آراء وتحليلات

كرواتيا بطلة المونديال

بقلم / سهام عزالدين جبريل

من وجهة نظرى أن فوز فرنسا فى المونديال وتتويجها بطل العالم هذا العام ، لم يقلل من قيمة التفوق الكرواتى ، المنتخب الذى لفت أنظار العالم ، ولاقى إستحسان وقبول معظم شعوب العالم ، حتى من خارج جمهور المستطيل الأخضر ، وأصبح نجم المنتخب الكرواتى صاعدا فى الأفاق ، نموذج جميل جديد ومتميز بل شغل كثير من الشعوب وحازعلى إعجابهم فيكيفيه شرفا أنه قدم نموذج مختلف ممكن يكون حافز ونموذج لشعوبنا ودولنا التى لابد أن تقدم نجاحات مختلفة عن نجاحات الغرب بحماس وبقوة وحضور ،
حقا شبابنا محتاج النموذج والمحفز لتحقيق نجاحات تعطى أفا ق لنظرة جديدة من دول تجتهد وتشارك فى صناعة مستقبل لعالم جديد ومتغيرات لغد أفضل ،
كرواتيا البلد الصغيرة التى تقع فى شبه جزيرة البلقان لفتت أنظار العالم وأسرت قلوب الكثير عدد سكان كرواتيا ٤ مليون نسمة قدموا نموذج رائع ، كتبوا على حافلتهم في كأس العالم
“بلد صغيرة.. أحلام كبيرة” ووصلوا لنهائي كأس العالم وكان الكثير يتمنى بأن أحلام الصغار تتحق من أجل كرواتيا تلك البلد الصغير من بلاد البلقان ، والتى كانت تابعة للإتحاد اليوغسلافى ، حتى اوائل التسعينات ، إستقلت عنها خلال حرب الإستقلال الكرواتية في الفترة بين 1991 حتى 1995. وعاشت مراحل صعبة من الحروب والتوترات وعدم الإستقرار ، حتى سنوات قريبة ، وحدثت تغيرات ديمجرافية شديدة فى الخريطة السكانية بها
الى جانب التغيرات السياسية بعد سقوط المعسكر الشرقى فى اواخر الثمنينات ،
ولذا فإن التاريخ الديمغرافى لكرواتيا يتميز بالعديد من الهجرات الضخمة ، والتغيرات الحادة بدءاً من وصول الكروات إلي منطقة البلقان ، وفقاً لما كُتب في القرن العاشر للإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع ، فقد وصل الكروات إلى البلقان في أوائل القرن السابع، ومع ذلك فإن هذا الإدعاء مختلف عليه، فهناك فرضيات تؤرخ حدث وصولهم بين القرن السادس والقرن التاسع ، بعد إنشاء اتحاد بين كرواتيا والمجر عام 1102، والانضمام لإمبراطورية هابسبورغ عام 1527 بدأ يتزايد عدد السكان الناطقين بالمجرية والألمانية في كرواتيا الحالية، مع الوقت ظهرت عمليات التمجير والألمنة والتي تفاوتت في حدتها على مر السنين ، ولكنها إستمرت حتى القرن العشرين ،
ومع بدء الفتوحات العثمانية في البلقان تشجع البعض على الهجرة جهة الغرب من الأرض التي يسكنها الكروات، فكروات بورغنلاند بالنمسا الآن هم أحفاد بعض هؤلاء المستوطنين ، دعا كروات هابسبورغ السكان المسيحيين الأرثوذكس في البوسنة وصربيا للإقامة في كرواتيا ليحلوا محل الذين هربوا لتوفير الخدمة العسكرية في الحدود الكرواتية العسكرية، وقد كانت الهجرة الصربية في هذه المنطقة بلغت ذروتها في الفترة بين 1737-1739م ، كذلك حكمت جمهورية البندقية مناطق إستريا ودالماسيا، وبعد الحروب الخامسة والسابعة العثمانية البندقية ، حصل نمو تدريجي للسكان الناطقين بالإيطالية في تلك المناطق، وبعد انهيار الإمبراطورية النمساوية المجرية عام 1918، انخفض عدد السكان المجريين، وخاصةً في المناطق الواقعة شمال نهر درافا، رغم أنها كانت تمثل أغلبية السكان قبل الحرب العالمية الأولى ،،،]
وتأتى الفترة ما بين 1890 والحرب العالمية الأولى تميزت بالهجرة الاقتصادية كبيرة من كرواتيا إلى الولايات المتحدة، وخاصة إلى مناطق بيتسبرغ وكليفلاند وشيكاغو. وإلى جانب الولايات المتحدة، وكانت الوجهة الرئيسية للمهاجرين أمريكا الجنوبية، وخاصةً الأرجنتين وتشيلي وبوليفيا وبيرو. ويقدر أن 500,000 كرواتي أقام بهذه البلاد خلال هذه الفترة.
وبعد الحرب العالمية الأولى، فإن التركيز الرئيسي من الهجرة تحول إلى كندا، حيث استقر حوالي 15,000 شخص قبل بداية الحرب العالمية الثانية. خلال الحرب العالمية الثانية والفترة التي تلت الحرب مباشرة، كانت هناك زيادة كبيرة بعدد السكان الناطقين بالألمانية، والألمان الذين إما أجبروا أو اضطروا لمغادرة البلاد مما أدى لخفض عددهم في يوغوسلافيا من 500,000 نسمة الذين يعيشون كأقلية في الوقت الحاضر في أجزاء من كرواتيا وصربيا، إلى 62,000 سجلوا في تعداد عام 1953. وقد عان من مصير مماثل السكان الطليان في يوغوسلافيا الموجودين حالياً كأقلية في أجزاء من كرواتيا وسلوفينيا، وقد غادر اعداد كبيرة منهم إلى إيطاليا. خلال الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين في يوغوسلافيا كان الألمان النازحين يعيشون في المناطق الجبلية في البوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود، ويهاجرون إلى المدن الكبرى بدعوى تطوير الصناعة. في الستينات والسبعينات من نفس القرن، موجة أخرى من السكان المهاجرين لأسباب اقتصادية تركوا كرواتيا. انتقل معظمهم إلى كندا وأستراليا ونيوزيلندا ودول أوروبا الغربية. خلال هذه الفترة ، وبحلول منتصف السبعينات حدثت هجرة كرواتية إلى أستراليا، توجد مجتمعات كبيرة للمهاجرين الأوروبية خاصة من الكروات في ألمانيا والنمسا وسويسرا، والذين استوطنوا بهذه البلاد نتيجة هجرات معظمهم في الستينات والسبعينات من القرن العشرين.]
جاءت هجرات كبيرة نتيجة حرب الاستقلال الكرواتية الاخيرة في الفترة بين 1991 حتى 1995. في عام 1991، نزح أكثر من 400,000 من الكروات ومجموعات عرقية أخرى من غير الصرب بسبب القوات الصربية الكرواتية أو فروا من العنف في المناطق ذات الكثافة السكانية الصربية الكبيرة.، وخلال الأيام الأخيرة من الحرب في عام 1995، فرّت اعداد كثيفة من الصرب من البلاد قبل وصول القوات الكرواتية أثناء عملية العاصفة. بعد عشر سنوات من الحرب، عاد من اللاجئين الصرب ما بين 117,000 من 300,000 من الذين نزحوا خلال الحرب كلها، معظم الصرب في كرواتيا الذين بقوا لم يعيشون في المناطق المحتلة خلال حرب الاستقلال الكرواتية. الصرب فقط عادوا جزئياً للمناطق التي استقروا في المناطق التي سكنوها سابقاً، ولكن بعض المناطق التي قطنها الصرب هدمت لاحقا من قبل اللاجئين الكروات من البوسنة والهرسك، معظمهم من جمهورية صرب البوسنة ،
وتعتبر الأديان الرئيسية في كرواتيا هي المسيحية بطوائفها والإسلام ،
بصر احة وبرغم هذا التاريخ الصعب لكرواتيا حيث أنها فى منطقة التماس بين صراع الامبراطوريات القديمة وايدلوجيات التاريخ الحديث وضراع القوى الدولية ومتغيراتها المحورية ، وما ورثته هذه المنطقة من صراعات وحروب وازمات ، وحتى سنوات قريبة إستطاع شباب كرواتيا أن يقدموا نموذجا مختلفا من خلال شعوبا اقل حظا فى التقدم والنجاحات الدولية . وفعلا استطاعوا ان يصدروا نموذجا يمكن أن يكون فرصة للشعوب الاقل حظا وليكن الشعار الاجتهاد الذى يبعث امل جديد حيث ملت كثير من شعوب العالم النامى من بطولات الغرب وتحدث الكثير عن النموذج الكرواتى وتمنوا له الفوز تحت شعار لنكن شرقيين حتى لو اوربا الشرقية لتقدم نموذج جميل للعالم نموذج نجاح بطعم مختلف
فتحية الى كرواتيا ، لقد قدمت نموذج ناجح رئيس دولة ناجح من خلال المراة وقدمت نموذج نجاح رياضى خلال شبابها المجتهد والطامح للنجاح وقد تلية نجاحات اخرى يمكن أن تكون فى مجالات اخرى ، ومن الممكن أن تكون تحفيز لدول اخرى فى منطقتنا ، إنه نموذج يحث دول العالم النامى المطحون فى دائرة الكفاح من اجل حياة كريمة وغد أفضل وشبابها وشعوبها الطامحة والمتشوفة للتقدم والنجاح ، لان فعلا شعوبنا التى يمثل شبابها قاعدة بشرية كبيرة وتمتلك طاقة خلاقة ، محتاجة لتقديم نموذج محفز لها من خارج النموذج التقليدى الذى حولنا الى شعوب ندور فى فلكة ونصفق لنجاحاته .

خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *