الأدب

ننشر قصيدة الشاعر أحمد بلبولة فى رثاء الطاهر مكى

تُهَدَّمُ أركانٌ بِنفسكَ تَهْداما

أفى كلّ يومٍ سوف تَدْفِنُ “هَمّاما”
وتُصغى لأعراسِ السماواتِ شاردًا
وتُذهل إذ تَبكى فتَضْحَكُ إِرْغاما
رويدكَ أنتَ ابنُ الحياةِ فَسَمِّها
حياةً وإلا فأْتِ حَتْفَكَ مِقْداما
ستَشْهَدُ أعْمارُ الذين تُحِبُّهُمْ
بأَنكَ ما خَلَّفْتَ إِثْمًا ولا ذَامَا
تَزَوَّجْ وَقُلْ للأرضِ مَرْعاكَ إِنَّنِى
سَأَتْرُكُ مَنْ يَرْعاكِ شَوْكًا وقُلَّاما
نَزورُكِ نَحْنُ الْهالِكِينَ كَأَنَّما
سَنَنْسى بوادٍ -ليسَ يُنْبِتُ- أَرْحَاما
ولا نَتَبَنَّى مَذْهبًا فيَلُومَنا
سِوانا، كما جِئْنا سنَذْهَبُ أَيْتَاما
حَبَبْتُكِ دُنْياى التى لَمْ تُحِبَّنى
ولا أَحْبَبَتْ غَيْرى الذى ماتَ تَهْياما
يموتُ العَلَائِيُّونَ صَمْتًا لِأَنَّهُمْ
تَسَاوَتْ لَدَيْهِمْ وَيْكَأَنَّ وَحَتَّاما
كَأنَّكَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ العُمْرِ قِصَّةً
ولا الطَّاهِرُ المَكِّى أَسْقَاكَهُ جَامَا
يُوافيكَ إِذْ يُعْطِى الدُّرُوسَ وَيَنْطَوى
عَلى نَفْسِهِ فى مَهْبِطِ الوَحْى أَيَّاما
ويَسْأَلُ عَمَّنْ لَيْسَ يَسْأَلُ كُلَّمَا
تَأَخَّرَ عَنْ وعْدِ المَحَبَّةِ واغْتَاما
تَصَالَحَ والدُّنيا فَلَمْ يَنْتَظِرْ ولا
تَعَجَّلَ مِثْلَ الدُّنْيَوِيّينَ أَحْلاما
كِتَابَكَ فاصْحَبْ عاشها غَيْرَ مُهْمِلٍ
تَجارِبَهُ حَتَّى تَنَبَّهَ أو ناما
وصومعةٍ كانت له غيرَ أَنَّهُ
يُصادِقُ قِسِّيسًا ويَرْحَمُ حَاخَامَا
رَفيقٌ بِكُلِّ الطَّيبينَ وطَيِّبٌ
يُسامِحُ أَقْسَى النَّاسِ فى الأرضِ إِيلاما
هو الطَّاهِرُ المَكِّى مِنْ أَيُّما أَتَتْ
شَمَائِلُهُ فَاحَتْ سَلامًا وإِسْلاما
يُنَفِّضُ عَنْ “طُوْقِ الحَمَامِ” غُبارَهُ
ويَنْفُخُ فى رِيشِ الجَناحَيْنِ أَنْساما
عليمٌ بَأَرْضِ “الْوَنْدَلِيّينَ” مُذْ مَشَى
بِقُرْطُبَةَ الخَضْراءِ وانْشَقّ إِلْهَامَا
يُقارِنُ بَيْنَ الشَّرْقِ والغَرْبِ رُبَّما
يَكُوُن الَّذِى تَحْكِى التَّواريخُ أَوْهَاَما
لنخلةِ عَبْدِ اللهِ يَأْوى غَرِيبُها
ويَشْتاقُ نَخْلًا لَمْ يَدَعْ مِصْرَ والشَّاما
ويَرْوى حُروبَ المَلْحَمِيِّينَ ذاكرًا
غُلامًا صَعِيدِيًّا يُحارِبُ أَقْزَامَا
إِلى قَيْصَرٍ يَغْدُو لِيَفْتَحَ أَرْضَهُ
ويَرْجعَ يُزْجِى المَهْرَ خَيْلًا وَأَنْعَاما
وحِينَ يَرَى أنَّ العَروسَ تَزَوَّجَتْ
يُقَسِّمُهُ بالعَدْلِ فى النَّاسِ تَقْسَاما
ويَكْتُبُ لا يَنْفَكُّ يَكْتُبُ هَكذا
يَعِيشُ ولا يَنْفَكُّ يَطْلُبُ أَقْلَاما
ويَنْسَى قُصَاصَاتٍ ويَذْكُرُ أُخْتَها
ويَأْخُذُ فى رَصِّ القُصَاصَاتِ أَعْواما
ويُؤْمِنُ شَأْنَ المُصْلِحِينَ بِنْفْسِهِ
ويَنْفسُ مَنْ لِلَّناسِ قَدْ عاشَ خَدَّاما
ويُفْسِحُ مُسْتَشْفاهُ لِلصَّاحِبِ الذى
يُرافِقُهُ قَسْرًا ويَلْقَاهُ بَسَّاما
بَسيطًا يَرُدُّ الطَّرْفَ عَنْ جُلَسَائِهِ
ويُدْنِيهِمُ مِنْهُ امْتثالًا وإِنْعاما
هُو الطَّاهِرُ المَكِّى آخِرُ سَيِّدٍ
نُشَيِّعُهُ -يا مَوْتُ- حُبًّا وإِكْراما
أَتَاكَ الغُلامُ الشَّيْخُ فاجْلِسْ أَمامَهُ
لِتَعْرِفَ أَشْياءً سَتَحْتاجُ إِفْهاما
أَقُولُ وَمِنْ آياتِهِ أنَّهُ إذا
طَرَقْتَ عَلَيْهِ البابَ مِنْ مَوْتِهِ قاما
سلامٌ عَلَيْهِ مُسْتَريحًا بِقَبْرِهِ
ورِضْوانُ رَبِّى اليوم بَرْدًا وتَسْجامَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *