آراء وتحليلات

فى ذكرى يونيو67 دعونا نذكر ونتذكر.. رسائل إلى الأهل فى سيناء 

بقلم / سهام عزالدين جبريل 

 

من القضايا الهامة التى واجهت اهلنا فى سيناء بعد يونيو 67 هى كم الدعاية الصهيونية التى جندت  أدواتها لشن حرب تفسية على سكان الاراضى المحتلة وخاصة أهلنا فى سيناء بعد ان فرضت عليهم قوات الاحتلال الاجراءات التعسفية التى حولتهم الى اسرى داخل ارضهم وفى بيوتهم

 

حيث كانت رسائل اهلنا ابطال المقاومة الوطنية تصل الى القيادة فى القاهرة  تشير الى تلك الحرب النفسية الشرسة التى تعرض لها اهلنا فى سيناء والتى نقل بعضا من  مشاهدها ضباط الاستطلاع المصرى خلف خطوط العدو الى القيادة فى مصر حيث تبلور ذلك فى ضرورة واهمية صياغة استراتيجية اعلامية لدعم اهلنا فى سيناء المحتلة وبما ان الطرق كلها كانت مغلقة مع غياب خريطة اعلامية وطنية عن سينا فقد اتخذ ذلك القرار الايجابى الذى اوجد ذلك المدخل الإنسانى  ليصل الى الاهل عن طريق الاداعة المصرية والتى قدم من قبل كلا من:

 

إذاعة صوت العرب  برنامج الشعب الصامد فى سيناء

 

إذاعة البرنامج العام برنامج اهلنا فى سيناء

 

1- فكانت اذاعة صوت العرب التى اخذت  تلك المبادرة وتم اعتماد برنامج خاص يبث عبر الاذاعة وهو برنامج (الشعب فى سيناء )او كما كان معروف ببرنامج ياعرب الذى كان يقدمه استاذنا الاعلامى القدير الاستاذ حلمى البلك ابن مدينة العريش اللذى قدم جل خبراتة فى هذا البرنامج الذى كان يقدم الرسائل المقرؤة والصوتية الى الاهل داخل الاراضى المحتلة ،

 

فقد كان من أشهر البرامج التي تقدمها إذاعة صوت العرب والذى كان يقدم أثناء فترة احتلال سيناء لمد جسور التواصل بين أهالي سيناء المحتلة ووطنهم مصر

 

وقد بدأ بث هذاالبرنامج بعد يونية 67 ببضعة ايام ليقدم رسالته المستنيرة تجاه الاهل فى سيناء وكان البرنامح يبث بعد نشرة الخامسة مساء وكانت مدة البرنامج تمتد جوالى نصف  ساعة  او اكثر ولكن تأثيره القوى على الأهل وعلى رفع  روحهم المعنوية كان عظيم الأثر  للغاية

 

لقد كان برنامج الشعب الصامد فى سيناء برنامج ياعرب  كما كان بطلق والذى كانت تبثه اذاعة صوت العرب للاعلامى القدير الاستاذ حلمى البلك والذى كان يسجل اعلى نسب استماع وكانت تجتمع حول كل افراد الاهل فى سيناء وخارجها بل تعدى ذلك الى انه سجل نسب عالية فى الاستماع  لسكان قطاع غزة وعموم والاراضى العربية المحتلة ايضا ، كان هذا البرنامج  يبث كل يوم واستمر حتى اكتمال تحرير سيناء فى ابريل 82ـ ،

 

فى المقابل كان برنامج ( شعبنا  فى سيناء) الذى اعتمدتة  الإذاعة المصرية بالتعاون  والتنسيق مع المخابرات الحربية بعد انتصار اكتوبر 73 والذى كان يقدمة الاعلامى الاستاذ/عبدالله لبيب  ، وكان يبث عبر اذاعة البرنامج العام  كل يوم اثنين وخميس  فى السابعة  مساء ، والذى كان لى شرف المساهمة فيه مع نخبة من شباب سيناء الذين كانوا طلبة بكلية الاعلام فكانت المشاركات والمساهمات اكثر قربا لاهلتا فى سيناء حيث كانت هذه البرامج تمثل رسائل لشد الأزر والطمأنينة للأهل خلف خطوط العدو وايضا تحمل شفرات وتوجيهات لأبطال المقاومة الوطنية  هذا الى جانب رعايتها ودعمها للفعاليات الثقافية والتراثية  التى ينظمها ابناء سيناء فى الجامعات والمدن المصرية كما اخذت على عاتقها مسؤلية تبنيها للفلكلور الخاص بسيناء وتشجيعها للكتاب والشعراءللمساهمة فى هذه البرامج التى خصصت لاهلينا ، وبالتالى كانت فقراتها تصاغ باقلام واصوات ابنائها، لقد كان تأثير هذه البرامج ورسائلها المطمئنة تمتد ساعات بل  ايام ، حقا لقد تربى جيل كامل من ابناء سيناء بل عدة أحيال على هذه البرامج الذى غرست فى الوجدان الروح الوطنية العالية وعظمت منل الصمود  وعززت قيم الانتماء والتواصل عبر جسور اثير الاذاعة المصرية بعد  أن اغلقت كافة جسور التواصل بين سيناء وقلب الوطن النابض ،

 

وإذا تناولنا بالبحث  والتحليل  لهذه المرحلة فقد نستنتج  من ذلك كيف كانت الخطوات الأولى للرسالة الاعلامية المصرية بعد صدمة يونية 67  ـ خاصة عبر الاذاعة المصرية التى كانت مبنية على اسس تحمل الصراحة والوضوح والموضوعية  ومثلت احدى مبادراتها االوطنية فى بث برامج تحمل رسائل  لطمئنة اهلنا فى سيناء فترة الاحتلال خطوة فوية بمثابة الرسالة القوية التى تحمل كل المعانى الوطنية العظيمة  فغرس االطمأنينة والحفاظ على الهوية والتأكيد على السير قدما نحو طريق التحريرواسترداد الارض حيث يرز ذلك الهدف واضحا والساعى لتحقيق الهدف بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 ،

 

نعم رغم صدمة النكسة كانت رسائل الاعلام رسائل مطمئنة ومبشرة لكل ابناء مصر ولكنها كانت الاكثر احتياجا وقربا من اهلنا فى سيناء الذين كانت قلوبهم متعلقة بذلك الصندوق السحرى الذى ينقل لهم الاحداث ويحمل عبر أثيرة  يشائر للغد الفادم حتى  قبل أن تندلع شرارة النصر بأكثر من ست سنوات عندما  شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ، كانت قلوب اهلنا فى سيناء متعلقة بتلك الرسائل التى رصدت مرحلة الصمود التي امتدت حتى سبتمبر 1968 بمعارك رأس العش [1 يوليو 1967] ثم إشتباكات الطيران الطويلة ليلة 14-15 يوليو 1967 ثم تدمير المدمرة إيلات [21 أكتوبر 1967] ،

 

ثم بدأت مرحلة الردع التي استمرت حتى مارس 1969 استهلتها بأعمال ردعية لمنع قوات العدو من تقوية دفاعاتها على الضفة الشرقية للقناة و كانت معركة المدافع الشهيرة في سبتمبر 1968 حيث بدأت القوات بقصف قوات العدو على الضفة الشرقية للقناة مكبدة العدو خسائر فادحة في الأفراد والمعدات.

 

وعندما بدأت المواجهة على جبهة القتال تتصاعد يوما بعد يوم وزادت وتيرة عمليات القوات الخاصة خلف خطوط العدو والتى كانت تتخذ من الظهير الشعبى لها وحائط الصد الذى تمثل فى منصات رصد عيون اهل سيناء لكافة المعلومات التى تكشف تحركات جيش العدو التى زادت معها حدة القبضة الحديدة على أهلنا في سيناء وتعالت صرخات جنود وقادة إسرائيل و تدخل الطيران الإسرائيلي بصورة كبيرة بعد أن زادت المدفعية المصرية من قصفاتها المستمرة ضد المواقع الإسرائيلية و قبل نهاية 1968 كانت طائراتنا قد بدأت تحد من نشاط إسرائيل الجوي على امتداد جبهة القتال ، الى ان بدأت المرحلة الثالثة من حرب الاستنزاف من مارس 1969 حيث تطورت الاشتباكات وتصاعدت وتيرتها و زادت دوريات العبور إلى الضفة الشرقية للقناة بداية من عملية التمساح التي نفذتها “المجموعة 39 قتال خاص”انتقاما لاستشهاد “الفريق أول عبد المنعم رياض| وقتل 44 جنديا إسرائيليا يوم 19 مارس 1969، و فرضت قواتنا حربا طويلة الأمد على القوات الإسرائيلية لاستنزاف مواردها و قوتها البشرية بعد ارتفاع معدلات خسائرها في الأفراد و المعدات.

 

استمرت مشاهد البطولة حتى عام 1973 وإشراقة حرب العبور المجيدة حيث تجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا في مواجهة إسرائيل ومابين يونيو 1967 و 6 أكتوبر 1973 كانت هناك معركة أخرى داخل غرف عمليات القوات المسلحة وقاعات التخطيط العلمي الإستراتيجي، فاليوم، ونحن نذكر ونتذكرتلك الايام وبرغم مرارتها لأبد لنا أن ندرك أن النصر الذي تحقق فى اكتوبر 73 لم يأت من فراغ، بل بني على قاعدة وطيدة تستند إلى عقيدة وطنية قومية محددة، قائمة على رؤية سياسية واضحة، واستراتيجية اعلامية مستنيرة ونظرة مستقبلية واعية ومتفهمة‏.‏

 

تلك القواعد والأسس كانت ضرورية، ليس فقط في ظروف الحرب، ولكن كذلك في ظروف السلام عند قيامنا بوضع إستراتيجية العمل الوطني لبناء الدولة‏،‏ وأعادة اعمار تنمبة وتعمير سيناء وكيف برز دور الاعلام الفاعل فيها وهذا يعني أن هذه العقيدة لا تتعلق بالحرب وحدها، لأنها تعتمد أساسا على فكرة نشر رسائل الطمأنينة والاحتواء وقيم السلام، المتمثلة في تحقيق الأمن والاستقرار والانطلاق نحو التنمية، غير أن هذا النجاح لا يتحقق إلا بحشد وتنظيم عمل كل طاقات الدولة وقدرات الشعب المختلفة، واستخدامها بكفاءة ضمن إطار استراتيجي واحد، واضعين في الاعتبار دروس الماضي التي أفرزتها التجارب التاريخية، والخبرات التي اكتسبناها من هذه التجارب إضافة إلى معطيات الحاضر ومؤثراته الخارجية والداخلية على القرار السياسي الاستراتيجي‏،‏ فعندما انطلقت مصر تبحث ـ بعد نكسة‏1967‏ في الدروب والمسالك المختلفة‏،‏ عن أفضل الوسائل التي تخرجنا من مناخ النكسة‏،‏ وتقودنا إلى التحرير والنصر، كان لزاما أن نعتمد على واقعية البحث من خلال مواجهة الأخطاء والتمسك بالحقائق الموضوعية الضرورية للمعالجة المطلوبة‏.‏ فكانت الاستراتيجية الإعلامية المستنيرة هى أحد الاركان الهامة التى كانت طريقا لصناعة النصر بعد السنوات المريرة ، وهكذا كانت رسائل الطمأنينة والإحتواء إلى الأهل فى سيناء أحد محاورها الهامة .

 

ملحوظة : يشرفنى  أن اهديكم نقل حلقة مسجله من برنامج الشعب الصامد فى سيناء

خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *