كيف واجه العالم الأوبئة الأكثر انتشارا قديما.. عزل وحجر صحى أبرز الإجراءات
شهد العالم على مر التاريخ العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة كانت بعضها أوبئة محصورة بدول أو نطاق جغرافي معين وكان بعضها أوبئة عالمية، وحصدت تلك الأوبئة أرواح ملايين البشر وتسببت في تغيرات اجتماعية واقتصادية في العالم بأسره، بل ومنها جوائح غيرت مجرى التاريخ.
وشهدت العصور الوسطى فى مصر وأوروبا العديد من الأوبئة الأكثر فتكا بالناس، منها الطاعون الذى اطلق عليها “الموت الأسود” وطاعون جستنيان، وطاعون عمواس بمنطقة الشام، وفى العصر الحديث نجد الكوليرا والجدرى والإنفلونزا الإسبانية وغيرها من الأوبئة. لكن يبقى السؤال كيف واجه العالم في تلك الفترة تفشى تلك الأوبئة القاتلة، والسبل التي اتخذتها السلطات في تلك الأوقات للحفاظ على حياة الناس؟
طاعون جستنيان
ظهر طاعون جستنيان أول مرة في مصر عام 541م بعدما انتقل إليها من مكان أوروبا عبر الرحلات التجارية بين ميناء الإسكندرية إلى القسطنطينية في عهد الإمبراطور جستنيان، ولذلك أُطلق على الطاعون اسم “طاعون جستنيان”، وبحسب ما تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “bbc” لم يتخذ الناس آنذاك إجراءات حازمة ضد انتشار المرض الذي أصاب حتى حيوانات الشوارع ونفق منها الآلاف وأهمل الناس في دفنها بصورة سليمة مما أدى إلى تفشي الطاعون أكثر، وكان للطاعون تبعات اقتصادية كبيرة على مستوى العالم لتسببه في وقف حركة التجارة تماماً بين المدن، وأعاق جهود الإمبراطور جستنيان فى توحيد أراضي روما الشرقية والغربية، وأضعف من قوة بيزنطة مما سهل على الدول الأخرى استرداد أراضيها.
طاعون عمواس
كان طاعون عمواس، واحد من الأوبئة التي ضربت بلاد الشام خلال عهد الخليفة الراشدى الفاروق عمر بن الخطاب، في عام 640م، وذكرت العديد من كتب التراث الإجراءات التي اتخذها ثانى الخلفاء الراشدين في هذا الوقت إذ امتنع عن دخول المدينة وأمر بعدم دخولها وعدم خروج المصابين منها، وهو ما يعده البعض أول الطرق العملية لتطبيق أسلوب الحجر الصحي وعزل المناطق الموبوءة منعاً لتفشي المرض وهي الطريقة التي تشبه الإجراءات التي اتخذتها الحكومات العالمية الآن في التعامل مع تفشى فيروس كورنا المستجد.
طاعون لندن العظيم
يعد أعظم الأوبئة التي ضربا المملكة التي لا تغيب عنها الشمس على مدار التاريخ، ظهر طاعون في هولندا عام 1664 وانتقل مع سفن التجارة إلى لندن عام 1665 ليفتك بسكانها ويقتل نحو ربع سكان المدينة، انتشر الطاعون بسرعة أكبر في الأحياء الفقيرة لانعدام الرعاية الصحية بينما غادر الملك تشارلز والنبلاء وكبار التجار المدينة للهروب من الطاعون ومنع الفقراء من مغادرة أسوار المدينة، كما منع المواطنون من الخروج من المنزل إذا ظهر فيه أي حالة إصابة كما كانت توضع علامة على المنزل لمنع الاقتراب منه، وبذلك كان يعزل المرضى ويمنع اقتراب الأصحاء منهم، إلا أن ذلك كان يؤدي أيضاً إلى إصابة كل أفراد العائلة بالمرض ومن ثم موتهم. وخصصت عربات تجوب شوارع المدينة لجمع الجثث ودفنها بمقابر جماعية خارج أسوار المدينة.
الجدري
واحد من أكثر الأوبئة التى حصدت أرواح البشر على مر التاريخ، وتفشى الجدرى فى أماكن متفرقة في مختلف أرجاء العالم وفي حقب زمنية مختلفة، وحصد نحو 300 مليون إلى 500 مليون شخص.
تذكر بعض المصادر التاريخية أن أول طريقة لعلاج الجدري اكتشفت في الصين قبل نحو ألف عام، وتذكر مصادر أخرى أن أتراك الأويجور في تركستان الشرقية هم أول من اكتشفها قبل ذلك بكثير وتوارث الأتراك هذه الطريقة إلى أن وصلت إلى الأناضول واستخدمها الأتراك السلاجقة والعثمانيون، وفي القرن الثامن عشر بالتحديد عام 1721 كتبت الليدي ماري مونتاغو زوجة السفير البريطاني لدى الدولة العثمانية رسالة إلى بلادها تتحدث فيها عن طريقة يستخدمها العثمانيون لتحصين أنفسهم من الجدري، عبارة عن أخذ بعض المواد المعدية من جلد الشخص المصاب بالجدري ووضعها في خدوش سطحية بذراع الشخص المراد تحصينه، وقد اعتمدت هذه الطريقة في أوروبا بعد فترة من الرفض. ثم انتشرت هذه الطريقة في العالم كله.
الكوليرا
ضرب وباء الكوليرا العالم عدة مرات منذ القرن التاسع عشر بداية من دلتا نهر الغانج بالهند، وحصد أرواح الملايين حول العالم، وأُنتج لقاح الكوليرا عام 1885 إلا أن استخدام اللقاح لم يقضِ على المرض واستمرت الكوليرا في الظهور وحصد الأرواح في بلدان متفرقة.