الصحة

الدكتور مجدى بدران استشارى المناعة يكتب: السعادة التى يسببها “الفول”

كتب الدكتور مجدى بدران استشارى الحساسية والمناعة مقالا لـ”اليوم السابع”، عن البقوليات وعلى رأسها الفول، الذى يمنح السعادة للمصريين، وذلك بمناسبة اليوم العالمى للسعادة.. وفيما يلى نص المقال:

البقول من أسرار خفة دم المصريين التى تعينهم منذ نشأتهم على تحمل الهموم، نلاحظ سعادة وبشاشة بائعى الفول مقارنة بالقصابين، وكثيرا ما سمعنا بائعى الفول يتغنون بالمواويل الشعبية ويتغزلون فى الفول، عكس بائعى اللحوم الذين يميلون للتجهم والعبوس.

اللحوم لا توفر السعادة مثل البقول، ففى الماضى كان الأجداد يتناولون الترمس مع الليمون على كورنيش النيل أو البحر فى سعادة جعلتهم يقبلون على الحياة ويكونون الأسر السعيدة، الآن يعانى ضحايا الوجبات السريعة الغربية وعشاق اللحوم من ارتفاع معدلات العنوسة وفشل الخطوبة والطلاق وتوحش السلوك اليومى، وقد برع المصرى القديم فى زراعة البقول مثل الفول والعدس والحمص والترمس والبسلة واللوبيا.

الفول هو أحد الأطعمة الشعبية منذ عهد الفراعنة، حيث كان يؤكل بعد طهيه بواسطة طمره فى تراب الفرن الساخن، لذا عرف باسم “متمس” ومرادفها اليوم كلمة “مدمس”، وتوجد على جدران المقابر الفرعونية رسومات لزكائب الفول، كان المصريون القدماء يطهون الفول ويسمونه “بيصورو” وهى “البيصارة” حاليا و”الحمص” الذى يعرف الآن باسم “الملانة”، أما العدس فكان من أهم الأغذية التى تقدم كطعام لبناة الأهرام، وطلب قوم موسى عليه السلام من الله سبحانه وتعالى تناول البقول مثل أهل مصر، والمطاعم الراقية والشهيرة فى مختلف دول العالم المتقدم تقدم البقول فى أطباق متنوعة من سلطات أو فواتح شهية أو وجبات مطبوخة.

السيروتونين هو هرمون السعادة والسرور والانشراح والانبساط والمزاج المعتدل والنوم السليم، ويرتبط نقصه مع اضطراب المزاج ومشاكل النوم والسلوك العدوانى والقهرى، حيث نجد مرضى الاكتئاب ذوى السلوك الانتحارى لديهم نقص فى الناقل العصبى سيروتونين وهو الذى يتكون من الحمض الأمينى تريبتوفان.

والبقول أرخص أغذية السعادة والإنشراح التى تمد الإنسان بالتريبتوفان، لماذا لا يتمتع بعض المصريين بسر السعادة الفولية؟ الإجابة لقد تغيرت أنماط الحياة عند المصريين، وأصبحوا من أكثر الشعوب تناولاً للسكر والخبز الأبيض، وأدمن الكثير منهم التبغ و70 % منهم ضحايا التدخين السلبى فى بيوتهم وساهم كل ذلك فى نقص التريبتوفان عند المصريين مما جعلهم لا ينهلون من سعادة طبق الفول، من العوامل التى تؤدى إلى نقص “التريبتوفان” نقص فيتامين بـ6 وهو ضرورى لتحويل التريبتوفان إلى السيروتونين، وتناول الخبز الأبيض الخالى من الردة يحرم الإنسان من هذا الفيتامين وتناول كميات كبيرة من السكر وإدمان التبغ أو الكحول أو المخدرات والإصابة بمرض السكر وعدم إضافة فيتامين سى للبقول ولهذا يجب إضافة الليمون الطازج أو الفلفل الطازج بألوانه للبقول أو كمكونات للسلاطة المصاحبة للبقول، كما يفيد التريبتوفان فى إنتاج السيروتونين يفيد فى إنتاج هرمون الميلاتونين الذى له دور أساسى فى الساعة البيولوجية فى الانسان وتنظيم عمليه النوم وهو مضاد للأكسده يمنع السرطانات ومنشط قوى للجهاز المناعى يحد من أمراض المناعة الذاتية وله دور فى الأعمار وتأخير الشيخوخة.

يفيد التريبتوفان أيضا فى إنتاج النياسين وهو فيتامين بـ3 الذى يفيد فى إنتاج الطاقة ويحسن الشهية والهضم خاصة فى مرضى السكر، ويحتاجه الجسم لإصلاح وترميم DNA والاستفادة المثلى بالكالسيوم، ونقص الناياسين يسبب مرض البلاجرا الذى يسبب التهابات جلديه تبدأ باحمرار الجلد، ثم حساسية تنتهى بتبقع الجلد باللون الداكن وزيادة سماكة الجلد مع إسهال مزمن وآلام فى البطن واضطرابات عقليه تسبب القلق والعصبية الزائدة.

البقول ترفع المناعة وتوفر البروتينات والعديد من الفيتامينات والأملاح المعدنية، توفر البقول حمض الأرجينين وهو هام جدا لالتئام الجروح والحروق لأنه يساهم بقوة فى تكوين البروتينات، ومنها الكولاجين ويحفز الانقسام الخلوى و يساهم فى إفراز العديد من الهرمونات كهرمون النمو وتأخير الشيخوخة وله دور فى التخلص من الغازات الضارة والأمونيا ويخفض مستوى الدهون الضارة بالدم.

يولد الأرجينين أكسيد النيتريك الذى يوسع الأوعية الدموية ويحد من إلتهابات الجروح، التمثيل الغذائى للأرجينين هام لعمل المخ، يتأكسد الأرجينين إلى غاز أكسيد النتريك، وينتشر هذا الغاز بسرعة من خلية إلى خلية ويعمل كواحد من الموصلات العصبية فى المخ المرتبطة بالتعلم والذاكرة، الأرجينين ينشط المخ والذكاء والتركيز والذاكرة ويزيد من تدفق الدم للمخ ويحد من الاكتئاب.

يدخل الأرجينين فى تكوين الشفرات الوراثية وتخليق البروتينات ويساهم فى إمداد الخلايا المبطنة للأمعاء الدقيقة بالطاقة والحفاظ على كفاءة الغشاء المخطى للأمعاء، الأرجينين يرفع المناعة حيث يزيد فى الإسراع من أعداد كافة الخلايا المناعية خاصة الخلايا الأكولة التى تستفيد به فى كافة وظائفها لتلتهم الخلايا الضارة والميكروبات، يزيد الأرجينين من إفراز وسيط كيمائى يعمل كمضاد طبيعى قوى المفعول ضد الالتهابات يحد من كافه الالتهابات والتفاعلات المناعية التى تسبب ظهور أعراض الحساسية ولولاه لاندفعت الالتهابات تدمر الأنسجة، يعانى مرضى الربو وحساسية الأنف من انخفاض هذا الوسيط وتتناسب نسبته عكسياً مع حدة المرض، توفر البقول الألياف وهى ترفع المناعة وتقلل من معدلات الحساسيات والسرطانات، بمراجعة الوجبات المصرية الحالية يتبين لنا أننا فى حاجة للمزيد من الفول وكافة البقول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *