أخبار مصر

أبو الغيط: على مجلس الأمن تحمل مسئولياته تجاه انتهاكات إسرائيل الصارخة في القدس

ألقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة مساء اليوم الثلاثاء، في الاجتماع الوزاري الطارئ لجامعة الدول العربية؛ لبحث التحرك لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس.

ونشر الموقع الرسمي لجامعة الدول العربية النص الكامل لكلمة «أبو الغيط»، والتي جاء فيها:

معالي الشيخ/ محمد بن عبدالرحمن آل ثان

وزير خارجية دولة قطر

معالي الأخوة الوزراء

نجتمع اليوم ليس فقط لكي دين ما يجري في القدس المحتلة، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة بوجه عام.. ولكن لنبعث برسالة واضحة للعالم بأن الوضع في فلسطين غير قابل للاستمرار على هذا النحو.. وأن الهدوء الذي طالما ادعى الاحتلال وجوده ليس إلا هدوء على السطح، يخفي تحته عناصر لانفجار وتصعيد لن تقف آثاره عند حدود المنطقة.

وقد رأينا بالأمس فقط كيف يمكن أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي إلى هجمات عشوائية منفلتة لا تعكس سوى الرغبة في استعراض القوة وتسجيل النقاط السياسية في الداخل على حساب دماء الأطفال في غزة.

لقد جرى ما جرى من عنف واعتداءات وانتهاكات واسعة عبر الأسابيع الماضية تحت بصر العالم أجمع.. وعلى كافة أصحاب الضمائر الحرة، ممن يتابعون وقائع هذه الجرائم المكتملة الأركان، أن يقفوا أيضا على السياق الذي تجرى فيه هذه الجرائم… ما شهدناه هو بكل وضوح وصراحة استفزازات مفتعلة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي طالت أقدس المقدسات الإسلامية… وفي أقدس الشهور لدى المسلمين.

وخلال الأسابيع الماضية، لم تكن هناك واقعة واحدة بدأ فيها العنف من الجانب الفلسطيني.. لم تكن هناك حادثة واحدة بادر فيها الفلسطينيون إلى الاستفزاز أو التصعيد… إلا إذا اعتبرنا أن تنظيم إفطار جماعي للتضامن مع من يهددون بالطرد والتشريد ونزع الملكية.. هو إجراء عنيف.. أو إذا اعتبرنا سعي المصلين للدخول للمسجد الأقصى لأداء شعائرهم، ثم التجمع في باحاته وحول مداخل البلدة القديمة.. جريمة نكراء تستوجب العقوبة.

ونتساءل: ما الذي يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى هذه الاستفزازات المفتعلة؟ هل يتصور الاحتلال مثلا أن بإمكانه الفصل بين المقدسيين ومقدساتهم؟ هل يتصور أنه يستطيع أن يعزل الأقصى من سياقه الإسلامي، الذي تتطلع إليه أفئدة المسلمين في كافة أرجاء الدنيا؟ هل يعتقد هذا الاحتلال الغاشم أن الاستفزازات ستمر من دون حتى صرخة ألم، أو صيحة اعتراض؟

الحقيقة أن هذه الانتهاكات والاستفزازات كلها لا تجري في فراغ.. نحن أمام حكومة صارت خاضعة بالكامل لأجندة عتاة المستوطنين، وغلاة المتطرفين من الأحزاب الدينية في إسرائيل.. كما أننا نرى، وللأسف الشديد، مزایدات مشئومة بين اليمين واليمين المتطرف، وسباق على إظهار القدرة على القمع وممارسة العنف وارتكاب الانتهاكات في حق الفلسطينيين وتقليص وجودهم في المدينة.

إن هذه السياسات المتهورة، والإجراءات المخالفة بالكلية للقانون الدولي الإنساني الذي كفلت نصوصه حرية إقامة الشعائر الدينية والوصول إلى الأماكن المقدسة.. أقول إن هذه السياسات تأتي في سياق لا تخطئه عين يستهدف الاستئثار بالقدس.. والتحكم في دخول الفلسطينيين في الأقصى.. فيما، على الجانب الآخر، تمنح الجماعات اليهودية المتطرفة حق الدخول إلى باحات الأقصى في زیارات استفزازية واستعراضية.

إن هذه السياسات تخلق وضعا قابلا للانفجار.. ويتعين أن يخرج المجتمع الدولي من دائرة الإدانة أو تحميل المسئولية للطرفين.. إننا أمام تسلسل واضح للأحداث يضع المسئولية على طرف بعينه.. هو الطرف المحتل، الذي يملك القوة العسكرية والسيطرة بحكم الأمر الواقع.. وهو الطرف ذاته الذي يبادر إلى العنف والاستفزاز.

السيد الرئيس..

إن إسرائيل تسعى لإقناع العالم بأن ما يجري في الشيخ جراح هو نزاع عقاري على عدة منازل.. وكأننا بلا ذاكرة، أو قدرة على ربط الأحداث.. إن ما يجري في الشيخ جراح، كما نعلم ويعلم الجميع، هو جزء من خطة متكاملة لتهويد مدينة القدس، وحصار الوجود الفلسطيني فيها.. توطئة لتحويلها إلى مدينة يهودية خالصة.. هذه الخطة تتواصل وتتصاعد منذ عقود.. بأدوات مختلفة.. وعلى مستويات متعددة.. وهي خطة ترعاها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.. ولكنها شهدت طفرة غير مسبوقة في زمن حكومات اليمين خلال العقد المنصرم.. حيث تضاعف الوجود الاستيطاني الذي يحاصر المدينة.. وتكثفت سياسات نزع الملكية وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين ونزع هوياتهم.

إننا ندين كافة هذه الإجراءات التي تتخفي وراء منظومة قضائية منحازة بالكامل.. وندعو مجلس الأمن الذي سبق وأصدر القرار 2334 (لعام 2016) – بتحمل مسئولياته حيال هذا الانتهاك الصارخ للقرار ولغيره من القرارات الدولية.. يتعين على كافة القوى المؤمنة بالتسوية السلمية العمل على وقف هذه الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تهدد بتفجير الوضع في القدس، وفي الأراضي المحتلة بوجه عام.

إن ما يجري هو جرس إنذار يتوجب التنبه لدلالاته.. لم يعد بالإمكان الاطمئنان لاستمرار الوضع القائم أو استدامة الاحتلال ومظاهره المشينة.. ويتعين على الرباعية الدولية أن تتحمل مسئولياتها.. فمن دون أفق للتسوية السياسية أو تحرك جاد نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.. ستظل هذه القضية رهينة الأجندة اليمين الإسرائيلي.. وسيسيطر المتطرفون والمستوطنون على المشهد ويحددون الاتجاه.. بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر لا أبالغ إن قلت إنها تهدد السلم الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *