آراء وتحليلات

قلعة الحرف اليدوية فخرالصناعة المصرية

 

 

في زيارة حميمية من فخامة الرئيس عذب الأنسانية عبد الفتاح السيسي نري صفة أنسانية جديدة يتصف بها وهي جبر الخاطر وظهرت جليا في احتضانه للمهرة من رواد وصناع وعاشقي لصناعة الفخار وذلك يوم الجمعة الماضي والموافق ١٧ ديسمبر ٢٠٢١ ؛ لقاء أتسم بالود والمحبة والفرحة المتبادلة من الصناع لتلك الحرفة التراثية والسيد الرئيس ؛ حيث أن هناك اهتماما منه بالعاملين في منطقة الفسطاط ، بعد التوجيهات بتطوير المنطقة في ظل وجود متحف الحضارات المصرية ومسار العائلة المقدسة ومجمع الأديان، مشيرا إلى أنه سيتم مواصلة عمل المشاريع، مثل افتتاح مدرسة للأطفال ليتم تعليمهم الحرفة من ذوي العاملين من كبار السن”؛فيما أكد مشرف بتطوير منطقة مصر القديمة، خلال حديثه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء الجولة، على الاهتمام الرئاسي بالحرف اليدوية، مشيرا إلى أن العاملين في الورش كانوا يحرقون الخشب وذلك كان يلوث البيئة، لكن محافظة القاهرة بفضل توجيهاتك ساعدت على دخول أفران صديقة للبيئة ومياه وغاز للإنتاج؛ ووعد الرئيس العمال بمساعدة الدولة لهم في مجال تصدير صناعات الفخار للخارج، خاصة أن تلك المنتجات تحمل شعار صنع في مصر.

صناعة الفخار تعد من أقدم الحرف اليدوية التي عرفتها البشرية ؛ فما هي أصول تلك الصناعة ونشأتها ومتي بدأ الأنسان القديم في أحترافها دعونا نتعرف أكثر عن تلك الصناعة المبدعة.

 

صناعة قدسها المصريون منذ 7 آلاف عام

أقدم الحرف التي عرفها الإنسان، شهدت ارتقاء الإنسان من البدائية المفرطة إلى التقدم والرقي، حتى أن الدارس لها يمكنه أن يفهم تطور الجنس البشري عبر العصور المختلفة، من خلال درجة دقة صناعتها، وزخرفتها.

“صناعة الفخار”.. حرفة لازمت الإنسان، وتعود إلي عصر ما قبل الأسرات في مصر، وكان المصري القديم أول من اهتم بها، ووصل إلى درجة عالية فيها من الدقة والكمال، بداية من أواني الأطعمة وأدوات الزينة، حتى توابيت الموتى، لذا رفعوا صانع الفخار “الفخراني” إلى أرفع مكانة يمكن أن يصل إليها عامل بسيط، فقد صوروا الإله “خنوم” إله الخلق عند الفراعنة، وهو يجلس على عجلة الفخار ليشكل الإنسان.

“مصر هبة النيل”.. بهذه الكلمات الثلاث لخص المؤرخ اليوناني “هيرودوت هاليكارناسيوس”، والذي عاش في القرن الخامس الميلادي، الكثير من الحقائق عن مصر، أهمها تلك الصناعة التي لم تكن لتُقام لولا وجوده، فقد ثُبت علميا أن الغرين الذي يأتي من أعالي الوادي في موسم الفيضان أجود أنواع الطين لصناعة الفخار.

 

قديما، كان المصريون ينتظرون موسم الفيضان بفارغ الصبر، وبمجرد وصول الطمي، يسارعون بتجميعه وتقديمه لصانعي الفخار، لتصنيع الأواني والمستلزمات المنزلية والكهنوتية، ثم يتم حرقها ليتغير لونها طبقا لنوع الطمي الذي صُنعت منه، فالرواسب الطينية تتحول إلي اللون البني أو الأحمر، ورواسب الهضاب الجيرية يتحول لونها إلى اللون القرنفلي أو الأحمر الخفيف، وإذا زادت عملية الحرق يختلف الون باختلاف قوة الحرارة، فتتحول إلى اللون السنجابي أو الرصاصي أو الأرجواني أو الرمادي الضارب إلى الخضرة، وللأسف بعد بناء السد العالي اختفت هذه الرواسب تماما.

تبدأ صناعة الفخار بتنقية الطين من الشوائب العالقة به العمدة سبورت ، ثم يقوم العامل بطحنه جيدا بقدمه، يتم اضافة بعض التبن أو الروث المسحوق إذا كان الطمي دهنياً، ثم يبدأ في تشكيل الأواني، وما عثر عليه من أشكال في المقابر الفرعونية، يظهر لنا مدي التطور والتنوع في تشكيل كورة جول “الطمي” عبر العصور، فكانت في البداية بسيطة تتناسب مع مطالب الحياة اليومية، فتشكلت على هيئة طواجن للطبخ وأواني للتخزين وأقداح ومغارف ذات المقابض الطويلة والقصيرة.

تجفيف الأواني الطينية تعد أهم خطوات صناعة الفخار، فإذا فشلت تلك العملية بالتعرض للهواء أو الحرارة وهو مازال رطبا، تلف وتشقق، خاصة إذا كان مصنوعا من طمي دقيق المسام، لذلك يضطرون لتجفيفه تدريجيا بطريقة طبيعية حتى يصبح مستعدا للحرق، وكان العامل يقوم بحرقها على الأرض ويشعل فيها النار، ثم يغطيها بروث الحيوانات ليحفظ الحرارة، ثم بدأ في بناء الأفران، التي تتكون من ثلاثة أجزاء، وهي بيت النار، وغرفة الرص، والمدخنة، وبعد خروج الأواني من الأفران يقوم بدهانها بطلاء يلتصق بها تماما، ولا ينفصل عنها، لأن نسبة انكماشه تتساوى مع نسبة انكماش الإناء نفسه

وكان يوجد في العصر الإسلامي نوعين من صناعة الفخار، نوع منه مخصص لطبقة الأعيان، يصنع من خامات جيدة ينتقيها أشهر الصناع، ونوع شعبي ينتج بالمواد المحلية الرخيصة، وهو النوع الأكثر انتشارا بين الناس، كما كان يوجد ثلاث أنواع من طرق التشكيل، طريقة التشكيل اليدوي وهي الطريقة البدائية، وطريقة الدولاب، وطريقة “الصب” التي كانت تستعمل في تشكيل التماثيل والأواني الرقيقة، العمدة سبورت لذلك تكون عجينتها سائلة.

 

قبل العصر الإسلامي كان الفخار يُحرق في “قمائن”، مربعة الشكل، لا تصل فيها النار مباشرة إلى الأواني، بل يكون بينهما عازل، أما الفرن الإسلامي فمستدير الشكل، يبني بالطوب الأحمر، وكان يرص فيه القطع الفخارية، حيث يتكون من ثلاثة أجزاء، بيت النار، وغرف الرص، والمدخنة، ولقد اشتهرت الفسطاط في العصري الطولوني والفاطمي بعدة منتجات فخارية منها الفخار الخزفي ذو البريق المعدني، والفخار الذي يصنع بالزخارف المحفورة، العمده سبورت كما تميزت “طينة” الفسطاط بالنعومة والهشاشة والميل إلى اللون الأحمر.

• المصدر موقع Egyption Geographic مصر كما لم تراها من قبل

بقلم المهندسة رشا سالم

محافظة القاهرة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *