آراء وتحليلات

إنها الذكرى التى لاُتنسى

بقلم / سهام عزالدين جبريل
هل تتذكرون ذلك الجرح الذي عاشه جيلنا وورثته كل الأجيال من بعدنا ـ إنه احد أسوأ ايام التاريخ التى مرت علي مصر إن لم يكن الاسوأ على الاطلاق وعاشه أبناء جيلي
كان ذلك يوم الأثنين5 يونيو 67منذ 55 عاما ، لقد كان ـ هذا اليوم يحمل مشاهد قاسية للغاية ، استيقظنا على اصوات متعددة صوت اذاعة صوت العرب واصوات انفجارات وصوت اخر يأتي من إذاعة لندن وأزيز طائرات تملا سماء المدينة ، والأهالي مرتبكين يتسـألون عن النبأ وذلك الحدث ؟؟؟ صعدوا فوق اسطح منازلهم ،
كان بيتنا قريب من مطار العريش و كنا اطفالاً نتشبث بازيال اتواب امهاتنا نجري َورائهن ونبكى ، وصعدنا مع اهالينا و جيراننا الي سطح البيت ، كانت الناس تهلل لما سمعتة من أخبار سارة ، الراديو مازال يعلن ويعلن تساقط طائرات العدو تباعا لقد انتصرنا ونحن نزحف الى ابواب تل بيب
وواقعنا الذي نراه يجسد صورة مفزعة ، أننا امام مشهد طائرات غريبة نراها على مراي العين تقصف بالجوار ، بينما الدخان الأسود يتصاعد من المطار لقد كانت هناك طائرات مريبة تضرب المطار وضربت مدارج الطائرات في كل مطارات مصر ، ونحن لازلنا نهلل لانتصار مزيف وتسأل الاهالي هل هذا انتصار ام انكسار عشنا حالة من الوهم واختلال التوازن الذي يؤدي الي كارثة صباح يوم ٥ يونيو ٦٧ تلك الأحداث التى اغتالت طفولتنا إنه تاريخ الجرح الكبير ،
وعم المساء وخيم الظلام وسكن الألم في قلوب الجميع ، حتى قلوبنا الصغيرة سكنها الألم لم نعد نلعب ونلهو مثل كل الأطفال لم تعد هناك مدارس لم تعد هناك شوارع وأزقة حارات نلعب فيها مع أصحابنا ولا دكاكين نشترى منها ، ولا أسواق ولا ادارات حكومية ولا اماكن للعمل ، ولا مياه ولاكهرباء ، الشوارع خلت من الناس ، يومها كان امتحان الشهادة الاعداية ابنة جيراننا عادت تبكى ولم تود الامتحان ، هى وكل زميلاتها ، لقد اغلقت لجان الامتحان وترك الطلاب اوراق الامتحان فارغة ، لم تعد هناك حياة فى بلدتنا الصغيرة العريش حاضرة شبه جزيرة سيناء،
جلست جدتى تبكى وتدعو لابن اختها الملازم وليد عثمان الذى تخرج اول امس وجاء يسلم عليها متجها الى معسكرة فى خطوط الدفاع الاولى فى دير البلح ، وتدعو له بالسلامة، وليد كان ورفاقة احدث دفعات الكلية الحربية حينها ـ كانوا فى مقدمة صفوف المقاتلين ، الذين علمنا بخبر استشهاده هو وكل رفاقة بعد شهر تقريبا
تفرق الاهل والجيران والأصحاب هناك من استشهد وهناك من رحل وهناك من هاجر، وهناك من مشى ايام وليالى بين دروب الصحراء حتى وصل الى غرب القناة ،
ارض سيناء شاهدة على أحداث يونيو 67 ، و لو أتيح لارض سيناء ان تتكلم لقالت الكثير والكثير ، نحن نذكر فقط ماشاهدناه ورايناه بعيون اطفال عاشت فى تلك الايام القاسية الصعبة ولكن هناك حكايا تخفيها رمال الصحراء ،
عشنا الايام الاولى من الحرب ايام قاسية كنا محاصرين انضم الاهالى الى الضباط والجنود فى مواجهة غير عادلة لمقاومة قوات الاحتلال ومنعها من الدخول للمدينة ـ معارك تمركزت فى مداخل المدينة من الجهة الشرقية عند منطقة الريسة وعند محطة الابطال ، قاومت العريش بكل مااوتيت من قوة ولكن السلاح نفذ ،
حاولوا احراق المدينة والانتقام من اهلها اطلقوا عليها ثلاثة صواريخ لتفجيرها واحراقها ارضا وبشرا ، ولكن الله حمى العريش حيث ارتدت هذه الصواريخ الثلاث وتفجرت فى الصحراء وفى باطن الكثبان الرملية المحيطة بالمدينة ، كانت المعركة الاخيرة على سغح تبة بحرى ، وحينها استشهد الابطال عسكريين ومدنيين لم يستسلموا بل سلموا ارواحهم للمولى عز وجل ، دفاعا عن تراب الوطن ، وحدث مالا يحمد عقباه وقعت العريش فى الاسر بعد عشرة ايام من المقاومة ، خيم الالم على المدينة الصامدة الجريحة
قام الاهالى بمهمة وطنية ، بيوتنا استضافت خير اجناد الارض لم يخلو بيت من البيوت من استضافة مجموعة من ضباط وجنود اصبحوا جزء من افراد اسرتنا الاهل التزموا بيوتهم لحماية ضيوفهم وتأمين استضافتهم ،
هناك من فكر بالنزوح انها الحرب القاسية التى عاشها الاهل يواجهون عدو شرس أتى لكي ينتقم ، أصر والدي على عدم النزوح ورفض فكرة الهجرة وايدته امي وجدي وجدتي تحول بيتنا خلال ايام الي ساحة نضال تحت مظلة المقاومة الوطنية وأعلنت في ارجائه قيام منظمة سينا العربية واراد الله سبحانه وتعالى وعلى نفس الارض ان نمحوا العار ونذوق طعم المقاومة ونشارك فيها ونحن أطفالا مع أهلينا شاركنا في كل شى نقل أجهزة واخفاء ملابس وتوصيل طعام واستضافة جنودنا العائدين من المعسكرات الامامية سهرنا مع امهاتنا على القيام على خدمتهم ، تحول بيتنا ومعظم بيوت بلدتنا الى مستشفى لعيادة المصابين والجرحى اصبحت امهاتنا يقمن بالتمريض ونحن نتعلم منهن وننفذ ، تعلمنا معنى الصمت والكتمان والسرية وكافة مهارات المرحلة معلومات إغاثة تحذير دعم ، جهود كثيرة وادوار لاتعد ولاتحصى ، سنوات عجاف عشناها نحاول ان نتلمس ذلك الامل القادم والضوء الخافت الذى كنا نراه قريبا رغم ثقل الايام وركود السنين بينما كان قوات الاحتلال يرونه مستحيلا
كبرنا قبل الأوان لم نستمتع بطفولتنا ولكننا استمتعنا باندراجنا في مهمتنا الوطنية احساس رائع انك برغم انك طفل ان تشعر انك أصغر الافراد تعمل تحت مظلة المقاومة الوطنية للدفاع عن ترابك الوطني ، رحلة ايام لقاسية وسنوات ثقيلة لكنها عبرت بالامها واحزانها ومذاقها القاسى وكل خطوة فيها تحمل الف حكاية وحكاية ، تبوح لك بأسرار سنوات المقاومة والصمود والمواجهة ، المقاومة التى ولدت من رحم المعاناة ، مقاومة صنعها أهلنا في سيناء خلف خطوط العدو على ارض المواجهة امام ترسانة العدو وسطوة معداته ، وعنفو ان غرورة اهلنا قدموا اعمارهم وحياتهم وكل غالى لاجل لحظة تحقيق الحلم و ذلك العبور العظيم حتى لاح ذلك الفجر المنتظر إنه فجر وإشرافة الانتصار فى اكتوبر 73 ،
تحية عاطره لأرواح شهدائنا ومصابينا وكل ابطالنا الذين حاربوا على هذه الأرض الطيبة لتكون مصرنا الغالية وتظل دوما ارض العزه والكرامه حفظ الله مصر بلادي العظيمة .
ومازال للحكاية الف حكاية وحكايا ،،،
خالص تحياتى / د. سهام عزالدين جبريل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *