أخبار مصر

سمير عطا الله يكتب.. كتابيوه: الجزء الثاني

يعرف عمرو موسى، أو يتّقن، كيف يجعل من صدور كتاب له، حدثا فى حد ذاته، مثل الأحداث التى يسردها. والخطأ الدائم بين عمرو موسى وبين قارئه، أن القارئ العربى اعتاد من أمين الجامعة العربية أنه شاهد على الأحداث، ومجرد مراقب يدعى إلى حضورها من قبيل اللياقة واستكمال المراسيم.

بعد أن تقرأ مذكرات عمرو موسى، تكتشف أن دور أمين الجامعة معه قد اختلف تماما. ولم يعد ضابط البروتوكول الذى يؤمّن الحضور وتفادى الانفجارات. بل قد أصبح شريكا رئيسيا فى تصويب الاتجاهات العربية، ورسم المخارج الآمنة من الأعاصير، فى عالم عربى قائم على أرض بركانية، مياهه المالحة حروب، ومياهه الحلوة أخطار.

أهم ما فعله عمرو موسى فى الجامعة، أنه ألغى دورها الاعتذارى. ولم يعد يحمل إلى الأعضاء التبريرات، ولا عاد يقبل بالسلوك الاستعلائى لبعضهم. كانت للجامعة رؤية للقضايا، وكان يطرحها بكل وضوح وكل شفافية، ولو أنه يفعل ذلك دائما ما بين الدبلوماسية والحزم.

الجزء الثانى من مذكرات عمرو موسى، «كتابيه» يغطى بالتحديد، الذى أمضاه أمينا عاما، بعد رحلة طويلة فى الدبلوماسية المصرية بدأت أيام جمال عبدالناصر، وانتهت وزيرا للخارجية مع حسنى مبارك. ومن يومها إلى يومنا لم تغب عنه «شبهة» العائلة الوفدية البورجوازية التى ولد ونشأ فيها زمن القاهرة «بتاع أول».

بهذه الشخصية المتعددة المكونات، رسم لنفسه داخل مصر، صورة المصرى المنفتح على جميع أهل مصر، ورسم لنفسه فى العالم العربى، صورة المصرى ــ العربى أولا وأخيرا. ولم يكن ذلك سهلا. لكن عمرو موسى ليس سهلا هو أيضا. وسوف نعثر فى الجزء الثانى من المذكرات على شخصية الجزء الأول: الظرف والصلابة وروح مصر، معاندة أو مقاتلة، أو كما قال شاعره المفضل حافظ إبراهيم «هذى يدى عن بنى مصر تصافحكم».

إذ تبحر فى ذكريات عمرو موسى، تتساءل، ماذا لو لم تكن الجامعة فى مصر؟ ماذا لو كانت ستفرض عليها مشيئة القطر السورى أو القطر العراقى أو النظرية العالمية الثالثة وثقافة اللجان الثورية؟ كُتبت مذكرات عمرو موسى بأرقى الأساليب المهنية الموضوعية، وبلا تفخيمات ذاتية، وبلا ثارات شخصية، وبلا تعابير ومصطلحات من النوع الشائع فى كتابة المذكرات العربية، حيث يتحول السياسى، أو الصحفى، إلى قطب تدور حوله أحداث الأرض. وعندما يضطر نراه يفعل ما فعله إبشالوم مع الشمس.

*كاتب وصحافي لبناني

بعد أن تقرأ مذكرات عمرو موسى، تكتشف أن دور أمين الجامعة معه قد اختلف تماما. ولم يعد ضابط البروتوكول الذى يؤمّن الحضور وتفادى الانفجارات. بل قد أصبح شريكا رئيسيا فى تصويب الاتجاهات العربية، ورسم المخارج الآمنة من الأعاصير، فى عالم عربى قائم على أرض بركانية، مياهه المالحة حروب، ومياهه الحلوة أخطار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *