أخبار مصرإنتصار أكتوبر٧٣ بعيونهم

شهادات قادة العدو عن حرب أكتوبر المجيدة 

         شهادات قادة العدو عن حرب أكتوبر المجيدة
سيد الخمار
بعد وضع الحرب أوزارها تشكلت في إسرائيل لجنة أطلق عليها «لجنة أجرانات» نسبة إلى القاضي الإسرائيلي شمعون أجرانات الذي شغل منصب رئيس المحكمة العليا في إسرائيل في الفترة من 1965 إلى 1976، وذلك بهدف محاكمة المتسببين في خسائر إسرائيل على جبهة الحرب، ومن بين الذين استجوبتهم اللجنة: جولدا مائير “رئيسة الوزراء”، موشيه ديان “وزير الدفاع”، دافيد إلعازار “رئيس الأركان”، إيلي زعيرا “رئيس المخابرات العسكرية” «أمان». أوصت اللجنة بعزل رئيس الأركان من منصبه ونقل رئيس المخابرات العسكرية إلى أماكن غير حساسة.
شاركت تسع دول عربية بتقديم الدعم العسكري على الجبهتين المصرية والسورية، وهي على الترتيب من ناحية قوة التأثير (العراق، الجزائر، ليبيا، الأردن، المغرب، السعودية، السودان، الكويت، تونس) وهذا الترتيب قائم على أساس القوات العسكرية فقط بخلاف الدعم المالي الذي قدمته الدول العربية في الحرب، وقياساً على أساس أن السرب الجوي يعادل 20 نقطة، اللواء المدرع يعادل 10 نقاط، لواء المشاة يعادل 5 نقط، كتيبة مشاة تعادل نقطة واحدة، وفي حالة تعادل النقاط تعطى الأسبقية لتاريخ الوصول.
ويوضح الكاتب وجيه أبو ذكرى  في كتابة نصر اكتوبر أن الجيش المصرى وقيادته واجها بعد حرب الأيام الست عام 1967 حرباً نفسية شديدة ولم تسلم كتابات العرب والأجانب من الاستخفاف بالجيش المصرى ولم تكن كتابات هؤلاء المراسلين منصفة للقوات المسلحة المصرية، بل كانت منحازة على طول الخط للجيش الإسرائيلى، وسط هذه الحرب النفسية كانت مصر تجهز نفسها للحرب سراً وفى السادس من أكتوبر عام 1973 أنطلقت كل طاقات مصر  لتعزف فى تنسيق عظيم ملحمة أكتوبر الخالدة . أما موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي، فقد قال :”علينا الاعتراف بأننا لسنا أقوى من المصريين والسوريين، التفوق العسكري الإسرائيلي انتهى إلى الأبد، انتهت نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على أن الجيش الإسرائيلي لا يٌقهر”.
أما “آريل شارون” قائد الفرقة المدرعة 142 إبان حرب أكتوبر، ورئيس وزراء إسرائيل، علق فيما بعد: “أنني أدركت تماما أن كل القوات الإسرائيلية الموجودة في الضفة الغربية لقناة السويس سيصبحون رهائن في أيدي المصريين لو أن القتال قد تجدد، وقد وقعت إسرائيل اتفاقية الفصل بين القوات تحت ضغط هذه النقطة”
عقب المفاجأة المصرية في حرب العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973، قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك: “لا شيء أقسى على نفسي من كتابة ما حدث في أكتوبر، فلم يكن ذلك حدثاً عسكرياً رهيبا فقط وإنما مأساة عاشت وستعيش معي حتى الموت، لقد وجدت نفسي فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ قيامها، هناك معتقدات أساسية انهارت في ذلك اليوم منها إيماننا المطلق بقدراتنا العسكرية”
يتضمن الكتاب ست شهادات إسرائيلية عن حرب اكتوبر لم تستطع إخفاء بسالة الجيش المصرى ونهاية أسطورة الجيش الذى لا يقهر أمام تصميم وعزيمة المقاتل المصرى.
” وتأتى الشهادة الأولى من كتاب “المحدال ” وهو يعنى بالعبرية  ” التقصير ” وبالرغم من مرور الكتاب على الرقابة العسكرية الإسرائيلية وحذف فصولاً كاملة منه إلا أن هذا الكتاب يعتبر وثيقة تاريخية لكفاءة الجندى المصرى ومهارته فى التعامل مع العدو، وفى نفس الوقت شهادة إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر ما هو إلا أسطورة حطمتها شجاعة المقاتل المصرى، وأن انتصارهم فى حرب يونيو 67 كانت بسبب عيوبنا وليس بسبب فروسية ومهارة الجندى الإسرائيلى .
وتتناول الشهادة الثانية جزءا من مذكرات رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير التى نشرتها فى كتاب “حياتى” والتى افردت لها الفصل الرابع عشر من الكتاب،  وتقول مائير ” لن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر متروك للآخرين ولكنى سأكتب عنها ككارثة وكابوس عشته بنفسى وسيظل معى طول العمر”.
وتوضح مائير فى هذه المذكرات أن السفينة العسكرية الإسرائيلية كادت أن تغرق تماماً وأنها طلبت من الرئيس نيكسون إنقاذ إسرائيل من الهلاك وأنها لم تشعر بالارتياح إلا بعد وصول الدعم الأمريكى إلى مطار الليد، وفى النهاية تشير جولدا مائير أن موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى – رمز الأمن فى إسرائيل – كان متشائماً وقدم استقالته مرتين أثناء الحرب وتقول دخل على ديان المكتب وظل واقفاً وقال لى ” هل تريدين استقالتى فأنا مستعد لتقديمها ” فأجبته بكل أسف لابد أن يبقى وزير الدفاع فى منصبه ووقف يشرح لى الوضع على الجبهة الجنوبية وكنت أستمع إليه بفزع واشمئزاز شديدين.
              إنتحار جولد مائير
وتضيف مائير أنها فكرت فى الإنتحار فى الأيام الأولى للحرب وقد صرحت فى أكثر من مرة قبل حرب أكتوبر أن مصر لا تملك القدرة على شن حرب ولا يوجد فى مصر القائد الذى يستطيع إتخاذ قرار حرب وإلا أرسل شعبه للهلاك.
وتتضمن الشهادة الثالثة  اعترافات ” الجنرال الأعور ” موشى ديان كما لقبته الصحافة الغربية عن حرب أكتوبر والذى صرح من خلال التحقيقات أن حرب أكتوبر أثبتت للعالم أننا لسنا أقوى من مصر، كما أن هالة التفوق الإسرائيلى التى أوهمت إسرائيل بها العالم بأنها أقوى من العرب عسكريا ً وسياسياً قد انهارت تماماً يوم السادس من أكتوبر  عام 1973 .
كما تحدث ديان بحسرة ” أسأت فهم قدرة القوات المصرية على بناء الجسور والعبور بكفاءة خلال ساعات قليلة للضفة الشرقية للقناة ويؤكد ديان فى التحقيقات التى أجريت معه بعد الحرب أن إسرائيل فقدت أى أمل فى القيام بهجوم مضاد لتجبر به مصر على التراجع عن الأراضى التى حررتها شرق القناة كما إعترف ديان أن إسرائيل خسرت فى الحرب عدداً هائلاً من الطائرات والدبابات .
ويضيف ديان فى إعترافاته أنه كان هناك سوء تقدير للموقف على كل المستويات فقد كنا جميعاً نعتقد أنه يمكن صد المصريين فى اليوم الأول من الحرب وإعادتهم للضفة الغربية للقناة فكانت هذه عقيدة سابقة على قيام الحرب للجيش الإسرائيلى .
ويشير أبو ذكرى أن مذكرات موشى ديان صدرت بعد الحرب بثلاث سنوات وقد حاول من خلالها أن يجمل صورته أمام الرأى العام الإسرائيلى .. ونسى ديان وهو يكتب مذكراته أنه أراد الإستسلام عندما قدم إستقالته ثلاث مرات لرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير … ونسى دايان أن أقارب قتلى حرب أكتوبر قد منعوه من إلقاء محاضرة فى جامعة تل أبيب عام 1974 وطالبوا بمحاكمته وأطلقوا عليه “وزير العار”.
وتتحدث الشهادة الرابعة عن حكاية الثغرة والتى كان الهدف منها هو محاصرة الجيش الإسرائيلى  للقوات المصرية التى عبرت شرق القناة، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق بل وقعت كل القوات الإسرائيلية فى الثغرة تحت سيطرة الجيش المصرى وتمت محاصرتها تماماً وتم إعداد خطة عاجلة لتدمير هذه الثغرة بقيادة اللواء سعد مأمون وكانت الخطة تقتضى  تفتيت الجيب الإسرائيلى إلى مواقع منعزلة ومحاصرتها ثم تدمير كل موقع على حدة، كما كلفت القوات الجوية والصاعقة والضفادع البشرية بنسف الجسر الذى يربط ممرات القوات الإسرائيلية فى سيناء وقواتها غرب القناة وبعد مناقشة الخطة من قبل مجلس الحرب الأعلى للقوات المصرية تم التصديق عليها.
وعلى الجانب الآخر فى هذا الوقت كانت الولايات المتحدة قد تدخلت لإنقاذ إسرائيل، حيث رصدت الأقمار الصناعية صور لتحرك قوات اللواء سعد مأمون للقضاء على الثغرة حضر الثعلب اليهودى هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى إلى مصر والتقى بالرئيس السادات، وأخبره بتحرك القوات المصرية تجاه الدفرسوار ولمح له بأنه لو تم الهجوم فسوف تدخل أمريكا طرفاً فى النزاع العسكرى وتوقفت مصر عن تدمير الثغرة ويقول حاييم بارليف عن الثغرة ” أن عملية الدفرسوار كانت مغامرة انتحارية لقد كان بإمكان المصريين القضاء على قواتنا فى ساعات وتكبيدنا ألاف القتلى وكان إحترام القادة المصريين لقرار وقف إطلاق النار بمثابة رصاصة الرحمة لجنودنا وضباطنا “
ويقول أرييل شارون عن الثغرة ” إننى أدرك أن كل القوات الإسرائيلية الموجودة فى غرب القناة ستكون رهينة فى أيدى الجيش المصرى لو أن القتال تجدد مرة أخرى “
وفى النهاية يؤكد أبو ذكرى أن حرب أكتوبر كانت نصراً عظيماً للعرب حتى من خلال اعترافات قادة إسرائيل أنفسهم فما حدث فى أكتوبر 73 لم يحدث فى كل تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، حيث أكدت شهادات العدو على قدرة الإنسان المصرى على العطاء والمقاومة ومعايشة الأهوال لتحقيق الأهداف الكبرى
وجاء في  كتاب «ديان يعترف» للعديد من الأسباب، فكاتبه موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر، كما أنه الرجل الذى تولى قيادة معارك عسكرية عديدة ضد العالم العربى، سجل فى كتابه بالوقائع والأماكن والتواريخ مسلسل الحرب الذى فرضته إسرائيل على شعوب المنطقة لكى تبقى الحرب الخيار والبديل الوحيد أمام الشعب العربى. وهو أخيرا وليس آخار شهادة لما أنجزه الجندى العربى عندما هب فى حرب أكتوبر 1973 يدك بأقدامه حصون بارليف وموانع المرتفعات السورية (الجولان).
موشى ديان يعرفه العالم من خلال صورتين الأولى له وهو يقف بعد حرب يونيو 1967 على الضفة الشرقية لقناة السويس واضعا يديه فى وسطه، وهو يقول بكل الصلف والغرور «هل هناك حدود أكثر أمنا من هذه؟.»، والصورة الثانية وهو يجلس فى مؤتمر صحفى أثناء حرب أكتوبر 1973 والأسى يملأ وجهه والدموع تغمر عينيه، وهو يعلن سقوط أعتى خطوط الدفاع فى العالم تحت أقدام الجندى العربى.
مذكرات موشى ديان صدرت بعد الحرب بعامين، ونجده يحاول منذ بدء حديثه عن حرب أكتوبر أن ينفى عن نفسه مسؤولية ما حدث فى أكتوبر المجيد، واعتبرها بمثابة «زلزال تعرضت له إسرائيل». ويلقى بها على عاتق الآخرين. بل إنه يحاول أن يعزو إلى نفسه وإلى جهوده كل ما قامت به إسرائيل من تحركات بعد أن أفاقت من مفاجأة الزلزال، وكأنه المنقذ والمخلص.. نستطيع أن نلمس الغرور فى كل سطر من سطور الكتاب. ففى يوم 17 نوفمبر 1975 أذاع التليفزيون الفرنسى لقاء مع موشى ديان بمناسبة صدور الطبعة الفرنسية من هذا الكتاب سأله المذيع: هل حقيقى أن كثيرا من الإسرائيليين يعجبون بك، وانك لا تعجب بأحد؟ فكان رد ديان: «بالعكس فأنا أعجب بكل فرد، لكننى أعجب بنفسى كلما قمت بعمل أفخر به».
من خلال ما سجله موشى ديان نجده عندما يصل فى قصة حياته إلى «حرب الغفران» لم يستطع أن ينكر عدة حقائق، وهى أن مصر وسرويا تملكان عنصر المبادأة، ولم نكن معتادين على حرب لا تكون المبادأة فيها لنا. إن القوات العربية شنت هجومها بكفاءة أكبر مما قدرناه لها عند إعداد الخطط. إن مخابراتنا ومخابرات أمريكا فشلت فى اكتشاف استعداد مصر وسوريا للحرب.
ووثق ديان للحرب، وكيف كان العقل الإسرائيلى يفكر لوقف هذا الزلزال.. من خلال سطوره يصف مستوى الجنود العرب فى هذه المعركة قائلا: «المستوى القتالى للجندى العربى أحرز تقدماً كبيراً وأظهرت بعض الوحدات أعلى درجات السيطرة والقيادة فى العمليات مستخدمة احدث الأجهزة التكنولوجية المتطورة». وتأكدت أننا لن نستطيع أن نحيق بالعرب الانهيار الكامل.. وفى اجتماع للوزارة فى مساء أول يوم للاطلاع على مجريات الحوادث قال ديان: «إننا نواجه ثلاثة عوامل بالغة الصعوبة. أولها حجم قوات العدو المجهزة بأسلحة تراكمت عبر السنوات الست الماضية. فالجيشان المصرى والسورى ليسا هما الجيشين اللذين عرفناهما عام 1967، بل هى قوات جيدة تم تجهيزها ويملؤها التصميم والإصرار. وثانيهما هو سلاح الصواريخ بعد تدعيمه بصواريخ سام 6 وما لم تستطع قواتنا الجوية قهر هذا السلاح فلن يمكنها تقديم العون لدباباتنا وتدمير مدرعات العدو. أما العامل الثالث فهو حاجتنا إلى المحافظة على الجبهات مع وجود قوات قليلة فيها إلى أن يتم استدعاء قوات الاحتياطى ووصولها إلى الجبهات.. شعرت بفجوة بينى وبين زملائى فى الوزارة، فلم يعجبهم ما ذكرته عن نجاح المصريين ولا عن انسحابنا إلى الخط الثانى.
وأكد على قوله فى اليوم التالى للعبور: «لقد حقق المصريون مكاسب هائلة وتعرضنا لضربة موجعة. فقد عبر المصريون القناة وأقاموا جسوراً نقلوا عليها المدرعات والمشاة ولم نكن فشلنا فقط فى منعهم، بل إننا لم نسبب لهم إلا خسائر طفيفة فى الأفراد والمعدات..
في مذكرات المشير الجمسي
 في تلك المذكرات التي وقعت في 6 أبواب، تناول الجمسي هزيمة يونيو 1967 والظروف السياسية العسكرية التي أدت إلى الهزيمة، ثم يتحدث عن عملية إعادة بناء القوات المسلحة ومرحلة الدفاع والصمود، والدفاع النشط، ثم حرب الاستنزاف.
في الباب الثالث يتحدث الجمسي عن حرب أكتوبر التي قدم تفاصيلها يوما بيوم في هذه المذكرات، ويوضح مراحل التخطيط والإعداد للحرب، ويتحدث الجمسي عن الكشكول
 الذي قدمه للسادات ولحافظ الأسد عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، لاختيار التوقيت المناسب للطرفين. وتقوم الدراسة على دراسة الموقف العسكري للعدو وللقوات المصرية والسورية.
ويقدم لنا الجمسي صورة عن الحرب يوما بيوم وتفصيلا لما دار في أشهر معاركها كمعركة القنطرة شرق وعيون موسى.
 يتحدث الجمسي عن الثغرة ويوضح أن سببها هو تأخر تطوير الهجوم المصري الذي كان مفترضا له يوم 9 و10 أكتوبر. وهو الأمر الذي رد عليه الشاذلي في مذكراته بأن تطوير الهجوم لم يكن مخططا له من الأصل وأنه كان محكوم عليه بالفشل سواء تأخر أو كان في موعده.
 ويعرض لنا الأداء الباهر لقواتنا في صد الهجمات المضادة للعدو بطول الجبهة، ونجاحها في تحقيق مهمتها التالية من توسيع رؤوس جسور فرق المشاة الخمس، بعمق يصل إلى نحو 10-12 كيلومتر، والاستعداد لصد الهجوم المضاد الرئيسي للعدو.
ويتناول مذكرات رئيسي الأركان اللذين توليا هذا المنصب خلال حرب أكتوبر وهما المشير محمد عبد الغني الجمسي والفريق سعد الدين الشاذلي، ومذكرات أحد قادة الجيوش وهو اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني في آخر أيام الحرب، إلى جانب مذكرات أحد قادة الفرق الخمس التي كُلفت بعبور قناة السويس وهو الفريق يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 التي تتبع الجيش الثالث. ثم أخيرا مذكرات أحد قادة الألوية وهو العميد عادل يسري قائد اللواء 112 الذي كان يتبع الفرقة 18 بالجيش الثاني.
طالما حُمّلت المؤسسة الأمنية في إسرائيل مسئولية فشلها في حرب أكتوبر 1973، لكن الكتاب الإسرائيلي الذي صدر مؤخرا في عام 2012 (1973 الطريق إلى الحرب)  والذى يستند لارشيفات امريكية واسرائلية سرية ينسف الرواية الاسرائلية التقليدية للحرب بتوجييهة اصابع الاتهام وبقسوةللمستوى السياسي لا للجهاز الاستخبارى .
يحمل الكتاب الذي يقع في 365 صفحة، الكثير من الأسرار حول الطريقة التي تعامل بها قادة إسرائيل مع مبادرة روجرز، بالإضافة إلى الفشل والتقصير الإسرائيلي على المستوى السياسي، والذي أدى برأيه إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973، ووصف هذا التقصير السياسي بأنه أخطر بكثير من العمى الذي أصاب رجال الاستخبارات الإسرائيلية، الذين ما زالت مسئولية الهزيمة تلاحقهم حتى اليوم، على حد تعبيره.
ويكشف الكتاب أن حكومة اسرائيل رفضت مبادرة السادات لعقد اتفاقية سلام معها قبيل الحرب فى فبراير 1972 مقابل انسحاب تدريجى من سيناء يُبقى وجودا اسرائليا فى بعض المواقع بسيناء ، مشددا على أن الحكومة أخفت عن المخابرات هذه الوقائع الهامة.
أسرار حرب أكتوبر في الوثائق الأمريكية لـ ويليام بير:
صدر هذا الكتاب في عام 2003 بمناسبة مرور 30 عاما على الحرب، وقد قام مركز الأهرام للترجمة والنشر بترجمة الكتاب في عام 2004.
ويقدم الكتاب عددا من الوثائق السرية الامريكية عن الحرب ، وتغطى الوثائق المتضمنة فى الكتاب الفترة بين مايو 1973 وحتى انتهاء العمليات العسكرية وبدء المفاوضات لفض الاشتباك بين مصر واسرائيل مطلع نوفمبر .
ومن أبرز هذه الوثائق، الوثيقة التي تضم محضر الاجتماع بين الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت ريتشارد نيكسون، ووزراء خارجية أربع دول عربية هي السعودية والكويت والمغرب والجزائر ممثلين لكافة الدول العربية، وذلك في السابع عشر من أكتوبر 1973، ودفاع وزراء هذه الدول عن تحرير الأراضي العربية ووقوفهم بجانب مصر وسوريا.
 وتكشف الوثائق ايضا عن دور هنرى كيسنجر فى الحرب وفى السماح لإسرائيل بخرق موعد وقف إطلاق النار الذي كان قد اتفق عليه شخصيا مع القيادة السوفيتية في العشرين من أكتوبر، وذلك لكي تتمكن من تحسين موقفها العسكري وتعزيز موقفها التفاوضي في مرحلة لاحقة. وأدت هذه المؤامرة التي يثبتها محضر اجتماع بين كيسنجر ورئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت جولدا مائير في 22 أكتوبر إلى تشديد الحصار على قوات الجيش الثالث على الضفة الغربية للقناة بعد تمكن القوات الإسرائيلية بقيادة ايريل شارون من العبور إلى تلك الضفة فيما يعرف باسم  ثغرة الدفرسوار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *