أخبار مصر

كيف خرج الجنزوري من رئاسة الحكومة في التسعينيات ولماذا عاد بعد ثورة يناير؟

توفي، اليوم، كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق، عن عمر يناهز 88 عاما، بعد مسيرة إدارية وسياسية كبيرة، حيث تولى رئاسة الحكومة مرتين، أولهما في النصف الثاني من التسعينيات بعد انطلاق برنامج الخصخصة وتغيير مصر بوصلتها الاقتصادية بالكامل، والثانية كانت في ظروف دقيقة شهدت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد استثنائيا وأجريت خلالها الاستحقاقات الانتخابية الأهم بعد ثورة 25 يناير 2011، بانتخاب مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية.

في مذكراته، تحدث الجنزوري عن آخر أيامه التى قضاها رئيسا للحكومة في عهد مبارك، وما واجهه خلالها من مؤامرات ودسائس انتهت بإقالته، وذلك في مذكرات الجنزوري الصادرة عام 2014 عن “دار الشروق”، “طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء”.

يقول الجنزوري: “فى عام وداع العمل العام، تصاعدت تدابير أهل الإثارة، وأترك هذا قليلا. وأعود مؤكدا على أولوية العمل فى العام الرابع. كانت كما كانت عليه خلال السنوات الثلاث السابقة (1996 – 1998)؛ إذ ارتكزت على دفع قطاعات الإنتاج فى الزراعة والصناعة والتشييد، وما تطلبه ذلك كله من دعم أنشطة الخدمات الإنتاجية كالنقل والاتصالات، وأنشطة دافعة ومحركة كالبترول والكهرباء. لهذا كله، سارعت الحكومة بالعمل على الخروج إلى شمال مصر شرقا وغربا وإلى الجنوب شرقا وغربا، استمرارا لما بدأته من خطى خلال الثمانينيات والنصف الأول من التسعينيات”.

يحكي الجنزوري أنه سعى إلى تضمين الخطط القومية، ما يتطلبه ويحتاجه المجتمع من إقامة بنية أساسية، شاملة الطرق والكبارى والموانئ ومحطات وشبكات الكهرباء، والصرف الصحى ومياه الشرب، والمدارس، والمستشفيات، بقدر ما سمحت به موارد الدولة، وإلى بذل كل الجهد استعدادا للخروج من الوادى القديم إلى سيناء والصحراء الشرقية والصحراء الغربية، بمد شبكات الطرق المرصوفة، وتوفير الطاقة فى كثير من هذه المناطق.

ولكن، سعى المسئولون فى الحكومة التالية، ومعهم أجهزة الإعلام الحكومية، إلى إفشال تلك المشروعات، التى سبق لهم الموافقة عليها.

– وقيعة بين الجنزوري ومبارك

يروي الجنزوري أنه “فى آخر أغسطس 1999، وكان يوم أربعاء، كانت زيارة إيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل، وفى ذات اليوم، كانت زيارة السيد سليمان ديميريل رئيس جمهورية تركيا، وكان الرئيس عائدا من الجزائر صباح ذات اليوم، وأخبرنا أنه لم ينم فى الليلة السابقة، وقال لي الدكتور زكريا: (ستكون عليك استقبال باراك حال وصوله لقصر التين، وسيلتقي به الرئيس ثم تنضم للاجتماع بعد 40 دقيقة)، فعلقت على مرافقة باراك من المطار إلى القصر، هل هذا مطلب الرئيس أم يرجع إلى رأيي، فإذا كان لي رأي، فلا أحب هذا ويكفي أحد الوزراء للمرافقة”.

وتابع: “هنا أخبر الدكتور زكريا، الرئيس، أن الدكتور كمال، رفض، حتى يزيد من غضبه، وعند الوصول إلى القصر ذهب باراك إلى الحمام، وهنا طلبني الرئيس، وبمجرد دخولي ثار علىَّ وقال:
(كيف هذا، لقد جاء بيجين رئيس وزراء إسرائيل إلى الإسماعيلية لمقابلة السادات، وكنت نائبا للرئيس ولم أحضر الاجتماع)، فقلت: لم أعترض على هذا، ولكنه لم يعطني فرصة لذكر حقيقة الأمر، وانتهى اللقاء، وغضبه شديد، حتى أيقنت أن إقالتي ستتم اليوم أو غدا، لكن العجيب قابلنى فى الأيام التالية ودودا أكثر من أى فترة مضت”.

– قرار عزل الجنزوري الصادم دون تمهيد

يقول الجنزوري: “صباح الثلاثاء 5 أكتوبر 1999، حدث لي ما لم يكن متوقعا، وكنا فى صالون مجلس الشعب، قبل الدخول إلى قاعة المجلس لإلقاء الرئيس خطابه فى الاجتماع المشترك لأعضاء مجلسى الشعب والشورى، إذ طلب السيد أشرف بكير كبير الأمناء أن ندخل جميعا إلى القاعة قبل الرئيس، وقلت للرئيس: (بعد الجلسة سيعقد مجلس الوزراء جلسة لتقديم الاستقالة، فهل ترى أن أحضر لمقر الرئاسة لتقديمها، أم ماذا أفعل؟!)، فقال: (لا سيأتي إلى مجلس الوزراء من سيأخذها لأننى سأغير الوزارة، وسأراك الأسبوع المقبل)، فقلت: (شكرا، بصوت به كل الهدوء، ورضا لم يتوقعه)”.

وتابع: “بعد أن انتهى خطاب الرئيس، ذهبت إلى مجلس الوزراء لعقد جلسة لتقديم الاستقالة، فوجدت اللواء عمر سليمان، منتظرا بالصالون الملحق بالمكتب، وسألته: ماذا حدث؟!
فقال لي: (لقد أقنعه الذين حوله أنك أصبحت ندّا له)”.

– عودة الجنزوري بعد الثورة

اعتزل الجنزوري العمل السياسي بعد خروجه من رئاسة الوزراء في التسعينيات، وكان قد صرح، في أحد اللقاءات التليفزيونية، بعد ثورة 25 يناير، بأن مبارك ضيق عليه الخناق بعد عزله، حتى أنه لم يتلق أي اتصال من أي وزير في حكومته.

ليكلفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل الحكومة، معلناً أنه سيكون له كل الصلاحيات، يوم 25-11-2011، بعد استقالة حكومة عصام شرف.

جاء تكليف الجنزورى برئاسة الحكومة في فترة صعبة من تاريخ البلاد، وسط استمرار المظاهرات بميدان التحرير، حتى أن بعض المتظاهرين اعترض على تعيين الجنزوري رئيسا للحكومة، وهناك من رأى فيه وجها مناسبا لإدارة الوزارة في تلك الفترة الدقيقة من عمر البلاد، حتى أن حكومته سميت بـ”حكومة الإنقاذ الوطني”.

ألف كمال الجنزوري الحكومة الجديدة، التي أدت اليمين الدستورية في 7 ديسمبر 2011، وأبقى فيها على 13 وزيرا من حكومة.

وواجهت تلك الحكومة صعوبات عديدة، وأحداث وصدامات متتالية، وقدّم الجنزورى استقالته من رئاسة الوزراء فى يونيو 2012.

في مذكراته، تحدث الجنزوري عن آخر أيامه التى قضاها رئيسا للحكومة في عهد مبارك، وما واجهه خلالها من مؤامرات ودسائس انتهت بإقالته، وذلك في مذكرات الجنزوري الصادرة عام 2014 عن “دار الشروق”، “طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *