أخبار مصر

علماء دين: الوطنية الحقيقية هي العطاء والانتماء ومصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان

أكد علماء دين مشاركون في ندوة نظمتها وزارة الاوقاف أن الوطنية الحقيقية هي عطاء وانتماء وليست مجرد ادعاء ، وأن الدين والدولة لا يمكن أبدًا أن يكونا ضدين أو متناقضين ، وأن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، وأن الدين لا بد له من دولة تؤيده وتحميه.
جاء ذلك في ندوة نظمتها “وزارة الأوقاف ” تحت عنوان : “دور المؤسسات الدينية في الحفاظ على الأوطان” بمبنى الإذاعة والتليفزيون ، برعاية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ، وفي إطار الدور التوعوي الذي تقوم به الوزارة ، والمشاركات التثقيفية والتنويرية لقضايا الدين والمجتمع التي تسهم في بناء الإنسان ، وفي ضوء التعاون والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والهيئة الوطنية للإعلام في ملف تجديد الخطاب الديني ، ومن خلال الندوات المشتركة بين الوزارة وقطاع القنوات المتخصصة بالتليفزيون المصري ، والتي تحدث فيها الشيخ جابر طايع يوسف رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، والدكتور هشام عبد العزيز أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وفي كلمته أكد الشيخ جابر طايع ، أن الوطنية الحقيقية هي عطاء وانتماء وليست مجرد ادعاء، والدين والدولة لا يمكن أبدًا أن يكونا ضدين أو متناقضين، ولكنهما متكاملان، مشيرًا إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حينما هاجر إلى المدينة المنورة قام بمعالجة علاقة الناس بربهم وعلاقة المؤمنين بعضهم ببعض ، وعلاقتهم بغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى ، فبدأ النبي (صلى الله عليه وسلم) ببناء المسجد ليربط الناس بخالقهم ، ثم أرسى النبي (صلى الله عليه وسلم) علاقة المؤمنين بعضهم ببعض فكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار (رضي الله عنهم) ، وعالج علاقة المؤمنين بغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى فكانت وثيقة المدينة المنورة ، والتي تؤكد أن أهل المدينة يد واحدة على من سواهم ، كل هذا على أساس المواطنة التي لا تفرق بين إنسان وآخر .
وأوضح طايع ، أن هناك فرقا بين التدين الحقيقي والتدين الشكلي الذي يختزل الدين في أمور عجيبة مثل تقصير الثياب والسواك وغير ذلك ، واختزال التدين في هذه الأمور فقط بعيد عن فهم مقاصد الشرع الحنيف، مبينًا أن التدين الشكلي هو الذي يؤدي إلى سوء الأخلاق ، مضيفا : وإذا أردت أن تعرف أخلاق أمة فانزل إلى الشوارع والأندية ، فإن وجدت خللًا في أخلاقها فاعلم أن هناك خللا في وطنيتها، وعلينا أن نعالج هذا الخلل بالرجوع إلى المقصود من العبادات التي أوجبها المشرع (سبحانه وتعالى) فالصلاة إن لم تحقق الصلة بينك وبين الله وتنهى عن الفحشاء والمنكر فليس لله حاجة فيها ، والصوم إن لم يحقق فيك مراقبة الله (عز وجل) في كل أفعالك فأي صيام هذا ؟ والحج إن لم يحقق فيك التراحم بدل التزاحم وإيثار غيرك عليك فلم تحظ بمقصود الحج ، وكذا الزكاة وسائر العبادات.
وأشار طايع ، للدور الريادي الذي تقوم به وزارة الأوقاف، لافتا إلى أن أولى هذه الإنجازات هي تطوير وتجديد الخطاب الديني بصورة لا مثيل لها من قبل، وذلك من خلال جيش من العلماء والأئمة ، والدليل على ذلك نجاحهم في التعامل مع الجمهور في أزمة كورونا ، كما نجحت الوزارة في تجريد المنابر وتحريرها من كل دخيل كان يستهين بالوطن لتعيد الخطاب الديني المستنير الذي يجمع ولا يفرق ، واستطاعت الوزارة بذلك أن تجفف منابع الفكر لهؤلاء المخربين والمأجورين .
وبدوره ، أكد الدكتور هشام عبد العزيز ، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان دائما متعلقا بوطنه ، فحينما خرج (صلى الله عليه وسلم) من مكة المكرمة مهاجرا جعل ينظر إليها ويقول : ” واللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ ، وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ ؛ ما خَرَجْتُ” ، وقد ظل النبي (صلى الله عليه وسلم) ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا يصلى إلى بيت المقدس وهو في المدينة وما زال قلبه معلقا بمكة وبيت الله الحرام ، يقول تعالى : ” قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ” ، مبينًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما دخل المدينة المنورة وضع الأسس التي بنيت عليها الدولة ، فكان أول ما قال (صلى الله عليه وسلم) : ” يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ! أَفْشُوا اَلسَّلَام، وَصِلُوا اَلْأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا اَلطَّعَامَ، تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِسَلَامٍ”.
وأوضح عبد العزيز ، أن وثيقة المدينة هي وثيقة للإنسانية كلها ، لأنها لم تفرق بين مسلم وغيره ، وهذه الأمور من مقاصد القرآن الكريم حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ” ، وهذا التكريم شامل للبشرية جمعاء ، ولم يأت لطائفة دون أخرى ، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف قد قامت بإصدار العديد من المؤلفات للتوعية بقضايا الوطن والدفاع عنه ، كما أنها تعمل على نشر الفكر الوسطي المستنير ومواجهة الأفكار المتطرفة .
وقال عبد العزيز ، إن وزارة الأوقاف لها دورها الريادي في الدفاع عن الوطن والانتماء إليه ، وقد أصدرت أكثر من كتاب في هذا المجال لعل من أهمها : كتاب ” الدين والدولة” و” الكليات الست” ، “وفقه بناء الدول ..رؤية عصرية” ، كما أن للوزارة الجهد البالغ في تصديها للشائعات الإلكترونية ، فاستحدثت إدارة الدعوة الإلكترونية للتصدي لمثل هذا النوع من الاعتداء على الوطن ، مؤكدا أن مصر ليست كأي وطن لما لها من منزلة ومكانة رفيعة وعظيمة في القرآن الكريم ، وعلى أرضها تجلى النور والضياء ، وصدع صوت الحق فوق جبل الطور إيذانًا بأن هذا الوطن سيظل صوت الحق يتردد في أرجائه ما بقيت الحياة والأحياء ، وقد أوصى النبي (صلى الله عليه وسلم) بأهل مصر فقال : ” فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا” .
ودعا عبد العزيز ، الشعب المصري إلى الحفاظ على وطنه ، مؤكدا أن الحفاظ على الوطن من صميم الدين ، وأن التدين الصحيح يعني الوطنية الصحيحة ..فمصالح الأوطان من عظيم وصميم مقاصد الأديان فالحفاظ على الوطن من أهم المقاصد العامة للتشريع وهو أحد الكليات الست التي يجب الحفاظ عليها .

وزارة الاوقاف - ارشيفية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *