أخبار الفن

شادى مؤنس: حاولت التعبير موسيقيا عن رحلة «جودر».. ولم أخش المقارنة مع تناول آخرين لـ«ألف ليلة وليلة»

ــ استلهمت التيمة البكائية فى «صيد العقارب» من مشهد جمع غادة عبدالرازق وأحمد ماهر بالمستشفى
ــ اكتسبت احترافية أكثر فى التعامل مع الدراما وتعلمت أن أقدم الموسيقى المطلوبة منى

يعد المؤلف الموسيقى والملحن شادى مؤنس واحدا من أهم الوجوه التى بدأت تفرض نفسها على الساحة الموسيقية خلال السنوات الخمسة الأخيرة، حيث اجتاز اختبارات صعبة كثيرة فى عالم الدراما المصرية، بداية من مسلسل «الفتوة» الذى قدمه قبل أربع سنوات، ثم مسلسل «جزيرة غمام» العام قبل الماضى، إلى جانب أعمال درامية أخرى، حيث كان لموسيقاه دور مهم فى نجاحها. الجميل فى موسيقى شادى مؤنس أن جملته الموسيقية تحتفظ بهويتها المصرية رغم التيارات التى سادت فى بعض الأعمال بتقديم موسيقى غريبة ظنا أن هذا سوف يعطى العمل بعدا عالميا، غير مدركين أن الموسيقى فى الدراما لابد أن تكون ابنة للبيئة.
هذا العام دخل شادى اختبارين جديدين اجتازهما بنجاح، أولهما مسلسل «صيد العقارب» بطولة غادة عبدالرازق وهو عمل ملىء بالحروب النفسية والصراعات والانفعالات المختلفة، والعمل الثانى الأكثر صعوبة وهو جودر «ألف ليلة وليلة» بطولة ياسر جلال، وصعوبته تكمن أن هذا العمل سبق وتم تناوله من أكثر من مؤلف موسيقى إلى جانب أن الموسيقى الأصلية للعمل محفورة فى وجدان كل العرب، وبالتالى فهو يحتاج إلى مؤلف موسيقى من نوع خاص يعبر بالعمل إلى منطقة أخرى غير مستهلكة، وهو ما فعله شادى مؤنس.
> فى البداية سألته: فى تتر النهاية لجودر بدأت بجملة موسيقية من ألف ليلة الأصلية لكورساكوف ثم تلاها وجهة نظرك كمؤلف موسيقى؟
ــ بالفعل هذا صحيح، بدأت بجملة كرساكوف ثم وضعت وجهة نظرى كنوع من الربط بين الماضى والحاضر.
> عند كورساكوف كان يستخدم الآلات الموسيقية النحاسية والأكثر حدة للتعبير عن شهريار والأكثر نعومة للتعبير عن شهرزاد، هل هذا كان فى خيالك أثناء التعامل مع العمل؟
ــ بدون أن يكون هذا مقصودا فعلت هذا، بشكل تلقائى، لأن الدراما دائما هى التى تقودنى، وبالتالى كانت الموسيقى المرتبطة بشهر زاد هنا ناعمة جدا، لأنها تحاول أن تمتص غضبه وتتعامل معه بهدوء، وبالتالى التيمة التى تعبر عن شهرزاد أو المشاهد التى تظهر فيها لاحتواء شهريار، تجدها ناعمة، واستخدمت آلات تعطيك هذا الطعم مثل الهارب، أو الكمان، مع شهريار تجد التشيللو، لأنه يعبر عن صوت الرجل.
**ما أسباب الاتجاه للتسجيل بأوركسترا روسى وهل هو متعلق كبار الموسيقيين إلى الخارج وقت التسجيل أم أنك كنت تبحث عن خيال معين؟
ــ أسباب كثيرة، منها كما ذكرت، وجود موسيقيين كثر خارج مصر، لدرجة أننى كنت عندما أريد أن أسجل أى صولو كنت أنتظر بعضهم عند العودة من السفر.
الشىء الثانى الذى دفعنى للاعتماد على أوركسترا روسى، هو أن قاعات التسجيل عندهم مختلفة وبالتالى تعطيك الجو الذى تريده عند السمع، وتعد القاعات مهمة جدا عند التسجل مع أوركسترا كبير، ولذلك حرصت على طرح الفيديوهات الخاصة بالتسجيل حتى يرى الناس الشكل العام داخل القاعة، حتى يعى الجمهور سبب ظهور الصوت بهذ الشكل الضخم.
ثالث الأسباب السرعة فى الإنجاز، لأن أعضاء هذه الأوركسترا، شغلتهم فى الحياة هى التسجيل، وهذا الأمر وفر وقت طويل، إلى جانب أن التكلفة واحدة وربما تكون أقل.
> هذا اضطرك للسفر؟
ــ لم أسافر، نظرا لضيق الوقت، فى البداية أرسلت لهم النوت الموسيقية، وكنت أتبعهم على الهواء لحظة بلحظة أونلاين.
> بعدك عن المكان ألا يؤثر على التسجيل خاصة إذا أردت أن توصل إليهم أحساسا معينا؟
ــ بالتأكيد هذا يؤثر، لكننى كنت معهم، أتحدث إليهم وكأنى فى غرفة ثانية ملحقة بالقاعة.
> «ألف ليلة وليلة» قُدِمت بأشكال موسيقية مختلفة سواء العمل الأصلى لكورساكوف أو مؤلفين مصريين مثل جمال سلامة هل تخوفت من المقارنة؟
ــ بالتأكيد كانت هناك صعوبة لأن العمل محفور فى عقل الناس، لكننى بصفة عامة لا أخشى المقارنات لأن كل مؤلف موسيقى له طعم وأسلوب، الأهم أن يخرج عملك بجودة، الموسيقى أذواق، هناك ناس تحب أم كلثوم وآخرون يحبون فيروز، الأهم بالنسبة لى أن أقدم عملا بشكل جيد، والحكم للجمهور.
لكن ما تخوفت منه هو حجم المسلسل، خاصة أن الصورة عظيمة جدا، والوقت كان ضيقا جدا، العمل مطلوب له عدد كبير من القوالب الموسيقية المختلفة، حتى يخرج بنفس ثراء الصورة، فالعمل دراميا ليس سكة واحدة، لذلك هناك مشاهد تجد أوركسترا كامل، وهناك مناطق تجد الموسيقى، ومناطق تركى، وهناك نذهب بها إلى المغرب، لذلك كنت قلقا من الجمع بين كل هذا مع الحفاظ على الطعم الخاص بى.
خلاصة الحكاية أننى أحببت خلال التتر أن أشرح رحلة جودر. كانت رغبتى أن يخرج العمل غير مصبوغ بالشكل المصرى فقط، يغلب عليه جانب المستشرقين، حتى يكون أكثر تعبيرا عن الأحداث والبيئة التى جرت فيها الأحداث، لذلك تجد آلات مثل البزق والكلارنيت رغم أننى لا أميل لهما، لكن الواقع فرضهما.
> دائما المؤلف الموسيقى ينطلق من مشهد معين فى وضع موسيقاه من أين بدأت فى جودر؟
ــ وجدت أكثر من مشهد للانطلاق، أولا مشهد يظهر فيه وهو تائه فى إحدى الجزر. الثانى مشهد طقوس أهل الشر «الجن»، لأنه أخذنى إلى شكل موسيقى يعبر عن الشر.
> هل تجد صعوبة أكبر فى التأليف لمناطق الشر أم الخير؟
ــ الخير أصعب، لأن الجملة لابد أن تدخل إلى قلوب الناس، أما الشر سهل جدا التعبير عنه.
> وماذا عن فكرة استخدامك لفن الموشح الذى يحتاج مواصفات معينة؟
ــ فى الحقيقة هى فكرة ياسر جلال، ومعه المخرج إسلام خيرى، وكانت فكرتهما أن نستعين بموشح قديم، لكننى فضلت أن أقوم بعمل موشح جديد، وبالفعل تحدثت مع صديقى الشاعر طارق الجناينى، وقمنا بهذا العمل، الذى كان بمثابة تحدٍ كبير، وربنا كرمنا بصوت كارمن، التى أدته بشكل جيد.
> وكيف وجدت ردود الأفعال على الموشح؟
ــ الحمد لله كانت إيجابية، وساعدنى، أن المخرج إسلام خيرى، رسم صورة جميلة جدا، وكانت سعادة الناس المهتمة بالموسيقى القديمة أكبر، لأنهم اعتبروا أن هذا العمل إحياء لقالب غنائى لم يعد موجودا.
> أخدت الموشح إلى سكة مودرن إلى حد ما؟
ــ من الممكن أن يكون التنفيذ ساعد على هذا الشعور، لكننا لم نبتعد عن الشكل الأصلى.
> هل استخدمت الآلات التى تعبر عن هذا العصر؟
ــ لم يشغلنى هذا الأمر كثيرا، لكننى حاولت أن أقدم آلات فى الأصل قديمة مثل البزق والقانون والعود والهارب، أيضا استخدمت آلات أخرى مثل «الدودك» وهى تشبه الناى، وآله «الايرهو» الهندى.
> «ألف ليلة وليلة» قدمتها الإذاعة المصرية ثم تناولتها الشاشة الصغيرة أيهما أقرب إليك؟
ــ بالتأكيد الإذاعة لأنها مرتبطة بوجدان كل مصرى، وعندما تستمع إليها كأنها سجلت اليوم.
> خلال كلامك قلت إن الوقت كان ضيقا بالنسبة لك؟
ــ هذا صحيح، تمت الاستعانة بى قبل العمل بشهر فقط، وأتصور لو أننى عملت قبل العمل بثلاثة أو أربعة أشهر، لاختلف الأمر موسيقيا بالتأكيد.
> نذهب إلى العمل الثانى لك فى رمضان هذا العام صيد العقارب وصعوبته أن الأحداث به متطرفة إلى حد ما من الحب والتقارب بين عائلتين، إلى الصراع والكراهية المتناهية بينهما من أين بدأت وضع موسيقاك؟
ــ بدأت بالمشهد الذى التقت فيه غادة عبدالرازق بوالدها أحمد ماهر فى المستشفى، وتحدثت فيه عن رغبتها فى الانتقام، هذا المشهد استلهمت منه التيمة البكائية فى العمل، كما جذبتنى فكرة الجدود أصحاب الجذور الصعيدى، والأبناء الذين ينتمون بحكم النشأة إلى المدينة، لذلك حاولت أن أوظف هذا أيضا، فى تقديم المزج بين الموسيقى المصرية التى نشتهر بها، وبين الأوركسترا.
> كيف تعاملت مع التحولات الكثيرة فى العمل؟
ــ دائما أضع خطوط للعمل، تيمات موسيقية للخط الرومانسى، وأخرى للصراعات، وخط للشجن مختلف الحدة، وكذلك للأكشن، وحاولت خلال التنفيذ الجمع بين الأوركسترا والآلات الكهربائية لتنفيذ خيالى فى العمل.
> ما هى درجات الاختلاف بين شادى مؤنس فى أول عمل قام به «الفتوة» وشادى فى «ألف ليلة وليلة» و«صيد العقارب»؟
ــ اكتسبت احترافية أكثر، تعلمت أن أقدم الموسيقى المطلوبة منى، وزادت خبرة التعامل مع الدراما، والصورة، إلى جانب قيامى بدراسة الهارمونى بشكل أكبر، ولدى رغبة فى مزيد من الدراسة، أيضا بدأت أميل إلى المزج بين ما يرضينى كمؤلف وبين ذوق الجمهور.
> دخول الذكاء الاصطناعى إلى عالم الموسيقى كيف تراه؟
ــ شىء مخيف، لأننى دائما أراهن على بصمة الإنسان. الأزمة التى نعيشها دائما مع مستجدات العصر سوء الاستخدام.
> ماذا عن رابطة مؤلفى الموسيقى؟
ــ حتى الآن الموضوع متوقف فى نقابة السينمائيين، وقمنا بعدد من الإجراءات، وننتظر الأمر، لكن لا عودة فى خروجها للنور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *