أخبار مصر

معركة المزرعة الصينية كابوس أهداه المصريون للإسرائيليين تذكار من حرب أكتوبر

يقود الجندي الإسرائيلي إيلان كوهين، مدرعته وسط الظلام الدامس حول المزرعة الصينية، حيث يصعب تمييز الدبابات المصرية عن الإسرائيلية تحت سحابة من المقذوفات المصرية المتطايرة والتى لم يألفها من قبل، حينها رأى 3 من زملائه يتخبطون على الرمال، فما أن نزل لمساعدتهم حتى أصابت إحدى صوارخ الآر بي جي المصرية مدرعته، فكانت الذكريات الأليمة تلاحق الجنود الإسرائيليين من معركة المزرعة الصينية، إحدى العمليات التمهيدية لثغرة الدفرسوار والتى بذل جنود الكتيبة 16 المصرية جهدا كبيرا لإيقافها.

وتستعرض «الشروق» أبرز مراحل معركة المزرعة الصينية وشهادات المشاركين بها، تزامنا مع ذكرى تحرير أرض الفيروز شبة جزيرة سيناء.

والمزرعة الصينية، كانت قطعت أرض، أجرت الحكومة المصرية عليها عدة اختبارات لاستزراع أراضي سيناء بالخمسينيات، وحين وقعت تحت أيدي الاحتلال الإسرائيلي، رأى الجنود حروفا على الآلات الزراعية فظنوا أنها صينية فأطلقوا عليها هذا الإسم.

بدأت معركة المزرعة الصينية، حين اكتشف الإسرائيليون عبر الاستطلاع والطيران الأمريكى، وجود ثغرة بمنطقة الدفرسوار بين الجيشين الثانى والثالث، فتم الدفع ب3 فرق عسكرية إحداها بقيادة إيريل شارون والأخريتين بقيادة إبراهام أدان وكلمان ماجن.

واخترقت الفرق الثغرة في سيناء وكانت معظمها خالية من القوات ولكن أحد الألوية بقيادة آمنون رشيف، وقعت في كمين قرب المزرعة الصينية التى يتمركز بها كتائب من الفرقة 16 مصرية مشاة وكتائب للفرقة 21 مدرعة.

ولتخليص اللواء الإسرائيلى، دفع أدان بلوائين مدرعين مساء 16 أكتوبر فتصيدهما نيران الآر بي جي المصري، فطالب أدان دعم لواء مظلى وأدى تأخره للدفع بأكثر من 2000 جندى مشاة محملين على ناقلات ولكن ظروف الليل حالت دون استخدام أيا منهم.

ودفع بعد ذلك لإنقاذ اللواء الإسرائيلى المحاصر، بكتيبة مشاة إسرائيلية محمولة جوا وتم إعطائهم معلومات خاطئة عن قلة أعداد الجنود المصريين فوقعوا بكمين آخر وفقدوا مئات الجنود وعشرات الدبابات.

وخلال الليل اشتبكت المدرعات الإسرائيلية مع الدبابات المصرية وجنود المشاة، في معركة متقاربة تحول دون قدرة الدبابات على استخدام مدافعها فكان التفوق للمشاة المصرية وإسقاط المزيد من الضحايا.

واكتشفت القوات الإسرائيلية عبر الاستطلاع، وجود طريق خالي خلف المزرعة يتيح لهم العبور فتم سحب معظم القوات وترك اللواء المحاصر.

وفي اليوم التالي، حاول لوائين مدرعين إسرائيليين إنقاذ اللواء المحاصر دون جدوى، ولكن في نهاية النهار ضربت القوات الإسرائيلية القوات المتمركزة بالمزرعة الصينية بكثافة نيرانية عالية، مما أدى لتراجعها وتخليص اللواء المحاصر بعد فقدان 20 قتيلا بينهم قائدان للسرايا.

وعن انطباعات الإسرائيليون عن هذه الليلة الضارية، فكانت هذه الشهادات من بعض المشاركين أفضل تصوير للواقعة.

ومن الشهادات التي وصفت حالة الألم والذعر التي حلت بالجنود الإسرائيليين العالقين بين النيران المصرية حول المزرعة الصينية، كانت شهادة الجنرال موشيه عفري الذي قال: “إن الإسرائيليين استيقذوا على حقيقة مرة، وهي أن الجنود المصريين لن يخلعوا أحذيتهم ويهربوا بمجرد رؤية دبابات الجيش الإسرائيلي وإنما كانوا يلتفون حول الدبابات في أقواس مسددين الآر بي جي نحوها”.

ويقول الجندي جيفري إليعازر عن شراسة الصواريخ الروسية مع المصريين: “إنه لم يكن يفهم تلك المقذوفات التى تتطاير بالميدان بسرعة البرق فلم يجد سوى أن يصيح بزملائه بالإنبطاح”.

ويروي الجندى شوكي فينشتين أن الصواريخ المحمولة من المصريين كانت مفاجأة مرعبة، ولم نتدرب على مواجهتها ولا تخليص الجرحى أسفلها.

فيما يقول موشيه دايان، حينما زار المزرعة الصينية بعد انسحاب الجيش المصري منها، إنه وجد الكثير من الدبابات المدمرة وكان ينقبض قلبه كلما رأى إحداها تحمل علامة نجمة داوود وقد كان هناك الكثير منها.

وأضاف دايان في مذكراته عن عوزي يائير قائد اللواء المظلى الإسرائيلي المشارك بالمعركة، أنه أصبح رجل تملأ ملامحه الحزن والكآبة لكثرة ما فقد من رجاله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *