذلك عن طريق خطب علماء الأزهر الشريف كضرورة حتمية للقضاء علي ظواهر تلوث المجتمع الأسلامي بهذا الشكل ؛ إلي جانب توعية الأهالي بضرورة عدم المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج بما يتراءاي مع ضوابط ديننا الحنيف من نبذ الأسراف .

دعوة السيد الرئيس لتغيير الخطاب الديني وتجديده هي من أجل مثل تلك الظواهر الدخيلة علينا في العصر الحديث ولم تكن متواجده قبل ألف عام سابقة ودور علماء الأزهر الشريف الأجلاء ذوي العلم الصحيح بأيقاف أي محاولة لتشويه العقلية المصرية بأتباع عادات ذميمة ضد الدين والشرع أبتغاء خلق أجيال مشوهة يسهل ان تملء عقولهم بما يملونه عليهم ليصبحوا أجيال كالمسوخ لا يحكمهم لا عقل ولا دين صحيح ؛ فهل لازال هناك من يعارض الدعوة لتغيير وتجديد الخطاب الديني معللا رفضه بانه دعوة لدين جديد ؟

أن هذا المعتقد يحتاج إلي مراجعة لان دين الله وقرآنه الكريم متجدد عبر السنين ومتوافق مع أي عصر أو أي زمن ؛ مهما طالت الأيام ومرت السنين يظهر الله لعباده بصيص من علمه الواسع لنفع البشرية فيكشف عن أسرار الكون ومعجزات الله التي لا تنتهي في بديع خلقه ؛ فكم أنبهر العلماء وأعتتنقوا الأسلام لاكتشافهم ظواهر علمية هي مذكورة في آيات الله الحكيم الذي أنزلها علي الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم منذ ١٤٤٣ عاما هجريا.

إبتهال ” ماشي بنور الله ماشي ”

كلمات : نبيل الفكهاني

إبتهال الشيخ : محمد الطوخي

ماشي بنور الله أدعي وأقول يارب

يبقي لي لحضني وجاه وزدني في حبك حب

يارب

تبارك لي في عيالي وفي صحتي ومالي

وفي كل أعمالي أسعي لما ترضاه

ماشي بنور الله ماشي بنور الله

ماشي بنور الله أدعي وأقول يارب

منك ياربي الهدي والمعصية مني

ولا ليا عنك غني وأنت في غني عني

نورك لروحي دليل والحب ليا سبيل

ولا عمره شمسه تميل اللي قصد مولاه

ماشي بنور الله ماشي بنور الله

ماشي بنور الله أدعي وأقول يارب

أستغفرك وأتوب عن كل عصياني

أما رحمت قلوب يارب ترعاني

في رحمتك غاية ومحبة وهداية

وفي كل شئ آية تقول تعالي الله

ماشي بنور الله ماشي بنور الله

بقلم المهندسة/ رشا سالم

محافظة القاهرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *