آراء وتحليلات

كلمة العدد 1311.. “”الاخلاق السياسيه او السياسه الاخلاقيه !!””

يكتبها د. محمود قطامش

نحن نحتاج الي معرفة الفرق علي ضوء مانراه حولنا من احداث عالميه وتبدل في تموضع بعض الدول تجاه بعضها البعض من حيث المصالح والقضايا المشتركه ……..فهل للسياسه اخلاق ؟ وما علاقه السياسه بالاخلاق ؟ وهل السياسه فعل اخلاقي ؟؟
تعالوا نتعرف علي الحكايه …..السياسه فعل يتسم بالرياء والكذب والنفاق وكل هذه الافعال تكرهها الاخلاق والممارسات السياسيه كلما كانت لا اخلاقيه كانت تصب في صالح ممارسيها وهي لنفعهم علي عكس من تمارس ضدهم هذه السياسه ينظرون اليها علي انها افعال وممارسات لا اخلاقيه …… هذه العلاقه الشائكه بين الاخلاق والسياسه كانت دوما موضوع لافت في الفكر والفلسفه علي مر التاريخ ولا تخلو كتابات المفكرين القدامي ((مثل ارسطو وسقراط وميكافيلي او حتي كانت ونيتشه )) من الخوض في العلاقه بين الاخلاق والسياسه حتي اصبح الجميع متفق علي بلورة الامر في صورة ( تياران متناقضان ) …….تيار يؤمن بالقدره علي فلترة السياسه من الشوائب حتي تكون اخلاقيه وزعماء هذا التيار هم سقراط وتلميذه افلاطون وتيار اخر عكسه تماما او ضده فهو يجزم بان لا علاقه البته بين الاخلاق والسياسه وانهما علي طرفي نقيض في الطبيعه والاهداف حيث من المستحيل انتاج سياسه اخلاقيه لذلك تم اختراع مصطلح جديد وهو مايسمي ب ( الاخلاق السياسيه ) والسبب ان الاخلاق ليست احد مقومات السياسه بل وتعتبر نقيضا لها او حتي مفسدا لها .
يقدم التيار الاول وزعيمه افلاطون صيغته او نظريته الخاصه والتي يمزج فيها بين الاخلاق والسياسه وقام علي هذا الاساس بكتابة كتابه الشهير ( المدينه الفاضله ) والتي لم تري النور منذ اكثر من 2400 سنه وهذه النظريه التي وضعها افلاطون لم تكن تعكس واقع اثينا وبقية المدن اليونانيه في ذلك الوقت والتي كان يحكمها صراع ونزاع وعدم استقرار وتناحر علي السلطه والنفوذ وبناء عليه لم تكن هذه الفلسفه تدور حول الواقع المعاش ولكنها تقدم واقع افتراضي او عالم اخر يجب خلقه ………. ويري زعماء التيار الاخر وزعيمهم الفيلسوف الالماني نيتشه ان افلاطون قدم للبشريه عالم موهوم او متخيل او عالم خرافه حيث يصفه في كتابه ( افول الاصنام ) إن افلاطون جبان وفيلسوف منحط وجبان امام الواقع لذلك فهو يهرب الي العالم الافتراضي .
….. وبناء علي ماسبق من عرض مبسط للفكرتين لم تكن هناك علاقه بين الاخلاق والسياسه منذ ظهور النظريتين وان كانت ثمة علاقه فهي دائمة التوتر والتصادم والعدائيه لان السياسه تدور حول العالم الواقعي والمحسوس وتجسد الفعل الطاغي من الطبيعه البشريه الشريره علي عكس الاخلاق التي تدور في مفهوم هلامي حول عالم افتراضي في خيال البعض ….السياسه تستند الي القوه لضمان البقاء في الجغرافيا السياسيه وتأمين البقاء في العالم الفوضوي الذي يستلزم الابتعاد عن الاخلاق وعندما تتعارض الاخلاق مع بقاء الدوله والسياده والمصالح الحيويه والاستراتيجيه لها تموت الاخلاق وتحيا السياسه ……ومن المعروف تاريخيا بان الحضارات العظيمه أنشأها اشخاص فاضلون بالتاكيد ولكنها كانت نتاج لطموح مفرط وشهيه للسلطه والمجد والتي لن تتحقق ولم تتحقق سوي بالقوه والبطش والسلب والنهب وهي جميعها افعال غير اخلاقيه او علي الاقل فهي افعال تشكل الاخلاق قيود علي ممارستها …. السياسه لها اخلاقها الخاصه والتي هي القوه والمصلحه والعنف والنفوذ والسيطره وان تعارضت مع الاخلاق في نسختها الفلسفيه فذلك لايعيب السياسه ولا ينقص من قدرها بل يضيف قيمه اعلي للسياسه لانها ستتسم بالواقعيه شريطة ان تخدم مصالح الاغلبيه علي الجغرافيا الواحده وحولنا بالعالم الكثير من الامثله التي تجسد بان للسياسه افعال غير اخلاقيه .
ولكم تحياتي
محمود صلاح قطامش
مصر تلاتين
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *