الأدب

المصريون انتظروا يوم القيامة فى سنة 1735 ميلادية.. ماذا حدث؟

تمر المجتمعات بمراحل صعبة فى حياتها، من ذلك ما مر به المصريون فى زمن الحكم العثماني، ووسادت الخرافات والخزعبلات وخيم الركود على العقول والأفهام، وفقد العلماء روح الابتكار والتجديد وتجمدوا فى إطار التقليد والنقل عن الأسلاف وانطفأت الجذوة الخلاقة التى دفعت المسلمين الاوائل إلى ارتياد آفاق العلوم واكتشاف أسرار الكون واقتصر الإنتاج العقلى على القشور والإغراق فى التنجيم وقراءه الطالع وفنون السحر والشعوذة، حسبما يذكر كتاب “مصر من نافذة التاريخ” لـ جمال بدوي.

ويضيف الكتاب، حدث هذا فى الوقت الذى قطعت فيه الشعوب الأوروبية شوطا بعيدا فى مجال الصحوة العقلية والثقافية والعلمية منذ عصر النهضة الإيطالية فى القرن الخامس عشر الى عصر الثورة الفرنسية فى أواخر القرن الثامن عشر، و شهدت هذه القرون الأربعة حركه إحياء الحضارة الإنسانية العالمية.

وكان حظ المصريين من ركام الجهل والتخلف كبيرا فقد سيطرت عليهم عصبة من الأفاقين والمشعوذين، راحوا يتحكمون فى مصيرهم عن طريق الخرافات، والشعب يبتلع هذه السموم ويصدقها ويظنها من الدين بعد أن فقد القدرة على التمييز بين الحق والضلال، وحدث أن أشاع هؤلاء المبطلون أنهم توصلوا عن طريق التنجيم إلى معرفة موعد قيام القيامة وبلغ من فجورهم أن حددوا موعدها بعد يومين وصدق الناس الفرية وأخذوا يتهيأون لاستقبال القيامة حسب مواقفهم الخلقية، فالصالحون منهم انكبوا على العبادة والتوبة، والفاسقون انغمسوا فى العبث ليستمتعوا بالساعات القليلة المتبقية لهم فى هذه الدنيا الفانية، فلما مر الموعد المحدد دون أن يتحقق زيفهم راحوا يزعمون أن كبار الأولياء تشفعوا عند الله ليؤجل القيامة وقبل الله شفاعتهم.

ويحكى الجبرتى هذه الواقعة تحت عنوان “من الحوادث الغريبة” ففى يوم الأربعاء رابع عشره ذى الحجه عام 1147 هجرية (الموافق 1735 ميلادية) شيع فى الناس بمصر أن القيامة قائمه يوم الجمعه 13 ذى الحجه وفشى هذا الكلام فى الناس قاطبة حتى فى القرى والأرياف، وودع الناس بعضهم بعضا، ويقول الإنسان لرفيقه بقى من عمرنا يومان، وخرج الكثير من الناس والمخاليق إلى الغيطان والمتنزهات ويقول بعضهم لبعض دعونا نعمل حظا ونودع الدنيا قبل أن تقوم القيامة، وطلع أهل الجيزة نساء ورجالا وصاروا يغتسلون فى البحر (النيل) ومن الناس من علاه الحزن وداخله الهم، ومنهم من صار يتوب من ذنوبه ويدعو ويبتهل ويصلى واعتقدوا ذلك ووقع صدقه فى نفوسهم، ومن قال خلاف ذلك، أو قال هذا كذب لا يلتفتون لقوله، ويقولون هذا صحيح، وقاله فلان اليهودى، وفلان القبطى، وهما يعرفان فى الجفور (السحر والتنجيم)، وفلان ذهب إلى الأمير الفلانى وأخبره بذلك، وقال له احبسنى إلى يوم الجمعة وإن لم تقم القيامة فاقتلنى ونحو ذلك من وساوسهم، وكثر فيهم الهرج والمرج إلى يوم الجمعة المعين المذكور، فلم يقع شىء وأصبح يوم السبت فانتقلوا يقولون فلان العالم قال إن سيدى احمد البدوى والدسوقى والشافعى تشفعوا فى ذلك وقبل الله شفاعتهم، فيقول الآخر اللهم انفعنا بهم، فإننا يا أخى لم نشبع من الدنيا ونحو ذلك من الهذيانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *