الصحة

صناعة الدواء بين سندان “ارتفاع الدولار” ومطرقة “التسعيرة الجبرية”.. صناع الأدوية يطالبون الحكومة بالتدخل لإنقاذ القطاع بعد زيادة مستلزمات الإنتاج.. ومخاوف من تحمل الدولة 300 مليار جنيه

رغم أن قرار تعويم الجنيه له آثار إيجابية على الاقتصاد القومى خاصة فى جذب رؤوس الأموال والاستثمارات إلى السوق المصرية، إلا أنه له بعض التداعيات السلبية على صناعة الدواء التى يقدر حجمها فى مصر بـ45 مليار جنيه فى ظل التسعير الجبرى للدواء.

وتُسعر جميع الأدوية فى مصر جبرياً، إما بحساب تكلفة الاستيراد للعقاقير المستوردة الصنع أو بحساب تكلفة إنتاج المستحضرات المحلية المرتبطة بسعر خامات مستوردة، ويرتبط سعر تداول الدواء فى مصر بسعر صرف الدولار الذى يكون محدداً عن طريق البنك المركزى، وبتحرير سعر صرف الدولار بناء على سياسة العرض والطلب بالتبعية يحرر سعر تداول الدواء.

وأكدت الدكتورة هالة عدلى حسين، الخبيرة فى تطوير الصناعات الدوائية ورئيس شركة خدمات الدم بفاكسيرا سابقا، فى تصريحات خاصة لـ “اليوم السابع”، أن تحرير سعر صرف الدولار قرار سليم لكنه اتُخذ دون مراعاة اعتبارات قطاع الدواء، مما أثر سلبيا على قطاع صناعى هام حيث يوجد فى مصر ما يفوق الــ140 مصنع دواء فى مصر.

وأكدت الدكتورة هالة عدلى حسين، أن مشاكل قطاع الدواء نتيجة تحرير سعر صرف الدولار تتمثل فى أن المستحضرات والخامات التى تم استيرادها قبل فترة وتم السماح بتداولها عن طريق السلطات المختصة بأسعار تداول جبرية مبنية على سعر تداول سابق للدولار، ولم يتم تغطية تلك الاعتمادات أو الحسابات المكشوفة حتى الآن، حيث إن هناك خسارة فعلية كبيرة نظراً للفارق الكبير الذى تعدى الــ50% بين التكلفة الفعلية وأسعار التداول المحددة سلفاً وتم العمل بها.

وأوضحت هالة عدلى حسين، أن حل هذه المشكلة يستلزم تغطية هذه الحسابات أو الاعتمادات بالدولار عن طريق البنك المركزى بسعر صرف تاريخ التعاقد، وربط قيمة الفاتورة بالجنيه المصرى تحت حساب فواتير تلك الشحنات.

وتابعت هالة عدلى حسين، أنه لا يمكن قبول فكرة تحرير سعر صرف الدواء، حيث لا يجوز وجود أكثر من سعر للمستحضر فى الأسواق نظراً للفروق فى تكلفة الاستيراد أو الإنتاج، بعد تحرير سعر الصرف مشيرة إلى أنه تم تحديد احتياجات قطاع الدواء فى مصر أثناء اجتماع رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل مع لجنة من وزرة الصحة، وغرفة صناعة الدواء والشركات المستوردة بمبلغ 2,6 مليار دولار.

وتأكيداً على عدم المساس بالمريض المصرى وتحقيق السلم المجتمعى بتوفير الدواء دون زيادة، طالبت د.هالة بتخصيص تلك القيمة وتثبيت سعر صرف لها عن طريق البنك المركزى على أن يتم تغطية الفارق عن طريق صناديق خاصة مدعومة من الدولة للحفاظ على استقرار الوضع بثبات سعر الدواء، وطالبت بإنشاء صندوق خاص بين اتحاد نقابات المهن الطبية والشركات لتغطية الفارق، إضافة إلى بعض الصناديق الداعمة لمجال الصحة والدواء فى مصر، على أن يتم تشكيل لجنة متابعة من الهيئات الحكومية والنقابية والأهلية لمتابعة الصرف والسداد وتوافر المستحضرات، مؤكدة أن تغيير أسعار الدواء فى مصر بهذه النسبة التى تتخطى الــ50% لجميع الأصناف المسجلة والتى يصل عددها إلى 14 ألف مستحضر مسجل، أمر غير وارد بالمرة.

وتنصح بالاستفادة من القانون رقم 82 لسنة 2002 مادة 18 والتى تنص على أن ينشأ صندوق لموازنة أسعار الدواء غير المعد للتصدير وتكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير الصحة والسكان، وذلك لتحقيق التنمية الصحية وضمان عدم تأثر تلك الأسعار بما يطرأ من متغيرات ويصدر بتنظيم الصندوق وتحديد موارده قرار من رئيس الجمهورية على أن يكون من بين هذه الموارد ما تقبله الدولة من مساهمات من الدول المانحة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.

وتشدد على أنه لابد من دعم مدخلات صناعة الدواء والشركات المحلية والتى تساهم بما يقارب 40 مليار جنيه لتغطية الاحتياجات المحلية والتى إن عجزت عن العمل وتوقفت فسوف تتحمل موازنة الدولة ما يقارب من 300 مليار جنيه لتغطية نقص المستحضرات المنتجة محلياً، مستنكرة أن يتم حساب أسعار المياه لصناعة الدواء تحت شريحة النوادى الترفيهية وحمامات السباحة، بينما فى المقابل يتم دعم مدخلات صناعة الأسمنت.

وفى السياق ذاته، أكد الدكتور أحمد عماد وزير الصحة أنه لا زيادة فى أسعار الدواء بعد قرار الحكومة بتعويم الجنيه، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مراقبة للسوق وتوفير كافة النواقص الدوائية، لافتاً إلى أن تحرير سعر الدواء لا يمكن تطبيقها مطلقاً فى مصر والتأمين الصحى الشامل سيحل أزمات توفير الدواء وتابع مازلنا نستمع إلى جميع أطراف الصناعة وندرس أى مشاكل قد تواجههم ونعمل على حلها.

ومن جانبه أكد الدكتور شريف السبكى العضو المنتدب للشركة المصريى لتجارة وتوزيع الأدوية، أن قرار تعويم الجنيه له تأثيرات إيجابية على صناعة الدواء؛ أولها أنه يجد من استيراد الأصناف الدوائية غير الأساسية، وبالتالى توفير جزء كبير من العملة الصعبة التى تحصل عليها الشركات من البنك المركزى، وبالتالى تصبح الفائدة كبيرة على صعيدين ضخ العملة التى تم توفيرها فى استثمارات دوائية لصناعة الأصناف الأساسية وخاصة أدوية البايوتكنولجى، والصعيد الآخر هو تشجيع المثائل المحلية للأصناف غير الأساسية، وثانيها ستكثف الدولة جهودها لتوفير الأصناف الأساسية والأدوية الحيوية التى يحتاجها السوق مثل أدوية الأورام والكبد ومشتقات الدم.

وكشف السبكى، أن هناك بعض الشركات العالمية ستتنازل عن جزء من أرباحها بمعنى أنها ستتحمل فارق سعر الدولار حتى لا تخسر مبيعاتها فى السوق المصرى الذى يتخطى الـ90 مليون مواطن، مشيرًا إلى أن تكلفة الخامات المستوردة للتصنيع المحلى ستزداد بنسبة 150% بسبب ارتفاع سعر الدولار، بينما الأدوية المستوردة سترتفع تكاليف استيرادها لـ150% وعلى الدولة أن تحدث توازن لتخفيف الأعباء على الصناعات الدوائية.

أما الدكتور أحمد العزبى رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، قال إن الغرفة تتواصل مع المسئولين لمناقشة مستقبل صناعة الدواء فى ظل تحرير سعر الصرف، مشيراً إلى الفترة المقبلة ستشهد إجتماعات مكثفة مع أطراف الصناعة لتفادى سلبيات تحرير سعر الصرف على القطاع الدوائى، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة تحتم تغيير نظام التسعير ليصبح أكثر مرونة ويتسع لكافة المتغيرات الاقتصادية التى تطرأ على الصناعة خلال الفترات المقبلة.

وفى السياق ذاته، أوضح الدكتور شريف راشد رئيس مجلس إدارة أحد شركات الدواء الخاصة، أن إجراءات تحرير صرف الجنيه المصرى وارتفاع أسعار الوقود سوف تؤثر سلبيًا على قدره مصانع وشركات الأدوية المحلية على تلبية احتياجات السوق المحلى، نظرًا لارتفاع تكلفه المواد الخام المستوردة من الخارج، وكذلك زيادة أسعار مواد التغليف والتعبئة، مما يمثل عبئًا على اللمنتج، هذا بالإضافة إلى الحاجة لزيادة المصاريف التسويقية، كل هذا سوف ينتج عنه تأكل هامش ربح المنتج وتحويله إلى خسائر لن تستطيع الشركات تحملها، مما ينتج عنه توقف التصنيع وعدم تتوافر الأدوية للمرضى.

وتابع الدكتور شريف راشد رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الدواء الخاصة وعضو رابطة مصنعى الدواء، أن الحل فى تضافر كل الجهود من وزارة الصحة وغرف واتحادات مصنعين وموزعين ونقابات من أجل إيجاد حلول للإعداد لمنظومة تسعير مرنة تحافظ على حقوق جميع الأطراف بداية من المصنع وحتى المريض وتكفل استمرار منظومة إنتاج الدواء على أكمل وجه.

واستكمل عضو رابطة مصنعى الدواء، أنه يجب البدء فورياً من جانب وزارة الصحة فى تطبيق نظام التأمين الصحى الشامل حتى يتوفر الدواء فى مصر لكل المؤمن عليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *