آراء وتحليلات

مايو 1979م الليلة التى لم تنم فيها العريش

بقلم / سهام عزالدين جبريل


تأتى اليوم ذكرى 26مايو 1979م وهى ذكرى عزيزة وغالية مسجلة بكلمات من نور فى تاريخ الوطن وهى ذكرى رفع العلم المصرى على مدينة العريش عاصمة سيناء ، ذكري ليوم لم تنم فيه هذه المدينة الباسلة ، التى اشرقت يومها اشراقة أضاءت الكون عندما إحتضن فيه الوطن ابنائة على أرض العريش بعد سنوات مريرة من احتلال دام اثنتا عشر عاما عجافا ، إنه مشهد ليوم عظيم من تاريخ الوطن ،
ويشهد يوم 26 مايو 1979 رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام .
والذى جاء على أثر انتصار مصر فى حرب أكتوبر 1973، وبعد 16 يوماً من بدئها بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير الأرض عن طريق المفاوضات السياسية ، حيث صدر القرار رقم 338 والذى يقضى بوقف القتال بدءاً من 22 أكتوبر 1973 بعد تدخل أمريكا والدول الأعضاء فى مجلس الأمن، ودخلت مصر وإسرائيل فى مباحثات عسكرية للفصل بين القوات، الأمر الذى أدى إلى توقف المعارك فى 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى سيناء، وبدأت سلسلة المباحثات بمباحثات الكيلو 101، ثم اتفاقيات فض الاشتباك الأولى فى يناير 1974، والثانية فى سبتمبر 1975،
ثم كانت مبادرة الرئيس الراحل أنور السـادات بزيـارة القدس «فى نوفمبر 1977»، وفى 5 سبتمبر 1978 وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكى بعقد مؤتمر ثلاثى فى كامب ديفيد، وتم التوقيع على وثيقة كامب ديفيد فى البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ووقعت مصر وإسرائيل فى 26 مارس 1979 معاهدة السلام وفقاً لقرارى مجلس الأمن 242 و238 اللذين قضيا بسحب إسرائيل لقواتها المسلحة والمدنيين من سيناء وأن تستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء، وتم تحديد جدول زمنى للانسحاب، وفى مثل هذا اليوم 26 مايو 1979 تم رفع العلم المصرى على مدينة العريش، وانسحبت إسرائيل من خط العريش – رأس محمد، وفى 26 يوليو 1979 كان الانسحاب من أبوزنيبة حتى أبوخربة، وفى 19 نوفمبر 1979 من سانت كاترين ووادى الطور، وفى ‏25‏ إبريل ‏1982‏ تم رفع العلم المصرى على مدينة رفح وشرم الشيخ، ثم عادت طابا فى 30 سبتمبر 1988، وصار هذا اليوم عيداً قومياً، مسيرة كفاح وطنى بدأت بتحية الانتصار ثم ماتلاه من معارك ومفاوضات بعدة أشكال عسكرية ودبلوماسية ، ولايفوتنى هنا الا ننسى هؤلاء الابطال العظام الذين كانوا يديرون مرحلة استلام مدينة العريش التى سبقت الإجراءت الرسمية لرفع العلم على مدينة العريش ، وعلى رأسهم الفريق صفى الدين أبو شناف رئيس أركان حرب القوات المسلحة ، بطل من ابطال اكتوبر ورئيس اللجنة العسكرية المصرية فى مفاوضات السلام واستلام مدينة العريش عام1979م ، كان صديق لاسرتى ولكثير من عائلات مدينة العريش ،
واتذكر تواجدة الدائم فى مدينة العريش خلال فترة عملية التسليم والاستلام فى المرحلة الاولى من تسليم المنطقة (أ)والمنطقة (ب ) فى مايو عام 1979، والمرحلة الثالثة المنطقة (ج) فى ابريل 1982م ،،،
ومما لاشك فيه أن يوم 26مايو 1979م كان البداية وكانت حالة الاستعداد لهذه اللحظة حالة اختلط فيها الحلم الذى كان مستحيلا فى بعض اللحظات مع من واقع حيى كان غير مصدق أذاب جبال من سنوات طويلة من حزن ومعاناة ، وازاح سنوات اسدلت فيها ستائر العتمة والظلام ، واقع فرض نفسه مثل الحلم الجميل الذى ترسم أطيافة فى كل الارجاء يشارك فيه الجميع صغار وكبار كان الجميع اهالى ومسؤليين ، يسعى ويتسابق لإخراجة بأجمل صورة ممكنة كانت لمسات الحب والفرحة تغمرنا جميعا ، إنها لحظات عظيمة من عمر الوطن والارض التى حرمت سنوات وسنوات وعانت ـأشد المعاناة من سنوات حرمان طالت وطالت كنا نرسم العلم ونزينة بباقات الزهور ونفرغ النسر ونلونه علي حوائط شوارعنا وجدران بيوتنا وابواب مدارسنا ، كنا نرسم الوطن فى قلوبنا وعلى صدورنا ، ونحملة فى عيوننا بأجمل الصور ، وتنستبشر به وجوهنا ،،،
كانت أفراحنا لاتنتهى ، ولم تكن مديتنا تنام ليلها من فرط فرحتها الغامرة ،،،
ذكرياتنا لهذه الأيام كانت كأطياف الفراشة السحرية تتراقص بجناحيها وألوانها الجميلة لترسم هالات السعادة واقواس النصر على أرضنا الطيبة ،أحلي ايام عاشتها سيناء وأيقونتها العريش الصامدة هي أيام السلام ورفع العلم المصرى خفاقا عاليا فى سماء العريش المحررة التى تنفست نسائم الحرية بعد سنوات وسنوات طويلة من الحرمان ، وإستمرت أفراحنا طوال العام كل يوم مسيرة من الفرح بعوده سيناء لمصر، واحتضان الوطن ، وفتحت بيوتنا ابوابها لكل زائر وكل مشتاق لتطفئ اشواق سنوات عصيبة من الظمأ والحرمان ، وإجتمع شمل الاسر بعد الهجرة والتشتيت ، يالها من ذكرى عظيمة نسجلها للأجيال حتى يعلموا ان النصر دوما حليف ومضياف على ارضنا الطيبة .
خالص تحياتى/ سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *