الأدبرئيسية

الباحثة حنين احمد الفلاحي نالت درجة الماجستير عن دراستها الجادة الاغتراب في شعر محمد الشحات دراسة تحليلية بكلية الأمام الأعظم الجامعة ببغداد

الباحثة حنين احمد الفلاحي نالت درجة الماجستير عن دراستها الجادة الاغتراب في شعر محمد الشحات دراسة تحليلية بكلية الأمام الأعظم الجامعة ببغداد

 

شهدت قاعة الدكتور مكى القبيسى بكلية الأمام الأعظم الجامعة ببغداد مناقشة واحدة من الدراسات الجامعية الجادة لنيل درجة الماجستير والتي اعدتها الباحثة العراقية حنين احمد على الفلاحي، والتي أستمر عدة ساعات، حملت الدراسة عنوان (الاغتراب في شعر محمد الشحات في ضوء المنهجين النفسي والاجتماعي دراسة تحليله) .
وبعد مناقشة مطولة مع الباحثة من قبل لجنة المناقشين المكونة من استاذ البلاغة والنقد د. اياد عبد الودود عثمان بكلية التربية جامعه ديالى رئيسا، وعضوية كل من ثلاثة استاذة مساعدين من كلية الأمام الأعظم الجامعة د. حسين ريحان عبد، د. غانم احمد حسين، د. احمد صالح ابراهيم وهو المشرف على الرسالة، تم منح الباحثة درجة الماجستير بتقدير جيد جدا عال، وأثنت اللجنة على اختيار الباحثة لشعر الشاعر المصري محمد الشحات، وثراء تجربته وتعددها الامر الذى مكن الباحثة من الإبحار في تلك التجربة الثرية وتمكنها وبراعتها البحثية في تحليل النصوص وتطبيق منهجها العلمي ، واثنى المناقشون على حسن اختيار الباحثة لتجربة الشاعر الشحات وتميز لغته بالثراء الدلالي وكثافة المعنى واللغة السهلة ذات الفلسفة العميقة وتفاعل الشاعر مع الواقع المصري والعربي المعاش فضلا عن تجربته الشخصية. وتميزت دراسة الباحثة بالرصانة وسمو اللغة ومس مثيرات الاغتراب في شعر الشاعر.
وكانت أهم النتائج التي توصل اليها الباحثة عبر دراسته العلمية أن الفكرة الأساسية لهذِه الرسالة انطلقت من فرضيتين الأولى عمق التجربة الإنسانية والشعورية عند الشاعر الشحات والمتولدة من رهافة إحساسه بمحيطه، في حين استمدت الفرضية الثانية بُنيتها من هذا الأساس الذي يتمثل برفض الواقع المحيط والتعامل معه ّ بإحساس لا يمثل الانسجام التام، فتولد بداخله مشاعر الاغتراب التي مثلت تجربته الشعرية لذا يمكن استخلاص بعض النتائج التي فرضت نفسها في صفحات البحث:
ينمو الاغتراب عن أسباب كثيرة منها موضوعية كالسياسة والاقتصاد والاجتماع، ومنها أيضا أسباب ذاتية تعود إلى الشخص المغترب نفسه وغالبًا ما يعجز الإنسان عن الفصل بين الأسباب الموضوعية والذاتية، بواعث الاغتراب تشكل أنماطا عديدةً في إثارة مشاعر عدم التوافق أو الرفض بين الذات والآخر لتجسيد جدلية الصراع بين الواقع المعاش والحلم المأمول، تشير قصائده على أنَّه يرى أ َّن الشعر رسالة تواصلية وتحفيزية بين الذات والآخر.
الشاعر متمكن من الأدوات الإجرائية التي تسمو به إلى كتابة النص الشعري السردي والتي يقترب بها من السرد النثري لكن يوظفها في الخط الشعري للتعبير عن التجربة وبذلك فهو يتجاوز القوالب الشعرية الجاهزة ويعتمد بعض عناصر السرد لنقل الأحاسيس والمشاعر ورسم المواقف والأحداث.
يشعر القارئ لقصائده أ َّن الشاعر يكرر ذاته في أغلب قصائده لكن بموضوعات وأشكال مختلفة أن البيئة مثلت له مناخا خصبًا في بلورة إحساسه بالاغتراب أدت إلى إحساس ذاته َّ بالقلق وعدم القدرة على التآلف والانسجام مع السائد في مجتمعه، فسعى إلى رسم صور بديلة يحلم بها بدًلا من عدم انسجامه مع الإطار الثقافي العام للمجتمع الذي أدى به إلى فقدان توافقه النفسي وانسجامه الذاتي واغتراب نفسه التي ترى الواقع مشوبًا بالتشاؤم والضبابية، يحاول أ ْن يعبّر عن أزمته فضًالا عن بيان محنة الوجود الإنساني لذلك نراه يعتمد الخطابية والأسلوب الإنشائي والدرامي للتأثير في مشاعر المتلقي.
تتداخل أحيانًا مثيرات الاغتراب عند الشاعر لتعدد الأزمات داخل نفسه، فيعيش حالات اغترابيه متعددة جاءت قصائد الشحات لتمثل وثيقة مهمة في نقل وقائع بعض الحوادث السياسية أو الاجتماعية عن طريق تصوير تلك الوقائع وبيان أثرها في نفسه.
يمتلك الشحات القدرة في توظيف الطاقة الإيحائية للألفاظ، فتأتي متظافرة في التعبير عن المعنى والحالة الشعورية الخاصة به اتسمت قصائده بصدق التجربة وحضور العاطفة ورهافة الإحساس والتعبير عنها بعفوية وتوظيف العناصر الفنية التي ساعدت على نقل التجربة والفكرة.
يميل الشاعر في الكثير من قصائده إلى الإلحاح في الفكرة الواحدة وتأكيدها وعرضها في عدة أساليب ومنها الشوق والانتظار، اعتمدت الدهشة الجمالية في شعره على سهولة العبارة ورشاقتها والصور الوصفية والسردية المشوبة بمشاعر الاغتراب.
تأثر الشاعر الشحات بالظروف المحيطة وتفاعل معها، فعاش تجربة الاغتراب النفسي في ذاته ليعبر عنها في إبداعه الشعري بوسائل متعددة، ليأتي الخطاب الشعري في نصوص عديدة متكئًا على فعل التأويل الذاتي لعالمه الداخلي عن طريق السرد الشعري.
اتسمت الكثير من قصائده في وصف ذاتها وواقعها المحيط للبحث عن هويته الإنسانية وتصوير الوجه الطبيعي للذات والواقع، ففي شعره صور عديدة للذات وأنماطها وفي أبعاد متعددة سواء أكانت في البحث عن الهوية أو قلق ذاته ليرمز إلى القضايا النفسية والوجدانية، ويقدم وجه الحياة من رؤية أخرى، و تتميّز نصوصه بالتعالق النصي وترابط جزئياتها حتى يصعب على الباحث تقطيعها، إذ يتركب المعنى فيه من جزئيات لا يمكن فصلها حين تتراكم المعاني لتشكيل الرؤية الكاملة التي تحمل عاطفة الشاعر.
إ َن الشحات على الرغم من ميله نحو الطابع الجمالي وبساطة التعبير في أسلوبه، الا أنه تميز بالعمق الفكري والدلالي فضًلا عن التأمل التخيلي ليسمو بوصف بسيط إلى عالم من الدهشة والجدة وربما بعض الغرابة، يميل كثيراً إلى رسم الصور الشعرية ولا سيما الصور التشخصية المستمدة من الاستعارة المكنية ،عمد إلى خلق لغة شعرية تميل إلى الإثارة الصادمة للمشاعر والأحاسيس والتي ارتقى فيها أسلوب السرد المتكئ على الصور والجمل المثيرة في شعريتها فضًالا عن المفارقة اللغوية ودهشة المشاهد الشعرية، و يستغرق ـ أحيانًا ـ بالوصف بعيدا عن رسم المشاهد والصور الشعرية وذلك لتجسيد حالته الشعورية المغتربة فضًالا عن مشاعر الحنين التي تؤدي به إلى المبالغة في السرد والوصف.
يتميّز العنوان في قصائده بسيمائية المعنى وكثافته والمرتبط ارتباطا مباشرا بمدلول القصيدة بعده العتبة التي تبوح بعض دالات النص، اعتمد في العديد من قصائده على صوت السارد والأسلوب الحكائي إذ تتضافر مشهد سردي تتعدد فيه الأمكنة وكذلك و ّظف الشخصيات لبناء عناصر الزمن في محاولة استرجاع الذكريات وسرد وقائع الحاضر ورؤية المستقبل.
جاءت البنى السردية في قصائده متسلسلة ومنسجمة أثناء عرض الحدث والتي اعتمد فيها على لغة وصفية سهلة وماتعة خلق فيها فضا ًء شعريًا أغنى تجربته التي لم تخل من المغامرة الجمالية. جاءت صوره ملائمة لمضمون التجربة والتي اعتمد فيها على الواقع ووظف الخيال لكن دون مبالغة.
مثلت قصيدة التفعيلة إطارا موسيقيًا لتجربته بصورة عامة والتي مال فيها إلى السطر ّالشعرى بحثا عن الإيقاع السهل والموسيقى العذبة الشعري، يميل للصوت المجهور أكثر من ميله للمهموس، مما يعني أ َّن الشاعر يرتكز في إيقاعه الداخلي على تشكيل صوتي لموسيقى الألفاظ تتفاوت في مستوى الجهر.
حاول أن يوظف النص الموازي أو ما نسميه عتبات النص في توجيه القارئ نحو إدراك تجربته الشعرية. وكذلك نلمس في الإهداء أثرا في إيصال تجربته للمتلقي بما يحمل من إيحاء وفكرة دالة. لم تتمرد لغته الشعرية على نسقها الثقافي والمعرفي على الرغم من ميلها الانزياحات التركيبية أو الدلالية لكنّها لا تحمل غرائبية تبعد القارئ عن تذوق تجربته، لذلك جاءت بنية التشكيل متناسقة مع بنية التوصيل، أهم ما يميّز أسلوب الشاعر هو اللغة الأليفة التي يألفها المتلقي وأنَّه يميل إلى فكرة التوصيل أكثر من ميله نحو فكرة التشكيل، وهذا الميل مهم جدًا في صبغ تجربته بالتداعي الدلالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *