الأدب

الوليد بن يزيد بن عبد الملك يتولى الخلافة.. ما يقوله التراث الإسلامي

 

مات الخليفة هشام بن عبد الملك فى سنة 125 هجرية، وجاء بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك، على الرغم مما كان بينهما من خلاف، فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك”
قال الواقدي: بويع له بالخلافة يوم مات عمه هشام بن عبد الملك يوم الأربعاء لست خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة.

وقال هشام بن الكلبى: بويع له يوم السبت فى ربيع الآخر، وكان عمره إذ ذاك أربعا وثلاثين سنة.
وكان سبب ولايته أن أباه يزيد بن عبد الملك كان قد جعل الأمر من بعده لأخيه هشام، ثم من بعده لولده الوليد هذا، فلما ولى هشام أكرم ابن أخيه الوليد حتى ظهر عليه أمر الشراب وخلطاء السوء ومجالس اللهو، فأراد هشام أن يقطع ذلك عنه فأمره على الحج سنة ست عشر ومائة، فأخذ معه كلاب الصيد خفية من عمه، حتى يقال: إنه جعلها فى صناديق، فسقط منها صندوق فيه كلب، فسمع صوته فأحالوا ذلك على الجمال، فضرب على ذلك.

قالوا: واصطنع الوليد قبة على قدر الكعبة، ومن عزمه أن ينصب تلك القبة فوق سطح الكعبة ويجلس هو وأصحابه هنالك، واستصحب معه الخمور وآلات الملاهى وغير ذلك من المنكرات، فلما وصل إلى مكة هاب أن يفعل ما كان قد عزم عليه من الجلوس فوق ظهر الكعبة خوفا من الناس ومن إنكارهم عليه ذلك، فلما تحقق عمه ذلك منه نهاه مرارا فلم ينته، واستمر على حاله القبيح، وعلى فعله الرديء.

فعزم عمه على خلعه من الخلافة – وليته فعل – وأن يولى بعده مسلمة بن هشام، وأجابه إلى ذلك جماعة من الأمراء، ومن أخواله، ومن أهل المدينة ومن غيرهم، وليت ذلك تم.
ووقعت بين هشام وبين الوليد بن يزيد وحشة عظيمة بسبب تعاطى الوليد ما كان يتعاطاه من الفواحش والمنكرات.

فتنكر له هشام وعزم على خلعه وتولية ولده مسلمة ولاية العهد، ففر منه الوليد إلى الصحراء، وجعلا يتراسلان بأقبح المراسلات، وجعل هشام يتوعده وعيدا شديدا، ويتهدده، ولم يزل كذلك حتى مات هشام والوليد فى البرية، فلما كانت الليلة التى قدم فى صبيحتها عليه البرد بالخلافة، قلق الوليد تلك الليلة قلقا شديدا وقال لبعض أصحابه : ويحك ! قد أخذنى الليلة قلق عظيم، فاركب لعلنا نبسط.

فسارا ميلين يتكلمان فى هشام وما يتعلق به، من كتبه إليه بالتهديد والوعيد، ثم رأيا من بعد رهجا وأصواتا وغبارا، ثم انكشف ذلك عن برد يقصدونه بالولاية فقال لصاحبه : ويحك ! إن هذه رسل هشام، اللهم أعطنا خيرها.

فلما اقتربت البرد منه وتبينوه ترجلوا إلى الأرض وجاؤا فسلموا عليه بالخلافة، فبهت وقال: ويحكم ! أمات هشام؟
قالوا : نعم !
قال : فمن بعثكم؟
قالوا : سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل، وأعطوه الكتاب فقرأه، ثم سألهم عن أحوال الناس، وكيف مات عمه هشام، فأخبروه.
ثم إن الوليد سار فى الناس سيرة حسنة بادى الرأى وأمر بإعطاء الزمنى والمجذومين والعميان، لكل إنسان خادما، وأخرج من بيت المال الطيب والتحف لعيالات المسلمين، وزاد فى أعطيات الناس، ولاسيما أهل الشام والوفود، وكان كريما ممدحا شاعرا مجيدا، لا يسأل شيئا قط فيقول : لا !
وفى هذه السنة عقد الوليد البيعة لابنه الحكم ثم عثمان، على أن يكونا وليى العهد من بعده، وبعث البيعة إلى يوسف بن عمر أمير العراق وخراسان، فأرسلها إلى نائب خراسان نصر بن سيار، فخطب بذلك نصر خطبة عظيمة بليغة طويلة، ساقها ابن جرير بكمالها.

واستوثق للوليد الممالك فى المشارق والمغارب، وأخذت البيعة لولديه من بعده فى الآفاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *