آراء وتحليلات

بيوت العريش تحتضن خير أجناد الأرض

سهام جبريلبقلم / سهام عزالدين جبريل

كان يوم 5يونيه 1967م أطول وأبشع يوم فى حياة ابناء سيناء ومازال يذكره الذين عاشوا هذه المحنة بالفعل أن يوم نكسة ، ذلك اليوم الذى إنهارت فيه الأمال وصغرت فيه الشدائد وضاقت الدنيا بما رحبت إنه يوم حزين لا أستطيع أن أمحوه من ذاكرة الطفولة ووجدانياتها الرقيقة حيث أناته وأهاته ، مازالت ساكنة فى غياهب الوجدان ، تذكرنى هذه الأحداث ، بحق سيناء على منذ ان كنت طفلة صغيرة عاشت مرارة النكسة وقرأتها فى عيون الاباء والاجداد وحسرة الامهات والجدات تلك الكسرة المشينة التى مازال علقمها عالق فى الحناجر ، حقها على اليوم أن اُبرز صورتها المشرقة وصورة أبنائها الشرفاء الذين هم أهلى الأبطال الصامدين المرابطين الصابرين على المحن ، والذين مازالوا يعيشوا في دائرة الإستهداف والصراع برغم مرور كل هذه السنوات ، ولكن مازالت سيناء هدف ومحور إهتمام من أعداء الوطن وان إختلفت وتطورت الأشكال والأدوات ،،، فمازالت مصر مستهدفة من خلال زراعها الشرقى وبوابتها الشرقية في سيناء ومازال اهل سيناء صامدون مرابطون صابرون متحدون لكل أنواع المحن حافظون لأرضهم ، ولقواتهم المسلحة خير أجناد الأرض ،،،
يمر على مخيلتى شريط الذكريات حيث المح فى هذا اليوم الكئيب والذى تحولت سماؤه إلى ضباب كأننا فى كوكب مظلم وتحول نهاره إلى ليل دامس ،
فى عصر هذا اليوم فتحت كل أبواب بيوت العريش قاطبة لتستقبل أبناء القوات المسلحة من جنود وضباط ورتب عالية ، حيث حفلت واحتفت بيوتنا واحتضنت خير أجناد الارض مع قوات المقاومة الشعبية وكانت ملحمة إحتضان عظيمة مازلت أذكرها رغم صغر سنى وقتها إلأ أنها ملحمة لايمكن ان أن تمحوها سنوات العمر مهما طالت السنوات ،
*لقد ظل ابناء سيناء حافظين هذه البقعة المباركة وكانوا ومازالوا الاُمناء على بوابه مصر الشرقية فهم الذين حافظوا على هذه الارض منذ فجر التاريخ بكل مايملكون من إمكانات ، فقد إعتبروا أن قيمة الارض والوطن قيمة عظيمة لاتعادلها أية قيمة ، وأن الروح تهون والحياة تُفنى من أجل الحفاظ على كل ذرة تراب من أرض الوطن الغالى لتظل رايتة مرفوعة عزيزة غالية ، عالية مرفرفة فى أفاق سمائه ،
*وهذه صور وقيم ونموذج لما شاهدناه وتربينا علية نحن أطفال سيناء حينها ، والتى تؤكد أن أبناء سيناء جزء أصيل من النسيج المصرى المتكامل ،
*ففى يوم الخامس من يونيه 1967م ، وبرغم مرارة الهزيمة وشدة الإنكسار لم ولن تهن عزائم الرجال ففى ذلك اليوم كانت البيوت مدينة العريش العاصمة وكل مدن وقرى سيناء البسيطة تحتضن بين أفراد اسرتها خير أجناد الارض إنهم ابنائنا واخوتنا من ضباط وجنود افراد القوات المسلحة ، كانت الاسر تضمد جراحهم وتوفر لهم كافة الوسائل لحمايتهم والسهر على راحتهم وخدمتهم وتقديم لهم كل أسباب الحماية لإخفائهم حتى يتم تأمين عودتهم وتوصيلهم بأمان إلى الضفة الغربية للقناة ،
* وقد علم كل بيت من بيوت سيناء بدوره فقد كان أباؤنا لهم دورهم البطولى العظيم كما كانت امهاتنا وجداتنا لهن أدوارهن حيث كن يقمن بتوزع الإختصاصات على من تختار من أفراد الاسرة كبارا وصغارا ليؤدوا مايكلفوا به بكل الحرص والسرية التامة والكتمان ، فقاموا به على أكمل وجه برغم معاناة الإحتلال وبطشه ،
*لقد كان الهدف الآساسى والهام هو حماية كل جندى ومقاتل مصرى داخل بيوتنا وعلى ارضنا ، حتى يتم توصيلة لبر الأمان للضفة الغربية للقناة حيث قواتنا المسلحة الرابضة والمرابطه على الجبهة ، لقد عشنا وأهلينا الحدث وتفاعلنا معه ، حتى شرفنا نحن أبناء سيناء بأن نكون الأقمار الصناعية لقواتنا المسلحة وعيونها الراصدة خلف خطوط العدو ، وطوال حرب الإستنزاف وحتى إشراقة النصر العظيم وعبور اكتوبر 73م .
هذه هى بيوتنا فى يونية 1967م شاهدة على تاريخ واحداث لم تدونها الكتب ولا الاقلام ولكن دونتها ذاكرة طفولتنا وكنا شاهدين على أحداثها .

خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *