الأدب

كيف استعد المسلمون لـ معركة أحد.. ما يقوله التراث الإسلامى

لم تكن معركة أحد حدثا عاديا فى تاريخ المسلمين، فقد كان لها التأثير الكبيرعلى مجريات الأمور، لكن ما الذى حدث فيها، وكيف استعد المسلمون لها، وما الذى يقوله التراث الإسلامي في ذلك؟

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير:
لما نزل أبو سفيان والمشركون بأصل أحد، فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدرا بقدوم العدو عليهم، وقالوا: قد ساق الله علينا أمنيتنا، ثم إن رسول الله ﷺ أرى ليلة الجمعة رؤيا فأصبح، فجاءه نفر من أصحابه فقال لهم: “رأيت البارحة فى منامى بقرا تذبح والله خير، ورأيت سيفى ذا الفقار انقصم من عند ضبته، أو قال: به فلول فكرهته، وهما مصيبتان، ورأيت أنى فى درع حصينة وأنى مردف كبشا” فلما أخبرهم رسول الله ﷺ برؤياه قالوا: يا رسول الله ماذا أولت رؤياك؟
قال: “أولت البقر الذى رأيت بقرا فينا، وفى القوم، وكرهت ما رأيت بسيفى”.
ويقول رجال: كان الذى رأى بسيفه الذى أصاب وجهه فإن العدو أصاب وجهه يومئذ، وقصموا رباعيته، وخرقوا شفته، يزعمون أن الذى رماه عتبة بن أبى وقاص.

وقال: “أولت الكبش أنه كبش كتيبة العدو يقتله الله، وأولت الدرع الحصينة المدينة، فامكثوا واجعلوا الذرارى فى الأطام، فإن دخل علينا القوم فى الأزقة قاتلناهم”.

ورموا من فوق البيوت، وكانوا قد سكوا أزقة المدينة بالبنيان حتى صارت كالحصن، فقال الذين لم يشهدوا بدرا: كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله، فقد ساقه الله إلينا وقرب المسير.

وقال رجل من الأنصار: متى نقاتلهم يا رسول الله إذا لم نقاتلهم عند شعبنا؟
وقال رجال: ماذا نمنع إذا لم تمنع الحرب بروع؟
وقال رجال قولا صدقوا به، ومضوا عليه منهم: حمزة بن عبد المطلب قال: والذى أنزل عليك الكتاب لنجادلنهم.
وقال نعيم بن مالك بن ثعلبة – وهو أحد بنى سالم -: يا نبى الله لا تحرمنا الجنة، فوالذى نفسى بيده لأدخلنها، فقال له رسول الله ﷺ: «بم؟».
قال: بأنى أحب الله ورسوله، ولا أفر يوم الزحف.
فقال له رسول الله ﷺ: «صدقت» واستشهد يومئذ.
وأبى كثير من الناس إلا الخروج إلى العدو، ولم يتناهوا إلى قول رسول الله ﷺ ورأيه، ولو رضوا بالذى أمرهم كان ذلك، ولكن غلب القضاء والقدر، وعامة من أشار عليه بالخروج رجال لم يشهدوا بدرا، قد علموا الذى سبق لأصحاب بدر من الفضيلة.
فلما صلى رسول الله ﷺ الجمعة، وعظ الناس وذكَّرهم، وأمرهم بالجد والجهاد، ثم انصرف من خطبته وصلاته، فدعا بلأمته فلبسها، ثم أذن فى الناس بالخروج.
فلما رأى ذلك رجال من ذوى الرأى قالوا: أمرنا رسول الله ﷺ أن نمكث بالمدينة، وهو أعلم بالله وما يريد، ويأتيه الوحى من السماء.
فقالوا: يا رسول الله أمكث كما أمرتنا، فقال: ما ينبغى لنبى إذا أخذ لأمة الحرب، وأذن بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل، وقد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج، فعليكم بتقوى الله والصبر عند البأس إذا لقيتم العدو، وانظروا ماذا أمركم الله به فافعلوا.
قال: فخرج رسول الله ﷺ والمسلمون، فسلكوا على البدائع وهم ألف رجل، والمشركون ثلاثة آلاف، فمضى رسول الله ﷺ حتى نزل بأحد، ورجع عنه عبد الله بن أبى ابن سلول فى ثلثمائة، فبقى رسول الله ﷺ فى سبعمائة.
قال البيهقى رح: هذا هو المشهور عند أهل المغازى أنهم بقوا فى سبعمائة مقاتل.
قال: والمشهور عن الزهرى أنهم بقوا فى أربعمائة مقاتل، كذلك رواه يعقوب بن سفيان عن أصبغ، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري.
وقيل عنه بهذا الإسناد سبعمائة، فالله أعلم.

قال موسى بن عقبة: وكان على خيل المشركين خالد بن الوليد، وكان معهم مائة فرس، وكان لواؤه مع عثمان بن طلحة، قال: ولم يكن مع المسلمين فرس واحدة، ثم ذكر الوقعة كما سيأتى تفصيلها إن شاء الله تعالى.
وقال محمد ابن إسحاق: لما قص رسول الله ﷺ رؤياه على أصحابه قال لهم: إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها، وكان رأى عبد الله بن أبى ابن سلول مع رأى رسول الله ﷺ فى أن لا يخرج إليهم.
فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد، وغيرهم ممن كان فاته بدر: يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا، لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا، فقال عبد الله بن أبي: يا رسول الله لا تخرج إليهم، فوالله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه.
فلم يزل الناس برسول الله ﷺ حتى دخل فلبس لأمته، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة، وقد مات فى ذلك اليوم رجل من بنى النجار يقال له مالك بن عمرو، فصلى عليه، ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله ﷺ ولم يكن لنا ذلك.
فلما خرج عليهم قالوا: يا رسول الله إن شئت فاقعد، فقال: «ما ينبغى لنبى إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل» فخرج رسول الله ﷺ فى ألف من أصحابه.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *