أخبار مصر

خبير اقتصادي: اتباع نهج الفلاسفة في التفكير هو الوسيلة لهزيمة كورونا

انتهى عام 2020 مثلما بدأ. ففي أوائل ذلك العام أصابت جائحة فيروس كورونا بصدمة الحكومات التي وجدت نفسها في حيرة بين الالتزام بالضرورات العلمية والأولويات الأخلاقية في الوقت الذي انغمس فيه الكثير من الناس في سلوك يتسم بالانانية والتناقض بدا أنه يماثل سلوك أربع شخصيات في الفيلم الدرامي “جلينجاري جلين روس كانوا مستعدين للقيام باعمال غير أخلاقية أو غير قانونية لتحقيق أهدافهم، أوسلوك شخصيات في فيلم” أمير الذباب” الذي يحكي عن صبية بريطانيين تقطعت بهم السبل في إحدى الجزر ويحاولون حكم أنفسهم، وذلك بدلا من إتباع سلوك يمارس في ديمقراطية حديثة.

وقال الخبير الاقتصادي جون اوثرز، في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إن نفس هذه المشاكل تطارد الآن توزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا، والذي يعد بمثابة معجزة الإنجاز العلمي الذي لديه امكانية وضع نهاية للجائحة”، مضيفا: “الفرق الذي يدعو للأسف هو أنه في هذه المرة، كانت لدينا شهور لنفكر في القضايا المطروحة على الساحة ونستعد للتعامل مع الموقف”.

وأضاف اوثرز أن العلماء ومجالس الأخلاقيات المعنية قاموا بهذه المهمة. ولكن يبدو أن السياسيين مازالوا- عن جهل أو خوف- ليسوا على استعداد لقيادة المواطنين في مواجهة الأسئلة المؤلمة التي يتعين طرحها والإجابة عليها.

وفي قلب القضية، بحسب اوثرز، هناك مشكلة فلسفية أربكت الغرب (حيث لا تزال الحريات الفردية أكثر أهمية مما عليه الحال في آسيا) خلال الأشهر الطويلة للجائحة. ورغم خطورة المبالغة في التبسيط ، فإنها تكمن في معركة بين الأفكار التي يمثلها الفليسوفان إيمانويل كانت وجون ستيوارت ميل.

وتابع أنه من حيث المبدأ لم يتعامل السياسيون مع هذه القضية الفلسفية كمشكلة أخلاقية، أو قدموها للناس على هذا النحو. لذلك ربما لايتعين أن يكون مفاجئا أن الثقة في النهج الذي نسلكه، أو في واقع الأمر أي نوع من الوحدة العامة، مازالت صعبة المنال.

وذكر أنه عندما يتعلق الأمر بما يحاول اللقاح تحقيقه، هناك احتمالان كبيران، اولهما، إعطاء اللقاح لمن هم أكثر عرضة لخطر الموت جراء الإصابة بالفيروس، وثانيهما، تطعيم الأشخاص لتقليل انتشاره إلى أدني حد وتعظيم تأثير ذلك.

وأوضح أن هذين الأمرين يثيران مشكلتين خطيرتين، إحداهما أخلاقية و الأخرى علمية؛ حيث تتمثل المشكلة الأخلاقية في أنهما تؤديان إلى برامج مختلفة للغاية بشأن توزيع اللقاح.

وذكر اوثرز أن أحد البرامج يتطابق على نطاق واسع مع إحدى المدارس الفكرية التي تعود على الأقل إلى إيمانويل كانت فيلسوف عصر التنوير في القرن الثامن عشر ، وترى “أننا يجب أن نتعامل دائما مع الأشخاص كغايات في حد ذاتها وليس كوسيلة لتحقيق غاية”.

وقال “في اللغة العامة، هذا يشبه (القاعدة الذهبية) في الانجيل، التي مفادها (حب للاخرين ما تحبه لنفسك)، وبناء على هذه القاعدة، يتعين علينا أولا تطعيم أولئك الأكثر عرضة للخطر من الفيروس”.

وهذا يعني إعطاء أولوية لكبار السن ومن هم في دور الرعاية، ثم توسيع نطاق عمليات التطعيم بشكل مطرد لتشمل الفئات العمرية الأصغر ، وهذا هو ما يحدث في المملكة المتحدة وألمانيا.

أما البرنامج الآخر فإنه أكثر نفعية. وهذه المدرسة الفكرية، مدرسة المذهب النفعي، والتي تعود إلى المفكرين الليبراليين في العصر الفيكتوري بقيادة جون ستيوارت ميل، ترى أنه يتعين علينا أن نهدف لتحقيق الخير الأعظم لأكبر عدد من الناس. ومن ثم يمكن تبرير التضحية بالقليل لإنقاذ الكثير”.

وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تطعيم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس ونشره، حتى لو كانت مخاطر الوفاة لديهم منخفضة، وأن الأطباء وعمال الطوارئ سوف يكونون اول من يتم تطعيمهم، ويتبعهم السجناء، وهذا أمر محل جدل، والأشخاص الذين يتعاملون مع الكثير من الأشخاص الآخرين ، وأولئك الذين يعيشون في المجتمعات العرضة بشكل خاص لنشر الفيروس.

وهناك مشكلة علمية تتمثل في أن اللقاحات المضادة لمرض كوفيد -19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد فعالة بشكل ملحوظ في منع المرض، ولكن الأمر الذي لم يتضح بعد – مثلما تعترف إدارة الغذاء و الأدوية الأمريكية – هو ما إذا كان التطعيم سوف يمنع الناس الذين يتلقونه من إصابة الآخرين، وهذا هو السبب وراء مطالبة الأشخاص الذين تم تطعيمهم بارتداء الكمامات.

وتمثل الجرعات الأولى من اللقاح فقط بداية نهاية الجائحة، وأمامنا كوابيس التعامل مع قضية تداخل الكثير من العوامل عالية الخطورة مع العوامل الاجتماعية.

فالأقليات العرقية والفقراء عرضة لخطر أكبر للإصابة بالفيروس وتحمل ضرر جسيم منه إذا أصيبوا، وإذا قررت الحكومات في جميع أنحاء العالم منحهم الأولوية (وربما يتفق كل من كانت وميل على أنه يتعين عليها ذلك)، فهل سيتم نقل هذا القرار بوضوح كافٍ ليحصل على الموافقة بين أولئك الاشخاص الذين يتعين عليهم الانتظار؟

واختتم اوثرز تقريره بقوله إنه في نهاية عام طرح اسئلة اخلاقية عميقة ومثيرة للقلق، لا تتمثل المأساة فقط في أن هذه التساؤلات تظل بلا إجابات ولكن أيضا في أن المجتمع بأسره، رغم المساعدة من جانب العلماء، وعلماء الأخلاقيات، نادراً ما حاول التعاطي مع هذه التساؤلات، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الأمور سوف تحدث في المستقبل.

وقال الخبير الاقتصادي جون اوثرز، في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إن نفس هذه المشاكل تطارد الآن توزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا، والذي يعد بمثابة معجزة الإنجاز العلمي الذي لديه امكانية وضع نهاية للجائحة”، مضيفا: “الفرق الذي يدعو للأسف هو أنه في هذه المرة، كانت لدينا شهور لنفكر في القضايا المطروحة على الساحة ونستعد للتعامل مع الموقف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *