الصحة

التشكيلية الكويتية ريهام الرغيب: “اللون” يعالج الأمراض النفسية.. منتجع طبى للعلاج بالالوان

كتبت: هناء السيد

التشكيلية والناقدة الكويتية د.ريهام الرغيب تعد أول سيدة تحصل على درجة الدكتوراه في في فلسفة النقد الفني التشكيلي في الكويت والخليج. وفضلًا عن ذلك، تتناول الرغيب في عملها الأكاديمي موضوعًا غير مطروق في الدراسات الأكاديمية وهو ما تسميه بـ”الطب اللوني”. ورغم أن “العلاج بالفن” هو أمر معروف منذ القدم، فإن الرغيب تسلط الضوء على اللون نفسه كوسيلة للعلاج من الأمراض النفسية والتعافي من الإدمان، من خلال دراسة خصائص الألوان نفسها دراسة تطبيقية تستند على نتائج ملموسة تتخذ من اللون – بناء على دراسة دقيقة- علاجًا نفسيًا.

 

تقول د.ريهام الرغيب،: دراستي في الفنون عمرها 17 سنة، ابتداءً من التحاقي بالمعهد العالي للفنون المسرحية قسم الديكور المسرحي، وتخرجت الأولى على دفعتي، وكان هناك قرار بوقف معيدي البعثة فعملت بإدارة الفنون التشكيلية بالمجلس الوطني الوطني للثقافة والفنون والآداب، أنظم معارض فنية وأشارك بلوحات وأقابل فنانين مما ساهم في إثراء ثقافتي الفنية، وهم يمثلون ما يماثل وزارة الثقافة بمصر، وبعد سنة أو سنتين ستكون وزارة الثقافة الكويتية. درست بعدها الماجستير في البحرين، بجامعة الخليج العربي قسم التعليم والتدريب عن بعد، وحصلت على درجة الماجستير، وكانت رسالة الماجستير عن تنمية المستوى الإبداعي ورفع دافعية طلاب مقرر التصميم الداخلي من خلال معارض إلكترونية، وكان المشرف الرئيس على رسالتي للماجستير د.شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة المصري الأسبق، وهو طبعًا متخصص في الجيشتالت والمرئي واللامرئي وعلم الجمال.

تقدم الرغيب في بحث لها نظرية أسمتها بـ”الطب اللوني” تتناول التأثير النفسي والروحي للألوان، وفاعليتها كعلاج للأمراض النفسية بناء على دراسة علمية تحدد خصائص كل لون وتأثيره النفسي، وعن البحث تقول: البحث هذا بحث بعد الدكتوراه، يقوم على أننا عندما نرى بعضنا البعض نرى صورًا، نرى ألوانًا، نحن ملونون حتى داخلنا وكل شيء، الإلكترونات والذرة بأنويتها داخلها طاقة، والطاقة لها لون وتردد. هذا غير الألوان التي لا نستطيع أن نراها.

وتضيف: بعد سبع عشرة سنة من الخبرة والدراسة الأكاديمية في الفن التشكيلي واللون، توصلت لعلاج الاكتئاب الحاد، وهذه الحالات التي عملت معها لم أكن أنا التي شخصتها لأنني لا أملك الصلاحية لتشخيص الأمراض النفسية، الأطباء النفسيون الكويتيون هم من شخصوا تلك الحالة بالاكتئاب الحاد المريضة كانت تعاني اكتئابًا حادًا نتيجة وفاة ابنها، فكانت لمدة سنة ونصف السنة تبكي بالحدة نفسها كأنها لأول مرة تسمع خبر وفاته، هي من محيط معارفي، فأردت مساعدتها.

وتوضح: كانت تتعاطى أدوية لعلاج الاكتئاب، وهذه الأدوية لها أعراض جانبية خطيرة منها المزاج المتقلب الرهيب وعدم الرغبة بالحياة، وتنتهي فائدتها بانتهاء مفعول الدواء. اللون لا يعمل بهذه الطريقة، ليس له أعراض جانبية إذا استخدم بشكل صحيح بالألوان الصحيحة من قبل متخصصين.

وتشير إلى خطورة التعامل مع هذه التقنية في العلاج من قبل غير المتخصصين قائلة: مثلًا لو أن شخصًا لا يعرف الألوان يستخدم اللون الأحمر مع مريض بارتفاع ضغط الدم، سينفجر هذا الشخص، المتخصص يعرف أن اللون الأحمر لون إثارة، قمة، لون عال، غير مناسب مع هكذا شخص، هنا نختار له مثلًا الأزرق، أعطيه الوردي، لابد من إنسان متخصص يفهم هذه الأمور.

وعن التطبيق العملي الأكثر توسعًا لهذا العلاج تقول: خلال عام ونصف تعاملت مع المركز العربي للتنمية البشرية بالقاهرة، أجري تجاربي لديهم، فتحوا لي الباب ومدوني بالعينات وطبقنا التجربة، وفي الكويت تعاونت مع مركز للعلاج من الإدمان من خلال العمل على 10 حالات، وكانت النتائج جيدة للغاية، إلى أن جاءتني حالة الاكتئاب الحادة، وكانت هذه حالة صعبة لأنها معرضة للانتحار. بعد العمل معها استجابت وانقطعت عن تناول الأقراص الموصوفة لحالتها واكتفت بالعلاج حسب التجربة.

وتشير الرغيب إلى أنها وضعت سبع خطوات للمتلقي حسب الحالة، “فالحالات البسيطة قد لا تحتاج سوى لجلسة واحدة، ولكن حالات مثل الاكتئاب الحاد قد تستغرق عدة شهور”.

“الطب اللوني” مصطلح قد يبدو غريبًا على الأذن، وعن سبب التسمية تقول: “الطب اللوني” هو مصطلح خاص بي، واخترت هذا المصطلح لأن العرب لديهم مشكلة مع الطبيب النفسي، أي إنسان يزور الطبيب النفسي هو مجنون، يسخر منه الناس، فقررت ابتكار اسم جيد وغريب ويلمس الناس.

وعن سبب اهتمامها بهذه الدراسة، وسلوك هذه الطريق مركز على الألوان كوسيلة للعلاج تعود الرغيب إلى القرآن الكريم، وتحديدًا سورة “البقرة” في الآية التي توصف فيها البقرة بأنها “صفراء فاقع لونها تسر الناظرين”، وتقول: هذه الجملة شغلتني لعام كامل، وبالرجوع للتفاسير وجدت من يقول إن البقرة سوداء وليست صفراء، وأنها من شدة سوادها تعطي انعكاس الزبيب لأنه في اللغة ليس هناك ما يسمى بالأسود الفاقع. اللون هنا هو شعور.

وتضيف: وذهبت إلى المركز العلمي الكويتي وتساءلت حول دور العسل وقيمته الشفائية، فأكدوا لي أن اللون ليس للتمييز فقط، وأن قيمته الشفائية تتحدد حسب لونه الناتج عن المصدر الذي حصل النحل على غذائه منه.

ثمة عدد من المؤسسات في أوروبا وأمريكا تنظم ورشات للمرضى والنفسسين لعلاج بالنفس، من خلال مشاركة المرضى بورش فنية حيث يشاهدون أعمالًا فنية مختلفة، فضلًا عن صناعة أعمال فنية بأنفسهم، ولكن دراسة الرغيب تعطي للعلاج طابعًا علميًا، من خلال الوقوف على العنصر المؤثر والفعال، وهو اللون، دارسة خصائصه المميزة، وحول ذلك تقول: العلاج بالفن موجود منذ القدم، والعلاج باللون موجود منذ آلاف السنين في الحضارة المصرية والصينية والهندية، ولكن ما فعلته هو أنني اكتشفت طريقة الدواء، ما أهم شيء في العلاج، وهو اللون.

لا يقتصر الأمر – بالنسبة للرغيب- على استخدام الفن كعلاج للمرض النفسي، وإنما تراه – وبخاصة اللون- عنصرًا مهمًا يجب مراعاته كمؤثر مهم على حياة البشر، وكعنصر مهم من عناصر تكوين شخصياتهم والتأثير على حالتهم النفسية، حيث تقول: علينا كعرب أن يكون لدينا وعي بثقافة اللون، حتى بالبيوت يجب الاهتمام باللون. حتى الشوارع، لماذا لا يكون هناك اهتمام بالألوان؟

وتضيف: أنا أطالع الأمر من منظور نفسي، هذا الأمر يؤثر على نفسية المواطنين، زينوا الشوارع بالألوان ولنر بعد ذلك كيف سيؤثر ذلك على نفسية البشر في الشوارع، كلنا لدينا حاجة لإشباع اللذة الجمالية، بأن نطالع الجمال. لم لا ننظف الأماكن الشعبية ونلونها ونهتم بإضاءتها؟ لماذا لا تكون الجسور والأنفاق أعمالًا فنية. لماذا لا نؤسس حملات للرسم في الشوارع مثلًا، وإن كانت هناك بعض المحاذير فلم لا توزع تصاريح ونوفر لهم الألوان مع وضع فريق مشرف من الفنانين التشكيليين.

تحلم الرغيب بأن تنشئ “منتجعًا للطب اللوني”، مشيرة إلى أنها تمتلك تصورًا كاملًا عن هذا المنتجع وكيفية تقديمه للخدمات العلاجية، مضيفة: هذه دعوة للمؤسسات الخيرية وكل من يمتلك القدرة على دعم هذا المشروع لأن هذا المشروع لن يعالج مرضى الاكتئاب فقط، وإنما كذلك مرضى العصبية والتوتر، لدي خطة لتصميم غرف للعلاج في كل مكان.

وأضافت مشروعي سيكون خيريًا، فقط ينتظر الأمر التمويل بسبب ما يتكلفه هذا المشروع من أموال، ولن يدفع المرضى أية تكاليف، بعد أن يتم تشخيص الحالة من قبل الطب النفسي يمكن للمريض أن يأتي إلى “المنتجع” للعلاج بالمجان، لن يكون ذلك حكرًا على الأغنياء أو القادرين.

وعن مدى استعدادها لهذا المشروع تقول: لدي الآن فريق كامل مستعدون لإدارة مركز مثل هذا، منهم الاستشاري بالأمراض النفسية الدكتور عماد نصير، الذي اطلع على الحالة، ورأى المؤشرات وأكد على صحة الخطوات، وهناك الناقد التشكيلي البروفيسور مصطفى يحيى مستعد للتعاون معي وعندي نخبة من المتخصصين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *