أخبار مصر

صفحة مضيئة من تاريخ الوطن

بقلم / سهام عزالدين جبريل 

25 يناير تحل الذكرى ال69 على أهم معركة شعبية فى تاريخ مصر المعاصر ضد الاحتلال الإنجليزى آنذاك، هل يعلم شباب والاجيال الحديثة بهذا الحدث العظيم فقد سطر هذا اليوم إانطلاقة عظيمة وصفحة مضيئة من تاريخ الوطن
قد يتسال كثير أبناء وشباب هذا الجيل عن معنى 25 يناير في الوجدان الوطني لدى الآباء والأجداد وتأتي الإجابة بأن هذا اليوم سطر انطلاقة عظيمة من تاريخ الوطن في خمسينات القرن الماضي قيمة هذا اليوم ومايترجمه من معاني عظيمة قد تكون غائبة عن أجيال أتت تباعا ولم تعش هذه الأحداث برغم أنني من الجيل الذي لم يعش أحداث هذه الحقبة ولكني عشتة من خلال رصد نقله الآباء والاجداد لجيلنا الدي أتى بعد سنوات من هذه الأحداث لكنه ظل في الوجدان الوطني لدى الشعب المصرى ينقل عبر عده أجيال وظل رمز لملحمة صمود وطنية وتحدي عاشها شعب مصر في مرحلة من تاريخة الحديث حيث كان مايحدث على أرض القناة وسيناء يجد صداه في أنحاء الوطن ويجتمع عليها الوجدان الوطني لكل أبناء الوطن
فمصر في بداية الخمسينات كانت شبه منزوعة السيادة
حيث كانت قوات قاعدة أجنبية تتمركز في إقليم القناة
وكانت سيناء منعزلة تماما عن باقي محافظات مصر
وكانت القناة تدار بشركة أجنبية ليس، لمصر حق فيها رغم أن القناة شقت في قلب الارض المصرية والتى حفرت بعرق ودماء ابنائها ابناء الفلاحيين المصريين الشرفاء
ففي مثل هذا اليوم حدثت أحداث عظام وتلتها احداث جسام اسمعت صداها فى جسد الوطن فاحدث دويا شبة بالزلزال
وهذا ماكان له تداعياته فى اليوم الثانى الموافق السبت ٢٦ يناير من عام ١٩٥٢ فكانت احداث حريق القاهرة ، حيث تم تدمير أكثر من ٧٠٠ محل ومكتب وبنك ودور سينما وغيرها ! وكان بهدف اخماد روح المصريين وتوجيه ضربة قوية للكفاح المسلح في منطقة القناة ، الى جانب السعى لاجبار الملك لاعلان الأحكام العرفية ، و اسقاط حكومة الوفد وبرغم كل ذلك فقد مثلت هذه الأحداث بداية النهاية لحقبة من تاريخ مصر بكل مافيها من ايجابيات وسلبيات وما شهدته تلك الفترة من اخفاقات وسقطات كان المستعمر ينسج خيوطها التى انقلبت عليه ،
ودعونا نسرد خيوط الاحداث من بدايتها
فكانت معركة 25 يناير 1952م المعركة التى اطلقت الشرارة ، وكما اطلق عليها معركة الصمود والتحدى، وهى المعركة التى صمدت فيها قوات البوليس المصرى ومعهم الفدائيون من أبناء منطقة القناة وسيناء بأسلحة خفيفة ضد دبابات ومدفعيات الإنجليز بقيادة(البرجيدير إكسهام )،حيث تم محاصرة مبنى البستان “مبنى مديرية الأمن حاليًا” من فجر يوم الجمعة 25 يناير حتى غروب الشمس، استشهد فى هذه المعركة 56 شهيدًا وأصيب 80 مصريًا بحسب ما تم تداوله إعلاميًا وقتها، وسجلها التاريخ فى صفحات من نورانها ذكريات نابضة من تاريخ الوطن .
كانت االبدايه التى الاحداث التى شهدها صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 حيث استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة( البريجديرأكسهام) ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس “الشرطة” المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتخرج من دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها والانسحاب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين ضد قواته فى منطقة القنال، ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية “فؤاد سراح الدين باشًا” الذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام ، .
وأمام هذا الموقف فقد القائد البريطانى أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم شرطة البستان بالإسماعيلية لنفس الدعوى، بعد أن أرسل إنذارًا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره، غير أن ضباط وجنود البوليس “الشرطة” رفضوا قبول هذا الإنذار ووجهت دباباتهم مدافعهم، وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات البوليس “الشرطة” مسلحة بشىء سوى البنادق التقليدية القديمة ولكن ضعف هذا السلاح لم يثن قوات الشرطة المصرية على التراجع بل مثل الموقف ملحمة صمود حتى النهاية
مما دعا فوات الاحتلال الى محاصرة مبني مبنى قسم البوليس “الشرطة” الصغير مبنى المحافظة فى الإسماعيلية ، وذلك قبل غروب شمس ذلك اليوم حيث حاصر سبعة آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم السنتوريون الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على ثمانمائة فى الثكنات وثمانين فى المحافظة، لا يحملون غير البنادق البسيطة .
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم، ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 56 شهيدًا و80 جريحًا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التى كانت تتمركز فى مبنى القسم، وأصيب نحو سبعين آخرين، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقى منهم، ولم يستطع الجنرال “اكسهام” أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال‏:‏ “لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا
وقد كشت العديد من المؤرخين لاحداث تلك الفترة والتى كانتلاارحاصات لالبداياتلاثورة يوليو 1952م و الأسباب التى أدت إلى معركة الشرطة فى 25 يناير 1952، حيث بدأت المقاومة الشعبية والتى أطلق عليها وقتها بأعمال الفدائيين فى منطقة القناة ضد المحتل كانت البداية فى 16 أكتوبر 1951 بمظاهرات الطلاب والعمال وتم حرق مبنى النافى مجمع استهلاكى للمواد الغذائية البحرية للجنود الإنجليز وأسرهم ومكانه حاليًا فى ميدان عرابى أمام محطة السكة الحديد وتوالت عمليات الفدائيين ومنها واقعة كوبرى سالا أمام منطقة الجمرك فى شارع محمد على، والتى راح ضحيتها العشرات من الجنود الإنجليز وكان أحد أبطالها الراحل محمد خليفة الشهير بشزام، حيث تجمع ثلاثة أفراد من الفدائيين بعربة يد بها كمية من البرتقال وتوقفت العربة بالقرب من أحد الأكمنة الخاصة بجنود الاحتلال وأفتعل الفدائيون معركة وتركوا عربة البرتقال ليسطوا عليها جنود الاحتلال وتنفجر القنبلة التى كانت أسفل العربة لتتناثر أشلاء جنود الاحتلال على جانبى ترعة محمد على وفى الشارع لتبدأ غضبة قيادات الاحتلال البريطانى والتنكيل بالمدنيين من أبناء المدينة وترك العمال عملهم فى معسكرات الإنجليز، وتوقف متعهدو المواد الغذائية عن توريد الأغذية لجنود الاحتلال، وكان عددهم 80 ألف جندى وسجل المؤرخون فى كتاب بوابة مصر الشرقية عدد العمال الذين تركوا عملهم فى معسكرات الإنجليز بـ91572 عاملًا وذلك فى الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 نوفمبر من العام نفسه، وتوالت عمليات الفدائيين وغضب الإنجليز حتى جاء يوم 25 يناير1952فكانت هذه المعركة التى سجلت تاريخا مضيئا لابناء مصر الشرفاء من ابناء الشرطة والمدنيين من ابناء المقاومة الوطنية امام سطوة المحتل الاجنبى الذى اجبر على الرحيل بعدابرام معاهدة الجلاء و خروج أخر جندي بريطانى من القاعدة البريطانية التى كانت متمركزة بقناة السويس وذلك طبقاً لاتفاقية الجلاء الموقعة في 19 أكتوبر 1954 ، وجلاء آخر جندي إنجليزي عن الأراضي المصرية في 18 يونيو 1956 ، اليس هذا تاريخا يستحق ان نعيد سرده وحكاية احداثة المشرفة للاجيال الشابة .
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *