أخبار الفن

حوار| الشاعرة الغنائية كوثر مصطفى: وجدت ملاذى الآمن فى دار رعاية كبار الفنانين لأستطيع مواصلة مشوارى بألم أقل

• محمد منير فوجئ بقرار انضمامى للدار.. ولقب «مؤلفة الكينج الملاكى» توصيف غير صحيح

• أسقطت تجربة «البوابة الثانية» من حساباتى.. ومسلسل «نجمة الحظ» عمل كبير يبحث عن جهة إنتاج
• المؤلف هو الحلقة الأضعف فى سلسلة أى عمل فنى.. والمؤدى من يتصدر المشهد
• مشروعى مع فيروز لم يكتمل.. ومنتج ماجدة الرومى خذلنى
• نجاحى مع منير مستمر رغم قلة تعاوننا.. وكوبليه جديد فى أغنية «مدد» جعلنى أتصدر التريند

«ما الذى كان وما عدش وراح.. قمر انطفى.. وانكفى واختفى.. نهر ما بلش حتى الريق.. آه يا براح عمال بيضيق».. لم تكن تتوقع صاحبة هذه الأبيات الشعرية أن يأتى عليها الوقت لتعيش واقع هذه الكلمات التى نسجتها بخيالها قبل 30 عاما، وقام بغنائها المطرب محمد منير، وحققت من خلالها بداية شهرتها فى عالم الغناء، فكيف تتوقع أن يأتى عليها اليوم الذى تتحقق فيه صورتها التى رسمتها بأغنيتها الشهيرة «ساح يا بداح» وتسير حياتها «صبح وزيه الصبح التانى.. ليل ملضوم فى الليل التانى»، ولكن هذا ما حدث للشاعرة الغنائية كوثر مصطفى، التى اتخذت قرارا جريئا مؤخرا، حينما حملت حقيبتها، واتجهت حيث دار المسنين الخاصة بإقامة كبار الفنانين التابعة لنقابة الممثلين، وذلك بعد أن عانت من التجاهل فى السنوات الأخيرة الماضية، وابتعدت عن الناس.

من داخل دار المسنين التقت «الشروق» بالشاعرة الغنائية الكبيرة كوثر مصطفى والتى فتحت قلبها لنا وتحدثت عن سبب التحاقها بالدار وقالت:

هناك أسباب كثيرة دفعتنى لدخول هذه الدار أهمها رغبتى فى الخروج من حالة الوحدة والعزلة التى كنت أعيش فيها فى الفترة الأخيرة من حياتى والتواجد وسط مجتمع جديد وحياة يملؤها الآخرون، هذا مع الاحتياج الشديد لمن يقوم على رعايتى بعد أن أصبت فى العمود الفقرى، فى وقت لم يعد أحد يطرق بابى، فكنت فريسة سهلة للاكتئاب، وحاولت كثيرا الخروج من هذه الحالة، لكن فشلت كل محاولاتى، فى ظل الظروف النفسية والصحية الصعبة التى أعانى منها، والمادية أيضا، فرغم أننى والحمد لله «مستورة» لكن فى ظل غلاء المعيشة، وارتفاع أسعار الأدوية، فالأمور كانت معقدة للغاية، خاصة أننى لم اعتد طوال حياتى أن أطلب مساعدة من أحد مهما كانت درجة قرابته لى.

< وكيف جاء قرار التحاقك بدار إقامة كبار الفنانين؟
ـ
ــ عن طريق الصدفة، فلقد سمعت عن دار خاصة بكبار الفنانين، توفر للمقيمين بها إقامة فندقية جميلة مجانية، ومتضمنة الرعاية الصحية، فتحمست للفكرة، فالدار أشبه ما تكون بمنتجع صحى كبير يوفر لكل المقيمين فيه كافة أنواع الرعاية الصحية والنفسية مع أطباء فى كافة التخصصات وطاقم كامل من الممرضين ومتخصصين فى مجال التغذية ورعاية كبار السن، ومركز للعلاج الطبيعى وكل هذه الأمور شجعتنى على خوض هذه التجربة.
< ولكن ماذا عن ردود فعل أسرتك هل أبدوا أى اعتراض على هذا القرار؟
ــــ ثاروا بشدة، وجميعهم اعترضوا على قرارى، خاصة أن ربنا أكرمنى بعدد كبير من الأشقاء، لكن لم أستطع العيش معهم، فكل واحد من أشقائى له حياته والتزاماته، وحياة يعيشها مع أبنائه وأحفاده وأنا كائن مختلف، لى طبيعة وأسلوب فى الحياة يختلف عنهم جميعا، فقد اعتدت الهدوء، لأنى أعيش وحيدة بشقتى منذ 20 عاما، ولم أعد أحتمل أى صخب، وفى ظل إصرارى على فكرة الالتحاق بالدار، رضخوا فى النهاية ولكن اشترطوا ألا أترك شقتى على الفور، ولكن علىّ أن أجرب الحياة فى الدار أولا.
< صف لنا الحياة فى دار إقامة كبار الفنانين؟
ـــ لقد وجدت ضالتى فى هذا المكان، الذى أصبح الملاذ الآمن لى، والمحطة الأخيرة والأكثر هدوءًا فى حياتى، بعد أن أزحت عن كاهلى عبء التفكير فى كيفية الحصول على كافة الالتزامات المطلوبة لحياة أشعر فيها بالراحة والسعادة، وهنا يجب أن أوجه كلمة شكر للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة، هذا الرجل المبدع، العاشق للثقافة والمثقفين والفنانين، فهو الذى تبرع ببناء دار خاصة بالقوة الناعمة فى مصر، على أعلى مستوى من الفخامة، وخصص له وقفا ينفق عليه مدى الحياة، فى دعم كبير جدا للفنان المصرى، خاصة فى لحظة انهزامه وانكساره بعد أن كبر فى السن، ولم يعد هناك من يقف بجواره، وهذه ليست المرة الأولى له فى رعاية المثقفين، فقد أنشأ بيت للشعراء بالأقصر، وآخر بالإسكندرية، وله عطاء إنسانى غير محدود، كما أتوجه بالشكر للفنان أشرف زكى نقيب الممثلين وجميع أعضاء مجلس إدارة النقابة، والفنان محمود عبد الغفار مدير دار إقامة كبار الفنانين، لجهدهم الكبير والرائع فى رعاية هذا المشروع الإنسانى الضخم، حتى أصبح صرحا كبيرا بهذا الشكل.
< هناك من يعتبر أن دار المسنين مكان للتخلص من كبار السن ومشاكلهم، وهو ما يوحى بنكران جميل هؤلاء فما تعليقك؟
ـــــ الحقيقة أن هناك أفكارا كثيرة خاطئة عن دور المسنين فى مصر، وأؤكد أنها أفكار خاطئة، فمنذ وطأت قدمى داخل الدار، وأنا أشعر أننى قادرة على البدء من جديد، ولم أشعر للحظة أنه مكان يشهد مرحلة النهاية، ربما هو المحطة الأخيرة كـ«بيت»، فلم يعد هناك جهد ولا حاجة للبحث عن بيت آخر غيره، إما أن يعتبره البعض مكانا للإقصاء أو نفى الكبار والتخلص منهم، فهذا خطأ تماما، والآن نحن فى الدار عددنا 18 فنانا ومبدعا ويوما بعد يوم العدد يزيد، بعد أن اطمأن الجميع لحالة الرعاية الكبيرة التى توفرها الدار، وعن نفسى أشعر بطمأنينة شديدة وأجد من يرعانى، وأصبح لدى الوقت لأقرأ وأكتب، وربما تحمل الأيام القادمة مفاجآت عديدة على المستوى المهنى، خاصة فى مجال الأغنية والشعر.
< تربطك علاقة قوية بالفنان محمد منير فكيف استقبل قرار التحاقك بدار إقامة كبار الفنانين؟
ـــ فوجئ منير بذلك، وعرض علىّ أن يساعدنى، ولكنى شرحت له تفاصيل حياتى بالدار وكم أنا سعيدة، وأعلمته أن الكل تقبل قرارى، لأنه قرار صحيح مائة بالمائة، فلم أعد قادرة على أن أعيش بمفردى مع احتياجى للرعاية والمتابعة على أكثر من مستوى كى لا تسوء حالتى الصحية أكثر، وأستطيع أن أواصل مشوارى كمبدعة مع ألم وتعب أقل.
< هل كان منير يعلم بإصابتك بحالة اكتئاب؟
ـــ نعم وكثيرا ما كنا نتحدث حول هذا الأمر وكان يحاول أن يخفف عنى بأن يحكى لى هو الآخر عن متاعبه وعن حالته الصحية التى بدأت تسوء فى الفترة الأخيرة، وكنا نتفق فى نهاية كل مكالمة على حقيقة أن حياتنا كمبدعين لم تعد كما كانت فى السابق، وكل معطيات وآليات عملية الإبداع قد تغيرت تماما.
< هل تعرضتِ لظلم بعد أن وصفك البعض بأنك «مؤلفة الكينج الملاكى»؟
ـــ لا أعتبره ظلما، ولكنه توصيف غير صحيح لوضع كان واضحا للجميع، فالمبدع الحقيقى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يصير ملكية خاصة لأى نجم من النجوم مهما كان حجم هذا النجم ومهما كان حجم النجاح الذى حققه هذا المبدع معه، وإن كان المشوار الكبير الذى أعطيت فيه للفنان محمد منير من إبداعى أكثر من أى نجم آخر هو ما جعل الكثيرين من محبيه وللأغنيات التى قمت بكتابتها له، اعتبارى ملكية تخصه وحده، فلقد تعاونت مع منير فى ما يزيد عن ٢٥ أغنية، معظمها إن لم يكن جميعها قد حقق نجاحا كبيرا، وكان بيننا مشروع واضح الملامح منذ البداية، لكنى فى نفس الوقت تعاونت مع مطربين آخرين، منهم آمال ماهر، تعاونا فى أغنية «يا عينى عليكى يا طيبة»، وأغنية «شدى الضفاير» للمطربة حنان ماضى، وأغنية «هى الحياة كده ليه» لريهام عبد الحكيم، وغيرها، لكن لم يسلط عليها الضوء الكافى ، كما أن مشوارى لم يكتمل أيضا مع هؤلاء النجوم ، مع انهماكى فى تترات المسلسلات وأغانى الأفلام، لكن رغم كل هذا يبقى المشوار الأهم بالنسبة لى هو مشوارى مع الكينج «محمد منير».. وهو الذى يتصدر المشهد حتى الآن، كما أننى أكتب أغانى مختلفة تماما عن السائد وهو مطرب لديه القدرة على فهم وقبول ما أكتبه ولديه أيضا مشروع يستوعب كل الجديد والمختلف من أفكارى.
< لكن ما صحة أن بعض المطربين رفضوا التعاون معك انطلاق من كونك مؤلفة «منير»؟
ــــ حدث هذا بالفعل مع عدد من المطربين منهم المطرب على الحجار، وقد كنت وما زلت أحب التعاون معه، وأرسلت يوما رسالة له عن طريق أحد الأصدقاء المشتركين عبرت فيها عن رغبتى فى التعاون معه، فكان رده أننى أعمل مع محمد منير، وكانت هذه الجملة تتردد كثيرا فى الوسط الفني.
< بصراحة شديدة هل توقف محمد منير عن التعاون معك بعد سنوات طويلة جمعتكما سويا، سبب لك ألما؟
ـــ طبعا شعرت بألم ووجع شديد، لأنه لم يكن مجرد مطرب عملت معه، فلقد أحببت المشروع الذى جمعنا، وأخلصت له بشدة، وكنت أبذل مجهودا خارقا حتى تخرج كلمات الأغنية مثل سلاسل الذهب، لكن لا يمكن أن أحتكره، فله الحق أن يغير من نفسه وأن يتعاون مع غيرى، كما أننى لا يمكن أن أفرض نفسى على أحد مهما كان اسمه أو مكانته، لكن دفعت ثمنا باهظا لهذا الامر، فلم يعد أحد يرغب فى العمل معى بعد أن توقف منير عن التعاون معى، فكثيرون يربطون اسمى به.
< باعتبارك أحد صناع الأغنية فى مصر، ما رأيك فى الأغانى التى قدمها محمد منير بعيدا عنكِ؟
ـــ سؤال لا يمكن الرد عليه أبدا وأترك هذا للجمهور، فلا يمكن أن أقيم أعمال غيرى أو حتى أعمالى، لكنى سعيدة أنه بعد سنوات من الابتعاد، تعاونت مع منير فى أغنية «زفة شهيد»، التى عرضت ضمن الموسم الثانى من مسلسل «الاختيار» وحققت نجاحا كبيرا، ومؤخرا أضفت رباعية جديدة لأغنية مدد، بسبب الأحداث المؤسفة التى تحدث فى غزة، والتى تصدرت «التريند»، وتلقيت اتصالا من منير عقب غنائه المقطع الجديد بإحدى حفلاته، يهنئنى على النجاح الكبير للأغنية، وهو يقول لى «شوفتى رباعية من 4 سطور تكسر الدنيا كده»، فصمت ولم أعرف ماذا أقول له، ولكن 4 سطور، كان فيها العوض لسنوات طويلة توقفت فيها عن العمل، وكأنى لم أتوقف لحظة.
< ما مدى صحة أنه كانت هناك مشروعات غنائية لم تكتمل بينك وبين كل من المطربتين الكبيرتين فيروز وماجدة الرومى؟
ـــ كان هناك مشروع لفيلم غنائى مع الفنانة فيروز فى بداية عملى كمؤلفة، لكنه للأسف لم يكتمل، حيث لم تتفق فيروز مع جهة الإنتاج وقتها، أما بالنسبة للفنانة ماجدة الرومى، فقد تواصل معى المنتج الخاص بها، وطلب أن نتعاون سويا، وبالفعل جلسنا سويا مرات عديدة، واقترحت عليه مجموعة كبيرة من الاغانى تحمس لها بشدة، لكنه خذلنى حيث فوجئت به ينتج أغانى لشعراء آخرين غيرى.
< لماذا يعتبر المؤلف دوما هو الحلقة الأضعف فى سلسلة أى عمل فنى؟
ـــ للأسف لأن الآية مقلوبة خاصة فى مجال الإعلام الذى يسلط الضوء على أى شىء يلفت الانتباه، فالمجتمع يريد الفرجة وليس الإبداع، وعليه نجد أن من يتصدر المشهد هو الفنان او المطرب، وليس صانع الفكرة والعمل، فالمؤدى الذى يقف أمام الكاميرا هو الذى يجذب الانتباه إليه، أما من اجتهد وفكر وأبدع، فلا مكان له، ولقد عانيت كثيرا من هذا الامر خاصة مع أغنية «على صوتك بالغنا» التى غناها منير ضمن فيلم «المصير» وحققت نجاحا هائلا، فقد احتفى بها الإعلام احتفاء كبيرا وأفردت لها صفحات فى جرائد هامة دون ذكر اسمى باعتبارى مؤلفة الكلمات.
< يأتى اسم كوثر مصطفى ضمن عدد محدود للغاية من مؤلفات الأغانى فى مصر، فهل نحن نعانى من ندرة وجود مؤلفات للأغنية فى مصر؟
ـــ نعم، فهذه المهنة احتكرها الرجل لعقود، وهناك عدد من الشاعرات قدمن تجارب محدودة على مستوى الكم بالطبع، أما التجارب الحقيقية فاقتصرت على عدد قليل من الشاعرات وتحديدا الشاعرة نبيلة قنديل، والشاعرة علية الجعار، لكن وبلا غرور، أعتبر نفسى أول من رسخت لوجود المرأة فى مهنة كاتبة الأغانى، ووضعت الأساس لكل شاعرة غنائية جاءت من بعدى، واستطعت مزاحمة الشعراء الرجال على الساحة ، حتى وقفت واثقة كتفى فى كتف المنافسين من الرجال.
< لماذا اتجهت لمجال كتابة سيناريوهات المسلسلات والأفلام؟
ـــ لأننى عشقت هذا اللون كثيرا، ولكن للأسف لم يصبح الأمر متاحا بعد أن توقفت الجهات الإنتاجية الحكومية عن العمل، سواء قطاع الإنتاج أو صوت القاهرة ومدينة الإنتاج، ولا أعرف طريقة للتواصل مع جهات الإنتاج الحالية، لأتقدم إليها بما لدى من أعمال درامية، وهذا راجع إلى أن تجاربى الدرامية محدودة، فقد قدمت مسلسل «البوابة الثانية» مع نبيلة عبيد، وهى تجربة لا أعتز بها كثيرا، فلم يسر العمل كيفما أردت، كما كتبت قصة الفيلم الغنائى «مفيش غير كده»، إضافة إلى تجارب مسرحية كثيرة أعتز بها، وحققت نجاحا كبيرا منها مسرحية «مخدة الكحل».
< علمت أنك انتهيت من كتابة مسلسل تليفزيونى جديد أليس كذلك؟
ـــ انتهيت بالفعل من كتابة مسلسل «نجمة الحظ»، وهو مسلسل تاريخى سياسى، يرصد مرحلة هامة فى تاريخ مصر، وأتمنى أن يرى النور يوما ما، فقط كدت أفقد الامل فى إيجاد تمويل له، خاصة أن المنتجين يعزفون عن إنتاج أعمال تحتاج لميزانية كبيرة، لكن تجددت الآمال فى إمكانية تمويل العمل، بعد أن قدمت الدراما فى موسم رمضان الماضى أعمالا كبيرة وناجحة مثل «الحشاشين»، و«جودر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *