الأدب

رحيل عبد الله والد النبى وحزن عبد المطلب.. ما يقوله التراث الإسلامى

مات عبد الله بن عبد المطلب، والد النبى عليه الصلاة السلام، ولم ير ابنه، فقد كان لا يزال محمد جنينا فى بطن أمه السيدة آمنة بنت وهب، وتقول الكتب إن عبد المطلب شعر بحزن شديد على موت أصغر أبنائه، لم يخفف هذا الحزن سوى مولد الحفيد، لكن كيف مات عبد الله، وما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟

يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان “صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام”:

تقدم أن عبد المطلب لما ذبح تلك الإبل المائة عن ولده عبد الله حين كان نذر ذبحه، فسلمه الله تعالى لما كان قدر فى الأزل من ظهور النبى الأمى ﷺ خاتم الرسل، وسيد ولد آدم من صلبه، فذهب كما تقدم فزوجه أشرف عقيلة فى قريش آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية. فحين دخل بها وأفضى إليها حملت برسول الله ﷺ.

 
وقد كانت أم قتال رقيقة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل توسمت ما كان بين عينى عبد الله قبل أن يجامع آمنة من النور، فودت أن يكون ذلك متصلا بها لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد ﷺ، وأنه قد أزف زمانه فعرضت نفسها عليه قال بعضهم ليتزوجها وهو أظهر والله أعلم.
 
فامتنع عليها، فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها كأنه تندم على ما كانت عرضت عليه، فتعرض لها لتعاوده فقالت: لا حاجة لى فيك، وتأسفت على ما فاتها من ذلك، وأنشدت فى ذلك ما قدمناه من الشعر الفصيح البليغ.
 
وهذه الصيانة لعبد الله ليست له، وإنما هى لرسول الله ﷺ، فإنه كما قال تعالى: “اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ” .
 
وقد تقدم الحديث المروى من طريق جيد أنه قال عليه الصلاة والسلام:
” ولدت من نكاح لا من سفاح “
والمقصود أن أمه حين حملت به توفى أبوه عبد الله، وهو حمل فى بطن أمه على المشهور.
 
قال محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر – هو الواقدى – حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدى، وحدثنا سعيد بن أبى زيد، عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة قال: خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة فى عير من عيران قريش يحملونه تجارات، ففرغوا من تجارتهم ثم انصرفوا، فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض.
فقال: أتخلف عند أخوالى بنى عدى بن النجار، فأقام عندهم مريضا شهرا، ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن ابنه عبد الله، فقالوا: خلفناه عند أخواله بنى عدى بن النجار وهو مريض، فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفى ودفن فى دار النابغة، فرجع إلى أبيه فأخبره، فوجد عليه عبد المطلب وإخوته وأخواته وجدا شديدا، ورسول الله ﷺ يومئذ حمل، ولعبد الله بن عبد المطلب يوم توفى خمس وعشرون سنة.
قال الواقدى: هذا هو أثبت الأقاويل فى وفاة عبد الله وسنه عندنا.
قال الواقدي: وحدثنى معمر عن الزهرى أن عبد المطلب بعث عبد الله إلى المدينة يمتار لهم تمراُ فمات، قال محمد بن سعد: وقد أنبأنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه، وعن عوانة بن الحكم قالا: توفى عبد الله بن عبد المطلب بعد ما أتى على رسول الله ﷺ ثمانية وعشرين شهرا. وقيل: سبعة أشهر.
 
وقال محمد بن سعد: والأول أثبت، أنه توفى ورسول الله ﷺ حمل.
 
وقال الزبير بن بكار: حدثنى محمد بن حسن، عن عبد السلام، عن ابن خربوذ قال: توفى عبد الله بالمدينة ورسول الله ﷺ ابن شهرين، وماتت أمه وهو ابن أربع سنين، ومات جده وهو ابن ثمان سنين، فأوصى به إلى عمه أبى طالب.
 
والذى رجحه الواقدى وكاتبه الحافظ محمد بن سعد أنه عليه الصلاة والسلام توفى أبوه وهو جنين فى بطن أمه، وهذا أبلغ اليتم وأعلى مراتبه.
 
وقد تقدم فى الحديث: “ورؤيا أمى الذى رأت حين حمل بى كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام “.
وقال محمد بن إسحاق: فكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله ﷺ، تحدث أنها أتيت حين حملت برسول الله ﷺ فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فقولي:
أعيذه بالواحد من شر كل حاسد
من كل بر عاهد وكل عبد رائد
يذود عنى ذائد فإنه عند الحميد الماجد
حتى أراه قد أتى المشاهد
وآية ذلك أنه يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسميه محمدا، فإن اسمه فى التوراة أحمد، يحمده أهل السماء وأهل الأرض، واسمه فى الإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء وأهل الأرض، واسمه فى القرآن محمد، وهذا وذاك يقتضى أنها رأت حين حملت به عليه السلام كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، ثم لما وضعته رأت عيانا تأويل ذلك كما رأته قبل ذلك هاهنا، والله أعلم.
وقال محمد بن سعد: أنبأنا محمد بن عمر – هو الواقدى – حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم، عن الزهرى.
وقال الواقدي: حدثنا موسى بن عبدة، عن أخيه ومحمد بن كعب القرظي، وحدثنى عبد الله بن جعفر الزهري، عن عمته أم بكر بنت المسود، عن أبيها. وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم المزني، وزياد بن حشرج، عن أبى وجزة. وحدثنا معمر، عن أبى نجيح، عن مجاهد. وحدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء عن ابن عباس:
دخل حديث بعضهم فى حديث بعض أن آمنة بنت وهب قالت: لقد علقت به – تعنى رسول الله ﷺ – فما وجدت له مشقة حتى وضعته، فلما فصل منى خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع إلى الأرض معتمدا على يديه، ثم أخذ قبضة من التراب فقبضها ورفع رأسه إلى السماء.
 
وقال بعضهم: وقع جاثيا على ركبتيه، وخرج معه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها، حتى رؤيت أعناق الإبل ببصرى، رافعا رأسه إلى السماء.
 
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا محمد بن إسماعيل قال: أنبأنا محمد بن إسحاق، حدثنا يونس بن مبشر بن الحسن قال: حدثنا يعقوب بن محمد الزهرى قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، حدثنا عبد الله بن عثمان بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن ابن أبى سويد الثقفي، عن عثمان بن أبى العاص قال:
حدثتنى أمى أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله ﷺ ليلة ولدته، قالت: فما شيء أنظره فى البيت إلا نور، وإنى أنظر إلى النجوم تدنو حتى إنى لأقول ليقعن علي.
وذكر القاضى عياض عن الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف، أنها كانت قابلته، وأنها أخبرت به حين سقط على يديها واستهل، سمعت قائلا يقول: يرحمك الله، وإنه سطع منه نور رؤيت منه قصور الروم.

رحيل عبد الله والد النبى وحزن عبد المطلب.. ما يقوله التراث الإسلامى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *