آراء وتحليلات

المصري الذي أدهش الفرنسيين

بقلم: عادل فهد المشعل

الكاتب والفنان التشكيلي الكويتى عادل فهد المشعل

كنت وما زلت اقول بكل ثقة ان جمهورية مصر العربية هي هبة النيل،وهي نقطة تراكم الحضارات لذا فانها قادرة على التكيف مع كافة الظروف التي تمر بها ،فهي شامخة وهي عميقة وهي قادرة على التأقلم مع مختلف الظروف التي تمر بها،ولان الانسان المصري هو نتيجة تراكم حضارات سادت ثم بادت على ارض النيل المصرية فانه مبدع في كافة المجالات،وانه قادر على انتزاع ما يستحق تبعا للظروف المحيطة به وانه قادر على ان يبعث بالدهشة لدى الاخرين.
وفي الدول المتقدمة في قارة اوروبا وفي الولايات المتحدة الامريكية وكندا فانك ستجد مصريا له بصمة مرموقة في العلم والادب والرياضة والتجارة والفنون على اختلاف اقسامها،وهذا لم يكن محض صدفة بل جاء كنتاج انساني من ارض طيبة تنتج الانتاج الانساني الراقي.
واليوم سوف نتحدث عن اسم فنان مصري أدهش الفرنسيين بصورة كبيرة وما زال اسمه نجما ساطعا في سماء الابداع الفرنسي.
انه الفنان التشكيلي النحات المصري محمود مختار الذي عمل مديرا لمتحف جريفين بالعاصمة الفرنسية باريس،وكان ذلك اثناء الحرب العالمية الاولى.
وعلى الرغم من انه عاش منعما في فرنسا الا ان الحضارة المادية الغربية لم تكن قد اسرت فؤاده ولب تفكيره فكان صامدا في وجه تلك الحضارة القوية لانه جاءها من تراكم حضارات عدة في مصر العروبة والاسلام.
ويعتبر محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر الشهير احد اهم النحاتين المصريين،وقد ولد في عام 1891م وتوفي في عام 1934م،وقد درس في مدرسة الفنون الجميلة حيث برزت ابداعاته في مصر ثم في باريس،وبرزت ابداعاته منذ ان كان طفلا حين كان يقوم بتشكيل الطين قرب الترعة التي كانت المنبع الرئيس للبيئة التي ترعرع بها ثم كانت انطلاقته حيث تم صقل الموهبة بالدراسة.
ومن اهم ميزاته انه ينطلق من هويته المصرية في تقديم أي تمثال فجذب اليه عشاق الفن الحقيقي في فرنسا خاصة النحت بل ان الكثير من النقاد الفرنسيين تناولوا اعماله النحتية بايجابية.
وكان للامير يوسف كمال صاحب المدرسة الفنية دور في تهيأة محمود مختار للمستقبل الباهر ثم مدرسه الامر الذي يعكس الدور الذي يلعبه الاخرين في تمهيد الطريق نحو المواهب الشابة كي تبدع كثيرا في المستقبل،ولعل هذا ما ينقصنا في الوطن العربي.
وفي عام 1931م هاجم المرض مبدعنا فقرر العودة الى بلده مصر الحبيبة،وكان قد اجرى عملية جراحية لم يتحمل جسده تبعاتها الى ان توفي في عام 1934م بعد ان كان له الدور الكبير في انجازات كثيرة منها انشاء مدرسة الفنون الجميلة العليا وفي ايفاد البعثات للفنانين التشكيليين المصريين للدراسة في اوروبا ثم بقيت ابداعاته ومتحفا فنيا يحمل اسمه كانت وزارة المعارف قد قامت بدور كبير ليظهر الى النور في عام 1938م حيث تم استرجاع الكثير من اعماله الواقعية التي تتناسب مع شخصيته التلقائية،وكان اول فنان مصري يقيم تماثيله في الميادين العامة لانه يثق بأدواته الابداعية وقد تنازلت اسرته بعد وفاته عن اعماله الابداعية للدولة شرط ان تقوم باقامة متحف خاص بها فكان ذلك في عام 1962م.
ان اسما فنيا مصريا بحجم مختار محمود يعكس عميق الابداع المصري الذي وصل الى العالمية،وهناك ابداعات مصرية كثيرة في مجالات مختلفة كما ذكرت في مقدمة المقالة حيث ان كل مبدع منهم يستحق كتابة كتب وليس مقالات فتلك مصر التي تشع كالشمس بين الدول وكما يقول المثل الكويتي “الشمس ما تغطى بمنخل”،وانتبهوا لان في كل حقبة توجد ابداعات مصرية فالامر ليس متوقفا على الفترة السابقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *