أخبار الرياضة

الحياة تطيب بسجدة الأم.. رسالة لاعبي المغرب للباحثين عن السعادة

“أنتي الأمان أنتي الحنان من تحت قدميك لنا الجنان عندما تضحكين تضحك الحياة تزهر الآمال في طريقنا، نحس بالأمان أمي نبض قلبي نبع الحنان، من تحت قدميك لنا الجنان من عطائك تخجلي أبداً لم تتململي يا شمعة دربي يا بلسم الزمان أمي قلبي نبع الحنان”.

“أمي كم أهواها، اشتاق لمرآها وأحن لألقاهـا، أمي هي نبع حنان، أمي هبة الرحمن والروح كما الريحان انعطر بجداها، فأدم امي بأمان” – كلمات شارة بداية كرتون ريمي

أجمل حديث في هذا العالم عن شخصيتك المفضلة بالطبع هو الحديث عن الأم، ولا أعتقد أن أحدًا قد يعارض هذا، الأم هي زينة الدنيا فهي سلوة لكل مهموم وحزين، هي ملاذ الطفل والشاب والرجل فهي التي تحمل همه طوال العمر.

الأم هي جمهورك الوحيد حينما يتخلى عنك الجميع، فهي مصدر السعادة لطفلها الصغير، وتعرف السعادة بالأساس بأنها حالة من الرفاهية العاطفية التي يمر بها الإنسان نتيجة إنجازاته المستمرة أو لحظة مؤثرة

عكست يفرح بها، فأنت تبحث عن السعادة في تتبع أدق تفاصيل الحياة من أجل الفرح والسكينة والطمأنينة في النفس، فالأم أحد مسببات السعادة وبالطبع أشياء أخرى، وقد تجد في أبسط الأشياء على سبيل المثال ابتسامة طفل صغير، فالروح الجميلة ترى السعادة في أبسط الأشياء.

لكن وحدها الأم هي بطلة كل القصص حتى في غيابها كانت هي الدافع، وبالطبع منتخب المغرب أحد تلك القصص، ولقد قص علينا منتخب أسود الأطلس إحداها بنفسه في المونديال، ليست وحدها منظومة العمل ولا المدرب وليد الراكراكي، ولا أيضا اللاعبين المحترفين في أكبر الأندية، بل الأم التي وقفت خلف كل لاعب مغربي حتى لمس السماء بيده وعانق المجد.

الرقصة الأخيرة

“إنها تعرف كل شيء عني ربما أكثر مني، إنها الأم الأبدية والصديقة الأبدية والأخت الأبدية، إنها الحب الذي لا ينتظر حتى نسميه حبًا لأنه دائمًا هناك” أحمد خالد توفيق.

الأم التي تستطيع تحقيق أمنيات أبنائها من خلال دعاء في سجدة واحدة بصلاة، يتحدث عنها سفيان بوفال في كلمات من ذهب “أمي هي صخرتي، إنها تشاهد كل مبارياتي، أنت تعلم أن العائلة هي كل شيء بالنسبة لي وهذا ما يساعدني على المضي قدما.

من المحزن أن أرى والدتي تذهب للعمل كعاملة نظافة ذات يوم في الشتاء الفرنسي، كانت الدموع في عيني، كنت أبكي.

منذ تلك اللحظة أقسمت لنفسي أنني سأفعل أي شيء لمساعدتها على التوقف عن العمل”.

فيما قالت عائشة أخته التوأم “إنها تجد لعبة كرة القدم مرهقة للأعصاب، قلبي ينبض بشدة عندما أشاهده وهو يلعب”.

وتابعت “أكون على حافة الهاوية لأنه سيتعرض للإصابة وأبكي في كل مرة يسقط على الأرض وأحبس أنفاسي حتى يعود مرة أخرى، ثم أتصل بأمي لأرى كيف حالها لأنها تشعر بالقلق أيضًا”.

الحلم

يمتن بوفال لكرة القدم في الحصول على مثل الراتب المرتفع، بوفال يشارك في جمعية خيرية تسمى “Reve” والتي تعني الحلم بالفرنسية في أنجيه.

بوفال الذي تناول الغداء مع طفل مصاب بمرض خطير رفقة والدة الطفل أيضا، فهو يحاول أحلام الأطفال المصابين إلى واقع مشرق بشفائه.

“لن أنسى أبدا ما أعطته لي فرنسا، لقد سمح لي أن أكبر لأصبح رجلاً، لقد رحبت بوالدي أنا مرتبط جدًا بها لكني فضلت المغرب، كان الأمر أشبه بالاختيار بين أمي وأبي”.

بوفال المولود في فرنسا لأبوين مغربيين، كان بإمكانه اللعب للمغرب أو فرنسا واعترف أنه كان اختيارًا صعبًا، ليتلقى استدعاءا من قبل المنتخب المغربي في عام 2015، لكنه طلب حينها مزيدا من الوقت ليحسم أمره، واختار تمثيل أسود الأطلس في النهاية.

وجدت السعادة في عالم آخر

قارة من أقدم قارات المعمورة تنعت بالسمراء والسوداء، في قلب إفريقيا النابض تجد الفقر لكنك حتما ستجد السعادة في وجه طفل صغير.

“أنا ووالداي وأجدادي من المغرب، عندما أذهب إلى هناك، فإن الشعور الداخلي لا أستطيع وصفه بالكلمات”.

“عندما ألعب رفقة المغرب في إفريقيا أجدها عالم آخر، عندما نحصل على فرصة السفر للعب مباريات خارج أرضنا نرى عالمًا آخر، الاستادات والمرافق ليست مثل أوروبا إنها فقيرة والملاعب قديمة، لكن في كل مرة تكون مغامرة رائعة”.

“ذات مرة لعبنا في جزر القمر التي تعد جزيرة صغيرة، خضنا المباراة على ملعب اصطناعي، وكان الأمر أشبه باللعب في الغابة، كان الملعب محاطًا بالأشجار”.

“بالطبع لا تريد أن تلعب على هذا النوع من الملاعب كل أسبوع، لكن رؤيتها واللعب فيها تجربة رائعة حقًا، أنت تتعلم الكثير لأن كرة القدم الأفريقية تختلف إنها أشبه بالمعركة”.

“الناس في أفريقيا ليس لديهم الكثير، لا يوجد إلا منازل عادية، لكنهم دائمًا مبتسمون وسعداء، السعادة ليست في المال أو المنازل الكبيرة أو السيارات الفارهة، هؤلاء الناس لا يملكون شيئًا تقريبًا، سيكونون سعداء إذا تمكنوا من تناول الطعام في نهاية اليوم وقد تجد السعادة في ابتسامة طفل صغير” سفيان أمرابط في حواره مع موقع ناديه فيورنتينا.

أقاتل من أجلهم كل يوم

“من أعظم نعم الحياة أن تمتلك أم قوية، أن تمتلك خير مثال للعزم في أمور الحياة، والصبر على مُر أيامها لكسب المنال، أن تمتلك من تزرع بداخلك القوة والثبات أمام كل عقبة تواجهك، أن تمتلك الحب الصادق الذي يحبك بعيوبك وبأخطائك وزلاتك، حب لا مشروط لا يغني عنه صداقات العالم بأكمله” أحمد خالد توفيق.

“كانت والدتي عاملة تنظيف منزل، وكان والدي بائعًا متجولًا نأتي من عائلة منخفضة الدخل تكافح من أجل تغطية نفقاتها”.

“أنا أقاتل من أجلهم كل يوم، لقد ضحوا بحياتهم من أجلي، لقد أخذوا أشياء كثيرة من إخوتي لكي أنجح”.

“هاجر أبي وأمي من قرية مغربية صغيرة بالقرب من الدار البيضاء إلى خيتافي لبناء حياة أفضل لنا”

“لقد جاؤوا من مناطق لا يكاد يوجد فيها أي عمل، كان عليهم أن يقاتلوا بشدة، ليس لدي كلمات لوصف والدي”.

“عندما كنت صغيرًا حاولت والدتي أن ألعب الجودو أو السباحة، أخبرتها أنه يجب أن تكون كرة القدم” أشرف حكيمي يتحدث عن والدته

أمٌ بألف

عبد الحكيم زياش من مواليد درونتين بهولندا الملقب بـ “دي توفينار” أي الساحر، هو الأصغر بين عائلة مكونة من تسعة أطفال (خمسة أولاد وأربع فتيات)، من أبوين مغاربة من أصول أمازيغية.

ومثل العديد من الأسرة المغربية التي تبحث عن حياة أفضل، ليحط الرحال بها في هولندا حيث ولد حكيم، والده الذي غادر المغرب في 1967 مع ولديه فوزي وهشام، حيث كان يعمل حداد في مصنع للمعادن.

وفي سن العاشرة، عانى حكيم من صدمة عاطفية كبيرة بعد وفاة والده بعد المرض، وهكذا نشأ مع أم أجبرت على تعليم أطفالها الثمانية باستخدام منح البطالة من أجل تلبية احتياجات الأطفال.

ورأى عبد الحكيم اثنين من أشقائه يدخلان السجن بتهمة السطو المسلح، لذلك تم طردهم من أنديتهم وقرروا أيضًا اعتزال كرة القدم.

ويقول هشام أحد الشقيقين: “لم يكن لدينا الكثير ولم يكن هناك مال، وعندما تكون شابًا فأنت تريد دائمًا الحصول على نفس الشيء مثل أي شخص آخر، فعلنا الكثير من الأشياء السلبية ودفعنا ثمن كل ما فعلناه، كنت مسجونا لعدة عمليات سطو”.

ويقول فوزي الأخ الآخر: “كان حكيم آخر أمل لنا في العائلة، لحسن الحظ كان قادرًا على إدراك الخطأ بسرعة، ليس كمثل إخوته الكبار الذين أخطأوا”.

حكيم أيضا كان محبطًا في سن السادسة عشر وقرر اعتزال كرة القدم، ووجد طرق المخدرات المتمثلة في الكوكايين وشرب الكحول وتوقف عن الذهاب إلى المدرسة.

“كنت ألعب لفريق شباب هيرنفين، لم أكن أعتقد حتى أنني سأصبح لاعب كرة قدم محترف في يوم من الأيام”.

ولكن الأم نجحت في لم شتات الأسرة بمساعدة عزيز ذو الفقار النجم المغربي السابق الذي ساعد حكيم كثيرا، ليصبح حكيم واحد من أفضل اللاعبين المغاربة ويشق طريقه بين الأندية الهولندية ومنه إلى تشيلسي، ويقود المغرب إلى نصف نهائي المونديال.

رحيل الأم

“شوقٌ يدفعني لأراها أمي ذكرى لا أنساها، طيفٌ أنقى من زبد الأيام أبقى أمي، همساتها أحلى من ناي سكنت قلبي، كلماتها باتت نجوًا تضيء دربي، لو سرقت منا الأيام قلبا معطاءً بسّام لن نستسلم للآلام لن نستسلم للآلام” كلمات الشاعر السوري أحمد نتوف.

ولد سليم أمل الله في أوتراج، وهي بلدة بلجيكية تقع بالقرب من الحدود الفرنسية البلجيكية، سليم هو ابن حسين أمال الله مدرب هاوٍ من أصل مغربي.

وبدأ سليم لعب كرة القدم في سن الرابعة، وانضم إلى نادي مونز، وتدرب على يد والده حتى سن 13 عام، وخلال مباراة أمام أندرلخت حيث نجح في تسجيل 5 أهداف، وبفضل أدائه انضم إلى العملاق البلجيكي.

وحين كان سليم أملاح في الثالثة عشرة من عمره، شهد وفاة والدته الإيطالية أنطوانيت التي سقطت أمامه ضحية تمزق تمدد الأوعية الدموية، وتوفيت متأثرة بجراحها ليلة 2 سبتمبر 2011.

وتعرض الطفل الصغير إلى صدمة كبيرة، ليتم فصله من فريق أندرلخت تحت 16 عام بسبب مشاكل تأديبية ناتجة عن وفاة والدته، ثم شجعه والده حسين على التركيز على دراسته لفترة مان.

وظل سليم متأثرا بوفاة والدته حتى عاد إلى نادي مونز، وارتدى الرقم 21 تكريما لتاريخ ميلاد والدته، وأصر على النجاح في عالم كرة القدم من أجل والدته، وها هو يتواجد في تشكيلة المغرب بالمونديال، لتصبح القصة المأساوية قصة وفاء وإصرار ووفاء، وبالرغم من غيابها كانت هي الدافع الأساسي في قصة أملاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *