آراء وتحليلات

علي هامش احداث غزه 3

 

يكتبها المهندس / فايق الخليلي 

تكلمنا في المقال السابق فيما يتعلق بالفرص التي اضاعها الفلسطينيون والتي كان من الممكن من خلالها استعادة الأرض وإقامة دولة مستقلة لهم وقد تحدثنا فيه عن عدم تعامل الدول العربيه بحرفيه سياسيه واستعداد قتالي فيما يتعلق بقرار التقسيم عام 1947 والذي تم رفضه دون التفكير فيه وفي تداعيات عدم قبوله ودخول الحرب بدون ترتيبات سياسيه او استعدادات عسكريه بالرغم من وجود كيان يجمع الدول العربيه المستقله آنذاك متمثلا في جامعة الدول العربيه التي انڜأت قبل ذلك بعامين تقريبا وكان نتيجة ذلك الرفض ماافضنا فيه في المقال السابق بتزايد نشاط العصابات الصهيونيه وقيام حرب 48 وان ماتبقي من ارض فلسطين بعد الحرب هي القدس والضفة الغربيه وكانا تحت الاداره الاردنيه وقطاع غزه تحت الاداره المصريه . وكان أن تسارعت الأحداث ونشطت العمليات العسكريه من المجاهدين الفلسطينيين بقيادة مفتي القدس الشيخ امين الحسيني وتزايد عمليات الاستيلاء على الأراضي من قبل العصابات الصهيونيه حتي حصلت من الأراضي أكثر مما حصلت عليه بموجب قرار التقسيم . ثم أعلنت بريطانيا إنهاء انتدابها علي فلسطين لإتاحة الفرصه للعصابات الصهيونيه للاستيلاء علي مزيد من الاراضي الفلسطينيه ومن ثم تشكلت حكومة عموم فلسطين في غزه وذلك لسد الفراغ الناتج عن إنهاء الانتداب وتكون قياده شرعيه تتحدث باسم الشعب الفلسطيني .

ولم تدم هذه الحكومه طويلا نظرا لتباين آراء الدول العربيه تجاهها وامتناع الجامعه العربيه عن دعوتها لاجتماعاتها فانحلت هذه الحكومه تلقائيا وأصبح الشعب الفلسطيني بلا قياده تتحدث باسمه .ثم وقعت اتفاقية الهدنه في رودس عام 1949 بين الدول العربيه المشاركه في الحرب وبين إسرائيل التي أصبحت واقعا لايمكن إنكاره واستقرت الأمور كما هي عليه .

ثم جاءت حرب 1956 والتي سميت بالعدوان الثلاثي حيث شنت انجلترا وفرنسا وإسرائيل عدوانا علي مصر اثر تأميم قناة السويس واحتلت اسرائيل سيناء وقطاع غزه لبضعة أشهر وتحت وطأة الهجمات الشرسه للقوات المصريه والمقاومه الشعبيه وقوة ونفوذ مصر والرئيس جمال عبد الناصر دوليا تم انسحاب القوات المعتديه من سيناء وقطاع غزه ماادي الي استقالة حكومة حزب المحافظين البريطاني بسبب أخفاقها في هذه الحرب . وفي هذه الفتره تأسست حركات المقاومه الفلسطينيه مثل حركة فتح والجبهه الديموقراطيه والجبهه الشعبيه والتي انضمت في إطار تنظيمي واحد وهو منظمة التحرير الفلسطينيه بقيادة أحمد الشقيري والتي اتخذت الكفاح المسلح من خلال دول الطوق العربي التي تحيط بإسرائيل منطلقا لعملياتها وتمركزت معظم قوات المقاومه في الاردن وجنوب لبنان ومصر وقامت بالكثير من العمليات الناجحه واشتركت مع الجيش الأردني في معركة الكرامه التي حاول العدو الصهيوني فيها احتلال الضفه الشرقيه لنهر الاردن وهزيمتها . ثم تولي قيادة المنظمه ياسر عرفات والتي انتهجت نفس منهج الكفاح المسلح باالاضافه الي اعتماد طريق المفاوضات لحل القضيه مع تبني حل الدولتين إسرائيل وفلسطين . وفي عام 1967 شنت إسرائيل الحرب علي مصر وسوريا والأردن فيما عرف بنكسة 67 عربيا وإسرائيليا بحرب الايام السته والتي انتهت باحتلال إسرائيل سيناء المصريه وهضبةالجولان السوريه والقدس والضفه الغربيه وقطاع غزه وبعدها أعلنت إسرائيل ضم القدس الي حدود الدوله العبريه واعتبارها عاصمه ابديه لها . وساء وضعف الموقف العربي برمته سياسيا وعسكريا واقتصاديا وكذا تعقدت القضيه الفلسطينيه بصوره لم يتوقع أكثر المحللين تشاؤما التنبؤ بها .

ونعود مره اخري الي المقاومه الفلسطينيه في الاردن فبعد معركة الكرامه استفحل نفوذ منظمة التحرير في الاردن وتدخلوا في الشئون الداخليه للبلاد وفي سياسة الدوله مما أساء العلاقات بينهم وبين الملك حسين وحسب تعبير الملك فإنهم كانوا دوله داخل الدوله .

وهذه كانت من أكبر السقطات لمنظمه نضاليه تشن عملياتها من دوله جاره سمحت لها بذلك وهي من المحطات الرئيسيه للفرص الضائعة والتي نحن بصدد الحديث عنها وللاسف تكررت هذه السقطات في مراحل نضاليه تاليه ولم يعي الفلسطينيين درس ايلول الأسود وسنتحدث عن ذلك فيما بعد .

وصلنا الي أن ماحدث من القوات الفلسطينيه في الاردن جعل الصدام بينها وبين الجيش الأردني حتميا وبالفعل قد حدث هذا فقامت معركة ايلول الأسود وهو الشهر الذي حدث فيه الصدام بين المقاومه والجيش الاردني والذي راح ضحيته العديد من الطرفين في معارك طاحنة بين ضيف ومضيف وقودها وضحاياها الدم العربي فقط والذي تدخل فيه الرئيس جمال عبد الناصر ودعا لانعقاد قمة عربيه بالقاهره لوقف الصراع الدموي بين الأشقاء العرب وانتهت هذه القمه بترحيل القوات الفلسطينيه الي مكان آخر وتل آخر ينطلقون منه وكان ذلك في سبتمبر 1970 . وقد انتهت هذه القمه بوفاة الرئيس جمال عبد الناصر عقب توديعه امير الكويت في مطار القاهره .

وللحديث بقيه عن التل الآخر الذي سينطلق منه الفلسطينيون لكفاحهم المسلح .

مهندس فايق الخليلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *