آراء وتحليلات

اكتوبر كما رأيت

 

بقلم الشاعر عبد الكريم الشعراوي

كنت طفلا في الحادية عشر من عمري عندما وقعت نكسةيونيو 1967 واصابني الرعب من هول مارأيت في شوارع مدينتي العريش حيث الدمار والموت في كل مكان وجحافل من جنود مصر باسلحتهم المكبلة لولا بطولات فرديةلازال صداها يتردد في ذاكرة من عاشوا هذه المحنة الكئيبة. وكنت ضمن من هاجروا مرغمين وبرضاهم الي العاصمة التي وصلناها في اواخر ابريل 1968 وتخيلت بعقلي الصغير أني ساجد مدينة منهارة تتشح بالسواد ولكنها عكس ظني الصمود في كل العيون والعزم الاكيد علي الثأر يكسو كل من قابلت من جنود مصر الابطال منذ وطأت قدماي مدينة القنطرة غرب وكل شيء ينبيء بان ماحدث لن يكون النهاية فهناك فجر جديد يتحدي كل المعوقات ليطل علي وطني الذي لم ينتهي وحين وصل قطار عمري الي محطة السابعة عشر وكنت طالبا باول مدرسة ثانوية عسكرية نتلقي تدريبات عسكرية ونتعلم في ميادين ضرب النار ونرتدي زيا يميزنا عن اترابنا في المدارس العادية وكان قائد المدرسة العسكري هو العقيد انذاك فرحان عيسي العيسوي من ابناء مدينتي العريش وفي يوم السادس من اكتوبر كنت عائدا من المدرسة وكل شيء حولي ينبيء بان شيئا هاما قد حدث وبالفعل وقفت عند احد المحلات لاستمع للبيان العسكري الاول وتحوطنا حول جهاز الراديو واجهزة التليفزيون واقسم انني لم يساورني شك في صدق هذه البيانات رغم سابق صدمتنا في بيانات يونيو الحزين

ومنذ اللحظة الاولي وقبلها وبعدها سطر الشعب المصري ملحمة تاريخية في التلاحم والتفاعل والتسابق في اداء المهام التي لم تصدر الا بوازع وطني وضمير شعب اصبح جيشا وأثار انتباهي ان الانتصار لم يكن علي الجبهة فقط بل امتد الي الفن القوة الناعمة التي جيشت الشعب خلف جيشه وتسابق الفنانون من كتاب الاغاني والملحنين والمطربين في تقديم اعمال مازال خالدة فمن منا لايذكر خلي السلاح صاحي _وبسم الله الله اكبر بسم الله _وعاش اللي قال وعلي الربابة _وماشيين في ايدنا سلاح _والنجمة مالت ع القمر

وهكذا كان الانتصارنقطة فارقة وعلامة واضحة في تاريخ الوطن ومتغيرا هاما لخريطة الفن المصري عبر الاجيال

ومما كتبت شعرا

وتفضل ذكرى اكتوبر تونسنا

تسامرنا ف مجالسنا

ترجع فكرنا المهموم ليوم ستة

ليوم ماكانت الحتة بتتحضر

وبتحضر فطار اليوم

وشهر الصوم يفوت تلته

وزي المدرسة الميري بيوحيلي

بان اليوم ده مش عادي

وصوت ع المدنة بينادي

وخلق كتير علي وشوشهم

جنين بسمة بتتردد علي استحياء

وشايلة سؤال

عن اللي اتقال من الراديو

عن اللي ع القنال عدوا

ومدوا جسرهم فوقه

ودبت رجلهم تاني علي شرقه

صحيح _واللا؟

كما في الماضي كان كدبة

لكن _لأ

بعقلي اللي يادوب فاهم

ولسه فاكر النكسة

فهمت ان الكلام صادق

ومتطابق مع الأحلام

وان المصري فاض صبره علي الذلة

علي ارضه اللي محتلة

وحان الوقت…

واتحدد بمعرفته

ماهوش مجبر

ولا أمره في ايد غيره

وكان فاعل ومش مفعول

وشعب بحاله كان مسئول

ومد لحاف علي قده

ومش بس اللي بيعدوا

كما الطوفان

كانوا الابطال لوحديهم

ده حتي اللي في قلب الريف

بيسقي الارض بصموده

وربى ولاده ع النخوة

وحتي اللي عطاءهم كان

قزازة دم… ودعوة ام لاولادها

ومين معهم

وناس ع القهوة يجمعهم

ودان ع الراديو مشدودة

ومردودة بصيحة نصر

تعيشي يامصر

ويفضل اسمك الغالي

علي مر الزمان معني

وبلسم كل اوجاعنا

وتفضل ذكري اكتوبر تونسنا

تسامرنا في مجالسنا

عبد الكريم الشعراوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *