أخبار مصر

حقيقة استفادة الحفيد من عقد إيجار المسكن.. هل حسمت المحكمة الدستورية النزاع قبل 18 عاما؟

• المحكمة الدستورية وضعت حدًا لتوارث أقارب المستأجر الأصلي لعقد الإيجار بـ3 أحكام قضت فيها بعدم دستورية النص القانوني
• امتداد العقد أصبح مرة واحدة فقط للأقارب المقيمين من الدرجة الأولى فقط (زوج وأولاد ووالدين) تطبيقًا لحكم الدستورية
• أحكام حديثة لمحكمة النقض تفصل في النزاعات القائمة حتى الآن لإثبات آخر “مستأجر أصلي” للسكن.. والمستحق من بعده لمرة أخيرة
• مجلس النواب بدأ مناقشة تعديل القانون في دورته السابقة.. ورغبة في إصلاح النصوص القديمة
قبل 18 عاما وبالتحديد في نوفمبر 2002 وضعت المحكمة الدستورية العليا حدًا لمسألة توارث الأقارب لعقد إيجار المسكن، بحكم قضائي صوب ما أغفله قانون تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الصادر في عام 1977، وسبق ذلك حكمين آخرين بشأن امتداد العقد. وتطبق المحاكم المختصة آثار هذه الأحكام حتى الآن في نزاعات الإيجارات القديمة، في وقت يبحث فيه مجلس النواب تعديل نصوص القانون لتواكب العصر وتصلح العلاقة بين المالك والمستأجر ليس فقط بشأن المسكن.

القانون رقم 49 لسنة 1977 نص في المادة 29 على أنه “لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده، أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.. وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرةً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل”
وتضيف المادة في الفقرة الثالثة “وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد”.

ووفقا للنص فقد ترك القانون الباب مفتوحًا لتوارث الإيجار من جيل إلى جيل، وهو ما أثار العديد من النزاعات القضائية بمجرد وفاة المستأجر الأصلي للسكن، إلى أن أحالت المحاكم المختصة دفوعًا مختلفة لمقيمي الدعاوى تطعن في دستورية نص المادة 29 المشار إليها، إلى المحكمة الدستورية العليا.

• أحكام الدستورية العليا

أصدرت المحكمة الدستورية العليا 3 أحكام قضائية متعلقة بتوارث تأجير المسكن من خلال امتداد عقد الإيجار للأقارب، وفقا للنص الوارد بالفقرة الأولى والثالثة من المادة 29.

الحكمان الأولين صدرا في عامي 1995 و1997، بعدم دستورية امتداد العقد من المستأجر الأصلي إلى المقيمن معه من أقاربه “نسبًا وصهرًا” من الدرجة الثانية والثالثة، ليقتصر هذا الامتداد على كل من (الزوجة والزوج والأولاد والأم والأب) فقط. وقالت المحكمة في ذلك “إن الأقرباء نسبًا وصهرًا -فى مجال تطبيق النص المطعون فيه- يتربصون عادة بالمؤجر، متخذين من إقامتهم في العين المؤجرة للمدة التى حددها المشرع، موطئًا لاستلابها، بعد توقعهم دنو أجل مستأجرها لمرض أو لغيره….”.

الحكم الصادر في 1995 بشأن الأقارب مصاهرة:

اضفط هنا
الحكم الصادر في 1997 بشأن الأقارب نسبًا:

اضغط هنا
وفي 3 نوفمبر 2002 قضت المحكمة الدستورية في الدعوى رقم (70 لسنة 18 قضائية دستورية) بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 29، لعدم نصها على “انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين، بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك”.

الحكم:
حكم الدستورية أكد في حقيقته أمرين، الأول: أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين إذا بقيّ فيها أي من أقاربه من الدرجة الأولى (زوجه أو أولاده أو أي من والديه) الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو تركه للمسكن.

والأمر الثاني أن من يمتد إليه عقد الإيجار لا يصبح مستأجرًا أصليًا -كما جرت القاعدة سلفا-، وبالتالي يعود المسكن إلى مالكه الأصلي (المؤجر)، بوفاة آخر من كانوا يقيمون مع المستأجر الأصلي أو تركهم للمسكن، وهو ما يعني امتداد عقد الإيجار وتوراثه لمرة واحدة فقط.

وراعت المحكمة الدستورية في حكمها عدم تطبيق آثاره بأثر رجعي، ولكن من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية (14 نوفمبر 2002)، وقالت في ذلك إن تطبيق الحكم بأثر رجعي على العقود السابقة من شأنه إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة، تصيب فئات عريضة من القاطنين بوحدات سكنية، وهى خلخلة تنال من الأسرة فى أهم مقومات وجودها المادى، وهو المأوى الذى يجمعها وتستظل به، بما تترتب عليه آثار اجتماعية تهز مبدأ التضامن الاجتماعى الذى يقوم عليه المجتمع”.

ومؤدى عدم تطبيق الحكم بأثر رجعي، أن جميع العقود التى أبرمت -قبل هذا تاريخ نشر الحكم- إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون ستظل قائمة ومنتجة لآثارها القانونية كافة، وكذلك الوقائع التى ترتب عليها التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار للمستحق بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه المسكن، حيث كان يجب تحريرها، إذا ينتج عن ذلك عقودًا قائمة حكمًا ومنتجة لآثارها القانونية أيضًا.

• أحكام النقض قبل نوفمبر 2002

عدم إعمال حكم المحكمة الدستورية بأثر رجعي تطابق مع أحكام محكمة النقض الصادرة قبل نوفمبر 2002، وهي الأحكام التي أقرت باعتبار أي من (الزوجة أو الزوج أو الأولاد أو الوالدين) ممن امتد إليه عقد الإيجار بعد الوفاة المستأجر الأصلي أو ترك المسكن، مستأجرًا أصليًا هو الآخر.

ومن ذلك الحكم الصادر في جلسة 19 مارس سنة 2001 في الطعن رقم 2762 لسنة 69 قضائية، والذي أقر بأنه “إذا توافرت الإقامة بشروطها أضحى من امتد إليه العقد مستأجرا أصليا بحكم القانون، ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجبا عليه”.

تلك الأحكام صدرت على اعتبار أن كل من يمتد إليه عقد الإيجار من المستحقين هو مستأجر أصلي وفقًا للنص القانوني، قبل حكم الدستورية العليا بعدم دستوريته وإبطال مسألة توارث عقد الإيجار إلا لجيل واحد فقط من الأقارب المستحقين.

وبعد حكم الدستورية في عام 2002 أصبح كل “مستأجر أصلي” آنذاك هو آخر من يمتلك هذا الحق، ولا يمتد منه عقد الإيجار إلا لمرة واحدة فقط إلى أقاربه المستحقين من الدرجة الأولى، لينتهي معهم توارث العقد ويعود المسكن إلى مالكه الأصلي.

• أحكام حديثة للنقض

النزاعات القضائية في هذه الشأن كثيرة للغاية، ورغم حسم المحكمة الدستورية العليا للمسألة في عام 2002، نشأت العديد من النزاعات وظلت مستمرة لسنوات طويلة.

وفي عام 2019 صدر حكم محكمة النقض بأحقية امتداد عقد الإيجار للطاعنة بعدما ثبت لوالدتها قانونًا حكم المستأجر الأصلي بامتداد عقد الإيجار إليها من والدها قبل صدور حكم الدستورية في 2002، وبالتالي يمتد عقد الإيجار من الأم باعتبارها مستأجرة أصلية إلى أقاربها المقيمين معها حتى وفاته أو تركها المسكن، لتكون ابنتها آخر من يمتد إليه العقد، تطبيقًا لحكم الدستورية.

الحكم:
هذا الحكم في حقيقته يوضح امتداد عقد الإيجار إلى الحفيدة من أمها وليس من جدها، وهو ما يتوافق مع القانون والمبادئ القضائي السابقة.

وتشير وقائع الدعوى إلى أن مالك المسكن المؤجر أقام دعوى في عام 2016 على حفيدة المستأجر الأصلي الذي حرر معه عقد الإيجار عام 1960 وتوفي في عام 1988 ومن بعده ابنته (والدة الحفيدة) في عام 2005، فقضت محكمة أول درجة بأحقية الحفيدة في امتداد عقد الإيجار إليها من والدتها -التي كان على المؤجر تحرير عقد لها بعد وفاة والدها باعتبارها مستأجرة أصلية-، إلا أن المالك استأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف التي ألغت حكم أول درجة وقضت لصالحه بطرد الحفيدة من المسكن.

لجأت الحفيدة إلى محكمة النقض مستندة في طعنها إلى خطأ محكمة الاستئناف فى تطبيق القانون وتأويله عندما أسست قضاءها بطردها من المسكن استنادًا على إقامتها به بغير سند، لكونها حفيدة المستأجر الأصلي (الجد) وأنها ليست من المستحقين الذين عدّدهم نص المادة ٢٩ من قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، في حال أن البين من شهادة شهود طرفي النزاع امتداد عقد إيجار عين النزاع إلى أمها من والدها المستأجر الأصلي المتوفى فى تاريخ سابق على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم أصبحت الأم مستأجرة أصلية من تاريخ وفاة والدها فى عام ١٩٨٨ حتى وفاتها فى ٢٠٠٥.

محكمة النقض أيدت أسباب الحفيدة في طعنها بعدما فندت حكم الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2002 فيما يتعلق بعدم إعمال الأثر الرجعي على جميع العقود التي كانت قائمة حتى يوم ١٤ نوفمبر ٢٠٠٢، وبالتالي فقد اكتسب أصحابها مراكز قانونية باعتبارهم مستأجرين أصليين.

وذكرت محكمة النقض أنه وفقا للثابت من الحكم المطعون فيه وشهادة شهود طرفي النزاع أن عقد الإيجار امتد من المستأجر الأصلي للمسكن إلى ابنته التي أضحت مستأجرة أصلية أيضًا، وأن ابنتها (الطاعنة) كانت تُقيم معها بعين النزاع إقامة دائمة مستقرة حتى وفاتها في مارس ٢٠٠٥، بما يحق معه امتداد العقد مرة واحدة لتصبح الطاعنة هي آخر من يمتد إليه عقد الإيجار من أمها التي اكتسبت حكم المستأجر الأصلي.

– ومن الأحكام الحديثة لمحكمة النقض التي فصلت في النزاعات المتعلقة بهذه المسألة:
الحكم الأول هنا

الحكم الثاني هتا
• مجلس النواب يناقش تعديلات جديدة على القانون

شهدت الدورة البرلمانية السابقة مناقشة مشروع قانون لإدخال تعديلات جديدة على قانون الإيجار القديم، لتصحيح بعض الأوضاع الراهنة منها المتعلقة بالقيمة الإيجارية، والشقق المغلقة، وكذلك مسألة توريث العلاقة الإيجارية سواء للمسكن أو المحلات أو غير ذلك من الأماكن التي ينظمها القانون.

وفي تصريحات تلفزيونية جديدة أكد المهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب المنتهية مدته، أن البرلمان الجديد سيستكمل المناقشات حول قضية الإيجار القديم، مع ضرورة أن يكون إصلاح ملف العلاقة بين المالك والمستأجر تدريجيا.

وفي تصريحات تلفزيونية سابقة قال المستشار عبد الله عصر، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، وعضو مجلس الشيوخ حاليًا، إن هناك بعض القوانين التي تحتاج إلى تدخل تشريعي، لأنها تحمل في ثناياها نصوص قديمة لم تعد ملائمة للواقع المصري الآن.

وأضاف عصر أن أول القوانين التي يتمنى مناقشتها في مجلس الشيوخ هو قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، موضحًا أن العلاقة الإيجارية في مصر بدأت باعتبار أن المستأجر في وقتها هو الطرف الضعيف، وبالتالي انحاز المشرع له في كثير من المسائل حتى شعر المالك بالظلم.

وذكر رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق أن بعض الإجراءات التي تحقق العدل بدأت عبر محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا من أجل تقريب المسافات، لكنها ليست كافية حتى الآن، وبالتالي لابد من مناقشة هذا القانون عبر وجود مدة انتقالية لتسوية الأمور، لوجود بعض المسائل الفنية التي تخص الأجرة وامتداد القانون.

القانون رقم 49 لسنة 1977 نص في المادة 29 على أنه “لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده، أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.. وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرةً حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل”
وتضيف المادة في الفقرة الثالثة “وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق في الاستمرار في شغل العين ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *