آراء وتحليلات

كلمة العدد 1299,, “فعلتها تاتشر معالي رئيس الوزراء”

يكتبها د. محمود قطامش

لا احد ينكر ان هناك ضغوطا اقتصاديه فرضها الوضع العالمي الذي نتشاركه مع الاخرين واملاها الواقع في طبيعة الحلول التي لابد من اتخاذها لمواجة الازمه الاقتصاديه فهل سبقتنا دول عاشت نفس الظروف التي نعيشها اقتصاديا ؟؟ وماهي طبيعة الحلول التي قامت بها تلك الدول لتجاوز ازمتها ؟
في عام ١٩٧٩ وفي بريطانيا علي وجه الخصوص وفي بداية تولي مارجريت تاتشر السلطه عن حزب المحافظين كانت بريطانيا تعاني من ظروف مشابهه لظروفنا الاقتصاديه الان في مصر وربما بدراسه تلك الفتره والتعرف علي طبيعة الحلول التي اتخذت قد نقدم حلول تتناسب مع اجراءات الحمايه الاجتماعيه التي تتبناها الدوله مع كل اجراء اقتصادي بقدر المستطاع ويؤثر علي غير القادرين ….. فقد كانت بريطانيا انذاك تعاني من ازمتين طاحنتين رافقهما ارتفاع الاسعار والتضخم مع عدم القدره علي التحكم فيها وتعثر كل الحلول للسيطره عليها …… تلك الازمات كانت باختصار شديد (( ضخامة اعباء الدين وترهل في القطاع العام ومحدودية ايراداته وارتفاع تكاليفه وارتفاع فاتورة المحافظه عليه )) حيث كان القطاع العام البريطاني انذاك يسيطر علي كل شئ من الخدمات الاساسيه حتي الصناعات الكبري مثل صناعة الحديد والصلب والفحم الذي هو مصدر الطاقه وصولا الي سيطرة القطاع العام علي ملايين المنازل ( ٣٠ مليون منزل تقريبا ) تؤجرها للمواطنين بالاضافه للتعليم والصحه وجميعها كانت تشكل ضغط علي الاقتصاد ويسحبه للهاويه وخلف كل هذه كان هناك نقابات عماليه ومهنيه ضاغطه مطالبه بتحسين الاوضاع والاجور وصداع في رأس الحكومه يعطل اي قدره علي الحل .
هنا جاءت مارجريت تاتشر المراه الحديديه وتصرفت بشجاعه واعلنت الثوره لم تكن ثوره عمياء ولا انقلاب اقتصادي لكنها اخرجت الدوله من كل شئ واحتفظت بالمهام الاساسيه الصحه والتعليم والامن والدفاع والبنيه التحتيه والابحاث والتطوير والابحاث الاستراتيجيه ماعدا ذلك تم بيعه او خصخصته كاملا مع الاحتفاظ ببعض الادوات ( نظام ضريبي صارم – امن اجتماعي – مراكز لاعادة التدريب والتاهيل – ورفع مستوي التعليم ) الامر الذي ادي الي ظهور انشطه اقتصاديه جديده ساهمت في تراجع البطاله وتحقق الازدهار وعادت بريطانيا بعد ذلك الي قوتها الاقتصاديه ….
وقد يكون ما اعلنه معالي رئيس الوزراء من اعتزام الدوله بيع حصص في ٣٢ شركه مملوكه للدوله خطوه علي الطريقه التاتشرية البريطانيه في الاصلاح الاقتصادي واتباع النهج السليم لمجابهة الازمه الاقتصاديه تقوم الدوله فيه بعمل اداره للاستراتيجيات الاقتصاديه والاجتماعيه ولا تعمل كمقاول اجور يدفع لمن يعمل ومن لا يعمل يدفع لمن ربحوا ومن خسروا وعلي الدوله تقليص البيروقراطيه مع بناء نظام ضريبي صارم يعزز موارد الدوله وامن اجتماعي فعال يوفر شبكة حمايه متينه لكل الذين يفقدون اعمالهم ويكفل لهم الحد الادني من الحياه الكريمه
يبدوا ان التجربه التاتشريه البريطانيه قد حطت رحالها ببلادنا ونظنها ستنجح كما نجحت سابقا في بريطانيا مع اقرار بعض الفروق التي تصلح لواقعنا الاجتماعي في مصر مع وجود ميزه للحكومه قد تساعد علي نجاحنا في اقرار هذه الحلول فالحكومه تعمل في هدوء لايوجد حزب عمال معارض ضاغط بايديولوجيات مختلفه ولا نقابات عماليه ومهنيه تسعي لتحسين الاوضاع والاجور ولا مشاغبات فئويه لتحقيق بعض المكاسب .
ولكم تحياتي ..
محمود صلاح قطامش
مصر تلاتين
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *