الأقتصاد

التجارة والصناعات الصغيرة والإرهاب على رأس أولويات القمة البريكس الـ8

تنطلق القمة الثامنة لمجموعة البريكس بمدينة جوا الهندية، غدا السبت، تحت شعار “بناء الحلول المستجيبة، الشاملة والجماعية”، والتى تستمر فاعليتها لمدة يومين، ويشارك بها قادة روسيا، والصين، والبرازيل، والهند، وجنوب إفريقيا.

ومن المتوقع أن تتناول محادثات القمة إقامة منطقة تجارة حرة خاصة بالبريكس والأوضاع الراهنة للاقتصاد العالمى وتأثيرها على التجارة والاستثمار فى دول المجموعة، علاوة على التعاون فى العديد من المجالات من ضمنها حقوق الملكية الفكرية ودعم التجارة والصناعات الصغيرة والمتوسطة. كما يتوقع أن تناقش القمة عددا من التحديات العالمية، من بينها الإرهاب وتهريب المخدرات والفساد وتسوية النزاعات وضمان أمن المعلومات فى العالم.

ومن المنتظر أيضا أن تطرح الهند خلال قمة الغد مقترح إنشاء صندوق خاص لإعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الأزمة فيها حيث أعلن وزير الدولة الهندى للشئون الخارجية مبشر جاويد أكبر، خلال زيارته لسوريا فى 20 أغسطس الماضى، أن بلاده مستعدة للإسهام بشكل نشيط فى تنمية سوريا وإعادة إعمارها بعد انتهاء الأزمة التى تمر بها حاليا.

وكان من أبرز الإنجازات التى حققتها مجموعة “البريكس” هذا العام تأسيس بنك التنمية الجديد الذى وافق على أول سلسلة مشروعات له فى الدول الخمس منذ بداية عمله عام 2016، فضلا عن ترتيب الاحتياطى للمجموعة بإجمالى 200 مليار دولار أمريكى.

وتعتبر هذه هى المرة الثانية التى تتولى فيها الهند الرئاسة الدورية لمجموعة البريكس بعد استضافتها القمة الرابعة للمجموعة التى عقدت فى مدينة “نيودلهى” عام 2012، غير أن هذه المرة ركزت على خمسة محاور أساسية خلال فترة رئاستها الحالية وهى بناء المؤسسات، التنفيذ، التكامل، الابتكار والاستمرارية.

وتأتى هذه القمة فى وقت تمر به اقتصادات المجموعة بأزمات متفاوتة. فمن ناحية تواجه روسيا صعوبات اقتصادية نتيجة انهيار أسعار النفط فى الأسواق الدولية، فضلا عن العقوبات المفروضة عليها من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. كما تأثر الاقتصاد البرازيلى تأثيرا واضحا بالأزمة السياسية التى تمر بها البلاد والتى أدت إلى إقالة رئيسة البلاد ديلما روسيف.

أما جنوب أفريقيا فقد تشهد قريبا خفض للتصنيف الائتمانى لها نتيجة الجدل السياسى القائم بين الرئيس جاكوب زوما وغيره من السياسيين. وبالنسبة للصين، والتى تعتبر نسبيا الأفضل اقتصاديا بين دول المجموعة، إلا أنها تشهد هذه الفترة تباطؤا ملحوظا فى النمو الاقتصادى. وأخيرا فيما يتعلق بالاقتصاد الهندى والذى شهد تحسنا واضحا خلال الآونة الأخيرة، فإنه لا يزال أمامه فرص أكثر لتحقيق نمو متزايد.

ويتصادف موعد انعقاد القمة هذا العام مع الذكرى الـ15 لتأسيس آلية تعاون البريكس، التى تعد من أهم الآليات لبناء نظام عالمى جديد ودعم تشكيل نظام أكثر انفتاحا أمام الدول النامية الأخرى للتنمية والتحديث.

والبريكس، هى الأحرف الأولى لخمسة اقتصادات ناشئة هى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وقد تشكل هذا التجمع عام 2001 بمبادرة من الخبير الاقتصادى الدولى جيم اونيل بهدف بناء كيان اقتصادى ذى طابع دولى يضم بلدانا ذات إسهام ضخم فى شبكة التجارة العالمية خارج نطاق اقتصادات الدول الغربية الكبرى وذلك فى محاولة لإعادة تشكيل النظام الاقتصادى العالمى بشكل أكثر مراعاة للأبعاد الاجتماعية مع احترام مباديء السوق الحر وحرية التجارة.. وكانت تسمى من قبل مجموعة “بريك” قبل انضمام جنوب أفريقيا إليها عام 2010 ليصبح اسمها “بريكس”.

واستطاعت مجموعة “بريكس” خلال السنوات القليلة الماضية أن تصنع لنفسها مكانة وثقل شديد الأهمية داخل المجتمع الدولى. فدول البريكس هى أسرع دول العالم نموا حاليا وأقلها تأثرا بالأزمة المالية، واستطاعت اقتصادات هذه الدول أن تلعب على مدى عقود دورا رياديا فى النمو الاقتصادى العالمى، فهى تمثل أكبر اقتصادات خارج منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وتعد بمثابة نادى الأغنياء بالنسبة للاقتصادات الناشئة. وفى الوقت الذى عانت منه كبرى دول العالم من تداعيات قاسية للأزمة المالية العالمية، استمرت دول البريكس فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة.

ويرى المراقبون أن “البريكس” لديها فرصة لتكون أقوى تكتل اقتصادى على مستوى العالم فى ضوء أن هذه الدول تمتلك الموارد الغنية اللازمة لنمو الاقتصاد العالمى، فالبرازيل غنية بالإنتاج الزراعى، وروسيا وجنوب أفريقيا تمتلكان موارد طبيعية ومعدنية هائلة، والصين ذات القاعدة الإنتاجية والصناعية الكبيرة، فضلا عن الهند صاحبة الموارد الفكرية غير المكلفة.

ويؤكد أحد الخبراء الاقتصاديين أن مجموعة البريكس أصبحت المحرك الرئيسى للانتعاش الاقتصادى العالمى وأنها أصبحت أكثر تأثيرا ونفوذا من مجموعة الدول الصناعية السبع، متوقعا أن يتجاوز الناتج المحلى الإجمالى للبريكس نظيره فى مجموعة الدول السبع خلال العامين القادمين.

وقد كانت المجموعة تمثل 5% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى فى بداية التسعينيات، ثم أصبحت 8.5% فى 2001 حتى وصلت إلى 22.6% عام 2015، وهو ما يعنى أن الناتج الإجمالى المحلى للدول الخمس قد نما خلال السنوات العشر الماضية بأكثر من 4 أضعاف، فى حين ازدادت اقتصادات الدول المتقدمة بنسبة 60% فقط، فضلا عن ذلك تضاعف حجم التجارة المتبادلة ضمن المجموعة خلال السنوات الخمس الماضية وتجاوز 300 مليار دولار فى عام 2013.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *