الأدب

الاسكندرية وسهرة نقدية بديعه حول الاعمال الكاملة للشاعر محمد الشحات

 

 

سهرة ثقافية نقدية عاشها عشاق الادب والشعر في عروس البحر الابيض الاسكندرية وفى قصر ثقافة الأنفوشى خلال الندوة النقدية التي اقامها ناد الأدب بالقصر لمناقشة الأعمال الكاملة للشاعر الكبير محمد الشحات والتي صدرت في أربعه أجزاء كبيرة ضمت عشرونا ديوانا عن دار الادهم ، شارك في المناقشة مجموعة من أبرز نقاد الادب د. بهاء حسب الله أستاذ الأدب العربي المعاصر بكلية الآداب جامعة حلوان ، الدكتور أحمد فرحات الناقد والاستاذ بجامعة الفارابي، الناقد والشاعر العراقي عذاب الركابي ، وادار الندوة الشاعر جابر بسيوني ، والذى رحب بالشاعر الكبير وبالضيوف من النقاد مشيرا الى أن نادى الادب بقصر ثقافة الأنفوشى بعد أن استضاف الشاعر الكبير في أمسية شعرية حافلة يوم 6 اكتوبر من العام الماضي ، يأتي هذا اللقاء النقدي والذى يلتف حول ابداعه الشعري مجموعه من ابرز النقاد للحديث عن تجربته الثرية والتي تقترب من النصف قرن ومنذ أن اصدر ديوان الاول الدوران حول الراس الفارغ 1974 الى اخر ما صدر له ملامح ظلي عن هيئة الكتاب عام 2021 ، وان الاعمال الكاملة التي بين ايدينا اليوم تضم عشرون ديونا ، سوف يقوم كل ناقد من نقادنا بالحديث عن ديوان من تلك الدواوين .
بدأت الندوة بالشاعر والناقد العراقي الكبير عذاب الركابي شاعرُ الحداثةِ الكبير آرتور رامبو ، فإن الشاعر محمد الشحات بقلبِ صوانيّ ، ومارثون أحاسيس ، وعنفوان كلماتٍ ملائكي ، يفتحُ كلّ نوافذ القلب التي اضطرب هبوب نسماتها ، ومواعيد عصافيرها ، بفعلِ الهموم ، وهي مشرعة أبداً للآتي ، لا ينتظرُ فرحاً طارئاً ، بلْ لا يبدو الفرح مهنته ، وهي عدوى الشاعر الماغوط ، وإذا ما رضيَ ورحّبَ بنهاية الرحلة المجهولة الشبه الموت المفضي ربما إلى ولادةٍ منتظرة أو إلى حياةٍ أخرى :
كُلّ إبداعٍ رحمهُ التجريب : ” طوال عمري ،وأنا أجرّب” – بورخيس والشاعر محمّد الشحات مجرّب عام ، قصيدتهُ استثنائية ، ولا يبدو التجريب في الإبداع منفصلاً عن التجريب في الحياة .. و” تجريب كلّ صنوف الحزن” في النصّ ليس لعبة كلمات ، أو فوران أحاسيس طارئة ، ولا هو كمَن يضربُ خيمته في الفراغ ، بلْ ثورة ..! وهي ثورة الذات الباحثة عن ذاتها ، وخطاها الربيعية الإيقاع بعطر فجرٍ قريبٍ ، خلاصة هدير الذات الكونيّ الغاضب ممّن خانوا فسفور الحروف ، وقدسية اللحظات الحميمة ، وداروا ظهورهم لكلّ انتفاضةٍ قادتها قوافي القصائد المتمرّدة ، وأداتهُا الكلماتُ التي لا تموت.
وفى حديث د. بهاء حسب الله عن تجربة الشاعر بدأها بقول نحن أمام تجربة شعرية للشاعر الأستاذ محمد الشحات اكتملت لها وفيها ملامح العطاء الشعري على فرادة جديدة تستمد ووجودها وحركتها من وحي شعري شديد الخصوصية ، دقيق البناء ، مرتبط ارتباطًا كاملا بطبيعة الأداء اللغوي وطبيعة الصياغة ذاتها ، وفكر البناء النصي كمحور دال على طبيعة الشخصية الشاعرة ، ومنهجها الحي ، فتجربة محمد الشحات في بنياته النصية تجربة مضيئة .. لماذا لأننا أمام حركة شعرية تسير عبر أدوات إجرائية وظفها الإبداع في إطار الصياغة أولا ، وفي إطار تأثره بالمحيط الأدبي العام ؛ ومنه محيط القص والحكي على أنماط جديدة في المذاق الشعري تقارب أنماط النص الروائي ، فكثيرًا ما تستشعر في نصوصه أن للنص راويًا يحرك الدفة الشعرية والدفقة المتراكبة على درجة من درجات الوعي ، وهي درجة مرتبطة كثيرًا ، بما يمكننا أن نسميه بفكر النصية الذي ألمحنا إليه ، وهو فكر تأثيري تتسع ملامحه مع تنامي منظومة الحكي في عمق النص الشعري ، باعتبار أن النص الشعري الذي يبدو متماسكًا إلى أبعد حدٍ عند محمد الشحات هو نص ذو جسد لغوي ، وله آلية خاصة في سياق إنتاج الدلالة ، ومرهون بأشكال البناء اللغوي ، وبأنماط الهيكلية الشعرية في الوقت نفسه ، وبالأدوار الذي يختارها الإبداع لمنطقه الشعري ، ومنها هذا الدور الذي تحركه كثيرًا فكرة استحضار شخصية ( الراوي ) لبناء منظومة الحكي الدرامي عبر طاقات القص والسرد والتفصيل والمفارقة والتداعي النصي ، لتدرك في النهاية أن محمد الشحات قد اختار الطريق الصعب لمنهجه الشعري ، لأنه يصر على ظهور شخصيته الشعرية عبر ( الآخر ) وإن كان مُحايدًا.. عبر راويه الحاضر بقوة في قوام نصه الشعري ، وفي قلب الأحداث … يقول وقد أخذنا إلى همه الذي قد يبدو همًا خاصًا ، ولكنه في الواقع وللأسف هم عام
واختتم الدراسات النقدية بالدكتور احمد فرحات والذى قال عندما نتأمل ديوان “رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات صاحب المشروع الشعري المتميز فإننا نلفي اتكاءه على: مقام الوجد، مقام الخوف، مقام النادمين، مقام العارفين، مقام الواصلين، مقام الحزن، مقام النازفين، مقام الخائفين… وفي ختام مقاماته يوجه خطابه إلى متلقي شعره مباشرة ويقول: هذا مقامُكَ ؛ فاستعدْ/من كل ما يُدنيكَ/واسكنْ هدأةَ الأعضاء ومن خلال قراءة المقامات عند أقطاب الصوفيين، وعند الشاعر، يتبين لنا أنهما مختلفان تماما، وإن تشابها في بعض الوجوه، فمقامات الشحات هي نظرة معاصرة لكل ما يدور في مدار فضاء العالم المعاصر وليست كمقامات الصوفيين المتعارف عليها.
وانهى كلامه بقوله شعر محمد الشحات مختلف لأن بنيته الأساسية ذات دلالة و معني يعتمد و يرتكز علي المعني ثم إن المعني الذي يرتكز عليه هو الوطنية الزائدة …هو دائم البحث عن وطنه …هو يشعر بالاغتراب الحقيقي عن الوطن حتي إذا ما ترك الوطن و ذهب إلي أقصي البلدان حرية.. و حمل وطنه في عينيه و قلبه و لم ينقصه حقه، حقيقي إنه يقارن بين بلده و الآخر إلا أنه في النهاية كان يجلد ذاته …لذلك السمة الأبرز لشعر محمد الشحات هي جلد الذات، و تعذيب النفس فتجد عملية جلد الذات بارزة. يتمثل في تلك العبارة( يغلق عينيه علي ما تبقي من وطنه) فغلق العينين تدل علي الألم و المتعب و هذا نوع من أنوع جلد الذات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *