أخبار مصر

شفرة الأقدار من هزيمة لأنتصار

 

بقلم المهندسه / رشا سالم

دائما ما يهدي القدر شفرات مبهمة غامضة للشعب المصري أثناء المحن ولكن المصريين بعزيمتهم الصلبة قادرين علي التحدي وفك الشفرات والرموز ؛ ملحمة نصر أكتوبر ١٩٧٣ هي أسطورة أنسانية مصرية حقيقية ستظل البشرية تتعلم من تلك الأحداث الأسطورية لعصور كثيرة قادمة حتي يحين الزوال والفناء.

كانت الحياة النفسية للشعب المصري بشكل عام والحكومة المصرية بشكل خاص في وضع حرج للغاية حيث تجرع الجميع مرارة الهزيمة والأنكسار بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ ؛ لكن سرعان ما ظهرت القوي الوطنية بالبحث عن ما يعيد البسمة والثقة في النفس ؛ وبالفعل قامت بالبحث عن ما يعيد إلي مصر سمعتها وكرامتها من خلال إعادة تكوين المشاعر الوطنية للمصريين وسرعة تواجدهم علي الساحة العربية والدولية كانت الصدمة للشعب المصري كانت شديدة جدا وزلزلت القيادة السياسية زلزالا شديدا فجاء إعلان الرئيس جمال عبد الناصر التنحي عن الحكم ولكن وقفة الشعب مع قائده الرائعة علي كل المستويات أعاد للقيادة السياسية التوازن سريعا ووجهت الحكومة عدة نداءات للقادرين للمساهمة في إزالة آثار العدوان وإعادة تسليح الجيش المصري يلا شوت نيوز  المنهار كليا وقتها .

الهزيمة تركت أجواء أدت إلي بداية أصلاحات علي المستوي الداخلي خاصة في عامي ١٩٦٨ ؛ ١٩٦٩ حيث صدر ميثاق العمل الوطني مما خلق مناخ من تصحيح المسارات والأخطاء وكان نتاجها الوصول إلي أنتصار ١٩٧٣.
ووقوفا علي الحالة المزاجية للشعب المصري عقب النكسة أكد الخبراء النفسيين ومنهم الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي حيث أشار ” أن الشخصية المصرية تعرضت للعديد من التغيرات ما بين الشعور بالأحباط والأكتئاب وتميزت بالترابط العميق وأختفاء النزاعات والخلافات الشخصية وتوحد الجميع علي فكرة وهي الوصول إلي النصر وهزيمة العدو المحتل للأراضي المصرية العمدة سبورت  ” .
المعجزة التاريخية التي حققها المصريون خلال حرب اكتوبر ١٩٧٣ لم يكن الجيش المصري العظيم هو البطل الوحيد فيها ولكن لعب الشعب دورا محوريا لم يقل أهمية عن دور الجنود علي الجبهة ؛ ليقف خلف جيشه العظيم ويخوض هو الآخر حربا ضد الشائعات والحرب النفسية والتي كانت تبثها الكثير من وسائل الأعلام الأسرائيلية بأن الجيش الأسرائيلي هو الجيش الذي لا يقهر وأنه من أقوي جيوش المنطقة وأن أي حرب محسومة لصالحه معتمديين في ذلك علي حالة الأحباط التي شعر بها الكثير من أبناء الشعب المصري بعد نكسة ١٩٦٧ ؛ وكانت هذه الحرب النفسية أشد خطرا من الحرب نفسها والتي كانت تدور علي الجبهة بالأسلحة ؛ فهى حرب لم تكن تدور بأي سلاح مادي ملموس ولكنها أسلحة معنوية تحاول السيطرة علي عقول المصريين وبث روح الخوف والهزيمة بداخلهم ولكنه أدرك أن كل هذه الشائعات والحرب النفسية جزء من خطة العدو الدنيئة من أجل كسب المعركة ؛ وتخلي الشعب عن جيشه الذي يدافع عن أرض سيناء المجيدة في الجبهة ولكن كل ذلك لم يكن له أي أساس من الصحة وهو ما أكدته صحيفة الديلي ميل في ١٢ أكتوبر ١٩٧٣ عندما كتبت : ” لقد أتضح أن القوي الأسرائيلية ليست مكونة كما كانوا يجيبون من رجال لا يقهرون ؛ أن الثقة الأسرائيلية بعد عام ٦٧ قد تبخرت في حرب أكتوبر وذلك يتضح من التصريحات التي أدلي بها المسئولون الأسرائيليون بما فيهم موشي ديان نفسه ؛ وسائل كثيرة أستخدمها الشعب المصري لمواجهة حرب الشائعات ورفع الروح المعنوية وعلي رأسها الأغاني الوطنية ؛ وبدأ الكثير من الكتاب في كتابة المقالات التي توضح وقوف الجماهير المصرية خلف قواتها المسلحة للذود عن تراب مصر وتحرير أراضيها ؛ ولعب الأعلام دورا في ذلك من خلال أذاعة أعترافات القادة الإسرائيليين أنفسهم عن الهزيمة التي لحقت بهم والخسائر التي أصابت قواتهم وكذلك تم النقل عن الصحف الأجنبية والتي اعترفت بسقوط أسطورة الجيش الأسرائيلي خاصة نشر أعترافات بعض الآسري الأسرائيلية عن المفاجأة وعدم توقعهم للضربة التي وجهها الشعب المصري للعدوان الأسرائيلي بالأضافة إلي عدم تسجيل وزارة الداخلية أي حالات جرائم حدثت في داخل المجتمع المصري يلا كورة  .

تقول الدكتورة هدري زكريا أستاذ علم الأجتماع العسكري : ” أنه لم تكن حرب نفسية تحاك ضد الشعب المصري من العدو الأسرائيلي ولكن دائما ما يحدث العكس فكان هناك من التخوفات من الجانب العدو الأسرائيلي وكان يحاول بكل الطرق أن يحمي نفسه ؛ وكان من ضمن هذه الأجراءات بناء خط بارليف لحماية أنفسهم علي المستوي النفسي قبل العسكري ؛ بالأضافة أن أسرائيل قامت بتغيير قانون التجنيد الخاص بها و قامت بمد سن التجنيد ل ٥٥ عاما للرجال والسيدات أيضا ؛ رغم قوة أسرائيل العسكرية ووصفهم لأنفسهم بأنهم الجيش الذي لا يقهر أستطاع الجيش والشعب المصري أن يهزموهم عن طريق التسلح بالعلم والثقافة قبل الحرب بالأسلحة .

كان هناك كل يوم بطولة جديدة يسجلها الجيش والشعب المصري معا وهو ما اعتاد عليه الشعب المصري دائما فقد عاش سنوات طويلة تحت مطمع الكثيرين من الدول الآخري وهو ما أستطاع الشعب مواجهته فالشعب المصري يستطيع في أي وقت أرتداء الكاكي أو خلعه فهو خلق من رحم الأمة المصرية وكان دائما يتسلح بسلاح الهوية الوطنية التي تساعده دائما علي التغلب علي أي عدوان يمكن أن يحدث عليه ؛ وتشير أن الشعب المصري لم يسيطر عليه أي نوع من أنواع الخوف خلال حرب أكتوبر وكانت كل فئات الشعب تمارس حياتها الطبيعية سواء الفلاحيين أو العمال تحت القصف دون أي قلق ؛ فكانوا يحاربون في جبهتهم كما يحارب الجندي علي الجبهة في سيناء وتضيف أنه في حرب ١٩٦٧ عندما كنا طالبات في جامعة القاهرة طالبنا بتدريبنا علي المدافع الرشاشة ( بورسعيد الرشاش ) وكان أحد الأسلحة الحديثة في ذلك الوقت وكنا نتقن أستخدامه بالأضافة إلي صناعة القنابل .
وهو ما يؤكد أن الشعب المصري بكل طوائفه هو الظهير الشعبي للجيش وكان لديه استعداد كامل للمحاربة بدون أي أسلحة بالأضافة إلي الأغاني الوطنية لرفع الروح المعنوية للشعب المصري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *