أخبار مصر

بعد عام من تدابير كورونا.. بحارة مصريون يعيشون أسوأ الأوقات في زنازين عائمة

مر 10 أشهر على “صلاح عبدالواحد”، كبير مهندسين بإحدى السفن البترولية وسط البحر الأحمر، لكنه في ذلك اليوم لم يعبأ بمعرفة التاريخ، إذ كل الأيام متشابهة في روتينها، ليمعن النظر فى حزمة النعناع التى زرعها على قطعة قطن أمامه؛ لتذكر اليابسة التى لم يطأها أو يراها منذ زمن بعيد فى سجنه المفتوح الذي لا يختلف عن العادى سوى بوجود السماء والبحر، وليس ذلك حاله وحده، بل حال عشرات الآلاف من البحارة المصريين بمختلف رتبهم، الذين لم تبدأ معاناتهم خلال الجائحة، ولكن زاد عليها البعد في سفنهم.

وتستعرض جريدة “الشروق”، تجارب بعض البحارة المصريين وأبرز المشاكل المادية والنفسية التى وقعت عليهم بسبب التواجد فى المياه لمدة تقارب العام بعيدا عن أسرهم وبيوتهم.

قال المهندس محمد جبريل، الذى عمل على سفينة شحن قبيل ظهور الجائحة، إنهم لم يتمكنوا من النزول في عدد من الدول الآسيوية والإفريقية التى مروا بها خلال شهر مارس وأبريل الماضيين، وكان ذلك بسبب إجراءات الإغلاق وخوف سلطات الدول الإفريقية.

وأضاف أن عزلته وأفراد الطاقم معه لم تنته بالعودة لمصر، لتمتد شهور إضافية في ميناء السويس، إذ بإمكان البحار مشاهدة رصيف المرسى، إلا أنه ممنوع من وضع قدمه عليه، بالرغم من دخول وخروج العمال من غير الطاقم بكل حرية.

وعن الحالة النفسية لأفراد الطاقم، أوضح أن الكثيرين أصيبوا بحالات هياج وآخرون بدرجة كبيرة من الاكتئاب جعلتهم غير راغبين في أداء مهماتهم أو حتى تناول الطعام.

وتابع أن عدد من محاولات الانتحار ظهرت بين البحارة العالقين في الموانئ، كان أبرزها إقدام أحد البحارة المتدربين حديثي الخبرة على محاولة الانتحار مرتين؛ ما تطلب من إدارة السفينة التى كان يعمل بها، تقييده فترة حتى تمكنوا من إنزاله على اليابسة.

واستطرد أن العديد من البحارة تعرضوا لمشاكل أسرية؛ نظرا لبعدهم عن أهاليهم وعدم تمكنهم من رؤيتهم، رغم أنهم لا يفصل بينهم سوى رصيف الميناء الذي يحظر على البحارة لمسه.

وعن فرحة النزول لليابسة بعد قرابة العام، قال إنه بالكاد كان يستطيع المشي، وكأنه يتعلمه من جديد، بينما كان يريد مصافحة الجميع ليجد سعادة غامرة لدى أسرته عند رؤيتهم له بعد سنين من العزلة.

أما عن سبب تفاقم أزمة لدى البحارة المصريين خلال الجائحة، أوضح أن عدم وجود نقابة تعمل على حماية مصالح البحارة المصريين يجعلهم عرضة لمختلف الأزمات، مضيفا أنه من الواجب تواجد نقابة للبحارة المصريين الذين يبلغ عددهم 100 ألف بحار، بينما تدير مصر أكبر أكاديمية لتعليم علوم الملاحة بالشرق الأوسط وإفريقيا.

ولفت إلى أن البحارة المصريين يعولون على أحد أعضاء البرلمان المصري، الذي عمل في قطاع الملاحة من قبل، ليكون همزة الوصل لهم مع الدولة، في ظل غيب الدور النقابي الممثل للبحارة المصريين، الذين يمثلون مصدر دخل كبير للدول ومصدر للعملات الصعبة.

ومن جانبه، قال صلاح عبدالواحد كبير، مهندسين بسفينة بترولية، إن الكثير من الشجارات نشبت بين البحارة على أتفه الأسباب، جراء الحالة النفسية السيئة، بالإضافة لظهور حالات قلق متزايدة بين الأفراد حيال الإصابة بكورونا، لتعرض الأفراد باستمرار لارتفاع درجة حرارة الجسد، بسبب المجهود، وهو ما يشبه أعراض الإصابة بكورونا.

وتابع أن العناء بلغ بأحد الأفراد على سفينته، بأن يقوم بخلع ملابسه كاملة والركض على الرصيف بمجرد اقتراب السفينة لأول مرة من الرصيف بعد أشهر، ليتم أخذ الشاب لفندق حجر ظل محجوزا فيه شهور قبل أن يعود للوطن.

وأكمل أنه لدى نزوله لليابسة بعد فترة من العزلة، خلع حذاءه، بينما كان يسترق مناظر عادية كالزرع والسيارات وعدد كبير من الأشخاص لم يرهم طوال عزلته.

وأشار إلى أنه كان يسمع عن كورونا فقط من التلفاز طوال عزلته، لذلك نزل متسلحا بكل الإجراءات الاحترازية من كمامة وقفازات، ليستغرب عدم التزام الناس فى السعودية، حيث نزل بالقفازات واستغرب أكثر بعودته لمصر، حيث لم يكن الالتزام بالكمامات نفسها.

وأوضح أحد البحارة، لم يصرح باسمه، أن غياب وجود نقابة للبحارة المصريين جعلتهم عرضة لاستغلال نحو ثلث الشركات العاملة في المجال، التى تقوم بخفض الأجور وتقليل العمالة، كما يتعرض البحارة المصريون على السفن الأجنبية -حسب قوله- لمعاملة سيئة من حيث ساعات العمل وتوفير الطعام والمياه النظيفة؛ بسبب عدم وجود نقابة تطالب بحقوقهم.

 

وتستعرض جريدة “الشروق”، تجارب بعض البحارة المصريين وأبرز المشاكل المادية والنفسية التى وقعت عليهم بسبب التواجد فى المياه لمدة تقارب العام بعيدا عن أسرهم وبيوتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *